عبد السلام محمد عارف، الرئيس الأول للجمهورية ألعراقية وثاني حاكم أو رئيس دولة أثناء النظام الجمهوري سبقه الفريق نجيب الربيعي رئيس مجلس السيادة، ولد في 21 مارس، 1921 في مدينة بغداد، فترة الحكم 1963-1966 . لعب دورا هاماً في السياسة العراقية والعربية في ظروف دولية معقدة إبان الحرب الباردة بين المعسكرين الغربي والشرقي وشغل منصب أول رئيس للجمهورية العراقية من 8 فبراير 1963 إلى 14 ابريل 1966 بعد ان كان هذا المنصب معلقا منذ حركة 14 يوليو 1958 التي أطاحت بالنظام الملكي .
أصبح بعد نجاح الحركة الرجل الثاني في الدولة بعد العميد عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء وشريكة في الثورة فتولى منصبي نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية وهو برتبة عقيد أركان حرب، ثم حصل خلاف بينه وبين رئيس الوزراء عبد الكريم قاسم جعله يعفي عارف من مناصبه ، وابعد بتعينه سفيراً للعراق في ألمانيا الغربية ، وبعدها لفقت له تهمة محاولة قلب نظام الحكم ، فحكم عليه بالإعدام ثم خفف إلى السجن المؤبد ثم الإقامة الجبرية لعدم كفاية الأدلة. في حركة 8 فبراير / شباط 1963 التي خطط لها ونفذها حزب البعث العربي الاشتراكي بالتعاون مع التيار القومي وشخصيات مدنية وعسكرية مستقلة ، اختير رئيساً للجمهورية برتبة مشير( مهيب) ، فكان له ان أصبح أول رئيس للجمهورية العراقية .
ولد الرئيس عارف في 21 مايو 1921 في بغداد من عائلة مرموقة تعمل في تجارة الاقمشة متحدرة من منطقة خان ضاري احدى ضواحي الفلوجة وكان جده شيخ عشيرة الجُميللات وخاله الشيخ ضاري أحد قادة ثورة العشرين ضد الاحتلال البريطاني بعد الحرب العالمية الاولى. نشأ في بغداد وأكمل دراسته الابتدائية والثانوية عام 1934.
التحق بالكلية العسكرية التي تخرج فيها عام 1941 برتبة ملازم ثان . من ثوار ثورة مايو/ مايس 1941 ضد الحكومه الخاضعة للاحتلال البريطاني ابان الحرب العالمية الثانية بقيادة رشيد عالي الكيلاني باشا رئيس الوزراء والعقداء الاربعة الملقبين ب"المربع الذهبي" العقيد صلاح الدين الصباغ والعقيد فهمي سعيد والعقيد كامل الشبيبي والعقيد محمود سليمان ، نقل إلى البصرة بعد الاطاحة بحكومة الثورة حتى عام 1944. نقل إلى الناصرية عام 1944 . اختير عام 1946 مدربا في الكلية العسكرية التي لم يكن يقبل فيها إلا الأوائل ومن المعروفين بروح القيادة والمهنية العالية . نقل إلى كركوك عام 1948 ومنها سافر إلى فلسطين . اشترك في حرب فلسطين الأولى عام 1948. عند عودته من حرب فلسطين أصبح عضواً في القيادة العامة للقوات المسلحة عندما أصبح الفريق نور الدين محمود رئيسا لأركان الجيش. نقل عام 1950 إلى دائرة التدريب والمناورات .
عام 1951، التحق بدورة القطعات العسكرية البريطانية في دسلدورف بألمانيا الغربية للتدريب وبقي فيها بصفة ضابط ارتباط ومعلم اقدم للضباط المتدربين العراقيين ، حتى عام 1956. عند عودته من ألمانيا نقل إلى اللواء التاسع عشر عام 1956. بُلّغ بالسفر إلى المفرق ليكون على اهبة الاستعداد لإسناد القطعات الاردنيه إمام التهديدات الإسرائيلية التي كانت سبباً في الاطاحة بالنظام الملكي عام 1958. انظم إلى " تنظيم الضباط الوطنيين " عام 1958 ودعا إلى خليته الزعيم العميد عبد الكريم قاسم ، وكان عارف من المساهمين الفاعلين في التحضير والقيام بحركة 14 يوليو 1958 حيث أوكلت إليه تنفيذ ثلاثة عمليات صبيحة الحركة ادت إلى سقوط النظام الملكي .
كان يفضل صفة الثائر على صفة الرئيس. فهو يتسم بشخصية كاريزمية مؤثرة في الاحداث وذو عاطفة وانفعال اثرتا على الكثير من مواقفه الوطنية والقومية وقد اسيء بسبب ذلك فهم مقاصده. تطورت شخصيته القيادية على مرحلتين :
المرحلة الاولى بعد حركة 1958 حيث عرفت سياسته بالعفوية والبساطة والثورية شبيه إلى حد كبير بشخصية القائد الليبي معمر القذافي في بداية ثورة الفاتح وكثيرا ما كان يحي صديق قديم او شراء بعض متطلبات العائلة عند عودته من عمله وهو في سيارته الرسمية ، او القاء الخطب المرتجلة التي اثارت الكثير من الجدل والتي كان يتفاخر فيها بدوره الرئيسي في تنفيذ حركة 14 يوليو /تموز . فجراء قيامة بصفحة التنفيذ المباشر لحركة يوليو تموز 1958 ، تغيرت شخصيته كثيرا وحاول محاكاة شخصيات القادة والحكام الثوريين وكانت صيحة العصر في مرحلة نشأته في الاربعينيات والخمسينيات ، هي لغة الخطابة الحماسية لذلك النموذج من القادة من امثال كاسترو وستالين وموسوليني وكذلك هتلر علاوة على القادة العرب المؤثرون الذين في بداياتهم سلكوا نفس الخطى في تبني لفة الحماسة في الخطابات المرتجلة كالملك غازي الذي عرف بخطاباته الرنانة التي كان يلقيها من محطة اذاعة خاصة به في قصر الزهور وجمال عبد الناصر والحبيب برقيبة وشكري القوتلي وحسني الزعيم وقادة ثورة الجزائر كأحمد بن بيلا.
