أكراد العراق هم جزء من الشعب الكردي الذي يستوطن الحدود الحالية لجمهورية العراق. تعتبر مسألة اكراد العراق الأكثر جدلا والأكثر تعقيدا في القضية الكردية لكونها نشأت مع بدايات إقامة المملكة العراقية عقب الحرب العالمية الأولى وكان الطابع المسلح متغلبا على الصراع منذ بداياته ولكون العراق دولة ذات خليط عرقي و ديني و طائفي معقد فإن الأكراد العراقيين غالبا ما وصفوا بكونهم أصحاب نزعات إنفصالية و إنهم لم يشعروا بالإنتماء إلى العراق بحدوده الحالية. نشأت نتيجة هذا الصراع الطويل تيارات تؤمن بأن الأكراد الذين يستوطنون العراق قد قدموا من خارج العراق.
في مقابلة مع الزعيم الكردي جلال طالباني أجراه تلفزيون هيئة الأذاعة البريطانية يوم 8 ابريل 2006 صرح طالباني إن فكرة إنفصال اكراد العراق عن جمهورية العراق امر غير وارد و غير عملي لكون اكراد العراق محاطين بدول ذات أقليات كردية لم تحسم فيها القضية الكردية بعد وإذا ماقررت هذه الدول غلق حدودها فإن ذلك الإجراء يكون كفيلا بإسقاط الكيان المنفصل من العراق. تم استعمال القضية الكردية في العراق كورقة ضغط سياسية من الدول المجاورة فكان الدعم و قطع الدعم للحركات الكردية تعتمد على العلاقات السياسية بين بغداد و دمشق و طهران و أنقرة وكان الزعماء الأكراد يدركون هذه الحقيقة وهناك مقولة مشهورة للزعيم الكردي مصطفى بارزاني مفاده "ليس للاكراد اصدقاء حقيقيون".
نتيجة الطبيعة المعقدة للمسألة الكردية في العراق إنبعثت الكثير من نظريات المؤامرة وخاصة اثناء فترة إنتشار الأفكار القومية العربية حول زعماء الحركات الكردية ومنها على سبيل المثال إتهام محمود الحفيد بمحاولة فصل جزء من العراق علما بان المنطقة الكردية في العراق لم تكن قد الحقت رسمياً بالعراق آنذاك، عندما بدأ الحفيد حركته عام 1919 وايضا الأتهامات التي وجهت إلى مصطفى بارزاني بالتعاون مع إسرائيل، وتحديداً جهاز مخابراتها (الموساد) وأن الحكومة الإسرائيلية قدمت له الدعم السخي لقاء اشغاله الجيش العراقي في عمليات ما يسمى بـ(حركات الشمال)، حتى لا يتفرغ لمقاتلة الجيش الإسرائيلي وإن إقامة اي كيان كردي سيكون في مصلحة إسرائيل . كانت هناك بالفعل علاقة بين حركة البارزاني و إسرائيل من 1965 إلى 1975 ولكن هذه العلاقة وعلى لسان الزعيم الكردي مسعود بارزاني "احدى الهفوات التي ارتكبتها الحركة الكردية في مسيرتها التاريخية، حيث لم تجن منها غير نقد الاعلام العربي واعلام دول الجوار الاخرى التي جعلتها قميص عثمان (اتهام جاهز) كلما ارادوا النيل من الكرد" [1].
