وقيل كرز بن جابر «رضي الله ع» وعليه الأكثرون. ومن ثم اقتصر عليه الحافظ الدمياطي، أي وقيل جرير بن عبد الله البجلي. ورد بأن إسلام جرير بن عبد الله المذكور كان بعد هذه السرية بنحو أربع سنين ( ) إلى العرنيين.
وسببها أنه قدم على رسول الله ﷺ نفر: أي ثمانية من عرينة، وقيل أربعة من عرينة وثلاثة من عكل، والثامن من غيرهما مسلمين، نطقوا بالشهادتين، كانوا مجهودين قد كادوا يهلكون أي لشدة هزالهم وصفرة ألوانهم وعظم بطونهم، وقالوا: يا رسول الله آونا وأطعمنا، فأنزلهم عنده: أي بالصفة ثم قال لهم: أي بعد أن ذكروا له أن المدينة وبئة وخمة، وأنهم أهل ضرع ولم يكونوا أهل ريف: لو خرجتم إلى ذود لنا: أي لقاح وكانت خمسة عشر فشربتم من ألبانها وأبوالها، أي لأن في لبن اللقاح جلاء وتليينا وإدرارا وتفتيحا للسدد، فإن الاستسقاء وعظم البطن إنما ينشأ عن السدد وآفة الكبد. ومن أعظم منافع الكبد لبن اللقاح، لا سيما إن استعمل بحرارته التي يخرج بها من الضرع مع بول الفصيل مع حرارته التي يخرج بها ففعلوا ثم لما صحت أجسامهم كفروا بعد إسلامهم، وقتلوا راعيها وهو يسار مولى النبي، ومثلوا به: أي قطعوا يديه ورجليه، وغرزوا الشوك في لسانه وعينيه حتى مات واستاقوا اللقاح.
وفي لفظ أنهم ركبوا بعضها واستاقوها، فأدركهم يسار ومعه نفر، فقاتلهم فقطعوا يده ورجله، الحديث.
وبلغه الخبر، فبعث في آثارهم عشرين فارسا، واستعمل عليهم من تقدم، وأرسل معهم من يقص آثارهم، فأدركوهم فأحاطوا بهم فأسروهم ودخلوا بهم المدينة فأمر بهم رسول الله ﷺ فقطعت أيديهم وأرجلهم وسملت أعينهم: أي غورت بمسامير محماة بالنار، وألقوا بالحرة: أي وهي أرض ذات حجارة سود كأنها أحرقت بالنار، يستسقون فلا يسقون. قال أنس «رضي الله ع»: ولقد رأيت أحدهم يكدم الأرض بفيه من العطش ليجد بردها لما يجده من شدة العطش حتى ماتوا على حالهم ( ) وأنزل الله فيهم: {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله} الآية، ولم يقع بعد ذلك أنه سمل عينا. وفي لفظ أنهم لما أسروا ربطوهم وأردفوهم على الخيل حتى قدموا بهم المدينة. وكان رسول الله ﷺ بالغابة، فخرجوا بهم نحوه، فلقوه بمجمع السيول، فأمر بهم فقطعت أيديهم وأرجلهم، وسملت أعينهم، وصلبوا هنالك، وأنه فقد من اللقاح لقحة تدعى الحفياء، فسأل عنها، فقيل نحروها، كذا في سيرة الحافظ الدمياطي، وقدم فيها هذه السرية على سرية عمرو بن أمية الضمري «رضي الله ع».