الرئيسيةبحث

محلى ابن حزم - المجلد الأول/الصفحة الثانية والثلاثون

ابن حزم - المحلى كتاب الحيض والاستحاضة (مسألة 257 - 262)
المؤلف: ابن حزم


كتاب الطهارة

كتاب الحيض والاستحاضة

257 - مسألة : ولا تقضي الحائض إذا طهرت شيئا من الصلاة التي مرت في أيام حيضها . وتقضي صوم الأيام التي مرت لها في أيام حيضها . وهذا نص مجمع لا يختلف فيه أحد .

258 - مسألة : وإن حاضت امرأة في أول وقت الصلاة أو في آخر الوقت ولم تكن صلت تلك الصلاة سقطت عنها ، ولا إعادة عليها فيها ، وهو قول أبي حنيفة والأوزاعي وأصحابنا . وبه قال محمد بن سيرين وحماد بن أبي سليمان . وقال النخعي والشعبي وقتادة وإسحاق : عليها القضاء . وقال الشافعي : إن أمكنها أن تصليها فعليها القضاء . قال علي : برهان قولنا هو أن الله تعالى جعل للصلاة وقتا محدودا أوله وآخره وصح أن رسول الله ﷺ صلى الصلاة في أول وقتها وفي آخر وقتها ، فصح أن المؤخر لها إلى آخر وقتها ليس عاصيا . لأنه عليه السلام لا يفعل المعصية فإذا هي ليست عاصية فلم تتعين الصلاة عليها بعدولها تأخيرها ، فإذا لم تتعين عليها حتى حاضت فقد سقطت عنها ، ولو كانت الصلاة تجب بأول الوقت لكان من صلاها بعد مضي مقدار تأديتها من أول وقتها قاضيا لها لا مصليا ، وفاسقا بتأخيرها عن وقتها ، ومؤخرا لها عن وقتها ، وهذا باطل لا اختلاف فيه من أحد .

259 - مسألة : فإن طهرت في آخر وقت الصلاة بمقدار ما لا يمكنها الغسل والوضوء حتى يخرج الوقت ، فلا تلزمها تلك الصلاة ولا قضاؤها ، وهو قول الأوزاعي وأصحابنا . وقال الشافعي وأحمد : عليها أن تصلي . قال أبو محمد : برهان صحة قولنا إن الله عز وجل لم يبح الصلاة إلا بطهور ، وقد حد الله تعالى للصلوات أوقاتها ، فإذا لم يمكنها الطهور وفي الوقت بقية فنحن على يقين من أنها لم تكلف تلك الصلاة التي لم يحل لها أن تؤديها في وقتها .

