→ أبو معرض الأسدي | البداية والنهاية – الجزء التاسع بشر بن مروان ابن كثير |
ثم دخلت سنة خمس وسبعين ← |
الأموي أخو عبد الملك بن مروان، ولي إمرة العراقين لأخيه عبد الملك، وله دار بدمشق عند عقبة اللباب، وكان سمحا جوادا، وإليه ينسب دير مروان عند حجير، وهو الذي قتل خالد بن حصين الكلابي يوم مرج راهط، وكان لا يغلق دونه الأبواب ويقول: إنما يحتجب النساء، وكان طليق الوجه، وكان يجيز على الشعر بألوف، وقد امتدحه الفرزدق والأخطل، والجهمية تستدل على الاستواء على العرش بأنه الاستيلاء ببيت الأخطل:
قد استوى بشر على العراق * من غير سيف ودم مهراق
وليس فيه دليل فإن هذا استدلال باطل من وجوه كثيرة، وقد كان الأخطل نصرانيا وكان سبب موت بشر أنه وقعت القرحة في عينه فقيل له يقطعها من المفصل فجزع فما أحس حتى خالطت الكتف، ثم أصبح وقد خالطت الجوف، ثم مات ولما احتضر جعل يبكي ويقول: والله لوددت أني كنت عبدا أرعى الغنم في البادية لبعض الأعراب، ولم أل ما وليت، فذكر قوله لأبي حازم - أو لسعيد بن المسيب -، فقال: الحمد لله الذي جعلهم عند الموت يفرون إلينا ولم يجعلنا نفر إليهم، إنا لنرى فيهم عبرا، وقال الحسن: دخلت عليه فإذا هو يتململ على سريره ثم نزل عنه إلى صحن الدار، والأطباء حوله مات بالبصرة في هذه السنة، وهو أول أمير مات بها ولما بلغ عبد الملك موته حزن عليه وأمر الشعراء أن يرثوه والله سبحانه وتعالى أعلم.