عالم حجازي |
|
---|---|
الاسم : | جعفر الصادق |
مكان الميلاد : | المدينة المنورة بالحجاز |
مدرسة الفقه (المذهب) : | جعفري |
العقيدة : | شيعة |
أفكار مميزة : | المذهب الجعفري |
تأثر بـ : | محمد الباقر |
أثر بـ : | موسى الكاظم |
الإمام جعفر الصادق (ولد يوم 17 ربيع الأول 83 هـ في المدينة المنورة وتوفي فيها عام 148هـ)
هو أبو عبد الله جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين السبط بن علي بن أبي طالبوام الامام جعفر الصادق هي فاطمة بنت القاسم بن محمد بن ابي بكر الصديق (أبو بكر الصديق هو الصحابي المعروف و الخليفة الأول بعد الرسول ص ), وامها اسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر لقب بالصادق لأنه لم يعرف عنه الكذب حسب الرواية الشيعية.
يعتبر الإمام السادس لدى الشيعة الإمامية (الإثنا عشرية) و (الإسماعيلية) و إليه ينسبون انتشار مدرستهم الفقهية. و لذلك يطلق على الشيعة الاثني عشرية والإسماعيلية مسمى الجعفرية نسبة �جعفر الصادق. بينما ينكر بعض أهل السنة ذلك، ويعتبرون نسبة المذهب الجعفري إليه افتراء.
استطاع أن يؤسس في عصره مدرسة فقهية وتتلمذ على يده العديد من العلماء. و يقال إنه من أوائل الرواد في علم الكيمياء حيث تتلمذ عليه جابر بن حيان،[1] [2] و إن كان هناك من المؤرخين من شكّك في ذلك.[3]
وقد كني الإمام الصادق بعدة كنى منها أبو عبدالله (وهي أشهرها) وأبو إسماعيل وأبو موسى. ولقب بالصادق، والفاضل، والطاهر، والقائم، والكامل، والمنجي. وكان يوصف بأنه ربعة، ليس بالطويل ولا بالقصير، أبيض الوجه، أزهر له لمعان كأنه السراج، أسود الشعر، جعده، أشم الأنف قد انحسر الشعر عن جبينه فبدا مزهراً، وعلى خده خال أسود.
اعتبر أعلم العلويين في زمانه بالاتّفاق ، وأنبههم ذكراً ، وأعلاهم قدراً ، وأعظمهم منزلة عند العامّة والخاصة، ولم يُنقل عن أحد من سائر العلوم ما نقل عنه ، فإن أصحاب الحديث قد جمعوا أسامي الرواة عنه من الثقات على اختلافهم في المقالات والديانات فكانوا أربعة آلاف رجل [4]
. وكان يقول : «حديثي حديث أبي ، وحديث أبي حديث جدّي ، وحديث جدّي حديث عليّ بن أبي طالب أميرالمؤمنين ، وحديث أمير المؤمنين حديث رسول الإسلام صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وحديث رسول الإسلام صلى الله عليه وآله وسلّم حديث الله عزّ وجلّ » . قال أبو حنيفة: ما رأيت أفقه من جعفر بن محمّد) ، وقد حضر عنده هو ومالك بن أنس وغيرهما من أئمّة أهل السنّة، وفي مختصر التحفة الاثنا عشرية عن أبي حنيفة إنّه قال: لولا السنتان لهلك النعمان، يعني السنتين اللتين حضر فيهما عند الامام الصادق، وقال ابن حبّان : من سادات أهل البيت فقهاً وعلماً وفضلاً.(سير أعلام النبلاء 6/257 ).
دخل اليه سفيان الثوري يوماً فسمع منه كلاماً اعجبه فقال : هذا واللّه يا ابن رسول اللّه الجوهر، فقال له : بل هذا خير من الجوهر، وهل الجوهر الا الحجر. وروي عن سفيان ايضاً انه قال للصادق : يا ابن رسول اللّه لم جعل الموقف من وراء الحرم ولم يصر في المشعر فقال : الكعبة بيت اللّه والحرم حجابه والموقف بابه فلما قصدوه وقفهم بالباب يتضرّعون، فلما اذن لهم بالدخول ادناهم من الباب الثاني وهو المزدلفة فلما نظر إلى كثرة تضرعهم وطول اجتهادهم رحمهم، فلما رحمهم امرهم بتقريب قربانهم، فلما قربوا قربانهم وقضوا تفثهم وتطهّروا من الذنوب، امرهم بالزيارة لبيته، فقال له سفيان : فلم كره الصوم ايام التشريق، قال : لأنهم في ضيافة اللّه ولا يحب للضيف ان يصوم قال سفيان : جعلت فداك فما بال الناس يتعلقون بأستار الكعبة وهي خرق لا تنفع شيئاً فقال : ذلك مثل رجل بينه وبين آخر جرم، فهو يتعلق به ويطوف حوله رجاء ان يهب له جرمه.