اصيب عارف خلال الشهر الاول بعد نجاحه بقلب نظام الحكم الملكي بحالة من الخيلاء بسبب دوره في الحركة جعلته ولو مؤقتا ينفرد باللقاءات الصحفية والقاء الخطب الحماسية ، كما ان هواجسه من كتلة عبد الكريم قاسم بدأت تتعاظم حول بداية قاسم لابعاد الشخصيات الوطنية والقومية وباقي اعضاء تنظيم الضباط الوطنيين وتقربه من التيارات الشيوعية والماركسية ، وهكذا بدات تتفاقم الهواجس الاخرى جراء التناقض الايديولوجي بين الكتلتين في الحكم ، ذلك الصراع الذي انتهى باقصاء عارف وكتلته القومية واحالته إلى المحكمة الخاصة وسجنه ، والتي خلالها واجه حملات التشهير والنقد اللاذع على اسلوبه في بداية الثورة وخطبه الارتجالية ، الامر الذي ادى به إلى تغير ملحوظ في شخصيته التي تركت الاحداث والهواجس بصماتها عليها فاصبح أكثر حذرا واقل ظهورا امام الرأي العام واكثر هدوءً وعمقا في الاحاديث السياسية والفكرية.
المرحلة الثانية بعد توليه الرئاسه عام 1963 حيث عرف بشخصية متوازنة ومؤثرة ، حيث اصبح أكثر عمقا وتفهما للسياسة المحلية والدولية ، وبدأ يطرح مبادئه وايديولوجياته عن الاشتراكية الاسلامية ، وكذلك عن عدم امكانية تحقيق الوحدة العربية مالم تتحقق الوحدة الوطنية لكل قطر عربي.
انتمى للتيار العربي المستقل منذ بداياته في الجيش مثأثرا بالشعارات العربية لثورة ايار/ مايس 1941 وامن بالوحدة العربية التي تستند على الوحدة الوطنية. كماعرف بالتدين وبالنزاهة والتقشف على الرغم من تحدره من عائلة ميسورة.
وقد عرف الرئيس عارف بمهنيته العسكرية العالية وعرف ايضا اعجابه بالملك غازي والعقيد صلاح الدين الصباغ أحد قادة ثورة ايار/ مايس 1941.
واعجبه كثيرا التكتيك السياسي لاول انقلاب عسكري في الوطن العربي والذي قام به الفريق بكر صدقي باشا ضد رئاسة الوزراء العراقية عام 1936 مع الابقاء على الولاء للملك غازي . وكثيرا ما كان مع صديقه الرئيس المصري جمال عبد الناصر يدخل في نقاشات عسكريه وسياسيه حول انقلاب بكرصدقي وثورة ايار / مايس 1941ابان الحرب العالمية الثانية ومدى تاثر الضباط المصريين الاحرار بتكتيك انقلاب بكر صدقي والشعارات العربية لثورة مايو7ايار 1941 بقيادة رشيد عالي الكيلاني باشا ، عند تنفيذ ثورة يوليو/ تموز 1952 وبالكيفية التي ابقت على النظام الملكي لمصر وتعيين وصي على العرش بداية الثورة كما كان معمولا به في العراق بعد وفاة الملك غازي الاول عام 1939.
|
تحرير |
أطاحت حركة 14 يوليو/ تموز 1958 بالحكم الملكي الذي اختلف في تقييمه النقاد والمؤرخون كما اختلفوا بتسميتها ما بين الإنقلاب والثورة. ولكن الشيء الاكيد بان الحكم الملكي كان يحمل بين جنباته النقيضين: النزعة الوطنية من جهة وممالاة النفوذ البريطاني والمستعمر السابق ذو اليد الطولى في العراق والمنطقة من جهة ثانية . ويتجاذب هاذان النقيضان استناداً لاهواء هذا الملك او ذاك أو انتماءات وبرامج هذه الوزارة او تلك. ويمكن ان نقسم فترة حكم النظام الملكي إلى حقبتين متعارضتين في التوجهات السياسة والعقائدية والبنى الاستراتيجية فتمثلت " الحقبة الاولى- او المملكة العراقية الاولى " بزعامة الملكين فيصل الاول و غازي الاول بكونها فترة تأسيس الدولة العراقية وبناها التحتية وتميزت بالنزعة الوطنية والطموح لبناء دولة تستظيف عاصمة الخلافة بعد سقوطها في تركيا متنافسة مع الاسرة العلوية في مصر و الاسرة السعودية في الحجاز ومن اهداف هذه الدولة اعادة الوحدة مع الولايات العربية المنحلة عن الدولة العثمانية والتي تشكلت منها دولا حديثة ناقصة الاستقلال وقد عرف الملك فيصل الاول برجاحة عقلة ودبلوماسيتة وابتعاده عن المواقف الحادة في سياسته الداخلية والخارجية خصوصا مع الانجليز الا ان توجهات الملك غازي الاول 1933 – 1939 الوطنية والاكثر صرامة ومن ثم وزارة رشيد عالي الكيلاني باشا 1941 المناهضة للمد البريطاني كان لها الأثر والصدى لدى الشارع العراقي الذي أصيب بإحباط كبير عند دخول الجيش البريطاني وإسقاط الحكومة بغية تنفيذ استراتيجيات الحرب العالمية الثانية في العراق والمنطقة .
بعد خروج القوات البريطانية استهلت " الحقبة الثانية – او المملكة العراقية الثانية " ، بتشكيل نوري السعيد باشا لوزارته وهو المعروف بحنكته وشكيمته وبوطنيته وحبه للعراق وولائه لحكومة " صاحب الجلالة " البريطاني ، عاقدا العزم على تأسيس حلف يظم الوصي على العرش سمو الأمير عبد الإله الهاشمي وبعض مراكز القوى من الوزراء والشخصيات التي تمثل الطوائف والأعراق المختلفة.
تسلسلت الوزارات التي غلب عليها طابع الصراعات وممالاة القوى المنتصرة في الحرب العالمية الثانية وتنفيذ مصالحها . كما اتسمت حركة بناء البلد بوتيرة منخفضة عما كانت عليه في " الحقبة الاولى- او المملكة العراقية الاولى " . كما انعكست هذه السياسات والصراعات على المواقف العربية التي كانت تلعب دورا كبيرا في السياسة المحلية للأقطار العربية بسبب نشأتها الحديثة التي تأتت من انسلاخ هذه الأقطار عن وطن عربي واحد كان تحت الحكم العثماني على شكل ولايات وإمارات مرتبطة بالدولة المركزية في الأستانة ( اسطنبول). فبدأ الحكم الملكي يتخذ مواقف هدفها تنفيذ المصالح البريطانية في المنطقة على حساب مصالح بعض الدول العربية كعدم الجدية بالوقوف ضد تأسيس "إسرائيل " على ارض فلسطين وخسارة الحرب في 1948 ، ثم تشكيل حلف السنتو والوقوف ضد مصر في العدوان الثلاثي عليها وحملة العداء على سوريا والتوتر مع السعودية .
