→ غزوة وادي القرى | السيرة الحلبية عمرة القضاء علي بن برهان الدين الحلبي |
غزوة مؤتة ← |
أي ويقال لها عمرة القضية
أي لأن رسول الله ﷺ قاضى قريشا عليها، أي صالحهم عليها، ومن ثم قيل لها عمرة الصلح، ويقال لها عمرة القصاص. قال السهيلي رحمه الله: وهذا الاسم أولى بها، لقوله تعالى {الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص} قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: فتحصل من أسمائها أربعة: القضاء، والقضية، والصلح، والقصاص: أي لأنها كانت في شهر ذي القعدة من السنة السابعة، أي وهو الشهر الذي صدّه فيه المشركون عن البيت منها سنة ست، وليست قضاء عن العمرة التي صدّ عن البيت فيها. فإنها لم تكن فسدت بصدهم له عن البيت، بل كانت عمرة تامة معدودة في عمره التي اعتمرها بعد الهجرة، وهي أربعة: عمرة الحديبية، وعمرة القضاء، وعمرة الجعرّانة لما قسم غنائم حنين، والعمرة التي قرنها مع حجه في حجة الوداع بناء على ما هو الراجح من أنه كان قارنا، ولكنها في ذي القعدة إلا التي كانت مع حجه.
وقد مكث في مكة ثلاث عشرة سنة لم ينقل عنه أنه اعتمر خارجا من مكة إلى الحلّ في تلك المدة أصلا، ولم يفعل هذا على عهده إلا عائشة «رضي الله ع» كما سيأتي في حجة الوداع.
وكون العمرة لا تفسد بالصدّ إنما هو على ما يراه إمامنا الشافعي «رضي الله ع». أما على من يرى أن العمرة تفسد بالصدّ عنها، وأنه يجب قضاؤها كما هو المنقول عن أبي حنيفة «رضي الله ع»، فواضح أنها قضاء، وهذه العمرة ليست من الغزوات، وإنما ذكرها البخاري فيها، لأنه خرج مستعدا بالسلاح للمقاتلة خشية أن يقع من قريش غدر، وليس من لازم الغزو وقوع المقاتلة، ومن ثم قيل لها غزوة الأمن.
وخرج رسول الله ﷺ قاصدا مكة للعمرة على ما عاقد عليه قريشا في الحديبية، أي من أنه يدخل مكة في العام القابل معه سلاح المسافر ولا يقيم بها أكثر من ثلاثة أيام.
وفي أنس الجليل ما يفيد أن اشتراط الثلاثة أيام كان في عمرة القضاء، ففيه: ثم خرج رسول الله ﷺ معتمرا عمرة القضاء، فأبى أهل مكة أن يدعوه يدخل مكة حتى قاضاهم على أن يقيم ثلاثة أيام، وأن لا يخرج من أهلها أحد إن أراد أن يتبعه، وأن لا يمنع من أصحابه أحدا أن يقيم بها وأصحابه كانوا ألفين، أي وأمر أن لا يتخلف عنه أحد ممن شهد الحديبية، فلم يتخلف أحد إلا من استشهد في خيبر ومن مات، وخرج معه جمع ممن لم يشهد الحديبية، واستخلف على المدينة أبا ذر الغفاري وقيل غيره، وساق ستين بدنة وقلدها: أي جعل في عنق كل بعير قطعة من جلد أو نعلا بالية ليعلم أنه هدي فيكف الناس عنه، ولم يذكر هنا الإشعار، أي وجعل عليها ناجية ابن جندب.