وروى ابن شهرآشوب عن مسند ابي حنيفة قال الحسن بن زياد : سمعت أبا حنيفة وقد سئِل من افقه من رأيت، قال : جعفر بن محمد ، لما اقدمه المنصور، بعث اليّ، فقال: يا أبا حنيفة ان الناس قد فتنوا بجعفر بن محمد فهيئ له من مسائلك الشداد، فهيأت له اربعين مسألة، ثم بعث اليّ أبو جعفر وهو بالحيرة فاتيته فدخلت عليه وجعفر بن محمد جالس عن يمينه فلما بصرت به دخلني من الهيبة لجعفر ما لم يدخلني لابي جعفر، فسلمت عليه، فأومأ اليّ فجلست، ثم التفت اليه فقال : يا أبا عبد اللّه هذا أبو حنيفة، قال : نعم أعرفه، ثم التفت إليَّ فقال : يا أبا حنيفة الق على ابي عبد اللّه من مسائلك، فجعلت القي عليه فيجيبني فيقول انتم تقولون كذا واهل المدينة يقولون كذا فربما تابعنا وربما تابعهم وربما خالفنا جميعاً حتى اتيت على الأربعين مسألة فما اخلّ منها بشيء ثم قال أبو حنيفة : اليس ان اعلم الناس اعلمهم باختلاف الناس.
وكان يأمر بإعطاءأجوراالعملة قبل أن يجف عرقهم، وروي أنه كان يتلو القرآن في صلاته فغشي عليه، فسئل عن ذلك فقال : ما زلت أكرر آيات القرآن حتى بلغت إلى حال كأنني سمعتها مشافهة ممن أنزله.
وكتب ابن خّلكان المؤرخ الشهير : أبو عبد الّله جعفر بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الّله عنهم أجمعين، أحد الأئمة الاثني عشر على مذهب الإمامية، و كان من سادات آل البيت،ولقّب بالصادق لصدقه، وفضله أشهر من أن يذكر، وكان أبو موسى جابر بن حيان الطوسي تلميذاً عنده، وصنف جابر كتاباً في ألف ورقة يتضمن رسائل الإمام جعفر الصادق وهي خمسمائة رسالة.
تؤمن الطائفة الإثناعشرية بعصمة الإمام جعفر الصادق كعصمة الرسول ص إلا أنه ليس بنبي ، وبالتالي فإن الامام جعفر الصادق غير خاضع للجرح والتعديل ، وكما أن الامام جعفر الصادق يتم أخذ الحديث عن الرسول ص وإن كان بدون إسناد متصل وذلك لعصمته وصدقه فيما يقول ، كما أن فقه الامام جعفر وتعاليمه التي تثبت عنه ويتم ثبوت صحتها عنه فلا يجوز تجاوزها أو الإعتراض عليها ، « فالحديث عند الشيعة الإثناعشرية هو كلامٌ يحكي قول المعصوم أو فعله أو تقريره ، و بهذا الاعتبار ينقسم إلى الصحيح و مقابله ، و بهذا عُلم أن مالا ينتهي إلى المعصوم ليس حديثاً ، و أما العامة (يقصد أهل السنة والجماعة) فاكتفوا فيه بالانتهاء إلى أحد الصحابة و التابعين ، و لأجل التمييز بين القسمين ربما يسمّون ما ينتهي إلى الصحابة و التابعين بالأثر.[5]».
والجدير بالذكر أن الامام جعفر هو أكثر الأئمة رواية في كتب الحديث عن الإثناعشرية ، بل إن الطائفة الإثناعشرية تلقب نفسها بلقب الجعفرية نسبة لجعفر الصادق.
