→ أبو الطفيل عامر بن واثلة | البداية والنهاية – الجزء التاسع أبو عثمان النهدي ابن كثير |
ثم دخلت سنة إحدى ومائة ← |
واسمه عبد الرحمن بن مُلِ البصري، أدرك الجاهلية وحج في زمن الجاهلية مرتين، وأسلم في حياة النبي ﷺ، ولم يره، وأدى في زمانه الزكاة ثلاث سنين إلى عمال النبي ﷺ، ومثل هذا يسميه أئمة الحديث مخضرما وهاجر إلى المدينة في زمان عمر بن الخطاب، فسمع منه ومن علي وابن مسعود وخلق من الصحابة، وصحب سلمان الفارسي ثنتي عشرة سنة حتى دفنه، وروى عنه جماعة من التابعين وغيرهم، منهم أيوب، و حميد الطويل، و سليمان بن طرخان التيمي، وقال عاصم الأحول: سمعته يقول: أدركت في الجاهلية يغوث صنما من رصاص يحمل على جمل أجرد، فإذا بلغ واديا برك فيه، فيقولون: قد رضي ربكم لكم هذا الوادي فينزلون فيه، قال: وسمعته وقد قيل له أدركت النبي ﷺ؟ فقال: نعم ! أسلمت على عهده، وأديت إليه الزكاة ثلاث مرات، ولم ألقه، وشهدت اليرموك والقادسية وجلولاء ونهاوند.
كان أبو عثمان صواما قواما، يسرد الصوم ويقوم الليل لا يتركه، وكان يصلي حتى يغشى عليه، وحج ستين مرة ما بين حجة وعمرة، قال سليمان التيمي: إني لأحسبه لا يصيب ذنبا، لأنه ليله قائما ونهاره صائما، وقال بعضهم: سمعت أبا عثمان النهدي يقول: أتت عليَّ ثلاثون ومائة سنة وما مني شيء إلا وقد أنكرته خلا أملي فإني أجده كما هو.
وقال ثابت البناني، عن أبي عثمان. قال: إني لأعلم حين يذكرني ربي عز وجل، قال: فيقول: من أين تعلم ذلك؟ فيقول: قال الله تعالى: { فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ } [البقرة: 152] فإذا ذكرت الله ذكرني.
قال: وكنا إذا دعونا الله قال: والله لقد استجاب الله لنا، قال الله تعالى: { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } [غافر: 60] قالوا: وعاش مائة وثلاثين سنة، قاله هشيم وغيره.
قال المدائني وغيره: توفي سنة مائة، وقال الفلاس: توفي سنة خمس وتسعين، والصحيح سنة مائة، والله أعلم.
وفيها توفي عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز، وكان يفضل على والده في العبادة والانقطاع عن الناس، وله كلمات حسان مع أبيه ووعظه إياه.