→ حكيم بن حزام | البداية والنهاية – الجزء الثامن حويطب بن عبد العزى العامري ابن كثير |
معبد بن يربوع بن عنكثة ← |
صحابي جليل، أسلم عام الفتح، وكان قد عمّر دهرا طويلا، ولهذا جعله عمر في النفر الذين جددوا أنصاب الحرم، وقد شهد بدرا مع المشركين، ورأى الملائكة يومئذ بين السماء والأرض، وشهد الحديبية وسعى في الصلح.
فلما كان عمرة القضاء كان هو وسهيل هما اللذان أمرا رسول الله ﷺ بالخروج من مكة، فأمر بلالا أن لا تغرب الشمس وبمكة أحد من أصحابه.
قال: وفي كل هذه المواطن أهم بالإسلام ويأبى الله إلا ما يريد، فلما كان زمن الفتح خفت خوفا شديدا وهربت فلحقني أبو ذر - وكان لي خليلا في الجاهلية - فقال: يا حويطب مالك؟
فقلت: خائف.
فقال: لا تخف فإنه أبر الناس وأوصل الناس، وأنا لك جار فاقدم معي، فرجعت معه فوقف بي على رسول الله وهو بالبطحاء ومعه أبو بكر وعمر، وقد علمني أبو ذر أن أقول: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، فلما قلت ذلك قال: حويطب؟
قلت: نعم! أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله.
فقال: الحمد لله الذي هداك.
وسُرَ بذلك واستقرضني مالا فأقرضته أربعين ألفا، وشهدت معه حنينا والطائف، وأعطاني من غنائم حنين مائة بعير.
ثم قدم حويطب بعد ذلك المدينة فنزلها وله بها دار، ولما ولي عليها مروان بن الحكم جاءه حويطب، وحكيم بن حزام، ومخرمة بن نوفل، فسلموا عليه وجعلوا يتحدثون عنده ثم تفرقوا، ثم اجتمع حويطب بمروان يوما آخر فسأله مروان عن عمره فأخبره، فقال له: تأخر إسلامك أيها الشيخ حتى سبقك الأحداث.
فقال حويطب: الله المستعان، والله لقد هممت بالإسلام غير مرة كل ذلك يعوقني أبوك يقول تضع شرفك وتدع دين آبائك لدين محدث؟ وتصير تابعا؟
قال: فأسكت مروان وندم على ما كان قال له، ثم قال حويطب: أما كان أخبرك عثمان ما كان لقي من أبيك حين أسلم؟
قال: فازداد مروان غما.
وكان حويطب ممن شهد دفن عثمان، واشترى منه معاوية داره بمكة بأربعين ألف دينار فاستكثرها الناس.
فقال: وما هي في رجل له خمسة من العيال؟
قال الشافعي: كان حويطب جيد الإسلام، وكان أكثر قريش ريعا جاهليا.
وقال الواقدي: عاش حويطب في الجاهلية ستين سنة، وفي الإسلام ستين سنة، ومات حويطب في هذه السنة بالمدينة وله مائة وعشرون سنة.
وقال غيره: توفي بالشام.
له حديث واحد رواه البخاري، ومسلم، والنسائي من حديث السائب بن يزيد عنه عن عبد الله بن السعدي، عن عمر في العمالة، وهو من عزيز الحديث لأنه اجتمع فيه أربعة من الصحابة رضي الله عنهم.