فهرس |
تاريخ الأكراد |
---|
مانيون |
كاردوخيون |
ميديون |
هزوانيون |
شداديون |
حسنويون |
عنازيون |
مروانيون |
أيوبيون |
بدليسيون |
أردلانيون |
بهدينانيون |
سورانيون |
بابانيون |
هناك قناعة لدى بعض الأكراد إن اكراد العراق هم أحفاد موجات متعاقبة من الشعوب التي إستوطنت المنطقة منذ القدم إما عن طريق الغزو او الهجرة و يرى اكراد العراق ان وجودهم في المنطقة منذ آلاف السنين يجعل الجدل حول الجذور العريقة للاكراد امرا غير مثمرا على الإطلاق فحتى إذا كانت الجذور الأصلية لأكراد اليوم تقع خارج الحدود الحالية للعراق فإن هذا الجدل لن يغير من الواقع السياسي و التأريخي شيئا. هناك العديد من النظريات حول العمق التأريخي لتواجد الأكراد في المنطقة و منها:
جاء قرار تشكيل دولة العراق بموجب مؤتمر القاهرة الذي عقدته المملكة المتحدة في مارس 1921 في القاهرة لبحث شؤون الشرق الأوسط وتم القرار على إنشاء دولة ملكية في العراق وتنصيب فيصل بن حسين ملكا عليها في 23 اغسطس 1921 بعد إستفتاء وحسب كتاب "المسألة الكردية" للمؤلف م. س. لازاريف "لم يرحب به معظم الكرد" [9]. واجه الكيان الجديد منذ تأسيسه مشاكل متعددة فلم يألف سكان الولايات العثمانية الثلاث ( الموصل ، بغداد ، البصرة ) كيانا سياسيا متماسكا من قبل وكانت الولايات الثلاث تتميز بخصائص قومية و طائفية خاصة تختلف كل منها عن الأخرى وكان الإسلام هو الرابط الرئيسي بين هذه الولايات الثلاث ولكن الدين وحده لم يكن كافيا في ذلك الوقت لتوحيد هذه الولايات الثلاث حيث عارض وجهاء البصرة الإنضمام إلى الدولة العراقية وقاموا بإرسال رسالة إلى المندوب السامي البريطاني بيرسي كوكس في 13 اغسطس 1921 وطالبوا فيها بإنشاء إدارة سياسية مستقلة في البصرة [10] وفي ولاية الموصل سعى الأكراد بمن فيهم كبار خطباء المساجد و علماء الدين إلى تشكيل دولة مستقلة تحت الإنتداب البريطاني وإستنادا إلى كتاب "المفكرة الخفية لحرب الخليج" للمؤلفين بيار سالنجر و اريك لوران فإن "العراق كان كيانا مصطنعا ومن صنع وزير المستعمرات البريطانية آنذاك (تشرشل) الذي خطرت له فكرة الجمع بين حقلي نفط متباعدين بدمج فئات مختلفة من الأديان و الأعراق و الطوائف" [11] [12] وقد أدرك هذا الملك فيصل نفسه وإستنادا إلى عبد الكريم الأزري في كتابه "مشكلة الحكم في العراق" و ناجي شوكت في كتابه "سيرة و ذكريات 80 عاما" فإن الملك فيصل الأول كتب في عام 1931 مذكرة مشهورة جاء فيها "إن البلاد العراقية هي جملة من البلدان التي ينقصها أهم عنصر من عناصر الحياة الاجتماعية ذلك هو الوحدة الفكرية و القومية و الدينية فهي والحالة هذه مبعثرة القوى منقسمة على بعضها و بالإختصار اقول وقلبي يملؤه الأسى إنه في إعتقادي لايوجد في العراق شعب عراقي بعد بل توجد كتلات بشرية خالية من اي فكرة وطنية ، هذا هو الشعب الذي اخذت مهمة تكوينه على عاتقي" [13].
بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية عقب الحرب العالمية الأولى أصبح العراق تحت الإنتداب او الإحتلال البريطاني ولكون خريطة العراق الحالية كانت لاتزال في طور التكوين حاولت تركيا إستمالة محمود الحفيد (1881 - 1956) إلى جانبها رغبة منها في إلحاق ولاية الموصل السابقة إلى الجمهورية التركية الحديثة وكان التركيز على محمود الحفيد سببه المكانة الدينية المرموقة لأسرة الحفيد في صفوف الأكراد. إلا ان الحفيد كان له تطلعات قومية فقام بالإتصال بالإنكليز ووعدهم بالسيطرة على الحامية التركية التي كانت ما تزال باقية في السليمانية ، لقاء منحه امتيازات في إدارة شؤون المدينة ، وتشكيل حكومة كردية برئاسته على أن تكون تحت ظل الانتداب البريطاني [14]. نتيجة لهذا التعهد دخلت القوات البريطانية إلى السليمانية وتم تعين محمود الحفيد حاكما على السليمانية بشرط تعين ظابط بريطاني كمستشار له وبدأ العمل في تشكيل الحكومة الكردية التي وعد الإنكليز محمود الحفيد بها [15] طبقا لمعاهدة سيفر حيث جاء في المادة 64 من معاهدة سيفر مايلي "إذا حدث، خلال سنة من تصديق هذه الاتفاقية أن تقدم الكرد القاطنون في المنطقة التي حددتها المادة (62) إلى عصبة الأمم قائلين أن غالبية سكان هذه المنطقة ينشدون الإستقلال عن تركيا، وفي حالة اعتراف عصبة الأمم أن هؤلاء السكان أكفاء للعيش في حياة مستقلة وتوصيتها بمنح هذا الإستقلال، فإن تركيا تتعهد بقبول هذه التوصية وتتخلى عن كل حق في هذه المنطقة. وستكون الإجراءات التفصيلية لتخلي تركيا عن هذه الحقوق موضوعا لإتفاقية منفصلة تعقد بين كبار الحلفاء وبين تركيا. وإذا ما تم تخلي تركيا عن هذه الحقوق فإن الحلفاء لن يثيروا أي اعتراض ضد قيام أكراد ولاية الموصل ( بالانظمام الإختياري إلى هذه الدولة الكردية". لكن البريطانيين تنكروا لبنود معاهدة سيفر مما حدى بالحفيد إلى إعلان الثورة على الحكم البريطاني وقام بالسيطرة على مدينة السليمانية في 21 مايو 1919 وطرد القوات البريطانية في المدينة وتمكن من أسر عدد من الضباط الإنكليز وأعلن تشكيل دولة كردية،وأعلن نفسه ملكا عليها ،واتخذ له علماً خاصاً بدولته [16].
حشد البريطانيون قوة عسكرية كبيرة مدعوما بالطائرات الحربية وتمكنت من إلحاق الهزيمة بقوات محمود الحفيد وتم إعتقال الحفيد مع صهره شیخ محمد غریب وتم نفيهما إلى [[الهند[ جزیره الاندامان]] وبقوا فيها منفيا حتى عام 1922 ولكن البريطانيون اضطروا إلى إعادته إلى السليمانية مرة اخرى بسبب الإضطرابات السياسية التي اعقبت نفيه وبعد رجوعه قام الحفيد مرة اخرى بطرد الإنكليز من السليمانية في 11 يوليو 1923 ومرة اخرى تمكن البريطانيون اثناء حكومة ياسين الهاشمي من إعادة السليمانية إلى حدود المملكة العراقية الحديثة التي لم تكن لحد تلك اللحظة تضم ولاية الموصل حيث تم ضم الموصل إلى حدود المملكة العراقية في فبراير 1925 بناءا على توصية من عصبة الأمم [17] [18].