260 - مسألة : وللرجل أن يتلذذ من امرأته الحائض بكل شيء ، حاشا الإيلاج في الفرج ، وله أن يشفر ولا يولج ، وأما الدبر فحرام في كل وقت . وفي هذا خلاف فروينا عن ابن عباس أنه كان يعتزل فراش امرأته إذا حاضت وقال عمر بن الخطاب وسعيد بن المسيب وعطاء - إلا أنه لا يصح عن عمر - وأبو حنيفة ومالك والشافعي : له ما فوق الإزار من السرة فصاعدا إلى أعلاها ، وليس له ما دون ذلك . فأما من ذهب مذهب ابن عباس فإنه احتج بقول الله تعالى : { ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن } ، وبحديث رويناه من طريق أبي داود عن سعيد بن عبد الجبار عن عبد العزيز الدراوردي عن أبي اليمان عن أم ذرة عن عائشة أم المؤمنين قالت " كنت إذا حضت نزلت عن المثال على الحصير فلم نقرب رسول الله ﷺ ولم ندن منه حتى نطهر . قال أبو محمد : وأما هذا الخبر فإنه من طريق أبي اليمان كثير بن اليمان الرحال وليس بالمشهور ، عن أم ذرة وهي مجهولة فسقط ، وأما الآية فهي موجبة لفعل ابن عباس إلا أن يأتي بيان صحيح عن رسول الله ﷺ ، فيوقف عنده ، فأرجأنا أمر الآية . ثم نظرنا فيما احتج به من ذهب إلى ما قال به أبو حنيفة ومالك ، فوجدناهم يحتجون بخبر رويناه من طريق ابن وهب عن مخرمة بن بكير عن أبيه عن كريب مولى ابن عباس سمعت ميمونة أم المؤمنين قالت { كان رسول الله ﷺ يضطجع معي وأنا حائض وبيني وبينه ثوب } . وبحديث آخر رويناه من طريق الليث بن سعد عن الزهري عن حبيب مولى عروة عن ندبة مولاة ميمونة { أن رسول الله ﷺ كان يباشر المرأة من نسائه وهي حائض إذا كان عليها إزار يبلغ أنصاف الفخذين أو الركبتين وهي محتجزة } . وبحديث رويناه من طريق أبي خليفة عن مسدد عن أبي عوانة عن عمر بن أبي سلمة عن أبيه { عن عائشة أنها كانت تنام مع رسول الله ﷺ وهي حائض وبينهما ثوب } . وبخبر رويناه عن أبي إسحاق عن عاصم بن عمرو العجلي { أن نفرا سألوا عمر فقال سألت رسول الله ﷺ : ما يحل للرجل من امرأته حائضا ؟ قال رسول الله ﷺ : لك ما فوق الإزار ، لا تطلعن إلى ما تحته حتى تطهر } . وروي أيضا عن أبي إسحاق عن عمير مولى عمر مثله ، وعن عبد الرحمن بن مهدي عن مالك بن مغول عن عاصم بن عمرو : عن عمر مثله . ورويناه أيضا عن مسدد عن أبي الأحوص عن طارق بن عبد الرحمن عن عاصم بن عمرو . وبحديث رويناه من طريق هارون بن محمد بن بكار ثنا مروان يعني ابن محمد - حدثنا الهيثم بن حميد ثنا العلاء بن الحارث { عن حرام بن حكيم عن عمه أنه سأل رسول الله ﷺ : ما يحل لي من امرأتي وهي حائض ؟ قال : لك ما فوق الإزار } . وبخبر رويناه من طريق هشام بن عبد الملك اليزني عن بقية بن الوليد عن سعيد بن عبد الله الأغطش عن عبد الرحمن بن عائذ الأزدي هو ابن قرط أمير حمص - عن معاذ بن جبل { سألت رسول الله ﷺ عما يحل للرجل من امرأته وهي حائض ؟ قال : ما فوق الإزار ، والتعفف عن ذلك أفضل } . وبحديث رويناه من طريق عبد الرحيم بن سليمان ثنا محمد بن كريب عن كريب { عن ابن عباس أنه سئل عما يحل من المرأة وهي حائض لزوجها ؟ قال : سمعنا والله أعلم إن كان قاله رسول الله ﷺ فهو كذلك : يحل ما فوق الإزار } . وبخبر رويناه من طريق محمد بن الجهم عن محمد بن الفرج عن يونس بن محمد ثنا عبد الله بن عمر عن ابن النضر عن أبي سلمة عن عائشة { أن رسول الله ﷺ سئل ما يحل للرجل من امرأته ؟ قال : ما فوق الإزار } . فنظرنا في هذه الآثار فوجدناها لا يصح منها شيء ، أما حديثا ميمونة فأحدهما عن مخرمة بن بكير عن أبيه ولم يسمع من أبيه ، وأيضا فقد قال فيه ابن معين : مخرمة هو ضعيف ليس حديثه بشيء ، والآخر من طريق ندبة وهي مجهولة لا تعرف ، وأبو داود يروي هذا الحديث عن الليث فقال : قال ندبة بفتح النون والدال ومعمر يرويه ويقول : ندبة بضم النون وإسكان الدال ، ويونس يقول بدية ، بالباء المضمومة والدال المفتوحة والياء المشددة ، كلهم يرويه عن الزهري كذلك ، فسقط خبرا ميمونة " . وأما حديثا عائشة فأحدهما من طريق عمر بن أبي سلمة ، وقد ضعفه شعبة ولم يوثقه أحد فسقط ، وأما الثاني : فمن طريق عبد الله بن عمر وهو العمري الصغير ، وهو متفق على ضعفه ، إنما الثقة أخوه عبيد الله ، فسقط حديثا عائشة . وأما حديث عمر فإن أبا إسحاق لم يسمعه من عمير مولى عمر ، هكذا رويناه من طريق زهير بن حرب : ثنا عبد الله بن جعفر المخرمي ثنا عبيد الله بن عمرو الجزري عن زيد بن أبي أنيسة عن أبي إسحاق عن عاصم بن عمرو عن عمير مولى عمر عن رسول الله ﷺ فذكر هذا الحديث نصا ، فسقط إسناده لأن عاصم بن عمرو لم يسمعه من عمر بل رواه كما ذكرنا منقطعا عن عمير ، ورويناه أيضا عن زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عن عاصم بن عمرو الشامي عن أحد النفر الذين أتوا عمر فذكر هذا الحديث بنصه ، ورويناه أيضا من طريق شعبة قال : سمعت عاصم بن عمرو البجلي يحدث عن رجل من القوم الذين سألوا عمر فذكر الحديث نفسه فإنما رواه عاصم عن رجل مجهول عن مجهولين ، فسقط جملة . ثم نظرنا في حديث حرام بن حكيم عن عمه فوجدناه لا يصح ؛ لأن حرام بن حكيم ضعيف ، وهو الذي روى غسل الأنثيين من المذي ، وأيضا فإن هذا الخبر رواه عن حرام مروان بن محمد وهو ضعيف . ثم نظرنا في حديث معاذ فوجدناه لا يصح ؛ لأنه عن بقية وليس بالقوي ، عن سعيد الأغطش وهو مجهول ، مع ما فيه من أن التعفف عن ذلك أفضل ، وهم لا يقولون بهذا . ثم نظرنا في حديث ابن عباس فوجدناه لم يحقق إسناده ، فسقطت هذه الأخبار كلها ولم يجز التعلق بشيء منها . ثم نظرنا فيما قلناه فوجدنا الصحيح عن ميمونة وعائشة أم المؤمنين رضي الله عنهما هو ما رويناه من طريق عبد الله بن شداد عن ميمونة { كان رسول الله ﷺ يباشر نساءه فوق الإزار وهن حيض } . وما رويناه من طريق عبد الرحمن بن الأسود وإبراهيم النخعي كلاهما عن الأسود { عن عائشة أنه عليه السلام كان يأمرها أن تتزر في فور حيضتها ثم يباشرها ، وأيكم يملك إربه كما كان رسول الله ﷺ يملك إربه } . حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب ثنا عمرو بن منصور ثنا هشام بن عبد الملك هو الطيالسي - ثنا يحيى بن سعيد هو القطان - حدثني جابر بن صبح قال : سمعت