الرئيسيةبحث

البداية والنهاية/الجزء الثامن/ثم دخلت سنة ثنتين وستين


ثم دخلت سنة ثنتين وستين


يقال: فيها قدم وفد المدينة النبوية على يزيد بن معاوية، فأكرمهم وأجازهم بجوائز سنية.

ثم عادوا من عنده بالجوائز فخلعوه وولوا عليهم عبد الله بن حنظلة الغسيل، فبعث إليهم يزيد جندا في السنة الآتية إلى المدينة فكانت وقعة الحرة على ما سنبينه في التي بعدها إن شاء الله تعالى.

وقد كان يزيد عزل عن الحجاز عمرو بن سعيد بن العاص، وولى عليهم الوليد بن عتبة بن أبي سفيان، فلما دخل المدينة احتاط على الأموال والحواصل والأملاك، وأخذ العبيد الذين لعمرو بن سعيد فحبسهم، - وكانوا نحو ثلاثمائة عبد - فتجهز عمرو بن سعيد إلى يزيد وبعث إلى عبيده أن يخرجوا من السجن ويلحقوا به، وأعد لهم إبلا يركبونها، ففعلوا ذلك.

فما لحقوه حتى وصل إلى يزيد فأكرمه واحترمه ورحب به يزيد، وأدنى مجلسه، ثم أنه عاتبه في تقصيره في شأن ابن الزبير.

فقال له: يا أمير المؤمنين الشاهد يرى مالا يرى الغائب، وإن جل أهل مكة والحجاز ما لأوه علينا وأحبوه ولم يكن لي جند أقوى بهم عليه لو ناهضته، وقد كان يحذرني ويحترس مني، وكنت أرفق به كثيرا وأداريه لأستمكن منه فأثب عليه، مع أني قد ضيقت عليه ومنعته من أشياء كثيرة.

وجعلت على مكة وطرقها وشعابها رجالا لا يدعون أحدا يدخلها حتى يكتبوا اسمه واسم أبيه، ومن أي بلاد هو وما جاء له، وماذا يريد، فإن كان من أصحابه أو ممن عرف أنه يريده رددته صاغرا، إلا خليت سبيله.

وقد وليت الوليد وسيأتيك من عمله وأمره ما لعلك تعرف به فضل مسارعتي واجتهادي في أمرك ومناصحتي لك إن شاء الله، والله يصنع لك ويكبت عدوك.

فقال له يزيد: أنت أصدق ممن رماك وحملني عليك، وأنت ممن أثق به وأرجو معونته وأدخره لذات الصدع، وكفاية المهم وكشف نوازل الأمور العظام، في كلام طويل.

وأما الوليد بن عتبة: فإنه أقام بالحجاز وقد همَّ مرارا أن يبطش بعبد الله بن الزبير فيجده متحذرا ممتنعا قد أعد للأمور أقرانها.

وثار باليمامة رجل آخر يقال له: نجدة بن عامر الحنفي حين قتل الحسين، وخالف يزيد بن معاوية، ولم يخالف ابن الزبير بل بقي على حدة، له أصحاب يتبعونه، فإذا كان ليلة عرفة دفع الوليد بن عتبة بالجمهور وتخلف عنه ابن الزبير وأصحاب نجدة، ثم يدفع كل فريق وحدهم.

ثم كتب نجدة إلى يزيد: إنك بعثت إلينا رجلا أخرق لا يتجه لأمر رشد، ولا يرعوي لعظة الحكيم، فلو بعثت إلينا رجلا سهل الخلق لين الكنف، رجوت أن يسهل به من الأمور ما استوعر منها وأن يجتمع ما تفرق، فانظر في ذلك فإن فيه صلاح خواصنا وعوامنا إن شاء الله تعالى.

قالوا: فعزل يزيد الوليد وولى عثمان محمد بن أبي سفيان، فسار إلى الحجاز وإذا هو فتى غرٌ حدثٌ غمر لم يمارس الأمور، فطمعوا فيه، ولما دخل المدينة بعث إلى يزيد منها وفدا فيهم عبد الله بن حنظلة الغسيل الأنصاري، وعبد الله بن أبي عمرو بن حفص بن المغيرة الحضرمي، والمنذر بن الزبير، ورجال كثير من أشراف أهل المدينة، فقدموا على يزيد فأكرمهم وأحسن إليهم وعظم جوائزهم.