قال: وحمل رسول الله ﷺ والدروع والرماح، وقاد مائة فرس عليها محمد بن مسلمة «رضي الله ع»، أي وعلى السلاح يشير بوزن أمير ابن سعد، وأحرم من باب المسجد، فلما انتهى إلى ذي الحليفة قدم الخيل أمامه فقيل: يا رسول الله حملت السلاح وقد شرطوا أن لا ندخلها عليهم بسلاح إلا بسلاح المسافر السيوف في القرب، فقال رسول الله ﷺ: لا ندخل عليهم الحرم بالسلاح ولكن يكون قريبا منا، فإن هاجنا هيج من القوم كان السلاح قريبا منا، فمضى بالخيل محمد بن مسلمة، فلما كان بمر الظهران وجد نفرا من قريش فسألوه، فقال: هذا رسول الله ﷺ يصبح هذا المنزل غدا إن شاء الله، أي وقد رأوا سلاحا كثيرا، فخرجوا سراعا حتى أتوا قريشا فأخبروهم بالذي رأوا من الخيل والسلاح، ففزعت قريش وقالوا: ما أحدثنا حدثا، وإنا على كتابنا ومدتنا ففيم يغزونا محمد في أصحابه.
ثم إن قريشا بعثت مكرز بن حفص في نفر من قريش إليه، فقالوا والله يا محمد ما عرفت صغيرا ولا كبيرا بالغدر، تدخل بالسلاح في الحرم على قومك وقد شرطت عليهم أن لا تدخل إلا بسلاح المسافر السيوف في القرب، فقال: إني لا أدخل عليهم بسلاح، فقال مكرز: هو الذي تعرف به البرّ والوفاء، ثم رجع مكرز إلى مكة سريعا وقال: إن محمدا لا يدخل بسلاح وهو على الشرط الذي شرط لكم انتهى.
فلما اتصل خروجه لقريش خرج كبراؤهم من مكة حتى لا يروه يطوف بالبيت وهو وأصحابه عداوة وبغضا وحسدا لرسول الله، فدخل رسول الله ﷺ وأصحابه مكة، أي راكبا ناقته القصواء وأصحابه محدقون به، قد توشحوا السيوف يلبون، ثم دخل من الثنية التي تطلعه على الحجون وهي ثنية كداء بالمد، أي وكان إذا دخل مكة قال: اللهم لا تجعل منيتنا بها، يقول ذلك من حين يدخل حتى يخرج منها، أي وجعل في بطن ناجح، موضع قريب من الحرم، وتخلف عنده جمع من المسلمين؛ أي نحو مائتين من أصحابه عليهم أوس بن خولي، وقعد جمع من المشركين بجبل قينقاع ينظرون إليه وإلى أصحابه وهم يطوفون بالبيت، وقد قالوا: أي كفار قريش: إن المهاجرين أوهنتهم: أي أضعفتهم حمى يثرب. وفي لفظ قالوا: يقدم عليكم قوم قد وهنتهم حمى يثرب، فأطلع الله نبيه على ما قالوا، ثم قال: رحم الله امرأ أراهم من نفسه قوة فأمر أصحابه أن يرملوا الأشواط الثلاثة، أي ليروا المشركين أن لهم قوة: أي فعند ذلك قال المشركون؛ أي قال بعضهم لبعض: هؤلاء الذين زعمتم أن الحمى قد وهمتهم، هؤلاء أجلد من كذا، إنهم لينفرون: أي يثبون نفر الظبي: أي الغزال، وإنما لم يأمرهم بالرمل في الأشواط كلها رفقا بهم، واضطبع بردائه وكشف عضده اليمنى ففعلت الصحابة «رضي الله ع» كذلك، وهذا أوّل رمل واضطباع في الإسلام.
وأقام وأصحابه ثلاثة أيام، فلما تمت الثلاثة التي هي أمد الصلح جاء حويطب بن عبد العزى ومعه سهيل بن عمرو «رضي الله ع» ـ فإنهما أسلما بعد ذلك ـ إلى رسول الله ﷺ يأمرانه بالخروج هو وأصحابه من مكة، فقالوا: نناشدك الله والعقد إلا ما خرجت من أرضنا فقد مضت الثلاث، فخرج رسول الله ﷺ هو وأصحابه منها، وكان تزوج ميمونة بنت الحارث الهلالية «رضي الله ع»؛ أي وكان اسمها برة فسماها رسول الله ﷺ ميمونة وهي أخت أم الفضل زوج العباس «رضي الله ع»، وأخت أسماء بنت عميس لأمها زوج حمزة «رضي الله ع»، وكان تزوجه ميمونة قبل أن يحرم بالعمرة، وقيل بعد أن أحلّ منها، وقيل وهو محرم، أي وهو ما رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس «رضي الله ع»، ورواه الدارقطني من طريق ضعيف عن أبي هريرة «رضي الله ع»، فإنه كان قد بعث إليها جعفرا «رضي الله ع» ليخطبها، ولما انتهت إليها خطبة النبي ﷺ كانت على بعيرها، فقالت: البعير وما عليه لله ولرسوله، أي ومن ثم قيل إنها التي وهبت نفسها للنبي. وقيل جعلت أمرها إلى العباس بن عبد المطلب عمّ رسول الله، أي وقيل جعلت أمرها لأم الفضل أختها فجعلت أمّ الفضل أمرها للعباس فزوجها العباس وأصدقها عنه أربعمائة درهم، ولا مانع من نكاحه وهو محرم، فإن من خصائصه حلّ عقد النكاح في الإحرام.