خلاس بن عمرو يقول سمعت { عائشة أم المؤمنين تقول كنت أنا ورسول الله ﷺ في الشعار الواحد وأنا حائض ، فإن أصابه مني شيء غسله لم يعده إلى غيره وصلى فيه ثم يعود معي } . حدثنا عبد الله بن ربيع حدثنا محمد بن إسحاق ثنا ابن الأعرابي ثنا أبو داود ثنا موسى بن إسماعيل ثنا حماد هو ابن سلمة - عن أيوب عن عكرمة عن بعض أزواج رسول الله ﷺ { أن رسول الله ﷺ كان إذا أراد من الحائض شيئا ألقى على فرجها ثوبا } . حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا زهير بن حرب ثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا حماد بن سلمة ثنا ثابت هو البناني - عن أنس بن مالك { أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة لم يؤاكلوها ولم يجامعوهن في البيوت ، فسأل أصحاب النبي ﷺ عن ذلك ، فأنزل الله تعالى : { ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض } إلى آخر الآية ، فقال رسول الله ﷺ : اصنعوا كل شيء إلا النكاح } . فكان هذا الخبر بصحته ، وبيان أنه كان إثر نزول الآية هو البيان عن حكم الله تعالى في الآية ، وهو الذي لا يجوز تعديه ، وأيضا فقد يكون المحيض في اللغة موضع الحيض وهو الفرج ، وهذا فصيح معروف ، فتكون الآية حينئذ موافقة للخبر المذكور ، ويكون معناها : فاعتزلوا النساء في موضع الحيض ، وهذا هو الذي صح عمن جاء عنه في ذلك شيء من الصحابة رضي الله عنهم ، كما روينا عن أيوب السختياني عن أبي معشر عن إبراهيم النخعي عن مسروق قال : سألت عائشة : ما يحل لي من امرأتي وهي حائض ؟ قالت كل شيء إلا الفرج ، وعن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس { فاعتزلوا النساء في المحيض } قال : اعتزلوا نكاح فروجهن ، وهو قول أم سلمة أم المؤمنين ومسروق والحسن وعطاء وإبراهيم النخعي والشعبي ، وهو قول سفيان الثوري ومحمد بن الحسن والصحيح من قول الشافعي ، وهو قول داود وغيره من أصحاب الحديث . قال أبو محمد : وقال من لا يبالي بما أطلق به لسانه : إن حديث عمر - الذي لا يصح - ناسخ لحديث أنس - الذي لا يثبت غيره في معناه - قال : لأن حديث أنس كان متصلا بنزول الآية . قال علي : وهذا هو الكذب بعينه وقفا ما لا علم له به ، ولو صح حديث عمر فمن له أنه كان بعد نزول الآية ؟ ولعله كان قبل نزولها ، فإذ ذلك ممكن هكذا فلا يجوز القطع بأحدهما ، ولا يجوز ترك يقين ما جاء به القرآن وبينه رسول الله ﷺ إثر نزول الآية لظن كاذب في حديث لا يصح ، مع أن الحديثين الثابتين اللذين رويناهما : أحدهما عن الأعمش عن ثابت بن عبيد عن القاسم بن محمد { عن عائشة أن رسول الله ﷺ قال لها : ناوليني الخمرة من المسجد قالت فقلت : إنني حائض فقال رسول الله ﷺ إن حيضتك ليست في يدك } . وروينا الآخر من طريق يحيى بن سعيد القطان عن يزيد بن كيسان وأبي حازم عن أبي هريرة { أن رسول الله ﷺ كان في المسجد فقال : يا عائشة ناوليني الثوب ، فقالت إني حائض ، فقال : إن حيضتك ليست في يدك } فهما دليل أن لا يجتنب إلا الموضع الذي فيه الحيضة وحده ، وبالله تعالى التوفيق .