قامت نخبة من طلائع الضباط المستنيرين بتشكيل "تنظيم الضباط الوطنيين" الذي اسماه الاعلاميون لاحقا بتنظيم الضباط الاحرار اسوةً بتنظيم الضباط الاحرار في مصر. وقد انضم لهذا التنظيم العقيد عبد السلام عارف الذي طلب انضمام زميله العميد عبد الكريم قاسم الذي تردد التنظيم بضمه للتنظيم باديء الامر لاسباب تتعلق بمزاجيته وتطلعاته الفردية التي كان يعرفه بها زملائه من الضباط. وبسبب تأجيل تنظيم الضباط الوطنيين بالقيام بالحركة لاكثر من مرة اتفق عبد السلام عارف مع عبد الكريم قاسم وبالاتفاق مع بعض الضباط من اعضاء التنظيم وهم الفريق نجيب الربيعي والعميد ناظم الطبقجلي والعميد رفعت الحاج سري والعميد عبد الرحمن عارف والعقيد عبد الوهاب الشواف بالمبادرة للشروع بالتحرك للإطاحة بالحكم الملكي دون الرجوع للتنظيم ، مستغلين فرصة قيام الاتحاد الهاشمي وتحرك القطعات العراقية لاسناد الاردن ضد تهديدات إسرائيلية لقيام الاتحاد.
عند مرور القطعات ببغداد بقيادة اللواء احمد حقي الذي تجاوز بغداد مارا بالفلوجة القريبة نجح الضباط بالاطاحة بالنظام الملكي وقد تولى عبد السلام عارف بفاعلية وشجاعة قيادة القطعات الموكلة له منفذا ثلاث عمليات مهمة ادت إلى سقوط النظام الملكي فتوجه اولا إلى مركز اتصالات الهاتف المركزي "البدالة المركزية" وقام شخصيا بقطع الاتصالات بسحب كابلات الاتصالات ، ثم توجة إلى مقر الجيش وبعد تأمين السيطرة عليه توجه إلى استوديوهات "دار الاذاعة العراقية" وبعد السيطرة عليها اذاع بنفسه بيان الثورة. وكتب رسالته الشهيره لوالده عند الشروع بالحركة طالباً رضاه والدعاء له بتحقيق النصر او الدعاء له ليتقبله الله شهيدا في حالة وفاته ، اما العميد عبد الكريم قاسم فكان يدير العمليات من مقره في معسكر المنصورية في محافظة ديالى المتاخمة لبغداد.
اصبح بعد نجاح الثورة الرجل الثاني في الدولة بعد العميد عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء وشريكة في الثورة فتولى منصبي نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية وهو برتبة عقيد اركان حرب. يعتقد بعض المؤرخون انه ومنذ الأيام الأولى للحركة التي اطاحت بالنظام الملكي بدأ يظهر التناقض الفكري بين عارف وقاسم حيث كان هوى عارف مع التيار العربي المتدين في حين كان هوى قاسم مع التيار الشيوعي البعيد عن العروبة والتدين ، وعمق ذلك سياسات كل من الطرفين غير المتحفظة تجاه الطرف الأخر أدى إلى تسابق على زعامة الحركة بينهما بما يشير ذلك بأن أحدهما يجب ان يصفي الآخر في المستقبل القريب، وكان من مصلحة أطراف كثيرة آنذاك، داخلية وعربية ودولية استغلال هذا الخلاف وتعميقه بين قائدي الحركة.
حيث ما لبث ان حصل الخلاف بين عارف وقاسم بسبب تناقض انتماءات الطرفين وبسبب ما اعتبرة عبد السلام عارف تفرد العميد عبد الكريم قاسم بالحكم وعزل العراق عن محيطه العربي والاسلامي وكذلك بسبب بعض الاحداث المؤسفة في الموصل و كركوك التي كان مسؤولا عنها قاسم او المليشيات الشيوعية الملتفة حوله بسبب حركة العقيد عبد الوهاب الشواف الانقلابية وسلوكيات محكمة الثورة التي استهانت بالمتهمين واسغلت الحركة كذريعة لمحاكمة وتصفية خصوم قاسم من الاحرار والوطنيين مثل رشيد عالي الكيلاني باشا والعميد ناظم الطبقجلي وغيرهم و من جهة اخرى تعمق الخلاف بين الطرفين بسبب خطابات عارف العفوية والارتجالية في بداياته الاولى في العمل السياسي و التي يرى بعض المؤرخين وكذلك خصوم عارف بإنها كانت "خطابات لامسؤولة" أدت حسب تعبيرهم إلى "بلبلة كبرى في صفوف أبناء الشعب والقوات المسلحة من جهة، وإحراجاً لحكومة العراق أمام مختلف دول العالم" . ادى هذا الخلاف الحاد إلى اعفاء عبد السلام عارف من مناصبه عام 1959، وابعد بتعينه سفيراً للعراق في ألمانيا الغربية ، وبعدها لفقت له تهمة محاولة قلب نظام الحكم ، فحكم عليه بالاعدام ثم خفف إلى السجن المؤبد ثم بالاقامه الجبرية لعدم كفاية الادلة مما ادى إلى انتصار رئيس الوزراء عبد الكريم قاسم في الجولة الاولى ضد خصمه العنيد بابعاده عن مسرح السياسة قابعاً تارةً في السجن ينتظر يوم اعدامه ، ورازحاً تحت الاقامة الجبرية في منزله تارةً اخرى حتى يقضي الله امرا كان مفعولا .
كان عبد السلام عارف من الشخصيات المحبوبة لدي الكثير من الاوساط العسكرية والشعبية وخصوصا طبقة المتدينين المستنيرين والوحدويين ، وعلى اثر اتفاق القوميين والبعثيين للقيام بحركة لقلب نظام حكم عبد الكريم قاسم كانت صورة عبد السلام عارف المحتجز تحت الاقامة الجبرية لم تغب عن ناظريهم فتم الاتصال به والاتفاق معه للقيام بالحركة بعد ان اتفق قادة الحركة من السياسيين والعسكريين بالإجماع على تولية عبد السلام عارف رئيساً للجمهورية وبعد نجاح الحركة اصبح أول سياسي يتبوء منصب رئيس الجمهورية العراقية وذلك في 9 / 2 / 1963 ."للمزيد من المعلومات راجع مقال ثورة 8 شباط 1963"
كرجل دولة تاثر اسلوب ومنهج عبد السلام محمد عارف في الحكم بشخصيته وتطورها ، وقد تبلورت شخصيته ومنهجه بعد ان اصبح رئيساً للجمهورية . فقد ارسى مدرسةً خاصةً به في الحكم تعتمد على المبدئية والتسامح واتاحة المجال امام الطوائف والقوميات والاعراق للتعبير عن نفسها . كما تميز منهجه في الحكم بأعطاء مساحة من الحرية والصلاحيات لرئيس الوزراء ومجلس الوزراء بالعمل على اختلاف انتماءات الوزراء بشرط الالتزام بمعايير القانون والدستور. ومن الامثلة على تسامحة واعطائه الحريات هو اكتفاءه باعفاء الخصوم السياسيين حتى الذين دبروا محاولات انقلابية ضده ، بل احيانا يعيدهم إلى وزاراتهم بعد فترة من الزمن او بعد مصالحة وتوبة. فبعد احداث الحرس القومي وحركة 18 تشرين 1963 اعفى اللواء أحمد حسن البكر من منصب رئاسة الوزراء ووضعه تحت الاقامة الجبرية الا انه ما لبث ان اعاده بصفة نائب رئيس الجمهورية . وتسجل له عدم قيامه باعدام اي من الخصوم السياسيين الا ان نظامه كان يعتقل الانقلابيين ويحقق معهم بقسوة الا انه لم يعدم اياً منهم.
