الرئيسيةبحث

محلى ابن حزم - المجلد السادس/الصفحة السادسة عشر

كتاب الدماء والقصاص والديات

2060 - مسألة: الصلب والفقارات

حدثنا حمام ، حدثنا ابن مفرج ، حدثنا ابن الأعرابي ، حدثنا الدبري ، حدثنا عبد الرزاق ، عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب قال : قضى أبو بكر في صلب الرجل إذا كسر ثم جبر بالدية كاملة إذا كان لا يحمل له , وبنصف الدية إن كان يحمل له.

وبه إلى ابن جريج , ومعمر , كلاهما عن رجل عن عكرمة : أن أبا بكر , وعمر قضيا في الصلب إذا لم يولد له بالدية , وإن ولد له فنصف الدية.

وبه إلى ابن جريج أخبرني محمد بن الحارث بن سفيان أن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة قال : حضرت عبد الله بن الزبير قضى في رجل كسر صلبه , فاحدودب هو ولم يقعده , وهو يمشي محدودبا بثلثي الدية.

وبه إلى عبد الرزاق ، عن ابن جريج قال : قال الشعبي : قضى زيد بن ثابت في فقار الظهر كله بالدية كلها وهي ألف دينار وهي اثنتان وثلاثون فقارة , في كل فقارة إحدى وثلاثون دينارا وربع دينار إذا كسرت ثم برئت على غير عثم فإن برئت على عثم ففي كسرها أحد وثلاثون دينارا وربع دينار وفي العثم ما فيه من الحكم المستقبل سوى ذلك. وعن مكحول ، أنه قال : في كل فقار أحد وثلاثون دينارا وربع دينار وعن الزهري قال : في الصلب إذا كسر الدية كاملة. وعن عطاء مثل ذلك وعن سعيد بن جبير مثل ذلك.

وهو قول الحسن البصري , ويزيد بن قسيط.

وبه يقول الثوري , والشافعي إذا منعه المشي.

وبه يقول أحمد , وإسحاق إذا لم يولد له : وقد جاء في هذا أثر : كما حدثنا حمام بن أحمد ، حدثنا ابن مفرج ، حدثنا ابن الأعرابي ، حدثنا الدبري ، حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال : في الصلب إذا كسر فذهب ماؤه الدية كاملة , فإن لم يذهب الماء فنصف الدية قضى بذلك رسول الله ﷺ .

قال أبو محمد : فهذه رواية عن أربعة من الصحابة ، رضي الله عنهم ، لا يعلم لهم من الصحابة مخالف : أبو بكر , وعمر , وابن الزبير , وزيد وهي عن زيد غير صحيحة. ولا يقول بهذا الحنفيون , ولا المالكيون وهو تناقض فلا يرون في ضرب الصلب يقطع الولد شيئا ، ولا يرون في الفقارات أيضا ما جاء عن زيد بن ثابت فيها , ولا يعرف له من الصحابة في هذا مخالف وهو أيضا عن جماعة من التابعين , ولا فرق بين سائر ما ذكرنا قبل. وفي هذا أيضا خبر مرسل كما أوردنا بالدية وإن لم يولد له , وبنصف الدية إن ولد له وهم يدعون الأخذ بالمرسل , ولا يبالون بالتناقض والتشنيع على خصومهم. وهم يجعلون في كل واحد في الأسنان الدية قياسا على النفس , وفي كل اثنين الدية , وفي كل أربع الدية , وفي كل عشرة الدية , فما بالهم لا يجعلون في الفقارات كذلك كما جاء عن زيد وهذا مما نقضوا فيه القياس

قال علي : وأما نحن فلا حجة عندنا في مرسل , ولا في قول أحد دون رسول الله ﷺ وليس في هذا الباب خبر عن النبي ﷺ يصح , ولا إجماع متيقن , والأموال محرمة , إلا ما أباحه نص , أو إجماع , والخطأ مرفوع كما قد تقدم فليس في الصلب , ولا في الفقارات في الخطأ شيء ,

وأما في العمد فالقود فقط , ولا مفاداة فيه , لأنه ليس جرحا فإن كان ذلك جرحا , ففيه القود , أو المفاداة , على ما ذكرنا.