يرى أهل السنة والجماعة أن جعفر الصادق إمام من أئمة أهل السنة والجماعة ، وأنه ثقة مأمون ولا حاجة في نقل أقوال ائمة الحديث فيه فهي طافحة في الثناء عليه والمدح فيه ، ولكنه كغيره من الأئمة يأخذ منه ويرد ولا معصوم عند أهل السنة والجماعة إلا الرسول ص ، ويرى أهل السنة والجماعة أنه من الطبيعي أن يسبق بعض من هم ليسوا من آل بيت الرسول ص من هم من آل بيت الرسول ص في العلم والفقه والحفظ ، مع الإحتفاظ بالاحترام والتقدير لمن كان من آل بيت الرسول ص ، كما يرى أهل السنة والجماعة أن الإثنا عشرية رفضت روايات وفقه لأهل البيت كالسيدة عائشة أم المؤمنين وزوجة الرسول ص ، بل وكذلك رفضت روايات بعض أبناء الأئمة الإثنا عشر كعبد الله بن جعفر الصادق [6] و جعفر بن علي الهادي.
تميز عصر الإمام الصادق بأنه عصر النمو والتفاعل العلمي والحضاري بين الثقافة والتفكير الإسلامي من جهة, وبين ثقافات الشعوب ومعارف الأمم وعقائدها من جهة أخرى. ففي عصره نمت الترجمة, ونقلت كثير من العلوم والمعارف والفلسفات من لغات أجنبية إلى اللغة العربية, وبدأ المسلمون يستقبلون هذه العلوم والمعارف وينقحّونها أو يضيفون إليها, ويعمقون أصولها, ويوسعون دائرتها. فنشأت في المجتمع الإسلامي حركة علمية و فكرية نشطة.
وسط هذه الأجواء والتيارات والمذاهب والنشاط العلمي والثقافي, عاش الإمام الصادق ومارس مهماته ومسؤولياته العلمية والعقائدية كإمام وأستاذ, وعالم فذّ لا يدانيه أحد من العلماء, ولا ينافسه أستاذ أو صاحب معرفة, فقد كان قمة شامخة ومجدا فريدا فجّر ينابيع المعرفة, وأفاض العلوم والمعارف على علماء عصره وأساتذة زمانه فكانت أساسا وقاعدة علمية وعقائدية متينة ثبت عليها البناء الإسلامي, و اتسعت من حولها آفاقه ومداراته. وقد اشتهر الإمام الصادق بغزارة العلوم ولا سيما في الطب والكيمياء وخلف آثارا عجيبة من ذلك (طب الصادق) و(أماليه). هذا بالإضافة إلى علم الكلام والفقه والحديث و قد روى جابر بن حيان الكيمياوي العربي الشهير الشيء الكثير من الآراء الكيمياوية في مؤلفاته عن الإمام جعفر الصادق .
و في (حليه الأولياء) لأبي نعيم بعد ما جاء بأسماء أعلام الإسلام روايتهم عنه قال, واخرج عنه مسلم في صحيحه محتجا بحديثه, وكان مالك بن انس إذا حدث عنه قال "حدثني الثقة بعينه" و"ما رأت عين, و لا سمعت أذن, ولا خطر على قلب بشر, أفضل من جعفر الصادق, فضلاً وعلماً وعبادةً وورعاً".
لقد كان للإمام جعفرالصادق كثير من المناظرات مع العلماء و غيرهم في الدين و العلوم الإنسانية المختلفة، و قد اتبع الإمام الصادق منهجاً منطقيا تسلسليا في المناظرة و النقاش و هو أسلوب علمي يبرز مكانته العلمية و قدرته على استحضار كافة جوانب الموضوع و حضور البديهة في الرد.
ما روي [11] أنه وفد ابن شبرمة مع الإمام أبي حنيفة على الإمام الصادق فقال لابن شبرمة. «مَن هذا الذي معك؟» فأجابه قائلاً : رجل له بصر، و نفاذ في أمر الدين.
فقال له الإمام جعفر الصادق : « لعله الذي يقيس أمر الدين برأيه؟» فأجابه: نعم.
والتفت الإمام جعفر الصادق إلى أبي حنيفة قائلاً له: «ما اسمك ؟» فقال: النعمان.
فسأله الإمام جعفر الصادق: «يا نعمان ! هل قست رأسك ؟»
فأجابه : كيف أقيس رأسي؟.