كان عبد السلام عارف يتطلع لبناء عراق قوي مرفه بعيداً عن المشاكل الدولية منطلقاً من فلسفته في بناء الوحدة الوطنية كأساس لتحقيق الوحدة القومية ، فله عدد من المبادرات لترسيخ تلك الوحدة الوطنية من خلال التقارب مع الزعامات الكردية والمراجع الشيعية والمسيحية
علاقته مع الاكراد:
فعلى صعيد القضية الكردية ،كانت لعارف صداقات كردية منذ ان كان ضابطا في الجيش وتمتنت علاقاته مع شخصيات كردية عسكرية ومدنية اثناء عمله في كركوك وتطورت علاقاته الكردية مع شخصيات كردية مرموقة مثل رئيس اركان الجيش الفريق نور الدين محمود الذي اصبح عام 1955 رئيسا للوزراء والذي كان يكن له محبة خاصة والذي رشحه عضوا في القيادة العامة للقوات المسلحة وكذلك له علاقات خاصة مع الشخصية العسكرية الكردية المعروفة اللواء فؤاد عارف الذي عمل ياوراً للملك غازي الاول ثم اصبح لاحقا رئيسا لاركان الجيش . بادر عبد السلام عارف بحل شامل للقضية الكردية سلميا وعقد سلسلة من الاجتماعات مع القادة الاكراد وبتاريخ 10 ابريل / شباط 1964 اصدر بيانا لوقف جميع العمليات العسكرية والشروع باجراءات لمنح الاكراد حقوقهم الثقافية. حيث اتفق عارف مع عدد من القادة الاكراد سياسيين وعسكريين وبضمنهم القائد الكردي الملا مصطفى البارزاني على حل شامل للقضية الكردية فتمخضت المفاوضات عن اعلان اتفاق ابريل / شباط عام 1964 والذي تضمن منح الاكراد الحقوق الثقافية والاسهام في الحكم وانجازات اخرى الا ان التيار الانفصالي في الحركة الكردية حال دون اتمام كل الانجازات فاستمرت الدولة باجراءاتها بمنح الحقوق للاكراد بمعزل عن البارزاني للحد الذي وصل للاقتتال المسلح بين الطرفين.
انظر نص بيان الحقوق الثقافية للاكراد
علاقته مع الشيعة :
هل كان عارف طائفياً ؟ للاجابة على هذا السؤال يجدر الاطلاع على بعض الحقائق في سياسة عبد السلام عارف مع المراجع الدينية الشيعية . ترجع علاقة عارف بالشخصيات الشيعية منذ انتقاله إلى البصرة عام 1941 اثناء خدمته العسكرية فيها ثم انتقاله إلى عدد من المناطق في جنوب العراق خيث كان يتمتع بعلاقات ودية مع الكثير من الشخصيات الدينية الشيعية لما للجيش العراقي من سلطات واسعة في إدارة شؤون الالوية " المحافظات " العراقية . وبعد حركة 14 يوليو / تموز 1958 وحين اصبح عارف وزيراً للداخلية ، اجاز تأسيس عدد من الاحزاب بضمنها حزب الدعوة الاسلامية " الشيعي" والحزب الاسلامي العراقي . وبعد حركة 8 فبراير / شباط 1963 حين تبوءه الرئاسة ، تمتنت هذه العلاقه بالتحديد بعد حركة 18 نوفمبر / تشرين الثاني 1963 ، حيث كان للحوزات والمراجع الدينية الشيعية موقف معارض من سياسات رئيس الوزراء الاسبق عبد الكريم قاسم ، وثبتت عليه عدم اهتمامه بالشريعة الاسلامية وبعده عن التطبيقات الدينية وقربه من التيار الشيوعي والماركسي والمعسكر الاشتراكي . فتطلعت كما باقي الجماهير المعارضة لسياسات عبد الكريم قاسم للرجل الثاني في حركة 14 يوليو / تموز 1958 ، عبد السلام عارف وايدته ، فقد رأت الشخصيات والمراجع الدينية الشيعية في عارف الرجل الحاج المتدين الملتزم بمباديء الاسلام والعروبة والذي يكن حب واحترام لرجال الدين الشيعة فارسلت له بيانات التأييد واخرى للتنسيق والمناشدة لتحقيق تطلعات الجماهير وتطورت هذه العلاقة إلى علاقة تنسيق واجتماعات متبادلة مع الشخصيات والمراجع الشيعية ، فاستطاع ان يبني علاقات احترام خاصة متبادله مع الشخصيات الشيعية البارزة في حينه ، مثل السيد محمد كاشف الغطاء رئيس جمعية منتدى النجف الاشرف لال البيت والذي عمد إلى تقديمه إلى الرئيس المصري جمال عبد الناصر في احدى زياراته للقاهرة في حفل استقبال خاص اعد لكاشف الغطاء في قصر عابدين ، وذلك للتباحث بشأن مشروع الوحدة الثلاثية . وكذلك المغفور له المرجع الديني السيد عبد المحسن الحكيم الذي كان يناديه "بالرئيس الحاج" و "ابننا الحاج". حيث كان يكن تقدير خاص لسماحة السيد الحكيم، فكان يبعث رئيس الوزراء وبصحبة عدد من الوزراء عند رغبته بالاتصال بزعيم المرجعية الشيعية في الحوزة ، فبعث أكثر من مرة رئيس الوزراء طاهر يحيي للنجف لاستشارة الحكيم في امور الدولة كما كان يبتعث رئيس الوزراء لاستقبال المرجع الديني عند عودته من السفر خارج العراق .كما انه وافق على استقبال المرجع الديني الشيعي الإيراني الخميني والذي في عهده طلب اللجوء إلى العراق ، الا انه كان في جلساته الخاصة ينتقد بعض رجال الدين لبعض التيارات المتشدده لتطرفها في بعض المسائل قائلاً: " انا لست ضد الشيعة او اي طرف او فئة عراقية ولكني ضد السلوك الطائفي" . كما اتصل بالمرجعيات الدينية الشيعية اضافة للسنية بغية تحديث القانون العراقي من خلال اقتباسات من الشريعة الاسلامية. وهو أول من اقر رسميا احتفالات عاشوراء ومن خلال الاذاعه والتلفزيون.