احدث توقيع نوري السعيد معاهدة 30 اغسطس 1930 إحتجاجا واسعا من قبل الأكراد ومظاهرات ضد المعاهدة وضد حكومة نوري السعيد فقام محمود الحفيد للمرة الثالثة بتحشيد اتباعه وطرد الإنكليز من منطقة نفوذه و أضاف عليه هذه المرة مذكرة إلى المندوب السامي البريطاني يطالبه بإنشاء دولة كردية في منطقة كردستان تمتد من زاخو وحتى خانقين [19]. وللمرة الثالثة تمكن الإنكليز وقوات الحكومة العراقية من إلحاق الهزيمة به وقام الحفيد بتسليم نفسه في 13 مايو 1931 وتم إبعاده إلى مدينة السماوة ،ثم نقل إلى مدينة الناصرية ، وأخيراً تم نقله إلى قصبة عانه ،ثم سمحت له الحكومة بالإقامة في بغداد وقررت مصادرة كافة أملاكه في السليمانية. ولم تلق تلك المعاهدة إستنكارا من الأكراد فقط بل قوبلت برفض شديد من قطاعات واسعة من الشعب العراقي بما فيهم سياسيون كبار وتم وصفه بمحاولة نوري السعيد وضع العراق تحت الأحتلال البريطاني التي هو أسوء بكثير من الأنتداب حيث قال ياسين الهاشمي "لم تضف المعاهدة شيئاً إلى ما كسبه العراق بل زادت في أغلاله ، وعزلته عن الأقطار العربية ، وباعدت ما بينه وبين جارتيه الشرقيتين وصاغت لنا الاستقلال من مواد الاحتلال ،ورجائي من أبناء الشعب أن لا يقبلوها" وقال عنها حكمت سليمان "المعاهدة الجديدة تضمن الاحتلال الأبدي ، ومنحت بريطانيا امتيازات دون عوض أما ذيولها المالية ، فإنها تكبد العراق أضراراً جسيمة دون مبرر" وقال عنها رشيد عالي الكيلاني "إن أقل ما يقال عن هذه المعاهدة أنها استبدلت الانتداب الوقتي باحتلال دائم وأضافت إلى القيود والأثقال الحالية قيودأ، واثقالاً أشد وطأة" [20]
تزامنت حركة محمود الحفيد في السليمانية مع حركة كردية أخرى في منطقة بارزان بقيادة أحمد بارزاني (1892 - 1969) الأخ الأكبر لمصطفى بارزاني وإستنادا إلى المؤرخ العراقي عبدالرزاق الحسني فإنه كانت هناك تقارير عن اتصالات بين أحمد بارزاني و الفرنسيين في سوريا من اجل الحصول على الدعم ونيل الإستقلال ولكن فرنسا فضلت إثارة حالة عدم الإستقرار في العراق لكي تضمن إستمار وضع سوريا تحت إنتدابها.
في ابريل 1931 رفع أحمد بارزاني طلبا إلى عصبة الأمم حول منح الأكراد الحكم الذاتي . في يناير 1932 شن الجيش العراقي الحديث مدعوما بسلاح الجو البريطاني هجوما واسعا على منطقة بارزان وتم نفي احمد بارزاني إلى السليمانية ثم جنوب العراق ولكن الحركة إستمرت بقيادة مصطفى بارزاني الأخ الأصغر لأحمد بارزاني الذي إستطاع ان يفلت من منفاه في السليمانية وعاد إلى منطقة بارزان عبر الأراضي الأيرانية في 28 يوليو 1943 وقام بجولة في قرى منطقة بارزان و إنظم اليه عدد كبير من رجال تلك القرى وفي 2 أكتوبر 1943 إندلعت الشرارة الأولى لحركة مصطفى بارزاني حيث إستولى نحو 30 مسلحا عل مخفر للشرطة في منطقة شانه ده ر و إمتدت إلى مناطق اخرى وتم السيطرة على 17 مخفرا للشرطة وكانت مطالب البارزاني هي التالية:
تمت سلسلة من الاجتماعات بين بارزاني و نوري السعيد و وصي العرش عبد الإله والسفير البريطاني في بغداد وأظهر نوري السعيد إستعدادا لتنفيذ مقترحات بارزاني إلا انه قوبل بمعارضة شديدة من وزراءه واعضاء مجلس النواب وبدأت إشاعات بالإنتشار بان نوري السعيد من اصل كردي وإنه تزوج من كردية وتحت هذه الضغوط إضطر السعيد إلى تقديم إستقالته وفشل الحوار وبدأ القتال مرة اخرى في 13 اغسطس 1945 حيث شنت القوات العراقية و القوة الجوية البريطانية هجوما على معاقل مصطفى بارزاني وبعد معارك عنيفة قام البارزاني مع 1000 من اتباعه بالإنسحاب إلى إيران ثم إلى الاتحاد السوفيتي.
