الرئيسيةبحث

حركة 18 تشرين الثاني 1963

حركة 18 تشرين الثاني 1963، هي حركة 18 تشرين التصحيحية حسب رأي قادتها او انقلاب او ردة حسب رأي معارضوها، والتي قام بها رئيس الجمهورية العراقية عبد السلام محمد عارف لاقصاء حكم حزب البعث. حيث نجح بالتعاون مع شخصيات سياسية وضباط اعضاء في تنظيم الضباط الوطنيين "او الاحرار" لحركة 14 يوليو 1958، وبعض الشخصيات التي تنتمي للتيار العروبي واخرى مستقلة من عسكريين ومدنيين والتي ساهمت في تنفيذحركة 8 شباط 1963 ضد نظام حكم رئيس الوزراء الاسبق العميد عبد الكريم قاسم. حيث كان اغلب قادة حركة 8 فبراير/ شباط 1963 هم من شخصيات عروبية وبعض اعضاء تنظيم الضباط الوطنيين "الاحرار" لحركة 14 يوليو 1958 وأغلبهم من المنتمين إلى حزب البعث وبعد نجاح حركة 8 فبراير/ شباط 1963، تم تشكيل "المجلس الوطني لقيادة الثورة" من اعضاء تنظيم الضباط الوطنيين "او الاحرار" لحركة 14 يوليو / تموز 1958 مع الضباط المساهمين بحركة 8 فبراير / شباط 1963 وغلب على قيادة المجلس اعضاء حزب البعث كما اسندت الوزارات لاثني عشرة وزيرا بعثيا وباقي الوزارات تولتها شخصيات مستقلة او من تيارات اخرى.

فهرس

الحاكم الفعلي للعراق

اللواء احمد حسن البكر
اللواء احمد حسن البكر

بعد نجاح حركة 8 فبراير/شباط 1963، تم إسناد منصب رئيس الوزراء للواء احمد حسن البكر أحد ابرز قياديي البعث والذي كان يتزعم أحد التيارات المعتدلة في الحزب، وهو المنصب الذي يمثل الحاكم الفعلي للعراق والذي منحه الدستور كل الصلاحيات التنفيذية. وبقيت الصلاحية التنفيذية بيد رئيس الوزراء والتي كانت من قبله بيد عبد الكريم قاسم ومن قبل ذلك بيد رؤساء وزارات الحكم الملكي. اما منصب رئيس الجمهورية فهو منصب اعتباري وقد اسند للمشير عبد السلام عارف الذي كان يتمتع بشعبية كبيرة وقد اختير لكسب ود الجماهير للحركة. لم يتمتع عبد السلام عارف باي صلاحية لامن قريب ولا من بعيد سوى صلاحية عضو المجلس الوطني لقيادة الثورة اسوة مع بقية رفاقه من اعضاء تنظيم الضباط الوطنيين "او الاحرار" والوزراء.

ازمة حكم حزب البعث

بعد تسعة أشهر من الحكم وبسبب عدم خبرة البعثيين من سياسيين وعسكريين في شؤون الحكم ولصغر سن اغلبهم بدأت بوادر الاختلاف على الزعامة تلوح في الافق. والذي تطور إلى انقسام بين التيارات بما سمي بالانشقاق، فهنالك التيار المتشدد والمتسلط على زمام الامور بزعامة على صالح السعدى ويساعده الطيار منذر الونداوي وهنالك تيار يميل نحو المرونة والحلول السياسية بزعامة حازم جواد ويساعده عبد الكريم الشيخلي الذي اصبح بعد حركة 1968 وزيرا للخارجية.

اما تيار أحمد حسن البكر فكان يمثل التيار المعتدل والذي يحاول عدم اظهار نفسه بمظهر التيار المتكتل بقدر ما يظهر نفسه على انه جهة استشارية ناصحة. كما تميز البكر في تلك الفترة بانتماءه المهني الذي تغلبت على انتمائه الحزبي وهذا واضح من خلال اتخاذه لسلسلة من القرارات العسكرية داخل الجيش للضرب على يد الضباط البعثيين ضد فوضى احداث الحرس القومي داخل الجيش. كما انه كان من المساهمين لوضع الخطة الخاصة بالاطاحة بالحرس القومي لمصلحة الجيش.