كما كانت لديه علاقات مع شخصيات وساسة ورجال دين مسيحيين فكان يتردد عليه بانتظام نيافة المطران رئيس طائفة الارثوذوكس . وكان دائم المزاح معهم فعلى اثر حملة التعريب التي اشرف عليها العلامة المعروف مصطفى جواد صرح مازحاً ، لايوجد بعد اليوم جون وججو ويقصد بضرورة نبذ الاسماء الاجنبية والوافدة والتوجه نحو الوحدة الوطنية التي دعا لها.
نظم الرئيس عبد السلام عارف عددا من الاتفاقيات مع دول عديدة لبناء العراق فاعاد تفعيل خطط حملة اعمار العراق التي بدا بها الحكم الملكي بما سمي بمجلس الاعمار بالتعاون مع الاتحاد السوفيتي وألمانيا والتي لم تكتمل بسبب وفاته ومنها بناء بعض المصانع الضخمة وشبكة من الطرق والجسور وخطة تحديث بغداد باستحداث إحياء سكنية جديدة والتي بدأت بها حكومة عبد الكريم قاسم. كان يؤمن بضرورة تنوع مصادر السلاح حيث وقع عددا من الاتفاقيات المهمة لاعادة تسليح الجيش العراقي مع الاتحاد السوفيتي وعددا من دول المنظومة الاشتراكية والمانية الغربية حيث له الفضل باقناع الاتحاد السوفيتي بتزويد سلاح الجو العراقي بالقاصفة انتونوف ومنظومات الدفاع الجوي وبمقاتلات ميغ 21 المتطورة والتي اختطف واحدة منها الجاسوس منير روفا بعد اقل من عام على وفاة عبد السلام عارف في ادناه مجمل للمنجزات المتحققة في عهده:
تزامن حكم الرئيس عبد السلام عارف هيمنة سياسة الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي على السياسة الدولية وبروز كتلة عدم الانحياز التي حضر مؤتمراتها وامن بمقرراتها الخاصة بعدم الانحياز والحياد الايجابي والتي انعكست على سياسة العراق الخارجية فبادر إلى تحسين علاقاته مع الغرب مع الاحتفاظ بعلاقاته الدافئة مع المنظومة الاشتراكية. دعا إلى تاسيس تجمع للدول المصدرة للنفط للوقوف بوجه الاحتكارات الاجنبية وبعد اتصالات مكثفة مع دول عديدة ، نجح بتاسيس منظمة اوبك التي دعا لعقد اجتماعها التاسيسي في بغداد عام 1965 . وعربياً جائت فترة حكمه في حقبة ما بعد العدوان الثلاثي على مصر و تجربة الوحدة للجمهورية العربية المتحدة وقيام الثورات العربية في اليمن والجزائر والعراق وانطلاقة الثورة الفلسطينية. فكان له دورا فاعلا في مؤتمرات القمة العربية وفي مقرراتها الخاصة بالقضية الفلسطينية ودعم منظمة التحرير الفلسطينية في انطلاقتها الاولى عام 1965 كما حظر العديد من مؤتمرات القمة العربية كما انه أول من اقترح قيام اتحاد الجمهوريات العربية بين مصر عبد الناصر و سوريا و العراق وهو مايسمى اتفاقية 16 أكتوبر/ تشرين1 وتم طرح اسمه نائبا لرئيس جمهورية الوحدة وتم على اثر ذلك اقرار العلم العراقي الحالي ذو الالوان الثلاثة رمز قادة الاسلام وشعار الجمهورية العقاب الذي كان رفعة الرسول "ص" و القائد صلاح الدين الايوبي في معارك الاسلام. وفي اواخر ايامه اعتبر التقارب الاستراتيجي بين العراق و سوريا او العراق ومصر اوالدول الثلاث سيغير الكثير من الموازنات في المنطقة وخطوة على حل المشكلة الفلسطينة. بذل جهودا من اجل توحيد المؤسسات خصوصا العسكرية منها في دول الوحدة وتوحيد المصطلحات والرتب العسكرية.وفي عام 1964 اطلق مبادرة توحيد القوات العسكرية العربية الرابضة في جبهات القتال مع إسرائيل تحت قيادة واحدة والتي تمخضت لاحقا بمعاهدة الدفاع العربي المشترك .
على الرغم من علاقاته الوطيدة مع الرئيس جمال عبد الناصر الا انه لم ينسجم مع توجهات المشير عبد الحكيم عامر وانور السادات خصوصا بعد سماعة لتصرفاتهما في حرب اليمن من الرئيس اليمني عبد الله السلال ويحملهما من طرف خفي مسؤولية تأخير الوحدة الثلاثية. حاول الاستقلال برئيه امام التيار الناصري المتعاظم داخل وزارته حيث واجه عددا من محاولات قلب نظام الحكم من قبل شخصيات عسكرية ناصرية اهمها كانت محاولة رئيس الوزراء عارف عبد الرزاق والوزير عبد الكريم الفرحان حيث كان يتهمهم بالتبعية للحكومة المصرية.
ارتبط بصداقات خاصة مع الرئيس المصري جمال عبد الناصر والرئيس الجزائري أحمد بن بلة والرئيس اليمني عبد الله السلال والرئيس السوفيتي نيكيتا خوروشوف ورئيس الوزراء الهندي جواهر لال نهرو والرئيس اليوكوسلافي جوزيف بروز تيتو وله علاقات احترم وهدايا متبادلة مع الرئيس الاميركي جون كينيدي والرئيس الفرنسي شارل ديغول. كانت علاقته مع الملك الحسين بن طلال غير ودية في بداية الامر بسبب ثورة العراق على الحكم الملكي الا ان تدخل عبد الناصر ادى إلى الكثير من التقارب بينهما وكذلك لم تكن له علاقات ودية مع شاه إيران الذي كان يعتبره أحد اطراف التامر بالمنطقه من خلال حلف بغداد - حلف السنتو الموجه لترسخ الهيمنة البريطانية في المنطقة ومن ثم ضد ثورة العراق وكثيرا ما كان يتهم الشاه بتشجيع تسلل العوائل الإيرانية والاهوازية إلى مناطق الاهوار. لبى العديد من الدعوات لزيارة عددا من الدول العربية والاجنبية.