أي وفي كلام السهيلي، كان من شيوخنا من يتأول قول ابن عباس: تزوجها محرما: أي في الشهر الحرام وفي البلد الحرام، ولم يرد الإحرام بالحج، أي كما أراد ذلك الشاعر بقوله في عثمان بن عفان «رضي الله ع»:
قتلوا ابن عفان الخليفة محرما ** ورعا لم أر مثله مقتولا
أي في شهر حرام، فإنه قتل في أيام التشريق هذا كلام السهيلي.
قال ابن كثير رحمه الله: وفيه نظر لأن الروايات عن ابن عباس «رضي الله ع» متضافرة بخلاف ذلك التي منها تزوجها وهو محرم هذا كلامه.
وعن ابن المسيب: غلط ابن عباس، أو قال: وهم ابن عباس، ما تزوجها النبي ﷺ إلا وهو حلال، ومن ثم روى الدارقطني عن عكرمة عن ابن عباس «رضي الله ع»، أن رسول الله ﷺ تزوج ميمونة وهو حلال، قال السهيلي: فهذه الرواية عن ابن عباس موافقة لرواية غيره، فقف عليها فإنها غريبة عن ابن عباس.
وذكر بعض فقهائنا «أنه وكل أبا رافع «رضي الله ع» في نكاح ميمونة «رضي الله ع»» وفي بعض السير، وعن أبي رافع قال «تزوج رسول الله ﷺ ميمونة وهو حلال وبنى بها وهو حلال، وأنا الرسول بينهما» رواه البيهقي والترمذي والنسائي، وأراد أن يبني بها في مكة فلم يمهلوه يبني بها، قال: وقد قال لهم «ما عليكم لو تركتموني فأعرست بين أظهركم، فصنعت لكم طعاما؟ فقالوا: لا حاجة لنا في طعامك، اخرج عنا من أرضنا، هذه الثلاثة قد مضت» وفي لفظ «قال لهم: إني قد نكحت فيكم امرأة فما يضركم أن مكثت حتى أدخل بها وأصنع الطعام فنأكل وتأكلون معنا» وفي رواية «جاءوا إليه في قبته التي نصبها بالأبطح، وذلك وقت الظهر، وقيل وقت الصبح» ولا مخالفة لجواز مجيئهم له في الوقتين. وعند مجيئهم له كان مع الأنصار يتحدث مع سعد بن عبادة، فصاح حويطب: ناشدتك الله والعقد إلا ما خرجت من أرضنا فقد مضت الثلاث، فغضب سعد بن عبادة «رضي الله ع» لما رأى من غلظ كلامهم للنبي، فقال لذلك القائل: كذبت لا أمّ لك، ليست بأرضك ولا أرض آبائك، أي وفي لفظ قال: يا عاضّ بظر أمه أرضك وأرض أمك دونه، ليست بأرضك ولا أرض آبائك، والله لا يبرح منها إلا طائعا راضيا، فتبسم رسول الله، وقال: يا سعد لا تؤذ قوما زارونا في رحالنا، وأسكت الفريقين. ثم إنه أمر أبا رافع «رضي الله ع» أن ينادي بالرحيل ولا يمسي بها أحد من المسلمين وخلف أبا رافع ليأتي له بميمونة حين يمسي، فخرج بها، ولقيت ميمونة «رضي الله ع» من سفهاء مكة عناء.