احداث الحرس القومي

نزل الحرس القومي إلى الشارع وهي مليشيا الحزب والموالية لتيار على صالح السعدي والذي كان يتزعمه الطيار منذر الونداوي ومساعده نجاد الصافي، وعدم سيطرة الشرطة على مقاليد الامور بعد احتلال بعض مراكز الشرطة والمؤسسات الجكومية في محاولة من تيار علي صالح السعدي لاحداث انقلاب على تيار حازم جواد وبقية اعضاء تنظيم الضباط الوطنيين والاخرين الذين اسهموا بالحركة كما رافق ذلك انفلات بعض اعضاء مليشيا الحرس القومي بالانتقام من الشيوعيين من اعضاء مليشيا المقاومة الشعبية ممن اسهموا بالحكم مع رئيس الوزراء الاسبق عبد الكريم قاسم، والتنكيل بهم بالاعتقال والاهانة واختلط معهم بعص الضحايا من المواطنين الابرياء.

الانقسامات والتيارات داخل الحزب

سارع رئيس الوزراء احمد حسن البكر كونه يمثل تيارا معتدلا في الحزب والذي وجد الوزارة قد انهارت والفوضى قد عمت والحزب انشق على نفسه ، حيث طلب من القيادة القومية في دمشق بالانعقاد في بغداد لحل الاشكال وتوحيد الصفوف ، وتم له ذلك حيث اعتبرت القيادة القومية ان هذه انشقاقات والانقسامات لاطائل منها وانها تعرقل خطط الحزب في تنفيذ افكاره . فتم تشكيل لجنة تحقيقية عاجلة ادانت تصرف كلا التيارين المتناحرين وتم على اثر ذلك اعفاء قيادة التيارين من الحزب وتشكيل قيادة جديدة . تزعمها احمد حسن البكر رئيس الوزراء . تحرك على عجل حازم جواد مع اعضاء تنظيمه الذي طوق مقر السعدي اثناء اجتماع ضم قيادة تنظيمه وتم اعتقالهم جميعا وتسفيرهم إلى اسبانيا، الامر الذي ادى إلى حدوث فراغ دستوري بسبب غياب اغلب الوزراء . لم تكن عواقب حركة حازم جواد مدروسة فهو من ناحية يميل للحلول السلمية أكثر من استخدامه للاساليب الحادة والعنيفة كما ان تياره لايملك الصلاحيات ولا النفوذ بسبب اعتماده على قواعد التنظيم التي تفتقر للسلطة ، فبقي رهين موقفه الضعيف .

رئيس الجمهورية يتحرك للسيطرة على الشارع

طالبت الجماهير من رئيس الجمهورية عبد السلام عارف كونه الشخص المعروف امامهم والذي يمثل الرمز الاعلى للسلطة بالتحرك، والذي كان يراقب بأستياء الوضع مع زملاءه من قيادة الجيش واعضاء المجلس الوطني لقيادة الثورة فاتفق معهم على خطة تنفذها امرية موقع بغداد العسكري للسيطرة على الشارع والحد من حالة الفوضى في الشارع وانشقاقات حزب البعث التي انعكست على مجلس الوزراء والوزارات والوحدات العسكرية التي اخذ يتناحر الفرقاء من الضباط والامرين فيما بينهم على من هو الممثل الشرعي للحزب. طرق سمع عبد السلام عارف استياء رئيس الوزراء احمد حسن البكر من الانشقاقات وحالة الفوضى حيث سارع إلى طلب لقاء سري عاجل مع المقربين له من ضباط اعضاء المجلس الوطني لقيادة الثورة والقيادة العامة وموقع بغداد وطلب التحرك لتنفيذ خطته باقصاء حزب البعث بتياريه المتصارعين. ففي 18 نوفمبر / تشرين الثاني تم بهدوء تنفيذ الخطة حيث صدر بيان باقصاء الوزراء الاثني عشر من الوزارة واغلبهم اصلا مسفرين خارج العراق من قبل التيار المنافس للحزب. واصدر بياناً اخر بحضر التجوال ثم صدرت الاوامر العسكرية بتحرك امرية قطعات موقع بغداد وقطعت الطرق والمفارق ودخلت المراكز والمؤسسات التي كانت تحتلها المليشيا الحزبية والتي سلمتها على الفور الا من مقاومة ضعيفة. تم اعتقال المتسببين بالفوضى واعمال العنف وقيادات ما تبقى من تيارات الحزب، واصدر عبد السلام عارف مرسوما باعفاء أحمد حسن البكر من منصبه وتعيينه سفيرا في وزارة الخارجية وحسب تنسيبها. واصدر وبعد فترة من الزمن وعلى اثر لقاءه الشخصي مع احمد حسن البكر، اصدر مرسوماً بتعيينه نائبا لرئيس الجمهورية مع صلاحيات محددة. واصدر مرسوماً بتولية اللواء طاهر يحيى رئيسا للوزراء.