في عام 1945 و بدعم من الاتحاد السوفيتي شكل أكراد إيران أول جمهورية كردية في مهاباد في إيران، خدم البارزاني كوزير للدفاع لجمهورية مهاباد التي كان عمرها قصيرا فبعد 11 أشهر من نشوئها تم القضاء عليها من قبل الحكومة الأيرانية بعد انسحاب القوات السوفيتية من الاراضي الإيرانية حيت دخلت القوات السوفيتية جزءا من الاراضي الإيرانية ابان الحرب العالمية الثانية. في عام 1958 و مع إعلان الجمهورية العراقية دعى الزعيم العراقي عبد الكريم قاسم البارزاني للعودة الي العراق وبدأت مناقشات حول اعطاء الاكراد بعض الحقوق القومية لكن تطلعات البارزاني فاقت ما كان في نية عبدالكريم قاسم اعطاءه للأكراد ممى ادى إلى نشوب الصراع مرة اخرى حيث قام عبدالكريم قاسم بحملة عسكرية على معاقل البارزاني عام 1961 [21] [22] [23] [24].
بعد الأطاحة بعبدالكريم قاسم في 9 فبراير 1963 من قبل البعثيين الذين استلموا مناصب الحكم بعد الإنقلاب عليه، وعينوا عبدالسلام عارف رئيسا جديدا للجمهورية العراقية.وفي اواخر مارس 1963 سافر وفد كردي برئاسة عضو المكتب السياسي في الحزب الديمقراطي الكردستاني ، آنذاك ، جلال طالباني إلى بغداد لكن هذه المحادثات لم تفض إلى نتائج عملية . أطاح عبدالسلام عارف بحزب البعث في 18 نوفمبر 1963 واخذ عارف يتقرب من القاهرة و موسكو ويزيد من تسليح الجيش العراقي مما اثارت مخاوف إيران وقامت طهران تتدخل بالقضية الكردية وبدأت في ذلك الفترة ايضا بوادر إنشقاق وصراع داخلي في الحزب الديمقراطي الكردستاني حيث بدأت خلافات جوهرية تظهر بين ابراهيم أحمد و جلال طالباني اللذان كانا اعضاء اللجنة المركزية للحزب من جهة و مصطفى البارزاني و مؤيديه من جهة اخرى فدعى إبراهيم احمد إلى تجريد مصطفى بارزاني من صلاحيات كرئيس للحزب فانفصل إبراهيم أحمد و جلال طالباني عن الحزب الديمقراطي الكردستاني ليشكلوا المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني وفي عام 1966 شكلت المجموعة المنشقة حلفا مع الحكومة العراقية برئاسة عبدالرحمن عارف وشاركت في حملة عسكرية ضد الحزب الديمقراطي الكردستاني. في عام 1968 وقبل مجيئ حزب البعث للسلطة قام بارزاني بزيارة سرية إلى طهران وضمن الشاه محمد رضا بهلوي في تلك الزيارة الدعم للبارزاني وحركته [25].
تزامن وصول حزب البعث للسلطة في يوليو 1968 مع مجموعة من التغيرات السياسية و الإقليمية التي كانت في صالح حركة مصطفى بارزاني فالدعم الأيراني للحركة زاد من القوة القتالية للاكراد وتكبدت القوات العراقية خسائر كبيرة وحسب تقارير مجلة نيو ميدل أيست البريطانية فإن الحرب العراقية ضد الكرد كلفت ميزانية العراق في 1969 بما يقارب 30% ومن ناحية اخرى اعلن الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون إن الولايات المتحدة مصممة على دعم الأنظمة المؤيدة لبلاده ومن ضمنها إيران . كل هذه العوامل ادت إلى خشية بغداد من تعاظم الدور الإيراني في المنطقة فقامت الحكومة العراقية بعرض المفاوضات مع بارزاني.