فقال له الإمام جعفر الصادق: « ما أراك تحسن شيئاً. هل علمت ما الملوحة في العينين ؟ والمرارة في الاُذنين ، والبرودة في المنخرين والعذوبة في الشفتين؟
فأنكر أبو حنيفة معرفة ذلك ووجّه الإمام جعفر الصادق إليه السؤال التالي: « هل علمت كلمة أوّلها كفر، وآخرها إيمان ؟» فقال:لا .
والتمس أبو حنيفة من الإمام جعفر الصادق أن يوضّح له هذه الاُمور فقال الإمام جعفر الصادق: «أخبرني أبي عن جدّي رسول الإسلام (صلى الله عليه وآله) أنه قال: إن الله بفضله ومنّه جعل لابن آدم الملوحة في العينين ليلتقطا ما يقع فيهما من القذى ، وجعل المرارة في الاذنين حجاباً من الدوابّ فإذا دخلت الرأس دابّة ، والتمست إلى الدماغ ، فإن ذاقت المرارة التمست الخروج، وجعل الله البرودة في المنخرين يستنشق بهما الريح ولولا ذلك لانتن الدماغ ، وجعل العذوبة في الشفتين ليجد لذة استطعام كل شيء».
والتفت أبو حنيفة إلى الإمام الإمام جعفر الصادق قائلاً : أخبرني عن الكلمة التي أوّلها كفر وآخرها إيمان ؟
فقال له الإمام جعفر الصادق: «إن العبد إذا قال: لا إله فقد كفر فإذا قال إلاّ الله فهو الإيمان » .
وأقبل الإمام على أبي حنيفة ينهاه عن العمل بالقياس حيث قال له: « يا نعمان حدثني أبي عن جدّي رسول الإسلام (صلى الله عليه وآله) إنه قال : أول من قاس أمر الدين برأيه إبليس ، قال له الله : اسجد لآدم فقال: ( أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ) » .
و التقى أبو حنيفة مرّة اُخرى بالإمام الصادق فقال له الإمام : «ما تقول في محرم كسر رباعية ظبي ؟».
فأجابه أبو حنيفة: ياابن رسول الإسلام ما أعلم ما فيه.
فقال له الإمام جعفر الصادق : « ألا تعلم أن الظبي لا تكون له رباعية ، وهو ثني أبداً ؟!» .
ثم التقى أبو حنيفة مرّة ثالثة بالإمام جعفر الصادق ، وسأله الإمام جعفر الصادق عن بعض المسائل ، فلم يجبه عنها.
وكان من بين ما سأله الإمام جعفر الصادق هو : « أيّهما أعظم عند الله القتل أو الزنا ؟» فأجاب : بل القتل.
فقال الإمام جعفر الصادق: « كيف رضي في القتل بشاهدين، ولم يرضَ في الزنا إلاّ بأربعة ؟»
ثم وجّه الإمام جعفر الصادق إلى أبي حنيفة السؤال التالي : «الصلاة أفضل أم الصيام؟» فقال: بل الصلاة أفضل .
فقال الإمام جعفر الصادق : « فيجب ـ على قياس قولك ـ على الحائض قضاء ما فاتها من الصلاة في حال حيضها دون الصيام، وقد أوجب الله قضاء الصوم دون الصلاة؟!» .
ثم سأله جعفر الصادق: « البول أقذر أم المني ؟» فقال له : البول أقذر .
فقال جعفر الصادق: « يجب على قياسك أن يجب الغسل من البول; لأنه أقذر، دون المنيّ ، وقد أوجب الله الغسل من المنيّ دون البول ».
ثم قال الإمام جعفر الصادق: « ما ترى في رجل كان له عبد فتزوّج ، وزوّج عبده في ليلة واحدة فدخلا بأمراتيهما في ليلة واحدة، ثم سافرا وجعلا إمرأتيهما في بيت واحد وولدتا غلامين فسقط البيت عليهم فقتلت المرأتان ، وبقي الغلامان أيهما في رأيك المالك ؟ وأيّهما المملوك وأيّهما الوارث ؟ وأيّهما الموروث ؟».
وهنا أيضاً صرّح أبو حنيفة بعجزه قائلاً : إنما أنا صاحب حدود .