2061 - مسألة: في الضلع

حدثنا أحمد بن محمد بن الجسور ، حدثنا أحمد بن سعيد بن حزم ، حدثنا عبيد الله بن يحيى ، حدثنا أبي ، حدثنا مالك عن زيد بن أسلم عن مسلم بن جندب عن أسلم مولى عمر بن الخطاب قال : قضى في الضرس بجمل , وفي الترقوة بجمل , وفي الضلع بجمل.

ومن طريق وكيع ، حدثنا سفيان عن زيد بن أسلم عن مسلم بن جندب عن أسلم مولى عمر بن الخطاب قال : سمعت عمر يقول على المنبر : في الضلع جمل , وفي الضرس جمل , وفي الترقوة جمل.

ومن طريق عبد الرزاق عن معمر ، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال : في الضلع إذا كسر بعير وعن ابن جريج أخبرني عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن أبيه عن عمر بن الخطاب أنه قضى في الضلع ببعير.

ومن طريق الحجاج بن المنهال ، حدثنا حماد بن سلمة عن الحجاج بن أرطاة عن داود بن أبي عاصم عن سعيد بن المسيب ، أنه قال : في الترقوة بعير , وفي الضلع بعير قال حماد : وأخبرنا قتادة أن عبد الملك بن مروان قضى في الضلع ببعير , فإن كان فيها أجور فبعيران.

ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في الضلع إذا كسرت ثم جبرت عشرون دينارا , فإن كان فيها عثم فأربعون دينارا وفي ضلع المرأة إذا كسرت عشرة دنانير. وعن مسروق : في الضلع حكم. قال الشافعي في أحد قوليه وأحمد بن حنبل , وإسحاق بن راهويه : في الضلع بعير , وفي الترقوة بعير.

وقال مالك , وأبو حنيفة , وأصحابهما , والشافعي في أحد قوليه ليس في ذلك إلا حكم.

قال أبو محمد : هذا إسناد في غاية الصحة عن عمر بن الخطاب يخطب به على المنبر بحضرة الصحابة ، رضي الله عنهم ، لا يوجد له منهم مخالف بأن الواجب في الضلع جمل , وفي الضرس جمل قال به كل من عرف له قول في ذلك من التابعين حاش مسروقا , وقتادة , فإن قتادة أضعف فيه الدية , فزاد على قول عمر , ولم يخالفه في إيجاب دية في ذلك , فاستسهل المالكيون والحنفيون خلاف كل ذلك بآرائهم.

وأما نحن فلا حجة عندنا في قول أحد دون رسول الله ﷺ . ومثل هذه الرواية ليست إجماعا , لأنه قد يسكت الصاحب لبعض المعاني , وقد يغيب النفر منهم ، ولا إجماع إلا ما تيقن أن كل واحد منهم علمه , ودان به , كالصلاة , والزكاة , والحج , وصوم رمضان , وسائر الشرائع التي قد تيقنا إجماعهم عليها. فإذ لا نص , ولا إجماع هاهنا فلا شيء في الضلع إذا كان خطأ لأن الخطأ مرفوع بنص القرآن والسنة , والأموال محرمة بنص القرآن والسنة فإن كان عمدا ففيه القود فقط , إلا أن يكون بجرح ففيه القود , أو المفاداة على ما ذكرنا قبل وبالله تعالى التوفيق.

2062 - مسألة: الترقوة

قد ذكرنا قول عمر : في الترقوة جمل في الباب الذي قبل هذا متصلا به وخطبته بذلك على المنبر فأغنى عن إعادته. وقول سعيد بن المسيب بمثل ذلك.

وبه يقول أحمد , وإسحاق , وقال به الشافعي في أحد قوليه. وقول آخر رويناه من طريق الحجاج بن المنهال ، حدثنا الحجاج عن مكحول عن زيد بن ثابت ، أنه قال : في الترقوة أربعة أبعرة. وعن الشعبي , ومجاهد , قالا جميعا : في الترقوة إن كسرت أربعون دينارا , وعن عبد الرزاق في الترقوة عشرون دينارا. وقضى فيها عبد الملك بن مروان ببعيرين , فإن برئت وفيها أجور فأربعة أبعرة وعن سعيد بن جبير : في كل شيء من الأعضاء حكومة إلا الترقوة ففيها بعيران.