ثم انصرفوا راجعين إلى المدينة، إلا المنذر بن الزبير فإنه سار إلى صاحبه عبيد الله بن زياد بالبصرة، وكان يزيد قد أجازه بمائة ألف نظير أصحابه من أولئك الوفد، ولما رجع وفد المدينة إليها أظهروا شتم يزيد وعيبه وقالوا: قدمنا من عند رجل ليس له دين يشرب الخمر وتعزف عنده القينات بالمعازف، وإنا نشهدكم أنا قد خلعناه.

فتابعهم الناس على خلعه، وبايعوا عبد الله بن حنظلة الغسيل على الموت، وأنكر عليهم عبد الله بن عمر بن الخطاب، ورجع المنذر بن الزبير من البصرة إلى المدينة فوافق أولئك على خلع يزيد، وأخبرهم عنه أنه يشرب الخمر ويسكر حتى ترك الصلاة، وعابه أكثر مما عابه أولئك.

فلما بلغ ذلك يزيد قال: اللهم إني آثرته وأكرمته ففعل ما قد رأيت، فأدركه وانتقم منه.

ثم أن يزيدا بعث إلى أهل المدينة النعمان بن بشير ينهاهم عما صنعوا ويحذرهم غب ذلك ويأمرهم بالرجوع إلى السمع والطاعة ولزوم الجماعة، فسار إليهم ففعل ما أمره يزيد وخوفهم الفتنة.

وقال لهم: إن الفتنة وخيمة، وقال: لا طاقة لكم بأهل الشام.

فقال له عبد الله بن مطيع: ما يحملك يا نعمان على تفريق جماعتنا وفساد ما أصلح الله من أمرنا؟

فقال له النعمان: أما والله لكأني وقد تركت تلك الأمور التي تدعو إليها، وقامت الرجال على الركب التي تضرب مفارق القوم وجباههم بالسيوف، ودارت رحى الموت بين الفريقين، وكأني بك قد ضربت جنب بغلتك إلي وخلفت هؤلاء المساكين - يعني: الأنصار - يقتلون في سككهم ومساجدهم، وعلى أبواب دورهم.

فعصاه الناس فلم يسمعوا منه فانصرف وكان الأمر والله كما قال سواء.

قال ابن جرير: وحج بالناس في هذه السنة الوليد بن عتبة كذا قال وفيه نظر، فإنه إن كان في وفد أهل المدينة وقد رجعوا من عند يزيد فإنما وفد عثمان بن محمد بن أبي سفيان، وإن كان قد حج بالناس فيها الوليد فما قدم وفد المدينة إلى يزيد إلا في أول سنة ثلاث وستين وهو أشبه والله أعلم.