فعن أبي رافع «رضي الله ع»: لقينا عناء من أهل مكة من سفهاء المشركين من أذى ألسنتهم للنبي ولميمونة، فقلت لهم: ما شئتم، هذه والله الخيل والسلاح ببطن ناجح وأنتم تريدون نقض العهد والمدة، فولوا راجعين منكسين، وأقام بسرف بكسر الراء: وهو محل بين مساجد عائشة وبطن مرو، وهو أقرب إلى مساجد عائشة، وفيه دخل بميمونة: أي تحت شجرة هناك، وكان محل موتها ودفنها، دفنت فيه بعد ذلك، فإنه أخبرها بأنها لا تموت بمكة، فلما ثقل عليها المرض وهي بمكة قالت: أخرجوني من مكة فإني لا أموت بها، فإن رسول الله ﷺ أخبرني بذلك، فحملوها حتى أتوا بها ذلك الموضع فماتت به ودفنت به، أي وهي آخر امرأة تزوجها رسول الله ﷺ وآخر من توفي من أزواجه ورضي عنهن.
وحين دخوله مكة أخذ عبدالله بن رواحة «رضي الله ع» بغرزه: أي ركابه أي وقيل بزمام الناقة، وهو «رضي الله ع» وعنا وعن المسلمين يقول من أبيات:
خلوا بني الكفار عن سبيله ** خلوا فكلّ الخير في رسوله
قد أنزل الرحمن في تنزيله ** بأن خير القتل في سبيله
فاليوم نضربكم على تأويله ** كما ضربناكم على تنزيله
وفي لفظ:
نحن قتلناكم على تأويله ** كما قتلناكم على تنزيله
وما قيل:
نحن قتلناكم على تأويله ** كما ضربناكم على تنزيله
ضربا يزيل الهام عن مقيله ** أو يذهل الخليل عن خليله
قال عمار بن ياسر يوم صفين: لا يمنع أن يكون ذلك من كلام ابن رواحة «رضي الله ع» وتمثل به عمار «رضي الله ع».
أي وأما ما روي أنه قال: أنا أقاتل على تنزيل القرآن وعليّ يقاتل على تأويله، فقال فيه الدارقطني رحمه الله تفرد به بعض الرافضة.
قال: وذكر أن عمر بن الخطاب «رضي الله ع» قال: مه يا ابن رواحة بين يدي رسول الله ﷺ وفي حرم الله تقول الشعر؟ فقال رسول الله ﷺ: خلّ عنه يا عمر، فلهو أسرع فيهم من نضح النبل.
وذكر أنه قال: إيها يا بن رواحة: «قل لا إله إلا الله وحده. صدق وعده. ونصر عبده. وأعز جنده. وهزم الأحزاب وحده» فقالها وقالها الناس، أي وفي الإمتاع: وكان ابن رواحة يرتجز في طوافه وهو آخذ بزمام الناقة، فقال "عليه الصلاة والسلام: إيها يا ابن رواحة «قل: لا إله إلا الله وحده. صدق وعده. ونصر عبده. وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده» فقالها وقالها الناس، وطاف على راحلته، واستلم الحجر بمحجنه.
وذكر أنه دخل البيت، فلم يزل به حتى أذن بلال الظهر فوق ظهر الكعبة، فقال عكرمة بن أبي جهل: لقد أكرم الله تعالى أبا الحكم: يعني والده أبا جهل، حيث لم يسمع هذا العبد يقول ما يقول. وقال صفوان بن أمية: الحمد لله الذي أذهب أبي قبل أن يرى هذا، وقال خالد بن أسيد: الحمد لله الذي أذهب أبي ولم يشهد هذا اليوم، حيث يقوم بلال ينهق فوق الكعبة، وسهيل بن عمرو لما سمع ذلك غطى وجهه، وكل هؤلاء أسلموا بعد ذلك «رضي الله ع».