قال أبو محمد : وهذا خلاف موجود ثابت في أنه ليس في شيء من الأعضاء دية مؤقتة : والعينان , والأسنان أعضاء فبطل دعوى الإجماع في ذلك وعن مسروق : في الترقوة حكم , وفي الضرس حكم وبه يأخذ أبو حنيفة , ومالك , والشافعي في أحد قوليه وأصحابهم. أما الرواية عن زيد فواهية , لأنه نقل الحجاج بن أرطاة وهو ضعيف ثم عن مكحول عن زيد , ومكحول لم يدرك زيدا.

وأما الرواية عن عمر فثابتة , قالها على المنبر بحضرة الصحابة ، رضي الله عنهم ، وهذا قد خالفه المالكيون , والحنفيون بآرائهم.

قال علي : وأما نحن فلا حجة عندنا في قول أحد دون رسول الله ﷺ وليس هاهنا نص , فلا يجب في الترقوة شيء في الخطأ لما ذكرنا

وأما في العمد فالواجب في ذلك القصاص فقط , إلا إن كان جرحا فالقود , أو المفاداة لما ذكرنا قبل وبالله تعالى التوفيق.


2063 - مسألة: السدي

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا عبد الله بن محمد بن عثمان ، حدثنا أحمد بن خالد ، حدثنا علي بن عبد العزيز ، حدثنا الحجاج بن المنهال ، حدثنا حماد بن سلمة عن الحجاج بن أرطاة عن مكحول : أن زيد بن ثابت قال : في حلمة ثدي الرجل إذا قطعت ثمن دية الثندوة , وفي حلمة ثدي المرأة إذا قطعت ربع دية ثديها. حدثنا حمام ، حدثنا ابن مفرج ، حدثنا ابن الأعرابي ، حدثنا الدبري ، حدثنا عبد الرزاق عن محمد بن راشد عن مكحول عن قبيصة بن ذؤيب عن زيد بن ثابت قال : في حلمة الثدي ربع الدية.

وروينا بالسند المذكور إلى عبد الرزاق عن معمر عن رجل عن عكرمة : أن أبا بكر الصديق جعل في حلمة ثدي الرجل خمسين دينارا , وفي حلمة ثدي المرأة مائة دينار , قال معمر : سمعت عطاء الخراساني يقول مثل ذلك. وبه إلى عبد الرزاق ، عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب قال : قضى أبو بكر في ثدي المرأة بعشرة من الإبل إذا لم يصب إلا حلمة ثديها فإذا قطع من أصله فخمسة عشر من الإبل. وعن الزهري قال في حلمة ثدي الرجل خمس من الإبل. وعن عطاء قال : كم في حلمة الرجل قال : لا أدري وعن الشعبي قال : في أحد ثديي المرأة نصف ديتها وعن إبراهيم النخعي قال : في ثدي المرأة الدية وفي ثدي الرجل حكومة

ومن طريق عبد الرزاق ، حدثنا سفيان الثوري عن سليمان الشيباني عن الشعبي قال في ثدي المرأة الدية .

وبه يقول سفيان الثوري , ومالك , وأبو حنيفة , والشافعي , وأحمد , وأصحابهم وقال هؤلاء : في ثدي الرجل حكومة.

وقال أحمد , وإسحاق : فيهما الدية كاملة.

قال أبو محمد : فلما اختلفوا كما ذكرنا وجب الرجوع إلى ما أمر الله تعالى به الرجوع إليه من القرآن , والسنة عند التنازع. ففعلنا , فلم نجد في ذلك نص قرآن , ولا سنة لا صحيحة , ولا سقيمة , ولا إجماعا متيقنا , وكل حكم لم يكن في هذه العمد فهو باطل بيقين .

