رشيد عالي الكيلاني باشا ( 1892 - 1965) رمز من رموز الوطنية العراقية ،سياسي عراقي شغل منصب رئيس الوزراء ثلاث مرات اثناء العهد الملكي في العراق حيث كان رئيسا للوزراء في الاعوام 1933, 1940, 1941 .اشتهر الكيلاني بمناهضته للانجليز ودعوته لتحرير الدول العربية من المستعمر ولتحقيق الوحدة فيما بينها.
ولد في بغداد من عائلة سياسية لامعة ومن السادة الاشراف حيث كان من اقرباء عبدالرحمن الكيلاني النقيب أول رئيس للوزراء في العراق. بدا حياته السياسية متنقلا بين اسطنبول وبغداد والبصرة والموصل من خلال عمله في الجمعيات السرية التي كانت تنادي باستقلال العراق والوطن العربي عن الدولة العثمانية . وبعد استقلال العراق ، وفي عام 1924 رشح وزيرا للعدل في حكومة ياسين الهاشمي ، ثم ما لبث ان اصبح رئيسا للديوان الملكي في عهد الملك غازي الاول . للكلاني عدد من العلاقات المهمة التي لعبت دورا تاسيس المملكة العراقية من خلال عمله الوطني ابان الحكم العثماني ، فكانت له علاقات احترام مع الملك فيصل الاول ومن ثم نجله غازي الاول ، وكذلك كان يتمتع بعلاقات ود شخصية مع محسن السعدون بيك و جعفر العسكري و عبد الوهاب بيك النعيمي ، اعضاء المجلس التاسيسي العراقي . كان الكيلاني سياسيا ذو توجهات قومية عربية وكان من المعارضين لاي تدخل بريطاني في شؤون العراق. بنى مواقفه المناهضة للانجليز عرفانا لاثار الملك غازي الذي عرف بالوطنية والذي توفي في حادث سيارة غامض . ومن
شكل الكيلاني وزارته الجديدة والتي سميت بحكومة الانقاذ الوطني ، ابان الحرب العالمية الثانية في مايو/ ايار 1941 ، من الضباط القدامى من زملائه القدامى في الجمعيات السرية التي كانت تدعو لاستقلال العراق وهم القادة الاربعة المعروفين بالمربع الذهبي العقيد صلاح الدين الصباغ والعقيد فهمي سعيد والعقيد محمود سليمان والعقيد فهمي سعيد ، وشيئا فشيئا تبنى اجراءات وطنية مناهضة لبريطانية ذات اليد الطولى في العراق ، وقد اعتمد بشكل كبير مع حليفه مفتي القدس امين الحسيني على انتصار دول المحور في الحرب العالمية الثانية ، فمتن علاقاته بالمانيا وايطاليا وزار ألمانيا والتقى بهتلر حيث انشأ من برلين محطة اذاعة عربية سميت اذاعة "حيو العرب من برلين " والتي كان يديرها الاعلامي العراقي المعروف يونس بحري وكانت تدعو لنصرة العرب وتحرير الدول التي كانت تحت الهيمنة البريطانية والفرنسية والهجرات اليهودية المتعاظمة إلى فلسطين .
اخذ الالمان ينظرون للكيلاني وامين الحسيني على انهما القادة الثوريين والوطنيين للعرب التواقين للتحرر من دول الحلفاء كبريطانيا وفرنسا ، واقنع هتلر الكيلاني بان لاتوجد اي اطماع لالمانيا في العراق او اي دولة عربية بدليل لم تحتل ألمانيا اي من الولايات العربية بعد انهيار الامبراطورية العثمانية .
تشجع الكيلاني للعب دور الزعيم العربي مع رفيقه امين الحسيني واحذ يطلق التصريحات والبيانات للقادة والجيوش العربية بضرورة الانتفاض ضد الهيمنة البريطانية والفرنسية. وحث مصر وسوريا على الثورة ضد المستعمر منبها من خطر المخططات الاجنبية لمنح فلسطين لليهود ، وخص الجيش المصري بخطاب يحثه مقاومة الانجايز من خلال دعم وتاييد الالمان ودول المحور . ولاقت دعوته صدى لدى مصر حيث بدأ الملك فاروق يؤيد من طرف خفي تحركات الالمان لاسيما في معارك طبرق وليبيا وصولا للعلمين غرب مصر . وبعد مهادنة الملك فاروق للانجليز اصدر الكيلاني بيانا يحث الجيش المصري بالانتفاض على الملك ولقيت دعوة الكيلاني التفهم والترحيب لدى القادة العسكريين المصريين . وكانت لطروحاته وشعاراته الثورية والتحررية من خلال اذاعة برلين العربية الاثر في نفوس ثوار مصر بالاطاحة بالملك فاروق في حركة يوليو/ تموز 1952، لاسيما بعد ان تعمق هذا الاحساس بعد حرب 1948 .
كان الملك فيصل الثاني طفلا ، وكان العراق تحت وصاية خاله الامير عبد الأله الذي كان من المناصرين لبريطانيا. لكن الوصي على العرش لم يستطع مقاومة التيار العربي في وزارة الكيلاني الذي لم يسمح للقوات البريطانية باستخدام الاراضي العراقية اثناء الحرب العالمية الثانية ضد دول المحور ، ورفض الدعوات التي وجهت اليه بقطع العلاقات الدبلوماسية مع ايطاليا التي كانت حليفة لألمانيا اثناء الحرب بالاضافة إلى ذلك ارسل الكيلاني ناجي شوكت ليعقد صفقة سرية مع الألمان من خلال السفير الألماني في تركيا.
كل هذه المواقف السياسية ادي إلى فرض حصار اقتصادي شديد على العراق من قبل بريطانيا. وصل اسماع الوصي على العرش عبد الأله بان الكيلاني يدبر لاقصائه عن وصاية عرش العراق فهرب عبد الاله وغادر العراق مما فسح المجال لتنصيب الشريف شرف وصيا على العرش بدلا عن سمو عبد الاله. نتيجة لهذه الاحداث نزلت القوات البريطانية في البصرة و توجه نحو بغداد ما حدى بالكيلاني للجؤ إلى المملكة العربية السعودية.
بقي الكيلاني في السعودية إلى ان اطيح بالنظام الملكي في العراق في حركة 14 يوليو / تموز 1958 . عاد الكيلاني باشا للعراق وقد بلغ 84 عاما اخذ ينتقد سياسة رئيس الوزراء عبد الكريم قاسم الفردية واعتماده على المليشيات الشيوعية حيث دبرت له تهمة محاولة قلب نظام الحكم وسرعان ما اخلي سبيله بسبب الاحتجاجات للشارع العراقي على هشاشة الاتهام وتهكم المواطن العراقي على تلفيق الحكومة التهم جزافا على معارضيها . غادر إلى لبنان وبقي فيه إلى ان توفى في بيروت عام 1965.
راجع مقال ثورة رشيد عالي الكيلاني