قال بعضهم: وكون ما ذكر: أي من دخوله داخل الكعبة وأذان بلال «رضي الله ع» فوق ظهرها كان في عمرة القضاء خلاف المشهور، إذ المشهور أن ذلك كان في يوم الفتح، ويدلّ لذلك ما قيل: لم يدخل الكعبة وأنه أراد ذلك فأبوا وقالوا لم يكن في شرطك، فأمر بلال فأذن فوق ظهر الكعبة مرة واحدة ولم يعد بعدها، قال الواقدي: في هذا القيل إنه أثبت.
أقول: ويؤيد الأول ما جاء «دخلت الكعبة ولو استقبلت من أمري ما استدبرت ما دخلتها، إني أخاف أن أكون قد شققت على أمتي من بعدي» أي لاتخاذهم ذلك سنة، إلا أن يقال يجوز أن يكون ذلك كان منه يوم فتح مكة، وينبغي أن يكون هذا من أعلام النبوة، فإن الناس يحصل لهم من التعب بسبب دخولها سيما زمن الموسم ما لا يعبر عنه من المتاعب والأمور الفظيعة، والله أعلم.
ثم سعى بين الصفا والمروة، أي وأوقف الهدي عند المروة، وقال «هذا المنحر وكل فجاج مكة منحر فنحر عندها وحلق» ولم أقف على من حلق رأسه الشريف في هذه العمرة. ثم رأيته في الإمتاع قال: حلقه معتمر بن عبدالله العدوي وفعل كفعله المسلمون، أي ومن لم يجد منهم بدنة رخص له في البقرة، وكان قدم رجل مكة ببقر فاشتراه الناس منه، وأمر من تحلل أن يذهب إلى السلاح ويأتي آخرون فيقضوا نسكهم ففعلوا.
ولما خرج رسول الله ﷺ من مكة تبعته عمارة، أي وقيل اسمها أم أبيها، وقيل أمامة، وقيل أمة الله، قال ابن عبد البر: والمثبت أمامة، وأمها سلمى بنت عميس بنت عمه حمزة «رضي الله ع» تنادي: يا عم يا عم، أي في لفظ: أن أبا رافع خرج بها فتناولها علي كرم الله وجهه؛ فأخذ بيدها وقال لفاطمة: دونك ابنة عمك، فلما وصلوا المدينة اختصم فيها عليّ وأخوه جعفر وزيد بن حارثة «رضي الله ع»، فقال زيد بن حارثة «رضي الله ع»: أنا أحق بها، لأنها بنت أخي أي وأنا وصيه، لأنه آخى بين حمزة وزيد، أي وجعل حمزة «رضي الله ع» وصيه. وقال علي كرم الله وجهه: أنا أحق بها لأنها ابنة عمي وجئت بها من مكة. وقال جعفر «رضي الله ع»: أنا أحق بها لأنها بنت عمي وخالتها تحتي، أي وهي أسماء بنت عميس فقضى بها لجعفر «رضي الله ع»، وقال «الخالة بمنزلة الأم» هذا.
وفي الإمتاع «وكلم علي بن أبي طالب كرم الله وجهه رسول الله ﷺ في عمارة بنت حمزة «رضي الله ع»، وكانت مع أمها سلمى بنت عميس بمكة، فقال: علام نترك بنت عمنا يتيمة بين أظهر المشركين؟ وإنه لما قضى بها لجعفر «رضي الله ع» حجل جعفر حول النبي ﷺ فقال: ما هذا يا جعفر؟ فقال: يا رسول الله كان النجاشي إذا أرضى أحد قام فحجل حوله، وفيه أنه فعل مثل ذلك بخيبر. وما بالعهد من قدم. إلا أن يقال يجوز أن يكون في خيبر فعل ذلك ولم يره النبي. وفي لفظ «لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها» وفيه تقديم الخالة في الحضانة على العمة، لأن عمتها صفية «رضي الله ع» كانت موجودة، وقال لعلي كرم الله وجهه في هذا الموطن «أنت أخي وصاحبي» وفي لفظ «أنت مني وأنا منك» وقال لجعفر «رضي الله ع» «أشبهت خلقي وخلقي» أي وقد تقدم منه ذلك له في خيبر، وقال لزيد «رضي الله ع» «أنت أخي ومولاي» وفي لفظ «أنت مولى الله ومولى رسوله ».