261 - مسألة : ودم النفاس يمنع ما يمنع منه دم الحيض . هذا لا خلاف فيه من أحد ، حاشا الطواف بالبيت ، فإن النفساء تطوف به ، لأن النهي ورد في الحائض ولم يرد في النفساء { وما كان ربك نسيا } ثم استدركنا فرأينا أن النفاس حيض صحيح ، وحكمه حكم الحيض في كل شيء { لقول رسول الله ﷺ لعائشة أنفست ؟ قالت نعم } فسمى الحيض نفاسا . وكذلك الغسل منه واجب بإجماع .


262 - مسألة : وجائز للحائض والنفساء أن يتزوجا وأن يدخلا المسجد وكذلك الجنب ، لأنه لم يأت نهي عن شيء من ذلك ، وقد قال رسول الله ﷺ { المؤمن لا ينجس } وقد كان أهل الصفة يبيتون في المسجد بحضرة رسول الله ﷺ وهم جماعة كثيرة ولا شك في أن فيهم من يحتلم ، فما نهوا قط عن ذلك . وقال قوم : لا يدخل المسجد الجنب والحائض إلا مجتازين ، هذا قول الشافعي وذكروا قول الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا } فادعوا أن زيد بن أسلم أو غيره قال معناه لا تقربوا مواضع الصلاة . قال علي : ولا حجة في قول زيد ، ولو صح أنه قاله لكان خطأ منه ، لأنه لا يجوز أن يظن أن الله تعالى أراد أن يقول لا تقربوا مواضع الصلاة فيلبس علينا فيقول : { لا تقربوا الصلاة } وروي أن الآية في الصلاة نفسها عن علي بن أبي طالب وابن عباس وجماعة . وقال مالك : لا يمرا فيه أصلا ، وقال أبو حنيفة وسفيان لا يمرا فيه ، فإن اضطرا إلى ذلك تيمما ثم مرا فيه . واحتج من منع من ذلك بحديث رويناه من طريق أفلت بن خليفة عن جسرة بنت دجاجة عن عائشة { أن رسول الله ﷺ قال لأصحابه : وجهوا هذه البيوت عن المسجد فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب } ، وآخر رويناه من طريق ابن أبي غنية عن أبي الخطاب الهجري عن محدوج الهذلي عن جسرة بنت دجاجة حدثتني أم سلمة { أن رسول الله ﷺ نادى بأعلى صوته : ألا إن هذا المسجد لا يحل لجنب ولا حائض إلا للنبي وأزواجه وعلي وفاطمة } . وخبر آخر رويناه عن عبد الوهاب عن عطاء الخفاف عن ابن أبي غنية عن إسماعيل عن جسرة بنت دجاجة عن أم سلمة ، قال رسول الله ﷺ : { هذا المسجد حرام على كل جنب من الرجال وحائض من النساء إلا محمدا وأزواجه وعليا وفاطمة } . وخبر آخر رويناه من طريق محمد بن الحسن بن زبالة عن سفيان بن حمزة عن كثير بن زيد عن المطلب بن عبد الله { أن رسول الله ﷺ لم يكن أذن لأحد أن يجلس في المسجد ولا يمر فيه وهو جنب إلا علي بن أبي طالب } . قال علي : وهذا كله باطل : أما أفلت فغير مشهور ولا معروف بالثقة ، وأما محدوج فساقط يروي المعضلات عن جسرة ، وأبو الخطاب الهجري مجهول ، وأما عطاء الخفاف فهو عطاء بن مسلم منكر الحديث ، وإسماعيل مجهول ، ومحمد بن الحسن مذكور بالكذب ، وكثير بن زيد مثله ، فسقط كل ما في هذا الخبر جملة . حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا البخاري ثنا عبيد بن إسماعيل ثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين { أن وليدة سوداء كانت لحي من العرب فأعتقوها فجاءت إلى رسول الله ﷺ فأسلمت فكان لها خباء في المسجد أو حفش } . قال علي : فهذه امرأة ساكنة في مسجد النبي ﷺ والمعهود من النساء الحيض فما منعها عليه السلام من ذلك ولا نهى عنه ، وكل ما لم ينه عليه السلام عنه فمباح وقد ذكرنا عن رسول الله ﷺ قوله : { جعلت لي الأرض مسجدا } ولا خلاف في أن الحائض والجنب مباح لهما جميع الأرض ، وهي مسجد ، فلا يجوز أن يخص بالمنع من بعض المساجد دون بعض ، ولو كان دخول المسجد لا يجوز للحائض لأخبر بذلك عليه السلام عائشة ، إذ حاضت فلم ينهها إلا عن الطواف بالبيت فقط ، ومن الباطل المتيقن أن يكون لا يحل لها دخول المسجد فلا ينهاها عليه السلام عن ذلك ويقتصر على منعها من الطواف . وهذا قول المزني وداود وغيرهما ، وبالله تعالى التوفيق .