دعي لحفل تدشين السد العالي وكان له شرف افتتاح السد مع الرئيسين عبد الناصر و كروشوف . اطلق مبادرة توحيد القوات العسكرية العربية الرابضة في جبهات القتال مع إسرائيل تحت قيادة واحدة والتي تمخضت لاحقا بمعاهدة الدفاع العربي المشترك . أول مسؤول عراقي رفيع يزور الكويت ويحدد اسس للعلاقة مبنية على السيادة والاحترام المتبادل.
لم يعرف للرئيس عبد السلام محمد عارف انتمائه إلى اى تنظيم سياسي الا ان ميوله السياسية كانت مع التيار العروبي الوحدوي ومع الفكر الاسلامي المتفتح. الا انه قد انتمى إلى التنظيمات السياسية العسكرية المناهضة للحكم الملكي مثل انضمامه لتنظيم ثورة ايار/ مايس 1941 ثم انضمامه لتنظيم الضباط الوطنيين الذي قاد الحركة ضد الحكم الملكي في 14 يوليو / تموز 1958 . مع ذلك كان يلتقي مع العديد من ممثلي الاحزاب والتيارات السياسية ويستمع إلى ارائهم.
عرف الرئيس عارف بالتدين والانتماء العربي المتحدر من انتمائه للقبيلة على الرغم من ولادته ونشأته في بغداد ، وقد اثر ذلك على معتقداته الفكرية فيما بعد . فبعد سفره للدراسة إلى ألمانيا ولفترة طويلة نسبياً ولاحقا بريطانيا وفرنسا تأثر بالثقافة الغربية وباجواءالحي الاتيني الثقافية حيث انعكس ذلك على اعجابة بالفلسفة المثالية الالمانية ، وعندما كانت الاجواء السياسية الوطنية مشحونة بالمد القومي والاشتراكي وحركات التحرر السائدة في مرحلة الخمسينيات والستينيات ، عمد إلى احداث موازنة بين الفكر الاسلامي والعربي الذي نشاء عليه والفكر الاشتراكي الذي تأثربه والتي انعكست بمجملها على افاقه الفكرية التي ضمنها في برنامج عمله بمحورين:
انظر عنوان مؤلفات عارف ادناه ، كما انظر وصلة الوحدة العربية والوحدة الوطنية
لعبد السلام عارف بعض المعارضين والخصوم فمنهم من تقاطع معه لاختلاف وجهات نظر عقائدية ومنهم من اختلف معه على مواقفه واختلف معه البعض الاخر لاسلوبه الانفعالي وخطبه الارتجالية غير الملتزمه في بداية عمله السياسي، فالكثير من معارضيه بتحججون باسلوبه الانفعالي والحماسي الثوري هذا بعد حركة 1958 ولم يلفتوا الانتباه لتطور اسلوبه وسياسته بعد توليه الرئاسة عام 1963 كما تم تحوير مقاصده عند مزاحه حول موقف ما او من جهة ما ، فكما معروف هو من محبي الطرفة والممازحة ، فذات مرة بعد حركة 1958 مباشرة ذكر بانه يتمنى ان يزوّج على يده كل العراقيين ، وكذلك على اثر حملة التعريب التي اشرف عليها العلامة المعروف مصطفى جواد صرح مازحاً ، لايوجد بعد اليوم جون وججو ويقصد بضرورة نبذ الاسماء الاجنبية والوافدة والتوجه نحو الوحدة الوطنية التي دعا لها.
فالشيوعيون أول من اختلف معه في مستهل حركة 1958 بسبب التناقض العقائدي بينهم وبينه.كما عارضته بعض قيادات التنظيم القومي وحاولت قلب نظام الحكم أكثر من مرة لاختلافهم معه في الية تطبيق الوحدة العربية حيث هم يؤمنون بالوحدة الاندماجية مع مصر وهو كان يؤمن بضرورة تحقيق الوحدة الوطنية قبل الوحدة القومية في بلد مثل العراق.
عارضه البعثيون بعد حركة 18 تشرين الثاني 1963 والتي سماها بالتصحيحية ، على اثر اعمال العنف والانتقام التي قام بها " الحرس القومي" مليشيا الحزب ضد خصوم البعث السياسيين كالشيوعيين وفصائل البعث الاخرى المنشقة عنه والتي سقط فيها الكثير من الابرياء وانتهكت العديد من المحرمات. وعند تولي حزب البعث مقاليد السلطة في 17 يوليو / تموز 1968 تعرض عبد السلام عارف لحملة واسعه من التشويه طالت شخصيته ومواقفه منها التشكيك بوطنيته وانتقاد شخصيته الافعالية في بداية عمله السياسي واتهامه بالطائفية دون تقديم وثائق محايدة تثبت صحة هذه الادعاءات.
وقد عارضته ايضا شريحه كبيرة من ذوي الاصول الفلاحية من المستفيدين من منجزات رئيس الوزراء الاسبق عبد الكريم قاسم ، لاعتقادهم الخاطيء بانه تسبب باعدام زعيمهم. في عام 2004 قامت جماعة من هذا التيار باغتيال ابنة الرئيس عارف " سناء" مع زوجها وابنيها.
ومؤخرا وبعد غزو العراق 2003 تولدت لدى بعض الفصائل السياسية مواقف معادية لعارف بسبب معاداتها للخط القومي او لاسباب طائفية اخرى حيث لفقت لعبد السلام عارف الكثير من التهم وتشويه الحقائق عبر مقالات تجانب الحقيقة عكس ما متيسر من وثائق ووقائع.
تميزت علاقته مع (الزعيم)العميد عبد الكريم قاسم إلى نوع من الشد والجذب فاثناء الحكم الملكي كثيراً ما كانا يترددان على منتدى/ مقهى العروبه في منطقة الاعظمية ش/20 ويدخلان في نقاشات حاميه حول الاحداث المؤثرة يومذاك مع بقية رفاقهم من العسكريين والمدنيين عن سياسات الحكم الملكي الداخليه والخارجية وعن تأميم قناة السويس والعدوان الثلاثي على مصر والاتحاد الهاشمي مع الأردن وثورة مايس 1941 وتداعياتها على العراق.وعن العروبه والاسلام في الحكم وعند تشكيل منظمة الضباط الوطنيين قام بتجنيد عبد الكريم قاسم في تنظيم الضباط الوطنيين اوالاحرار"كما سميت لاحقاً"،حسب رواية الاصدقاء الشخصيين لكلا الزعيمين ،راجع يوميات كل من(الزعيم) العميد رشاد حسن البكري والاستاذ صفاء الدين عبد الوهاب .