وأما نحن فلا حجة عندنا في قول أحد دون رسول الله ﷺ . وليس في أقوال من ذكرنا من صاحب أو تابع سنة , ولا قرآن , ولا إجماع ,

وقد ذكرنا أن الأموال محرمة لقول الله تعالى : {ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل} ولقول رسول الله ﷺ : إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام فوجب أن لا يجب في الثديين غرامة أصلا , فإن أصيبا خطأ فلا شيء في ذلك , لما ذكرنا , وإن كان عمدا ففيه القود وهذا قول أبي سليمان , وجميع أصحابنا وبه نأخذ.

قال علي : فإن قطع الرجل حلمة ثدي المرأة قطع ثديه كله , لأنه كله حلمة لا ثدي له , فإن قطعت هي ثديه قطعت حلمتها , فإن قطع جميع ثديها عمدا قطع من جلده ما حوالي ثديه مقدار ذلك لقول الله تعالى : {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم}.

2064 - مسألة: إفضاء الرجل والمرأة

حدثنا حمام ، حدثنا عبد الله بن محمد بن علي الباجي ، حدثنا عبد الله بن يونس المرادي ، حدثنا بقي بن مخلد ، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا هشيم عن داود عن عمرو بن شعيب أن رجلا استكره امرأة فأفضاها فضربه عمر بن الخطاب الحد , وغرمه ثلث ديتها ، حدثنا حمام ، حدثنا ابن مفرج ، حدثنا ابن الأعرابي ، حدثنا الدبري ، حدثنا عبد الرزاق عن رجل عن عكرمة قال : قضى عمر بن الخطاب في المرأة إذا غلبت على نفسها فأفضيت أو ذهبت عذرتها بثلث ديتها ، ولا حد عليها وبه إلى عبد الرزاق عن معمر عن رجل عن قتادة في الرجل يصيب المرأة فيفضيها قال ثلث الدية. وقول آخر

كما روينا بالسند المذكور إلى عبد الرزاق عن عبد الله بن محرز عن قتادة أن زيد بن ثابت قال : في المرأة يفضيها زوجها , إن حبست الحاجتين والولد فثلث الدية , وإن لم تحبس الحاجتين والولد فالدية كاملة وبه إلى عبد الرزاق ، عن ابن جريج عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز أن عمر بن عبد العزيز قال في إفضاء المرأة الدية كاملة من أجل أنها تمنع اللذة والجماع.

ومن طريق الحجاج بن المنهال ، حدثنا حماد بن سلمة ، حدثنا هشام بن عمرو الفزاري قال : شهدت عمر بن عبد العزيز إذ جاءه كتاب من عامله بنجران , فلما قرأه قال : ما ترون في رجل ذي جدة وسعة خطب إلى رجل ذي فاقة بنته فزوجه إياها , فقال : ادفعها إلي فإني أوسع لها فيما أنفق عليها , فقال : إني أخافك عليها أن تقع بها , فقال : لا تخف , لا أقربها , فدفعها إليه , فوقع بها فخرقها , فهريقت دما وماتت. فقال عبد الله بن معقل بن مقرن : غرم والله وقال عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان : غرم والله , فقال عمر بن عبد العزيز : أعقلا وصداقا , أعقلا وصداقا وقال أبان بن عثمان بن عفان : إن كانت أدركت ما أدرك النساء فلا دية لها , وإن لم تكن أدركت ما أدرك النساء فلها الدية. فكتب عمر بذلك إلى الوليد بن عبد الملك

ومن طريق أبي بكر بن أبي شيبة ، حدثنا زيد بن الحباب عن خالد بن عبد الله عن خالد الحذاء عن أبان بن عثمان أنه رفع إليه رجل تزوج جارية فأفضاها فقال فيها هو , وعمر بن عبد العزيز : إن كانت ممن يجامع مثلها فلا شيء عليه وإن كانت ممن لا يجامع مثلها فعليه ثلث الدية. وعن ابن جريج إذا كان لا يستمسك الغائط فعليه الدية كاملة.

وبه يقول سفيان الثوري , وأبو ثور.

وقال أبو حنيفة : مثل ذلك , وزاد : فإذا كان الغائط يستمسك فثلث الدية. ولا يعرف لمالك , ولا للشافعي فيها قول.