وممن توفي في هذه السنة من الأعيان

البداية والنهاية - الجزء الثامن
سنة إحدى وأربعين | معاوية بن أبي سفيان وملكه | فضل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه | خروج طائفة من الخوارج عليه | رفاعة بن رافع بن مالك بن العجلان | ركانة بن عبد العزيز | صفوان بن أمية | عثمان بن طلحة | عمرو بن الأسود السكوني | عاتكة بنت زيد | سنة ثنتين وأربعين | سنة ثلاث وأربعين | أما عمرو بن العاص | وممن توفي فيها عبد الله بن سلام أبو يوسف الإسرائيلي | سنة أربع وأربعين | وفى هذه السنة توفيت أم حبيبة بنت أبي سفيان أم المؤمنين | سنة خمس وأربعين | سنة ست وأربعين | سراقة بن كعب شهد بدرا وما بعدها عبد الرحمن بن خالد بن الوليد | سنة سبع وأربعين | ثم دخلت سنة ثمان وأربعين | سنة تسع وأربعين | الحسن بن علي بن أبي طالب | سنة خمسين من الهجرة | وفيها توفي مدلاج بن عمرو السلمي صحابي جليل | صفية بنت حيي بن أخطب | وأما أم شريك الأنصارية | وأما عمرو بن أمية الضمري | أما جبير بن مطعم | وأما حسان بن ثابت | وأما الحكم بن عمر بن مجدع الغفاري | وأما دحية بن خليفة الكلبي | وأما عقيل بن أبي طالب | وأما كعب بن مالك الأنصاري السلمي | المغيرة بن شعبة | جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار الخزاعية المصطلقية | سنة إحدى وخمسين | وذكر ابن عساكر له مراثي كثيرة | فأما جرير بن عبد الله البجلي | وأما جعفر بن أبي سفيان بن عبد المطلب | وأما حارثة بن النعمان الأنصاري النجاري | وأما سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل القرشي | وأما عبد الله أنيس بن الجهني أبو يحيى المدني | وأما أبو بكرة نفيع بن الحارث | وفيها توفيت أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث الهلالية | ثم دخلت سنة ثنتين وخمسين | خالد بن زيد بن كليب | وفيها كانت وفاة أبي موسى الأشعري | قصة يزيد بن ربيعة بن مفرغ الحميري مع ابني زياد عبيد الله وعباد | الحطيئة الشاعر | عبد الله بن مالك بن القشب | قيس بن سعد بن عبادة الخزرجي | معقل بن يسار المزني | أبو هريرة الدوسي رضي الله عنه | عبد الله بن المغفل المزني | وفيها توفي عمران بن حصين بن عبيد | كعب بن عجزة الأنصاري أبو محمد المدني | معاوية بن خديج | هانئ بن نيار أبو بردة البلوي | ثم دخلت سنة ثلاث وخمسين | وفيها توفي الربيع بن زياد الحارثي | رويفع بن ثابت | صعصعة بن ناجية | جبلة بن الأيهم الغساني | سنة أربع وخمسين | أسامة بن زيد بن حارثة الكلبي | ثوبان بن مجدد | جبير بن مطعم | الحارث بن ربعي | حكيم بن حزام | حويطب بن عبد العزى العامري | معبد بن يربوع بن عنكثة | مرة بن شراحيل الهمداني | النعيمان بن عمرو | سودة بنت زمعة | ثم دخلت سنة خمس وخمسين | أرقم بن أبي الأرقم | سحبان بن زفر بن إياس | سعد بن أبي وقاص | فضالة بن عبيد الأنصاري الأوسي | قثم بن العباس بن عبد المطلب | كعب بن عمرو أبو اليسر | ثم دخلت سنة ست وخمسين | سنة سبع وخمسين | قال ابن الجوزي وفيها توفي عثمان بن حنيف الأنصاري الأوسي | سنة ثمان وخمسين | قصة غريبة | توفي في هذا العام سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف | شداد بن أوس بن ثابت | عبد الله بن عامر | عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما | قصته مع ليلى بنت الجودي ملك عرب الشام | عبيد الله بن عباس بن عبد المطلب | أم المؤمنين عائشة بنت أبو بكر الصديق | ثم دخلت سنة تسع وخمسين | سنة ستين من الهجرة النبوية | وهذه ترجمة معاوية وذكر شيء من أيامه وما ورد في مناقبه وفضائله | ذكر من تزوج من النساء ومن ولد له | فصل قضاء معاوية | صفوان بن المعطل بن رخصة بن المؤمل بن