كان ممن اسهم بالتحضير والتهيئة لحركة 14 يوليو/تموز 1958م، حيث أصبح نائب لرئيس الوزراء ووزير الداخلية.وقع خلاف بينه وبين عبد الكريم قاسم حيث اتهم عارف ،عبد الكريم قاسم بانه تفرد بالحكم وجمع كل الصلاحيات بيده وبعد احداث العنف التي قامت بها الدوله وملشيات الحزب الشيوعي العراقي(المقاومة الشعبية)الملتفة حولها باعمال عنف مؤسفة في الموصل وكركوك بعد محاولة الانقلاب الفاشلة للعقيد الشواف وتنكيل محكمة الثورة بالانقلابيين واصدقائهم بضمنها اعدام مجموعة الطبقجلي ورفاقة واتهام الابرياء والوطنيين كمحاكمة قائد ثورة مايس 1941ضد الانكليز رئيس الوزراء الاسبق رشيد عالي الكيلاني باشا ومحاولة اعدامه وابتعاد عبد الكريم قاسم عن الخط العربي والاسلامي حيث كان عبد السلام عارف كثير النقد لهذه التوجهات فقام رئيس الوزراء عبدالكريم قاسم بإعفائه من منصبه، وابعده بتعيينه سفيراً للعراق في ألمانيا الغربية ، ثم ما لبث أن حاكمه بمحاولة قلب نظام الحكم اثر اجازته المفاجئة على اثر مرض والده، و حكم عليه بالاعدام إلا أن الحكم تحول إلى السجن و بعدها الاقامة الجبرية لعدم كفاية الادله.
تشير جميع الوثائق من محاضر جلسات ولقاءات صحفية ومقابلات مسؤولين محايدين بان حادث اعدام رئيس الوزراء الاسبق عبد الكريم قاسم ابان حركة 8 فبراير / شباط 1963 كانت بقرار من قيادة حزب البعث الذي كان له الدور الفاعل في تغيير نظام الحكم وذلك من خلال المحكمة العاجلة التي تشكلت بعد يوم من الحركة في قاعة الشعب المجاورة لوزارة الدفاع حيث مقر عمل قاسم وبعد اتمام المحاكمة التي لم يعلم بتشكيلها عارف الا بعد انعقادها تم نقل قاسم إلى مقر الاذاعة والتلفزيون حيث التحق عارف بقيادة البعث هناك محاولا التوسط لعدم اعدام قاسم. كما تشير الوثائق المحايدة بان عارف طلب من قيادة البعث مقابلة قاسم وتم له ذلك حيث دخل عارف في نقاش وعتب مع قاسم حول تفردة بالسلطة وخروجة عن إجماع تنظيم الضباط الوطنيين "اوالاحرار" وعن تلفيق تهمة محاولة الانقلاب لعارف التي ادت إلى محاكمته ثم سجنه.وتشير الوثائق ايضا بان عارف بعد هذا النقاش طلب من قيادة البعث عدم اعدام قاسم الا ان طلبه قد رفض وكان لرفض طلبه ،الاثر بزرع بواكير الخلاف مع قيادة البعث التي تفاقمت بعد احداث الحرس القومي سالفة الذكر والتي كانت السبب في قيامه بحركته التي سماها التصحيحية في 18 نوفمبر / تشرين 2 . راجع مقال حركة 18 تشرين الثاني 1963 .
بعد اتفاق القوميين والبعثيين وبعض الشخصيات العسكرية على القيام بحركة لقلب نظام حكم عبد الكريم قاسم وترشيح عبد السلام عارف لتزعم الحركة وتوليته رئيساً للجمهورية ظهر جلياً تفرد بعض الشخصيات البعثية باتخاذ القرار ومنها محاكمة واعدام عبد الكريم قاسم ادت إلى زرع اولى لبنات الخلاف بينهما. تلى ذلك سلسلة اعمال العنف وانشقاقات داخل حزب البعث وارتكاب عمليات انتقام التي قامت بها مليشيا حزب البعث الحرس القومي ضد المليشيات الشيوعية التي كانت مهيمنة في عهد رئيس الوزراء العميد عبد الكريم قاسم مما حدى بعبد السلام عارف لوضع حد لذلك بالقيام بحركتة التي دعاها بالتصحيحية في 18 تشرين 1963 حيث احيل العديد من البعثيين إلى التحقيق على خلفية اعمال العنف عدا رئيس الوزراء وامين سر الحزب أحمد حسن البكر الذي اكتفي باعفاءه من منصبه.وأدى إنهاء ألحكومة البعثيه إلى عزل الوزراء البعثيين الـ «12» من الحكومة واستبدلهم بضباط عسكريين من الموالين للرئيس في محاولة منة للسيطرة على الشارع وحفظ النظام.
بسبب ازمةالسويس وتداعياتها المتمثلة بتاميم قناة السويس والعدوان الثلاثي على مصر والتي ادت إلى تعاطف الجماهير في البلدان العربية مع عبد الناصر الذين اخذوا ينظرون اليه على انه قائد وطني وقف بوجه قوى الهيمنة الاستعمارية وازداد هذا الاعجاب بعد اعلان الوحدة الاندماجية بين مصر وسوريا بما يعرف بالجمهورية العربية المتحدة التي كانت تطمح لظم كل الاقطار العربية.وكان طموح قادة حركة يوليو / تموز 1958 في العراق الانظمام إلى مشروع الوحدة ومن هنا ظهرت بدايات العلاقة بين ناصر وعارف فبحسب بعض الاراء كانت متعثرة ينقصها الثقة .ويورد بعض الصحفيين تعبيرا على لسان عارف في بداياته الاولى انه وبسبب سعيه الحثيث لتحقيق الوحدة مع الجمهورية العربية المتحدة قد قال بانه سوف يسعى إلى الوحدة "حتى ولو تمت تصفية عبد الكريم قاسم نفسه ، وقيل أن عارف قال لناصر أن هذا الأمر لا يكلف سوى ثمن طلقة واحدة كلفتها عشرون فلساً" الا انه قد نفى ذلك لاحقا في تحقيق صحفي مع مجلة الحدث قائلا بانها تلفيقات اعلامية من معارضيه . وادى تطور شخصية عارف السياسية والفكرية في الفترة مابين اعفاءة من مناصبه عام 1959 وايداعه السجن ولغاية توليه الرئاسة عام 1963 ، إلى تبلور شخصية عبد السلام عارف الفكرية والسياسية بعد توليه للرئاسة ، فكان يعكف في المعتقل على قراءة القران الكريم وبعض الكتب الفلسفية والسياسية . فلم يعد يتصرف بعاطفية تجاه المواقف السياسية والاحزاب والتيارات القومية والناصرية كما كان في بداية حركة 1958 . فبدى أكثر استقلالية في الرأي والفكر وبعد طرحه لمبادئه في مجلس الوزراء عن اهمية الوحدة الوطنية قبل الوحدة القومية وضرورة حل المشكلة الكردية سلمياً قبل الشروع باي مشروع وحدوي . تصدى له الوزراء الممثلين للتنظيم القومي والناصري ومنهم عارف عبد الرزاق وعبد الكريم الفرحان وصبحي عبد الحميد ومارسوا ضغوطاً من اجل اعلان الوحدة الفورية والاندماجية مع الجمهورية العربية المتحدة التي عارضها الرئيس عارف مصرحاً بان اي مشروع وحدوي يجب ان توضع له الدراسات الكاملة في كل النواحي منها السياسية والاقتصادية بعد انجاز الوحدة الوطنية لكي لايقع فريسة التسرع والاخطاء كما حدث مع الوحدة بين سورية ومصر ثم ما لبث الوزراء القوميون ان قاموا بمحاولة قلب نظام الحكم الامر الذي ادى بعبد السلام عارف إلى ابعادهم عن الحكم. الا انه رغم ذلك لم يعطي الفرصة للخلاف مع الرئيس جمال عبد الناصر معتبراً بان محاولة الانقلاب تحرك ذاتي قام به التنظيم القومي دون تدخل من عبد الناصر.