قال أبو محمد : أما المأثور في ذلك عن عمر بن الخطاب , وزيد بن ثابت رضي الله عنهما فإنه توقيف , والتوقيف لا يؤخذ إلا عن الله تعالى على لسان نبيه ﷺ . ولقد كان يلزم المالكيين المشنعين بقول الصاحب الذي لا يعرف له مخالف أن يقولوا هاهنا بقول عمر , وزيد , ولكن هذا مما تناقضوا فيه.

وأما الحنفيون فإنهم طردوا أصلهم وقالوا هاهنا بما روي عن عمر , وزيد , فهلا فعلوا ذلك في حلمة ثدي الرجل والمرأة ولكن هذا يريكم تناقض القوم , وأنهم لا يحققون أصلا

قال علي : وأما نحن فنقول : إن كان ذلك وقع منه في زوجته من غير قصد فعاشت وبرئت فلا شيء في ذلك , لأنه مخطئ , وقد أباح الله تعالى له وطء زوجته , فلم يتعد حدود الله تعالى في ذلك , وإن كان فعل ذلك عامدا وهو يدري أنها لا تحمل أو فعل ذلك بأمة كذلك , أو بأجنبية : فعليه القصاص , ويفتق منه بحديدة مقدار ما فتق منها متعديا , وعليه في الأجنبية مع ذلك الحد , ولا غرامة في شيء من ذلك أصلا , إلا إن فعل ذلك مخطئا فماتت , فالدية كاملة , لأنها نفس وبالله تعالى التوفيق.

2065- مسألة: من قطع من جلده شيء

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا عبد الله بن محمد بن عثمان ، حدثنا أحمد بن خالد ، حدثنا علي بن عبد العزيز ، حدثنا الحجاج عن مكحول قال : إذا اختلف من جلدة الوجه والرأس مثل الدرهم , ففيه ثلاثة أبعرة وإن اختلف من الجسد , فبعير ونصف.

قال أبو محمد : هذا تحديد لم يأت به نص قرآن , ولا سنة , ولا إجماع , فلا يجب في ذلك شيء

وأما الحنفيون , والمالكيون , والشافعيون فإنهم أصحاب قياس بزعمهم وهذا مكان يجب عليهم على أصولهم أن يقيسوه على قولهم في الموضحة ولكنه مما تناقضوا فيه

وأما نحن فالقصاص في ذلك في العمد وليس في الخطإ في ذلك شيء لقول الله تعالى : {وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم} وبالله تعالى التوفيق.


2066 - مسألة: الكسر إذا انجبر

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا عبد الله بن محمد بن عثمان ، حدثنا أحمد بن خالد ، حدثنا علي بن عبد العزيز ، حدثنا الحجاج بن المنهال ، حدثنا حماد بن سلمة ، حدثنا قتادة عن سليمان بن يسار : أن عمر بن الخطاب قضى في رجل كسرت يده , أو رجله , أو فخذه , ثم انجبرت : فقضى فيها بحقتين. وعن حماد بن سلمة ، حدثنا عمرو بن دينار قال : إن رجلا كسر أحد زنديه , ثم انجبر : فقضى فيه عمر بمائتي درهم وعن حماد بن سلمة عن الحجاج عن عكرمة بن خالد المخزومي : أن عمر بن الخطاب قضى فيه ببعيرين والبعيران بإزاء المائة درهم من حساب عشرة آلاف درهم. وعن حماد بن سلمة ، حدثنا أيوب السختياني وهشام بن حسان , وحبيب بن الشهيد كلهم عن محمد بن سيرين أن شريحا قضى في الكسر إذا انجبر , قال : لا يزيده ذلك إلا شدة يعطى أجر الطبيب , وقدر ما شغل عن صنعته. وعن مكحول ، أنه قال : في الصدع في العضد إذا انجبر ثمانية أبعرة , فإذا انكسر أحد زنديه , ثم انجبر : فعشرة أبعرة. وفي كل مفصل من مفاصل الأصبع إذا انكسر ثم انجبر ثلثا بعير. وفي الظفر إذا أعور بعير , فإذا نبت فخمسا بعير. فهذه آثار جاءت عن عمر بن الخطاب , وعن شريح , وعن مكحول والحنفيون , والمالكيون , والشافعيون , قد خالفوا ما جاء عن عمر بآرائهم.

