→ كتاب الدماء والقصاص والديات (تتمة 2 مسألة 2030) | ابن حزم - المحلى كتاب الدماء والقصاص والديات (تتمة 3 مسألة 2030) ابن حزم |
كتاب الدماء والقصاص والديات (مسألة 2031 - 2037) ← |
كتاب الدماء والقصاص والديات
شفر العين
وأما شفر العين فقد روينا من طريق عبد الرزاق عن محمد بن راشد عن مكحول عن قبيصة بن ذؤيب عن زيد بن ثابت ، أنه قال : في جفن العين ربع الدية. وعن الحسن البصري : في كل شفر ربع الدية. حدثنا حمام ، حدثنا ابن مفرج ، حدثنا ابن الأعرابي ، حدثنا الدبري نا عبد الرزاق ، عن ابن جريج عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز قال : اجتمع لعمر بن عبد العزيز في شفر العين الأعلى إذا نتف : نصف دية العين , وفي شفر العين الأسفل إذا نتف : ثلث دية العين , قال عبد العزيز بن عمر : وكتب أبي إلى أمراء الأجناد أن يكتبوا إليه بعلم علمائهم قال : وما اجتمع عليه فقهاؤهم في حجاج العين ثلث الدية.
وبه إلى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال : في كل شفر ربع الدية إذا قطع ولم ينبت شعره.
وبه إلى معمر عن بعض أصحابه عن الشعبي قال في كل شفر : ربع دية العوض
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا عبد الله بن محمد بن عثمان ، حدثنا أحمد بن خالد ، حدثنا علي بن عبد العزيز ، حدثنا الحجاج بن المنهال ، حدثنا حماد بن سلمة ، حدثنا داود بن أبي هند قال : قال الشعبي : في الجفن الأعلى ثلث دية العين , وفي الجفن الأسفل : ثلثا دية , لأنها ترد الحدقة وما قطع منها , فيقدر ذلك. وعن الشعبي قال : كانوا لا يوقنون في الشعر شيئا.
وقال أبو حنيفة , وسفيان الثوري , والشافعي , وأصحابهم : في كل جفن من أجفان العين نصف دية العين قال الشافعي : فإن نتفت الأهداب فلم تنبت ففيها حكومة.
وقال مالك , وأصحابه : ليس في شفر العين وحجابها إلا اجتهاد الإمام.
قال أبو محمد : أما قول مالك فمخالف لأصول أصحابه , لأنهم يعظمون على خصومهم خلاف الصاحب الذي لا يعرف له مخالف إذا وافق تقليدهم , وهاهنا خالفوا قول زيد بن ثابت , ولا يعرف له من الصحابة مخالف. ويحتجون بقول عمر بن عبد العزيز إذا خالف قول خصومهم ووافقهم وهاهنا خالفوا حكمه , وقوله , وإجماع فقهاء الأمصار , وأهل عصره له بأصح إسناد يمكن أن يكون , ثم أوجبوا غرامة حكومة في ذلك ، ولا يعرف هذا القول عن أحد قبلهم.
قال علي : وأما نحن فلا حجة عندنا في قول أحد دون كلام الله تعالى , وكلام رسوله ﷺ وإلا فالأموال محرمة , فلا يجب هاهنا في الخطأ شيء , لقول الله تعالى : {وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم}, ولقول رسول الله ﷺ : إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام.
فقأ عين إنسان ثم مات الفاقئ
قال علي : حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا ابن مفرج ، حدثنا قاسم بن أصبغ ، حدثنا ابن وضاح ، حدثنا سحنون ، حدثنا ابن وهب أخبرني يونس بن يزيد عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن ، أنه قال في رجل فقأ عين رجل فقام ابن عم له فقتل الفاقئ غضبا لأبن عمه قال : يقتل القاتل بمن قتل , ولا شيء للمفقوءة عينه وقد فاته القود. قال ابن وهب : وبلغني عن ربيعة : أنه قال في أعمى فقأ عين صحيح , أو عينيه جميعا قال : ما فيه مأخذ لقود : عليه الدية قال علي : هاتان فتيتان متناقضتان , لأنه أوجب الدية في عين فقئت عمدا لأجل امتناع القود في إحدى المسألتين , ولم يوجب في الأخرى دية لأجل امتناع من القود أيضا هذا تناقض ظاهر , لا يؤيده نص , ولا قياس , ولا خبر عن صاحب. والحق من هذا : أن القود واجب ما أمكن , كما أمر الله تعالى , إذ يقول {والحرمات قصاص} فإذا تعذر القصاص بموت , أو بعدم العضو , أو بامتناع , أو بفرار , فإن كان في ذلك دية مؤقتة ثابتة عن رسول الله ﷺ فهي واجبة لمن أرادها , مكان قصاصه الفائت , لأن النص أوجبها له وإن لم تكن هناك دية مؤقتة عن رسول الله ﷺ ثابتة فلا شيء له , لأن الأحكام لا يوجبها إلا الله تعالى على لسان رسوله ﷺ أو إجماع متيقن. فإذ ذلك كذلك كما ذكرنا فإحدى فتيا ربيعة صواب , والأخرى خطأ
فأما الصواب ففتياه في الذي فقأ عين آخر فوثب ابن عم المفقوءة عينه فقتل الفاقئ : أن على القاتل القود ، ولا شيء للمفقوءة عينه , لأنه قد فاته القود , ولم يكن له غير القود .
وأما الخطأ فقوله في أعمى فقأ عين صحيح , أو عينيه : أنه لا قود عليه , وإنما عليه الدية وذلك : أنه أوجب دية لم يوجبها الله تعالى , ولا رسوله ﷺ ولا قياس , ولا نص صحيح , ومنع القود الذي أوجبه الله تعالى في نص القرآن وبالله تعالى التوفيق.