حصل المشير عبد السلام محمد عارف على شهادة الماجستير في العلوم العسكرية . كان يهوى التصوير الفوتوغرافي والزراعة المنزلية "اثناء الاقامة الجبرية"ورحلات الصيد والطيران على الرغم من ان صنفه سلاح المشاة الا انه مولع بالطيران مع ذلك لم تتح له فرصة قيادة طائرة لوحده الا مع طيار.كان يعكف على قراءة الكتب التاريخية والفلسفية والعسكرية والسياسية اضافةً إلى الكتب الدينية والروايات العربية وكان متابعاً جيداَ للافلام العربية ويعشق المقام العراقي وناظم الغزالي الذي كان يرتبط به بعلاقات شخصية تعود إلى حرب فلسطين عام 1948 حيث زار الغزالي الجبهه للدعم المعنوي للجيوش العربية . وكذلك كان من المعجبين بمحمد عبد الوهاب وام كلثوم، الذان انشدا "لثورات" العراق لاسيما ام كلثوم التي اهدته انشودة "ثوار لاخر مدى" عام 1963 بعد حركة 8 فبراير/ شباط ، بعد ان انشدت " بغداد ياقلعة الاسود" بعد حركة 14 يوليو/ تموز 1958 ، وكان من محبي الرياضة ومن مشجعي كرة القدم حيث اوعز بعد افتتاحه لاستاد ملعب الشعب الدولي لاستضافة وتنظيم البطولة الاولى لكأس العرب في بغداد عام 1966 ، كما كان معجباً بشكل خاص باللاعبين قاسم زوية وهشام عطا عجاج ولديه مراسلات خاصة مع الملاكم محمد علي كلاي.كان يهوى جمع التحفيات والاسلحة الشخصية والمسابح الثمينة والسجاد .وبسبب دراسته في المانية وسفراته الطويلة والمتكررة لعدد من العواصم الاوربية اتقن بطلاقة اللغة الالمانية ويتكلم الانجليزية. ألف عددا من الكراسات والمقالات المتخصصة المنشوره في المجلة العسكرية ،اهمها كراسة التدريب العسكري "حرب الاغمار" والتي تدرس في الكلية العسكرية / الحربية العراقية إلى وقت قريب. حاز على عدد من الاوسمه والانواط اثناء سيرته العسكرية لمشاركاته في حرب فلسطين 1948 وتفوقة في دوراته داخل وخارج العراق . متزوج وله خمسة أبناء . كان الرجل الثاني من القادة العرب بعد الرئيس جمال عبد الناصر. قال فيه أبا ايبان وزير خارجية إسرائيل الاسبق "لاامن لإسرائيل بوجود حكام عرب مثل عبد الناصر وعارف".
توفي الرئيس عبد السلام عارف على أثر سقوط طائرة الهيلكوبتر السوفيتية الصنع طراز مي Mi في ظروف غامضة والتي كان يستقلها هو وبعض وزراءه ومرافقيه بين القرنة والبصرة مساء يوم 13 ابريل / نيسان 1966م وهو في زيارة تفقدية لالوية ( محافظات ) الجنوب للوقوف على خطط الاعمار وحل مشكلة المتسللين الإيرانيين .
راجع مقال رئيسي مصرع عبد السلام عارف والجهات المستفيدة من غيابه عن المسرح السياسي.
حاولت مراكز القوى وتياراتها المتواجدة في السلطة والقوات المسلحة بعد وفاة عبد السلام عارف الهيمنة على السلطة في العراق وتمثلت مراكز القوى تلك بتيارين رئيسين:
ويذكر خالد محي الدين عضو مجلس قيادة الثورة المصري في برنامج زيارة خاصة / ج2 "ق.الجزيرة" بان حكومة عبد الناصر كانت تفضل ترشيح عبد الرحمن عارف كرئيس للعراق بهدف الرغبة باستمرار ما بدأ به اخية لميلهما المشترك للتيار الوحدوي بغية اتمام مشروع الوحدة الثلاثية بين مصر والعراق وسوريا.اما الرئيس عبد الرحمن عارف فكان ذو شخصية متسامحة يحاول ارضاء جميع التيارات .وفي اجتماع عاجل لمجلس الوزراء تم التداول بين 3 مرشحين لرئاسة العراق وهم: عبد الرحمن عارف و عبد الرحمن البزاز و عبد العزيز العقيلي ، قائد الفرقة العسكرية الأولى وقد فاز البزاز بفارق صوت واحد في الإقتراع الأول ولكن ما وصف "بإصرار الضباط" على انتخاب عبد الرحمن عارف فقد جرت دورة ثانية وإنتهى الخلاف بالبزاز إلى سحب ترشيحه لصالح عبد الرحمن عارف [2]
حكام العراق | ||
---|---|---|
الملوك | فيصل الأول | غازي الاول | فيصل الثاني | |
الرؤساء | نجيب الربيعي | عبد السلام عارف | عبد الرحمن عارف | أحمد حسن البكر | صدام حسين | غازي مشعل عجيل الياور | جلال طالباني | |
الوجود الأمريكي | جاي غارنر | بول بريمر |