→ وأما رأس الحسين رضي الله عنه | البداية والنهاية – الجزء الثامن فصل شيء من فضائله ابن كثير |
فصل في شيء من أشعاره التي رويت عنه ← |
روى البخاري من حديث شعبة، ومهدي بن ميمون، عن محمد بن أبي يعقوب: سمعت ابن أبي نعيم قال: سمعت عبد الله بن عمر، وسأله رجل من أهل العراق عن المحرم يقتل الذباب.
فقال: أهل العراق يسألون عن قتل الذباب وقد قتلوا ابن بنت رسول الله ﷺ، وقد قال رسول الله ﷺ: «هما ريحانتاي من الدنيا».
ورواه الترمذي: عن عقبة بن مكرم، عن وهب بن جرير، عن أبيه، عن محمد بن أبي يعقوب به نحوه: أن رجلا من أهل العراق سأل ابن عمر عن دم البعوض يصيب الثوب.
فقال ابن عمر: انظروا إلى أهل العراق، يسألون عن دم البعوض، وقد قتلوا ابن بنت محمد ﷺ.
وذكر تمام الحديث.
ثم قال: حسن صحيح.
وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو أحمد، ثنا سفيان، عن أبي الحجاف، عن أبي حازم، عن أبي هريرة.
قال: قال رسول الله ﷺ: «من أحبهما فقد أحبني، ومن أبغضهما فقد أبغضني» - يعني: حسنا وحسينا -.
وقال الإمام أحمد: حدثنا تليد بن سليمان، كوفي، ثنا أبو الحجاف، عن أبي حازم، عن أبي هريرة.
قال: نظر النبي ﷺ إلى علي والحسن والحسين وفاطمة فقال: «أنا حرب لمن حاربكم، سلم لمن سالمكم».
تفرد بهما الإمام أحمد.
وقال الإمام أحمد: حدثنا ابن عمير، ثنا الحجاج - يعني: ابن دينار - عن جعفر بن إياس، عن عبد الرحمن بن مسعود، عن أبي هريرة.
قال: خرج علينا رسول الله ﷺ ومعه حسن وحسين، هذا على عاتقه الواحد، وهذا على عاتقه الآخر، وهو يلثم هذا مرة وهذا مرة، حتى انتهى إلينا، فقال له رجل: يا رسول الله! والله إنك لتحبهما.
فقال: «من أحبهما فقد أحبني، ومن أبغضهما فقد أبغضني». تفرد به أحمد.
وقال أبو يعلى الموصلي: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثني عقبة بن خالد، حدثني يوسف بن إبراهيم التميمي: أنه سمع أنس بن مالك يقول: سئل رسول الله ﷺ: أي أهل بيتك أحب إليك؟
قال: «الحسن والحسين».
قال: وكان يقول: «ادع لي ابنيَّ فيشمهما ويضمهما إليه».
وكذا رواه الترمذي عن أبي سعيد الأشج به، وقال: حسن غريب من حديث أنس.
وقال الإمام أحمد: حدثنا أسود بن عامر، وعفان، عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد بن جدعان، عن أنس.
أن رسول الله ﷺ كان يمر ببيت فاطمة ستة أشهر إذا خرج إلى صلاة الفجر فيقول: «الصلاة يا أهل البيت، { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرا } [الأحزاب: 33] ».
ورواه الترمذي عن عبد بن حميد، عن عفان به، وقال: غريب لا نعرفه إلا من حديث حماد بن سلمة.
وقال الترمذي: حدثنا محمود بن غيلان، ثنا أبو أسامة، عن فضيل بن مرزوق، عن عدي، عن ثابت، عن البراء: أن رسول الله ﷺ أبصر حسنا وحسينا، فقال: «اللهم إني أحبهما فأحبهما».
ثم قال: حسن صحيح.
وقد روى الإمام أحمد: عن زيد بن الحباب، عن الحسين بن واقد.
وأهل السنن الأربعة من حديث الحسين بن واقد، عن بريدة، عن أبيه.
قال: كان رسول الله ﷺ يخطبنا إذ جاء الحسن والحسين وعليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران، فنزل رسول الله ﷺ عن المنبر فحملهما فوضعهما بين يديه ثم قال: «صدق الله { إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ } [التغابن: 15] نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتها».
وهذا لفظ الترمذي، وقال: غريب لا نعرفه إلا من حديث الحسين بن واقد.
ثم قال: حدثنا الحسين بن عرفة، ثنا إسماعيل بن عياش، عن عبد الله بن عثمان بن خيثم، عن سعيد بن راشد، عن يعلى بن مرة.
قال: قال رسول الله ﷺ: «حسين مني، وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسينا، حسين سبط من الأسباط».
ثم قال الترمذي: هذا حديث حسن.
ورواه أحمد عن عفان، عن وهب، عن عبد الله بن عثمان بن خيثم به.