قال أبو محمد : وليس في ذلك عندنا إلا القصاص في العمد فقط.

وأما في الخطأ فلا شيء , لما قد ذكرنا من قول الله تعالى , ومن قول رسوله عليه الصلاة والسلام.

2067 - مسألة: المثانة إذا انفتقت

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا عبد الله بن محمد بن عثمان ، حدثنا أحمد بن خالد ، حدثنا علي بن عبد العزيز ، حدثنا الحجاج بن المنهال ، حدثنا حماد بن سلمة ، حدثنا قتادة عن أبي مجلز ، أنه قال في المثانة إذا فتقت : ثلث الدية.

ومن طريق وكيع ، حدثنا سفيان الثوري عن أزهر عن أبي عون محمد بن عبيد الله الثقفي عن شريح قال : في الفتق ثلث الدية. حدثنا حمام ، حدثنا ابن مفرج ، حدثنا ابن الأعرابي ، حدثنا الدبري ، حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن رجل عن الشعبي قال : في المثانة إذا خرقت : ثلث الدية. قال عبد الرزاق : قال ابن جريج : وأنا أقول : إن فيها إذا لم تمسك البول الدية كاملة قاله أهل الشام وقال سفيان الثوري مثل ذلك.

قال علي : ليس في ذلك إلا القصاص في العمد أو المفاداة , لأنه جرح وليس في الخطأ شيء لما ذكرنا.


2068 - مسألة: الورك

روينا من طريق الحجاج بن المنهال ، حدثنا حماد بن سلمة عن الحجاج عن مكحول عن زيد بن ثابت قال في الورك إذا انكسرت ثم انجبرت : عشرة أبعرة

وهو قول صاحب لا يعرف له مخالف من الصحابة والحنفيون , والمالكيون , والشافعيون , يشنعون خلاف الصاحب إذا وافق تقليدهم

وأما نحن فليس عندنا إلا القود في العمد فقط

وأما في الخطأ فلا شيء فيه.

2069 - مسألة: المقعدة والشفران والأليتان والعفلة والمنكب

حدثنا حمام ، حدثنا ابن مفرج ، حدثنا ابن الأعرابي ، حدثنا الدبري ، حدثنا عبد الرزاق ، عن ابن جريج عن عبد الكريم ، أنه قال في المقعدة إذا لم يستطع أن يمسك خلاه فالدية .

وبه يقول الثوري وبه إلى عبد الرزاق ، عن ابن جريج عن عبد الكريم عن عمرو بن شعيب ، أنه قال : في الأليتين إذا قطعتا حتى يبدو العظم الدية كاملة , وفي إحداهما نصف الدية. وعن إبراهيم النخعي في الأليتين الدية. وبه إلى عبد الرزاق ، عن ابن جريج أخبرني محمد بن الحارث بن سفيان , قال : يقضى في شفر قبل المرأة إذا أوعب حتى يبلغ العظم نصف ديتها , وفي شفريها بديتها إذا بلغ العظم فإن كانت عاقرا لا تحمل قال ابن جريج : واجتمع لعمر بن عبد العزيز في ركب المرأة إذا قطع بالدية من أجل أنها تمتنع من لذة الجماع. وقال عطاء : ما علمت في قبل المرأة شيئا ببلادنا قال ابن جريج : وأخبرني عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز قال : اجتمع العلماء لأبي في خلافته على أن في العفلة تكون من الضربة الدية كاملة , لأنها تمنع اللذة والجماع , وعلى أن في المنكب إذا كسر ثم جبر في غير عثم أربعون دينارا

قال علي : وقال الشافعي في العفلة إذا بطل الجماع الدية , وفي ذهاب الشفرين كذلك.

وقال أبو حنيفة , والشافعي , وأحمد , وأصحابهم : في الأليتين الدية. وكل هذا لا نص فيه ، ولا إجماع , فلا شيء في ذلك في الخطأ , أما في العمد : فالقصاص فيما أمكن أو المفاداة فيما كان جرحا وبالله تعالى التوفيق.