في 11 مارس 1970 م تم التوقيع على اتفاقية الحكم الذاتي للأكراد بين الحكومة العراقية والزعيم الكردي الملا مصطفى البارزاني وفيه اعترفت الحكومة العراقية بالحقوق القومية للأكراد مع تقديم ضمانات للأكراد بالمشاركة في الحكومة العراقية واستعمال اللغة الكردية في المؤسسات التعليمية ولكن لم يتم التوصل إلى حل حاسم بشأن قضية كركوك التي بقيت عالقة بانتظار نتائج إحصائات لمعرفة نسبة القوميات المختلفة في مدينة كركوك.
هذه العملية الإحصائية كانت أمل الأكراد بإظهار الهوية الكردية لمدينة كركوك نتيجة لقناعة الأكراد بتفوقهم العددي في مدينة كركوك وضواحيها بالإضافة إلي مدينة خانقين الواقعة جنوب شرقي مدينة كركوك. تم التخطيط لإجراء تلك الإحصائية المهمة عام 1977 م ولكن اتفاقية آذار كانت ميتة قبل ذلك التاريخ حيث ساءت علاقات الحكومة العراقية مع الزعيم الكردي الملا مصطفى البارزاني وخاصة عندما أعلن البارزاني رسميا حق الأكراد في نفط كركوك. اعتبرت الحكومة العراقية إصرار الأكراد بشأن كردية كركوك كإعلان حرب حيث حدى بالحكومة العراقية في آذار 1974 م إلى إعلان الحكم الذاتي للأكراد من جانب واحد فقط دون موافقة الأكراد الذين اعتبروا الإتفاقية الجديدة بعيدة كل البعد عن إتفاقيات سنة 1970 حيث لم تعتبر إعلان 1974 مدينة كركوك و خانقين وجبل سنجار من المناطق الواقعة ضمن مناطق الحكم الذاتي للأكراد وقامت الحكومة العراقية بالإضافة إلى ذلك بإجراءات إدارية شاملة في مدينة كركوك كتغير الحدود الإدارية للمدينة بشكل يضمن الغالبية العددية للعرب في كركوك وأطلقت تسمية محافظة التأميم على المنطقة.
في تلك الأثناء كانت بغداد تندفع بخطوات سريعة نحو موسكو وكان الإسرائيليون يلحون على الكرد ضرورة إشغال القوات العراقية في صراعات داخلية بهدف تخفيف الضغط على جبهتهم مع سوريا وقامت واشنطن بعد اجتماع سري بين محمود عثمان و ريتشارد هيلمز رئيس وكالة المخابرات الأمريكية بتقديم مساعدات مالية وعسكرية محدودة إلى الأكراد عن طريق إيران كل هذه الضغوط ولغرض اخماد الصراع المسلح للاكراد اجبرت القيادة العراقية على توقيع اتفاقية الجزائر والقبول بنقطة خط القعر في شط العرب كحدود رسمية بين العراق و إيران وكان هذا تراجعا عن مذكرة عام 1969 حيث بلغ العراق الحكومة الأيرانية ان شط العرب كاملة هي مياه عراقية ولم تعترف بفكرة خط القعر ، ونقطة خط القعر هي النقطة التي يكون الشط فيها باشد حالات انحداره. وكانت هذه الإتفاقية كفيلة بسحب دعم الشاه للحركة الكردية التي إنهارت تماما في عام 1975 وانتهى المطاف بالبارزاني إلي الولايات المتحدة الأمريكية حيث توفي فيها عام 1979 في مستشفى جورج واشنطن.
من أهم الاحداث في تاريخ خانقين سنار مريض وبطنه توجعه (كناحه)