ورواه الطبراني عن بكر بن سهل، عن عبد الله بن صالح، عن معاوية بن صالح بن راشد بن سعد، عن يعلى بن مرة أن رسول الله ﷺ قال: «الحسن والحسين سبطان من الأسباط».
وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو نعيم، ثنا سفيان، عن يزيد بن أبي زياد، عن أبي نعيم، عن أبي سعيد الخدري.
قال: قال رسول الله ﷺ: «الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة».
ورواه الترمذي: من حديث سفيان الثوري وغيره، عن يزيد بن أبي زياد، وقال: حسن صحيح.
وقد رواه أبو القاسم البغوي عن داود بن رشيد، عن مروان الفزاري، عن الحكم بن عبد الرحمن بن أبي نعيم، عن أبيه، عن أبي سعيد.
قال: قال رسول الله ﷺ: «الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة إلا ابني الخالة، يحيى وعيسى ﷺ».
وأخرجه النسائي من حديث مروان بن معاوية الفزاري به.
ورواه سويد بن سعيد، عن محمد بن حازم، عن الأعمش، عن عطية، عن أبي سعيد.
وقال الإمام أحمد: حدثنا وكيع، عن ربيع بن سعد، عن أبي سابط قال: دخل حسين بن علي المسجد، فقال جابر بن عبد الله: من أحب أن ينظر إلى سيد شباب أهل الجنة فلينظر إلى هذا، سمعته من رسول الله ﷺ. تفرد به أحمد.
وروى الترمذي والنسائي من حديث إسرائيل، عن ميسرة بن حبيب، عن المنهال بن عمرو، عن زر بن حبيش، عن حذيفة: أن أمه بعثته ليستغفر له رسول الله ﷺ ولها، قال: فأتيته فصليت معه المغرب ثم صلى حين صلى العشاء، ثم انفتل فتبعته فسمع صوتي فقال: «من هذا؟ حذيفة؟»
قلت: نعم!
قال: «ما حاجتك غفر الله لك ولأمك؟» إن هذا ملك لم ينزل إلى الأرض قبل هذه الليلة استأذن ربه بأن يسلم عليّ ويبشرني بأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة، وأن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة.
ثم قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، ولا يعرف إلا من حديث إسرائيل.
وقد رُوي مثل هذا من حديث علي بن أبي طالب، ومن حديث الحسين نفسه، وعمر وابنه عبد الله، وابن عباس، وابن مسعود وغيرهم، وفي أسانيده كلها ضعف، والله أعلم.
وقال أبو داود الطيالسي: حدثنا موسى بن عطية، عن أبيه، عن أبي هريرة.
قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول في الحسن والحسين: «من أحبني فليحب هذين».
وقال الإمام أحمد: حدثنا سليمان بن داود، ثنا إسماعيل - يعني: ابن جعفر - أخبرني محمد - يعني: ابن حرملة - عن عطاء.
أن رجلا أخبره أنه رأى النبي ﷺ يضم إليه حسنا وحسينا ويقول: «اللهم إني أحبهما فأحبهما».
وقد رُوي عن أسامة بن زيد، وسلمان الفارسي شيء يشبه هذا وفيه ضعف وسقم والله أعلم.
وقد قال الإمام أحمد: حدثنا أسود بن عامر، ثنا كامل وأبو المنذر ابنا كامل، قال أسود: أنبأنا المعنى عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: كنا نصلي مع رسول الله ﷺ العشاء فإذا سجد وثب الحسين والحسن على ظهره، فإذا رفع رأسه أخذهما أخذا رفيقا فيضعهما على الأرض، فإذا عاد عادا، حتى قضى صلاته أقعدهما على فخذيه.
قال: فقمت إليه فقلت: يا رسول الله أردهما إلى أمهما؟
قال: فبرقت برقة فقال لهما: «الحقا بأمكما».
قال: فمكث ضؤها حتى دخلا على أمهما.
وقد روى موسى بن عثمان الحضرمي، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة نحوه.
وقد روي عن أبي سعيد، وابن عمر قريب من هذا.
فقال الإمام أحمد: حدثنا عفان، ثنا معاذ بن معاذ، ثنا قيس بن الربيع، عن أبي المقدام عبد الرحمن الأزرق، عن علي قال: دخل علي رسول الله ﷺ وأنا نائم، فاستسقى الحسن أو الحسين فقام رسول الله ﷺ إلى شاةٍ لنا كي يحلبها فدرت فجاءه الآخر فنحاه.
فقالت فاطمة: يا رسول الله كأنه أحبهما إليك؟
قال: «لا ولكنه استسقى قبله» ثم قال: «إني وإياك وهذين وهذا الراقد في مكان واحد يوم القيامة»
تفرد به أحمد.
ورواه أبو داود الطيالسي: عن عمر بن ثابت، عن أبيه، عن أبي فاختة، عن علي فذكر نحوه.