2070 - مسألة: العنق

حدثنا حمام ، حدثنا ابن مفرج ، حدثنا ابن الأعرابي ، حدثنا الدبري ، حدثنا عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن أزهر عن أبي عون عن شريح قال : في العنق ثلث الدية.

قال علي : لا شيء في ذلك في الخطأ. والقود في العمد ، ولا بد.

2071 - مسألة: الدرس لبطن آخر حتى يسلح

حدثنا حمام ، حدثنا عبد الله بن محمد بن علي الباجي ، حدثنا عبد الله بن يونس ، حدثنا بقي بن مخلد ، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا يزيد بن هارون عن يحيى بن سعيد الأنصاري أن رجلين اختصما بالمدينة في زمن عمر بن عبد العزيز فقال أحدهما لصاحبه : ضربته حتى سلح , فقال : اشهدوا فقد والله صدق , فأرسل عمر بن عبد العزيز إلى سعيد بن المسيب يسأل عن رجل ضرب رجلا حتى سلح , هل مضى في ذلك أثر أو سنة فقال سعيد : قضى فيها عثمان بثلث الدية قال سفيان : وليس ذلك على العاقلة. وقد روي عن عثمان في ذلك غير هذا :

كما روينا من طريق الحجاج بن المنهال ، حدثنا حماد بن سلمة عن عمر بن عبد الله بن طلحة الخزاعي قال : كان رجل يقال له : ابن عقاب كان عظيما سمينا فأخذه رجل قصير فوطئ في بطنه حتى خري , فأرسل عمر بن عبد العزيز إلى سعيد بن المسيب يسأله عن ذلك فقال سعيد بن المسيب : قضى فيه عثمان بن عفان بأربعين دينارا , أو بأربعين فريضة. وعن حماد بن سلمة عن أبي الخطاب عن حميد بن يزيد عن نافع أن عثمان بن عفان قضى في ذلك بأربعين بعيرا يعني الذي ضرب حتى سلح.

قال علي : وأما نحن فلا حجة عندنا في قول أحد , ولا حكمه دون رسول الله ﷺ فليس عندنا في ذلك إلا القصاص : ضرب كضرب ، ولا مزيد , والحدث ليس فعل الضارب بالمضروب , فلا اعتداء عليه في ذلك , والطبائع تختلف في الشدة والأسترخاء وبالله تعالى التوفيق.

2072 - مسألة: الضرطة

حدثنا حمام ، حدثنا ابن مفرج ، حدثنا ابن الأعرابي ، حدثنا الدبري ، حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن إسماعيل بن أمية أن رجلا كان يقص شارب عمر بن الخطاب فأفزعه عمر , فضرط الرجل , فقال : أما إنا لم نرد هذا , ولكن سنعقلها , فأعطاه أربعين درهما قال : وأحسبه قال : شاة أو عناقا.

قال علي : قد سمى عمر بن الخطاب الذي أعطى في ذلك " عقلا " والشافعيون , والمالكيون , والحنفيون , يخلفون هذا ، ولا يرونه أصلا وهذا تحكم وتلاعب في الدين لا يحل , فإن كان ما روي عن الصاحب مما لا يعرف له مخالف حجة فيلتزموا كل هذا , وكل ما أوردنا ; فإن فعلوا ذلك تركوا أكثر مذاهبهم , وفارقوا من قلدوا دينهم وإن كان ما روي عن الصاحب لا يعرف له منهم مخالف ليس حجة فهذا قولنا , فليتركوا التهويل على من خالف ذلك , وليسقطوا الأحتجاج بما احتجوا به من ذلك.

2073 - مسألة: الجبهة

حدثنا حمام ، حدثنا ابن مفرج ، حدثنا ابن الأعرابي ، حدثنا الدبري ، حدثنا عبد الرزاق ، عن ابن جريج أخبرني عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن عمر بن عبد العزيز ، أنه قال : في الجبهة إذا هشمت وفيها غوص من داخل مائة وخمسون دينارا , فإن كان بين الحاجبين كسر شان الوجه , ولم تنتقل منه العظام فربع الدية , وإن كسر ما بين الأذنين يصيب ماضغ اللحيين وقد آذاه الشعر في تخوص لم يضر في الجرح , ولم ينقل منه عظم : ففيه مائة دينار.