نجاح الحركة

الدكتور عبد الرحمن البزاز
الدكتور عبد الرحمن البزاز

بعد نجاح الحركة واقصاء التيارات المتصارعة لحزب البعث عن السلطة اصدر رئيس الجمهورية عبد السلام عارف سلسلة من قرارات العفو عن الكثير من اعضاء حزب البعث والشيوعيين المتسببين بحالةالفوضى في الشارع من الذين تم اعتقالهم والتحقيق معهم، عدا من ارتكب جرائم جنائية واحيل للمحاكم المدنية. وبعد شهرين في مطلع عام 1964 شكل عارف لجنة دستورية من خبراء قانونيين لتعديل الدستور العراقي، وتم تشكيل الوزارة من شخصيات مدنية وعسكرية معروفة سياسيا او مهنيا.

حيث انتقى عددا من الوزراء من ذوي الباع في العمل او من ذوي العلمية العالية وحضر اجتماعا لمجلس الوزراء وعرض خطة عمله طالبا منهم الاستعداد لحملة من الاعمار والتنمية والبناء وطلب تفعيل خطط مجلس الاعمار للحكم الملكي والاستمرار بتوزيع اراضي الاصلاح الزراعي على الفلاحين التي بدأ بها سلفه عبد الكريم قاسم فارسل نائبه احمد حسن البكر لتوزيع سندات الاراضي على الفلاحين والتي كان يفخر بها البكر دائما اثناء توليه الرئاسة بعد حركة 17 يوليو / تموز 1968 كما دعا لحل شامل للقضية الكردية منطلقا من مبادئه في ارساء الوحدة الوطنية قبل الشروع بالوحدة العربية فاصدر بيان ابريل عام 1964 الخاص بالحل الشامل للقضية الكردية بمنحهم حقوقهم الثقافية وسمح للمحتفلين بمناسبة عاشوراء بالتعبير عن مشاعرهم ومن خلال الاذاعة والتلفزيون.

صبحي عبد الحميد
صبحي عبد الحميد

ايدت الحركة قطاعات واسعة من الشعب العراقي فاصدرت الحوزات العلمية الشيعية بيانات التاييد والمناصرة كما اسبشرت القيادات الكردية بالتطورات الاخيرة ودخلت مع الدولة بمفاوضات لدراسة اليات تنفيذ بيان 1964. وفي السياسة العربية نحت الحركة منحى عروبي فوجد عارف نفسه امام فرصة سانحة لتحقيق حلم توحيد الدول العربية فاقترح اعادة تشكيل الجمهورية العربية المتحدة على اسس مدروسة مستفيدين من دروس الانفصال عام 1961 فاقترح تشكيل اتحاد ثلاثي من العراق ومصر وسوريا من اجل تنمية الدول الثلاثة من جهة وللوقوف بوجه القوه الإسرائيلية المتنامية من جهه اخرى. وفي السياسة الدولية تبنى مبدأ عدم الانحياز والحياد الايجابي وارسى علاقات متوازنة مع العالمين الشرقي والغربي وعقد سلسلة من الاتفاقيات الخاصة بالتنمية واستيراد المصانع الانتاجية مع العديد من الدول خصوصا ألمانيا و الاتحاد السوفيتي.

فؤاد عارف
فؤاد عارف

ومن الشخصيات المعروفة والتي شغلت مناصب هامة او لعبت دورا في عملية البناء والتنمية بعد حركة 18 فبراير/ تشرين2 هم رئيس الوزراء عبد الرحمن البزاز و ورئيس الوزراء اللواء ناجي طالب وزير الخارجية صبحي عبد الحميد والمفكر العراقي العربي المعروف خير الدين حسيب والدكتور عدنان الباججي ورئيس اركان الجيش اللواء فؤاد عارف والوزير عبد الكريم الفرحان والدكتور عبد اللطيف البدري والدكتور عبد العزيز الدوري.