خزاعي أبو عمرو | أبو مسلم الخولاني | يزيد بن معاوية وما جرى في أيامه | قصة الحسين بن علي وسبب خروجه من مكة في طلب الإمارة وكيفية مقتله | صفة مخرج الحسين إلى العراق | ثم دخلت سنة إحدى وستين | وهذه صفة مقتله مأخوذة من كلام أئمة هذا الشأن لا كما يزعمه أهل التشيع من الكذب | فصل مقتل الحسين رضي الله عنه | وأما قبر الحسين رضي الله عنه | وأما رأس الحسين رضي الله عنه | فصل شيء من فضائله | فصل في شيء من أشعاره التي رويت عنه | الحسين بن علي رضي الله عنهما | جابر بن عتيك بن قيس | حمزة بن عمرو الأسلمي | شيبة بن عثمان بن أبي طلحة العبدري الحجبي | الوليد بن عقبة بن أبي معيط | أم سلمة أم المؤمنين هند بنت أبي أمية حذيفة | ثم دخلت سنة ثنتين وستين | بريدة بن الحصيب الأسلمي | الربيع بن خيثم | علقمة بن قيس أبو شبل النخعي الكوفي | عقبة بن نافع الفهري | عمرو بن حزم | مسلم بن مخلد الأنصاري | مسلم بن معاوية الديلمي | ثم دخلت سنة ثلاث وستين | ثم دخلت سنة أربع وستين | وهذه ترجمة يزيد بن معاوية | أولاد يزيد بن معاوية وعددهم | إمارة معاوية بن يزيد بن معاوية | إمارة عبد الله بن الزبير | ذكر بيعة مروان بن الحكم | وقعة مرج راهط ومقتل الضحّاك بن قيس الفهري رضي الله عنه | وفيها مقتل النعمان بن بشير الأنصاري | وفيها توفي المسوَّر بن مخرمة بن نوفل | المنذر بن الزبير بن العوام | مصعب بن عبد الرحمن بن عوف | وفي هذه السنة أعني سنة أربع وستين | ذكر هدم الكعبة وبنائها في أيام ابن الزبير | ثم دخلت سنة خمس وستين | وقعة عين وردة | ترجمة مروان بن الحكم | خلافة عبد الملك بن مروان | ثم دخلت سنة ست وستين | فصل تتبع قتلة الحسين رضي الله عنه | مقتل شمر بن ذي الجوشن أمير السرية التي قتلت حسنا | مقتل خولي بن يزيد الأصبحي الذي احتز رأس الحسين | مقتل عمر بن سعد بن أبي وقاص أمير الذين قتلوا الحسين | فصل خداع المختار ومكره بابن الزبير | فصل مسير إبراهيم بن الأشتر إلى عبيد الله بن زياد | ثم دخلت سنة سبع وستين | وهذه ترجمة ابن زياد | مقتل المختار بن أبي عبيد على يدي مصعب بن الزبير | وهذه ترجمة المختار بن أبي عبيد الثقفي | فصل استقرار مصعب بن الزبير بالكوفة | ثم دخلت سنة ثمان وستين | عبد الله بن يزيد الأوسي | وعبد الرحمن بن زيد بن الخطاب العدوي | وفيها توفي عبد الله بن عباس ترجمان القرآن | ذكر صفة أخرى لرؤيته جبريل | فصل تولي ابن عباس إمامة الحج | صفة ابن عباس | ثم دخلت سنة تسع وستين | وهذه ترجمة الأشدق | أبو الأسود الدؤلي | جابر بن سمرة بن جنادة | أسماء بنت يزيد | حسان بن مالك | ثم دخلت سنة سبعين من الهجرة | عاصم بن عمر بن الخطاب | قبيصة بن دؤيب الخزاعي الكلبي | قيس بن ذريج | يزيد بن زياد بن ربيعة الحميري | بشير بن النضر | مالك بن يخامر | ثم دخلت سنة إحدى وسبعين | وهذه ترجمة مصعب بن الزبير | إبراهيم بن الأشتر | عبد الرحمن بن عسيلة | عمر بن سلمة | سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم | عمر بن أخطب | يزيد بن الأسود الجرشي السكوني | ثم دخلت سنة ثنتين وسبعين | وهذه ترجمة عبد الله بن خازم | الأحنف بن قيس | البراء بن عازب | عبيدة السلماني القاضي | عطية بن بشر | عبيدة بن نضيلة | عبد الله بن قيس الرقيّات | عبد الله بن حمام | ثم دخلت سنة ثلاث وسبعين | وهذه ترجمة أمير المؤمنين عبد الله بن الزبير | عبد الله بن صفوان | عبد الله بن مطيع | عوف بن مالك رضي الله عنه | أسماء بنت أبي بكر | عبد الله سعد بن جثم الأنصاري | عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي | مالك بن مسمع بن غسان البصري | ثابت بن الضحاك الأنصاري | زينب بنت أبي سلمى المخزومي | توبة بنت الصمة