قال علي : هذا أصح سند كما ترى إلى عمر بن عبد العزيز رحمه الله فلئن كان رأيا كما هو رأي بلا شك فلعمري أن رأي عمر بن عبد العزيز لاحق بالسداد بلا شك من رأي أبي حنيفة , ومالك , والشافعي , ولئن كان يطلق في ذي فضل يقول مثل هذا , لا يقال بالرأي , فهو توقيف , فإن عمر بن عبد العزيز لاحق بهذه المخرجة ممن ذكرنا

وأما نحن فنقول : إن عمر رحمه الله وغيره ممن سلف معذورون فيما أخطئوا فيه , ومأجورون في اجتهادهم , ولا حجة في قول أحد دون رسول الله ﷺ وهذا لا نص فيه ، ولا إجماع , فلا يجوز القول فيه , وليس فيه إلا القود في العمد فقط , إلا أن يكون جرحا فتكون فيه المفاداة , ولا شيء فيه في الخطأ وبالله تعالى التوفيق.


2074 - مسألة: اللطمة

حدثنا حمام ، حدثنا ابن مفرج ، حدثنا ابن الأعرابي ، حدثنا الدبري ، حدثنا عبد الرزاق قال : سمعت مولى لسليمان بن حبيب يخبر عن معمر قال : إن سليمان بن حبيب قضى في الصكة إذا احمرت , أو اسودت , أو اخضرت بستة دنانير.

قال أبو محمد : هذا كالذي قبله ، ولا شيء في هذا إلا القصاص فقط , فلو قامت بينة في شيء مما ذكرنا أنه أراد غيره مما أبيح له , فهو خطأ لا شيء فيه.

محلى ابن حزم - المجلد السادس/كتاب الدماء والقصاص والديات
كتاب الدماء والقصاص والديات (مسألة 2022 - 2024) | كتاب الدماء والقصاص والديات (مسألة 2025) | كتاب الدماء والقصاص والديات (تتمة مسألة 2025 - 2026) | كتاب الدماء والقصاص والديات (مسألة 2027) | كتاب الدماء والقصاص والديات (تتمة 1 مسألة 2027) | كتاب الدماء والقصاص والديات (تتمة 2 مسألة 2027) | كتاب الدماء والقصاص والديات (مسألة 2028) | كتاب الدماء والقصاص والديات (تتمة مسألة 2028) | كتاب الدماء والقصاص والديات (مسألة 2029 - 2030) | كتاب الدماء والقصاص والديات (تتمة 1 مسألة 2030) | كتاب الدماء والقصاص والديات (تتمة 2 مسألة 2030) | كتاب الدماء والقصاص والديات (تتمة 3 مسألة 2030) | كتاب الدماء والقصاص والديات (مسألة 2031 - 2037) | كتاب الدماء والقصاص والديات (مسألة 2038 - 2050) | كتاب الدماء والقصاص والديات (مسألة 2051 - 2059) | كتاب الدماء والقصاص والديات (مسألة 2060 - 2074) | كتاب الدماء والقصاص والديات (مسألة 2075 - 2078) | كتاب الدماء والقصاص والديات (مسألة 2079 - 2085) | كتاب الدماء والقصاص والديات (مسألة 2086 - 2089) | كتاب الدماء والقصاص والديات (مسألة 2090 - 2093) | كتاب الدماء والقصاص والديات (مسألة 2094 - 2096) | كتاب الدماء والقصاص والديات (مسألة 2097 - 2100) | كتاب الدماء والقصاص والديات (مسألة 2101 - 2103) | كتاب الدماء والقصاص والديات (مسألة 2104 - 2112) | كتاب الدماء والقصاص والديات (مسألة 2113 - 2115) | كتاب الدماء والقصاص والديات (مسألة 2116 - 2118) | كتاب الدماء والقصاص والديات (مسألة 2119 - 2125) | كتاب الدماء والقصاص والديات (مسألة 2126 - 2131) | كتاب الدماء والقصاص والديات (مسألة 2132 - 2134) | كتاب الدماء والقصاص والديات (مسألة 2135 - 2143)