نظام الحكم بعد الحركة

بعد نجاح الحركة واستتباب الامن شرع الرئيس عبد السلام عارف بتنظيم شؤون الدولة في محاولة منه لاعادة العسكر إلى الثكنات شيئاً فشيئاً فبعد ان اسند رئاسة الوزراء للفريق طاهر يحي بغية فرض الامن على الشارع بعد احدث الفوضى التي سبقت تنفيذ حركة 18 نوفمبر/ تشرين فاسند للمدنيين من المثقفين الوزارات وشؤون الدولة الاخرى كما اسند رئاسة الوزراء للدكتور عبد الرحمن البزاز وبدا بسلسة من الاجراءات للتحول إلى الحكم المدني.

كانت لعارف فلسفة خاصة بالحكم مبنية على ثلاث مباديء الاول مبدأ التسامح السياسي واعطاء الفرص للاخرين عدا من ارتكب جرائم واحيل للقضاء بسببها والمبدأ الثاني هو ايمانه بالاشتراكية الاسلامية والمبدأ الثالث هو ايمانه بالوحدة العربية المستندة على الوحدة الوطنية "للمزيد من التفاصيل يرجى مراجعة مقال عبد السلام عارف - افاقه الفكرية"

وبعد حركة 18 نوفمبر/ تشرين وخلال حكم عبد السلام عارف، نظم عددا من الاتفاقيات مع دول عديدة لبناء العراق فاعاد تفعيل خطط حملة اعمار العراق التي بدا بها الحكم الملكي بما سمي بمجلس الاعمار بالتعاون مع الاتحاد السوفيتي وألمانيا والتي لم تكتمل بسبب وفاته ومنها بناء بعض المصانع الضخمة وشبكة من الطرق والجسور وخطة تحديث بغداد باستحداث إحياء سكنية جديدة والتي بدأت بها حكومة عبد الكريم قاسم. كان يؤمن بضرورة تنوع مصادر السلاح حيث وقع عددا من الاتفاقيات المهمة لاعادة تسليح الجيش العراقي مع الاتحاد السوفيتي وعددا من دول المنظومة الاشتراكية والمانية الغربية حيث له الفضل باقناع الاتحاد السوفيتي بتزويد سلاح الجو العراقي بالقاصفة انتونوف ومنظومات الدفاع الجوي وبمقاتلات ميغ 21 المتطورة والتي اختطف واحدة منها الجاسوس منير روفا بعد اقل من عام على وفاة عبد السلام عارف في ادناه مجمل للمنجزات المتحققة في عهده:

قام بأنشاء شبكة من الطرق والجسور الحديثة منها الجسر المعلق الذي افتتح عام 1965.

احدث تغيرات في النظام التربوي من خلال تحديث المناهج الدراسية وتوسيع المدارس وافتتاح عددا من الكليات. عام 1965 افتتح "استاد" ملعب الشعب الدولي وهو أكبر ملعب رياضي في العراق لحد الان.

اكمل انجاز القصر الجمهوري في كرادة مريم ودشنه عام 1965 والذي اصبح مقراً لرئاسة الجمهورية حتى عام 2003 حيث احتلته القوات الاميركية والمنطقة الرئاسية المحيطة به والتي غيرت اسمها إلى المنطقة الخضراء واصبح القصر الجمهوري السفارة الاميركية!

مراجع

د.جلال النعيمي :حكام العراق . ص 325

احمد فوزي :سيرة حياة الرئيس عبد السلام عارف . 1986 .

مقابلات شخصية مع اسرة الرئيس عارف واصدقائه ورفاقه.

مجموعة مقابلات صحفية مع رئيس الجمهورية عبد السلام عارف 1963 .

سلسلة محاضر مجلس الوزراء 1963 - 1966 .

احمد منصور و عارف عبد الرزاق.مقابلة.سلسلة برنامج شاهد على العصر .الجزيرة الفضائية.2002 .

صبحي عبد الحميد .مقابلة مع تلفزيون الشرقية الفضائية. 2006 .

صبحي عبد الحميد .مقابلة مع تلفزيون البغداديةالفضائية. 2006 .

د. عبد اللطيف البدري .مقابلة مع تلفزيون البغدادية الفضائية. 2006 .

مذكرات حازم جواد

يوميات العميد رشاد البكري