وهنا وجّه اليه الإمام جعفر الصادق السؤال التالي : « ما ترى في رجل أعمى فقأ عين صحيح، وقطع يد رجل كيف يقام عليهما الحدّ ؟». فقال الإمام أبو حنيفة: أنا رجل عالم بمباعث الأنبياء.
ثم سأله الإمام الصادق: « أخبرني عن قول الله لموسى وهارون حين بعثهما إلى فرعون (لعلّه يتذكّر أو يخشى) ـ ولعلّ منك شكّ ؟ فقال: نعم. فقال له الإمام جعفر الصادق : « وكذلك من الله شكّ إذ قال : لعله ؟ ! » فقال : لا علم لي .
ثم قال الإمام جعفر الصادق: « تزعم أنك تفتي بكتاب الله ، ولست ممّن ورثه، وتزعم أنك صاحب قياس، وأوّل من قاس إبليس لعنه الله ولم يُبنَ دينُ الاسلام على القياس وتزعم أنك صاحب رأي، و كان الرأي من رسول الإسلام (صلى الله عليه وآله) صواباً ومن دونه خطأ، لأنّ الله قال: (فاحكم بينهم بما أراك الله) ولم يقل ذلك لغيره، وتزعم أنك صاحب حدود، ومن أُنزلت عليه أولى بعلمها منك وتزعم أنك عالم بمباعث الانبياء، وخاتم الانبياء أعلم بمباعثهم منك.
لولا أن يقال دخل على ابن رسول الإسلام (صلى الله عليه وآله) فلم يسأله عن شيء ماسألتك عن شيء. فقس إن كنت مقيساً.
وهنا قال أبو حنيفة للإمام جعفر الصادق : لا أتكلم بالرأي والقياس في دين الله بعد هذا المجلس.
وأجابه الإمام جعفر الصادق: « كلاّ إنّ حبّ الرئاسة غير تاركك كما لم يترك من كان قبلك ».
وقال أحمد بن سلمة النسيابوري ، عن إسحاق بن راهويه ، قلت للشافعي : كيف جعفر بن محمد عندك ؟ فقال : ثقة في مناظرة جرت بينهما .
خلفاء الدولة الأموية
خلفاء الدولة العباسية
كان عصر الإمام الصادق والظروف الاجتماعية والثقافية عاشها عصراً و ظروفاً فريدة، ذلك أن تلك الفترة كانت من الناحية السياسية فترة تزلزل الحكم الأموي البغيض واشتداد شوكةالعباسيين، وكان الطرفان في صراع مستمر إذ بدأ الصراع الإعلامي والنضال السياسي للعباسيين منذ عهد هشام بن عبدالملك، ودخل عام ١٢٩ نطاق الكفاح المسلح، وفي النهاية انتصر العباسيون عام ١٣٢ هجرية.ونشير إلى أن فترة الحكم الأموي قد حرمت ومنعت بشدة تدوين حديث رسول الإسلام ونشره إلا عبر منابرهم شفهياً فقط واستمر هذا المنع من عهد ابي بكر الصديق حتى عهد الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز الذي حكم (99-101 هـ)(باستثناء عهد الإمام علي بن طالب36-40 هـ) وقد شجع عمر بن عبد العزيز على تدوين الحديث واستمر والخوف والحذر حتى سقوط الدولة الأموية 132 هـ،وقد انشغل الأمويون في الفترة الأخيرة بالمشاكل السياسية الكثيرة فلم تسنح لهم الفرصة لمضايقة الإمام الصادق كما حدث في حياة الإمام زين العابدين جد الإمام الصادق. ومن هنا كانت هذه الفترة فترة هدوء وحرية نسبية للإمام الصادق و أصحابه، فكانت فرصة مناسبة جداً لتفعيل نشاطهم العلمي والثقافي.
ونظراً لتوفر الفرصة السياسية المناسبة وحاجة المجتمع الماسة واستعداد الأرضية الاجتماعية، واصل الإمام الصادق جهوده في النهضة العلمية والثقافية التي ابتدأها أبوه الإمام محمد الباقر وأسس مدرسة وجامعة علمية كبيرة عّلم وربى فيها تلامذة كبارًا وبارزين ; أمثال هشام بن الحكم، محمد بن مسلم، أبان ابن تغلب، هشام بن سالم، مؤمن الطاق، المفضل بن عمر، و جابر بن حيان و قد زاد عدد تلامذته على الأربعة آلاف.
