→ جميل بن عبد الله | البداية والنهاية – الجزء التاسع عمر بن عبيد الله ابن كثير |
كمَيل بن زياد ← |
ابن معمر بن عثمان أبو حفص القرشي التيمي أحد الأجواد والأمراء الأمجاد، فتحت على يديه بلدان كثيرة، وكان نائبا لابن الزبير على البصرة، وقد فتح كابل مع عبد الله بن خازم، وهو الذي قتل قطري بن الفجاءة، روى عن ابن عمر وجابر وغيرهما، وعن عطاء بن أبي رباح، وابن عون، ووفد على عبد الملك فتوفي بدمشق سنة ثنتين وثمانين. قاله المدائني.
وحكي أن رجلا اشترى جارية كانت تحسن القرآن والشعر وغيره فأحبها حبا شديدا وأنفق عليها ماله كله حتى أفلس ولم يبق له شيء سوى هذه الجارية، فقالت له الجارية: قد أرى ما بك من قلة الشيء. فلو بعتني وانتفعت بثمني صلح حالك، فباعها لعمر بن عبيد الله هذا - وهو يومئذ أمير البصرة - بمائة ألف درهم، فلما قبض المال ندم وندمت الجارية، فأشارت تخاطب سيدها بأبيات شعر وهي:
هنيئا لك المال الذي قد أخذته * ولم يبق في كفِّي إلا تفكُّري
أقول لنفسي وهي في كرب عيشةٍ * أقلي فقد بان الخليط أو أكثري
إذا لم يكن في الأمر عندك حيلةٌ * ولم تجدي بدا من الصبر فاصبري
فأجابها سيدها فقال:
ولولا قعود الدهر بي عنك لم يكن * لفرقتنا شيءٌ سوى الموت فاصبري
أأوب بحزن من فراقك موجعٌ * أناجي به قلبا طويل التذكر
عليك سلام لا زيارة بيننا * ولا وصل إلا أن يشاء ابن معمر
فلما سمعهما ابن معمر قد شببت قال: والله لا فرقت بين محبين أبدا، ثم أعطاه المال - وهو مائة ألف - والجارية لما رأى من توجعهما على فراق كل منهما صاحبه، فأخذ الرجل الجارية وثمنها وانطلق.
توفي عمر بن عبيد الله بن معمر هذا بدمشق بالطاعون، وصلى عليه عبد الملك بن مروان، ومشى في جنازته وحضر دفنه وأثنى عليه بعد موته، وكان له من الولد طلحة وهو من سادات قريش تزوج فاطمة بنت القاسم بن محمد بن جعفر على صداق أربعين ألف دينار، فأولدها إبراهيم ورملة، فتزوج رملة إسماعيل بن علي بن عبد الله بن عباس على صداق مائة ألف دينار رحمهم الله.