وقد ثبت: أن عمر بن الخطاب كان يكرمهما ويحملهما، ويعطيهما كما يعطي أباهما، وجيء مرة بحلل من اليمن فقسمها بين أبناء الصحابة ولم يعطهما منها شيئا، وقال: ليس فيها شيء يصلح لهما، ثم بعث إلى نائب اليمن فاستعمل لهما حلتين تناسبهما.
وقال محمد بن سعد: أنبأنا قبيصة بن عقبة، ثنا يونس بن أبي إسحاق، عن العيزار بن حريث قال: بينما عمرو بن العاص جالس في ظل الكعبة إذ رأى الحسين مقبلا فقال: هذا أحب أهل الأرض إلى أهل السماء.
وقال الزبير بن بكار: حدثني سليمان بن الدراوردي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه: أن رسول الله ﷺ بايع الحسن والحسين، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن جعفر وهم صغار لم يبلغوا، ولم يبايع صغيرا إلا منا.
وهذا مرسل غريب.
وقال محمد بن سعد: أخبرني يعلى بن عبيد، ثنا عبد الله بن الوليد الرصافي، عن عبد الله بن عبيد الله بن عميرة.
قال: حج الحسين بن علي خمسا وعشرين حجة ماشيا ونجائبه تقاد بين يديه.
وحدثنا أبو نعيم - الفضل بن دكين - ثنا حفص بن غياث، عن جعفر بن محمد، عن أبيه: أن الحسين بن علي حج ماشيا وأن نجائبه لتقاد وراءه.
والصواب: أن ذلك إنما هو الحسن أخوه، كما حكاه البخاري.
وقال المدائني: جرى بين الحسن والحسين كلام فتهاجرا، فلما كان بعد ذلك أقبل الحسن إلى الحسين فأكب على رأسه يقبله، فقام الحسين فقبله أيضا.
وقال: إن الذي منعني من ابتدائك بهذا، أني رأيت أنك أحق بالفضل مني فكرهت أن أنازعك ما أنت أحق به مني.
وحكى الأصمعي: عن ابن عون: أن الحسن كتب إلى الحسين يعيب عليه إعطاء الشعراء فقال الحسين: إن أحسن المال ما وقى العرض.
وقد روى الطبراني: حدثنا أبو حنيفة محمد بن حنيفة الواسطي، ثنا يزيد بن البراء بن عمرو ابن البراء الغنوي، ثنا سليمان بن الهيثم قال: كان الحسين بن علي يطوف بالبيت فأراد أن يستلم فما وسع له الناس.
فقال رجل: يا أبا فراس من هذا؟
فقال الفرزدق:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته * والبيت يعرفه والحل والحرم
هذا ابن خير عباد الله كلهم * هذا التقي النقي الطاهر العلم
يكاد يمسكه عرفان راحته * ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم
إذا رأته قريش قال قائلها * إلى مكارم هذا ينتهي الكرم
يغضي حياء ويغضى من مهابته * فما يكلم إلا حين يبتسم
في كفه خيزران ريحها عبق * بكف أورع في عرنينه شمم
مشتقة من رسول الله نسبته * طابت عناصره والخيم والشيم
لا يستطيع جواد بعد غايته * ولا يدانيه قوم إن هموا كرموا
من يعرف الله يعرف أوّلية ذا * فالدين من بيت هذا ناله أمم
أيُّ العشائر هم ليست رقابهم * لأولية هذا أوله نعم
هكذا أوردها الطبراني في ترجمة الحسين في معجمه الكبير، وهو غريب، فإن المشهور أنها من قيل الفرزدق في علي بن الحسين لا في أبيه، وهو أشبه فإن الفرزدق لم ير الحسين إلا وهو مقبل إلى الحج والحسين ذاهب إلى العراق.
فسأل الحسين الفرزدق عن الناس فذكر له ما تقدم ثم أن الحسين قتل بعد مفارقته له بأيام يسيرة، فمتى رآه يطوف بالبيت والله أعلم.
وروى هشام عن عوانة قال: قال عبيد الله بن زياد لعمر بن سعد: أين الكتاب الذي كتبته إليك في قتل الحسين؟
فقال: مضيت لأمرك وضاع الكتاب.
فقال له ابن زياد: لتجيئن به.
قال: ضاع.
قال: والله لتجيئن به.
قال: ترك والله يقرأ على عجائز قريش أعتذر إليهن بالمدينة، أما والله لقد نصحتك في حسين نصيحة لو نصحتها إلى سعد بن أبي وقاص لكنت قد أديت حقه.
فقال عثمان بن زياد أخو عبيد الله، صدق عمر والله.
ولوددت والله أنه ليس من بني زياد رجل إلا وفي أنفه خزامة إلى يوم القيامة وأن حسينا لم يقتل.
قال: فوالله ما أنكر ذلك عليه عبيد الله بن زياد.