→ روح بن زنباع الجذامي | البداية والنهاية – الجزء التاسع روح بن زنباع ابن كثير |
ثم دخلت سنة خمس وثمانين ← |
ابن سلامة الجذامي أبو زرعة ويقال: أبو زنباع الدمشقي، داره بدمشق في طرف البزوريين عند دار ابن عقب صاحب الملحمة. وهو تابعي جليل، روى عن أبيه - وكانت له صحبة - وتميم الداري، وعبادة بن الصامت ومعاوية وكعب الأحبار وغيرهم، وعنه جماعة منهم عبادة بن نسي.
كان روح عند عبد الملك كالوزير لا يكاد يفارقه، وكان مع أبيه مروان يوم مرج راهط وقد أمره يزيد بن معاوية على جند فلسطين، وزعم مسلم بن الحجاج أن روح بن زنباع كانت له صحبة، ولم يتابع مسلم على هذا القول، والصحيح أنه تابعي وليس بصحابي، ومن مآثره التي نفرد بها أنه كان كلما خرج من الحمام يعتق نسمة، قال ابن زيد: مات سنة أربع وثمانين بالأردن، وزعم بعضهم أنه بقى إلى أيام هشام بن عبد الملك، وقد حج مرة فنزل على ماء بين مكة والمدينة فأمر فأصلحت له أطعمة مختلفة الألوان، ثم وضعت بين يديه، فبينما هو يأكل إذ جاء راع من الرعاة يرد الماء، فدعاه روح بن زنباع إلى الأكل من ذلك الطعام، فجاء الراعي فنظر إلى طعامه وقال: إني صائم فقال له روح: في مثل هذا اليوم الطويل الشديد الحر تصوم يا راعي؟ فقال الراعي: أفأغبن أيامي من أجل طعامك؟ ثم إن الراعي ارتاد لنفسه مكانا فنزله وترك روح بن زنباع، فقال روح بن زنباع:
لقد ضننت بأيامك يا راعي * إذ جاد بها روح بن زنباع
ثم إن روحا بكى طويلا وأمر بتلك الأطعمة فرفعت، وقال: انظروا هل تجدون لها آكلا من هذه الأعراب أو الرعاة؟ ثم سار من ذلك المكان وقد أخذ الراعي بمجامع قلبه وصغرت إليه نفسه والله سبحانه وتعالى أعلم.