ومن الناحية الفكرية والثقافية كان عصر الإمام الصادق عصر النشاط الفكر ي والثقافي، وقد حدثت في ذلك العصر حركة علمية منقطعة النظير في المجتمع الإسلامي، ونشأت العلوم المتعددة; سواء العلوم الإسلامية، مثل علوم قراءة القرآن والتفسير والحديث والفقه والكلام أو العلوم الإنسانية العامة، مثل علوم الطب والفلسفة والنجوم والرياضيات و لدرجة أنه كلّ من كان له بضاعة فكرية وعلمية كان يعرضها على سوق العلم والمعرفة، وعليه حدث تعطّش علمي غريب كان على الإمام أن يجيب عليه ويستجيب له .
إن نشاطات الإمام الصادق لم تنحصر في المجالات العلمية بكل ما لها من سعة وعمق، بل كان له نشاطات سياسية أيضاً غير انّ هذا الجانب من نشاطاته ظل خافياً على كثير من المحدّثين والكتّاب،و بدافع بثّ فكرة الإمامة أرسـل الإمام الصـادق مـن يمثّلـه إلى سـائر أرجاء البلاد، ومنهم رجل كوفي بعثه الإمام نيابة عنه إلى خـراسان يـدعـوهـم لإمامتـه، ففـرقة أطاعت وأجـابت، وفـرقة جحدت وأنكـرت، وفـرقة ورعت ووقفت خوفاً من الفتنة. ثمّ خرج من كلّ فرقة رجل يمثّل فرقته للقاء الإمام الصادق، وكان ممثل الفرقة الثالثة قد قام بعمل قبيح مع إحدى جواري بعض من معه دون أن يعلم به أحد، و لمّا دخلوا على الإمام كان المتكلم هو ذلك الرجل، فقال: أصلحك اللّه قدم علينا رجل من أهل الكوفة فدعا الناس إلى طاعتك وولايتك، فأجاب قوم وأنكر قوم وورع قوم ووقفوا . قال الإمام: «فمن أي الثلاث أنت؟».
قال: أنا من الفرقة التي ورعت ووقفت.
قال الإمام: فأين كان ورعك ليلة قيامك بذلك العمل الشائن؟
كان مبعوث الإمام كوفياً ومحل أداء مهمته خراسان بينما كان الإمام يقيم في المدينة، وهذا يوضح لنا اتساع رقعة نشاطاته السياسية.
كان للصادق عشرة أولاد هم إسماعيل (و إليه ينسب المذهب الإسماعيلي ) و عبد الله وأم فروة -وأمهم فاطمة بنت الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب-، وموسى بن جعفر وإسحاق و محمد -وأمهم أم ولد أسمها حميدة ، والعباس و علي ( المعروف بالعريضي) وأسماء و فاطمة لأمهات شتى .
المشهور عند الشيعة إنه مات مسموماً على يد الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور ، و ذلك أن الخليفة أبا جعفر المنصور كان قلقا جدا من نشاطات و تحركات الإمام الصادق السياسية، ومما جعله يزداد قلقاً هو محبوبية الإمام الصادق ومترلته العلمية الكبيرة، لذلك كان يحضر الإمام إلى العراق بين الحين والآخر بذريعة أو بأخرى و يخطط لقتله و في كلّ مرة كان الخطر يزول عن الإمام بنحو أو بآخر .وكان الإمام يمنع الشيعة من الترافع إلى قضاة الجهاز العباسي، و ينهاهم ولا يعتبر الأحكام التي يصدرونها واجبةالتنفيذ شرعا.و كان يحذّر الفقهاء والمحدّثين من الانتماء إلى الحكومة ويقول: «الفقهاء أُمناء الرسل، فإذا رأيتم الفقهاء قد ركبوا إلى السلاطين فاتهموهم» . وحين حانت الفرصة للخليفة المنصور دس إليه السم في العنب فمازال الإمام مريضاً حتى توفي سنة 148 هـ .
قبله: محمد الباقر |
أئمة الشيعة الإثناعشرية 743–765 |
بعده: موسى الكاظم |
قبله: محمد الباقر |
أئمة الشيعة الإسماعيلية 743–765 |
بعده: إسماعيل |