→ كتاب الدماء والقصاص والديات (تتمة 1 مسألة 2030) | ابن حزم - المحلى كتاب الدماء والقصاص والديات (تتمة 2 مسألة 2030) ابن حزم |
كتاب الدماء والقصاص والديات (تتمة 3 مسألة 2030) ← |
كتاب الدماء والقصاص والديات
الضرس تسود وترجف
قال علي : روينا من طريق عبد الرزاق عن الحجاج بن أرطاة عن مكحول عن زيد بن ثابت قال في السن : يستأنى بها سنة , فإن اسودت ففيها العقل كاملا , وإلا فما اسود منها فبالحساب
ومن طريق عبد الرزاق ، عن ابن جريج أخبرني عبد الكريم : أن علي بن أبي طالب قال في السن تصاب فيخشون أن تسود : ينتظر بها سنة , فإن اسودت ففيها قدرها وافيا , وإن لم تسود فليس فيها شيء. قال عبد الكريم : ويقولون : فإن اسودت بعد سنة فليس فيها شيء.
ومن طريق عبد الرزاق ، عن ابن جريج أخبرني عبد العزيز : أن في كتاب لعمر بن عبد العزيز عن عمر بن الخطاب : في السن خمس من الإبل , أو عدلها من الذهب , أو الورق , فإن اسودت فقد تم عقلها , فإن كسر منها إذ لم تسود فبحساب ذلك. وعن سعيد بن المسيب إذا اسودت السن فقد تم عقلها , فإن طرحت بعد ذلك , ففيها العقل أيضا كاملا. قال ابن وهب : وأخبرني يونس عن ربيعة بمثله . قال ابن وهب : وسمعت حنظلة بن أبي سفيان يقول : سمعت القاسم بن محمد يسأل عن سن كانت ترجف ولم تسود قال : ففيها العقل كاملا. وعن عمر بن عبد العزيز , أنه كتب إلى الأجناد : أن السن إذا اسودت فقد تم عقلها وما كسر منها بعد ذلك فبحساب ذلك. وعن ابن وهب ، أنه قال : أخبرني عمر بن قيس عن عطاء بن أبي رباح أنه سأله رجل عن رجل كسر سن رجل فأقيد منه فأخذ سنه فردها فثبتت , فخاصمه الآخر , فقال : ليس له شيء. وعن شريح ، أنه قال في السن إذا كسرت : يؤجل صاحبها سنة , فإن اسودت فديتها كاملة , وإن لم تسود فبقدر ما نقص منها. وعن عطاء قال : إن سقطت سن , أو اسودت , أو رجفت قومت قال ابن جريج : وقال لي ابن شهاب : في السن إذا اسودت فقد تم عقلها. وقال عبد العزيز بن أبي سلمة , والليث : إذا ضربت السن فاسودت ففيها عقلها كاملا , فإن طرحت بعد ذلك ففيها العقل كاملا مرة أخرى
وقال مالك : إذا اسودت السن فقد تم عقلها , فإن طرحت مرة أخرى فعقلها أيضا تام وهاهنا قول آخر ، عن ابن عباس : أن عمر بن الخطاب قال : في السن السوداء إذا سقطت ثلث ديتها.
قال أبو محمد : وهذا هو الثابت عن عمر بن الخطاب لأتصال سنده , وجودة روايته واتصاله حدثنا يونس بن عبد الله ، حدثنا أحمد بن عبد الرحيم ، حدثنا أحمد بن خالد ، حدثنا محمد بن عبد السلام الخشني ، حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا يحيى بن سعيد القطان ، حدثنا هشام الدستوائي ، حدثنا قتادة عن عبد الله بن بريدة عن يحيى بن يعمر ، عن ابن عباس : أن عمر بن الخطاب .
وبه يقول أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه. وعن سعيد بن المسيب ، أنه قال : في السن السوداء ثلث الدية. وعن مجاهد ، أنه قال : إذا اسودت السن , أو رجفت ثم طرحت فنصف قدرها وإن كان فيها قدرها أول مرة. وذكر ابن أبي نجيح عن مجاهد في السن السوداء ربع ديتها. وعن يزيد بن عبد الله بن قسيط ، أنه قال : في السن السوداء إذا كسرت خمس ديتها , وفي كل عضو.
قال أبو محمد : ففي اسودادها كما ترى أقوال اختلف فيها. أما التوقيت بثلث الدية ونصفها وربعها , فقول لا يعضده قرآن ، ولا سنة ، ولا إجماع , وما كان هكذا فلا يجوز القول به. فإذا كان سواد السن واخضرارها واحمرارها واصفرارها وصدعها وكسرها إذا كان كل ذلك خطأ : لا قرآن جاء فيه بإيجاب غرامة , ولا سنة صحيحة , ولا سقيمة , ولا إجماع على شيء من ذلك أصلا : لم يجز أن يوجب في ذلك شيء أصلا , لأن الخطأ مرفوع بنص القرآن , والأموال محرمة بالقرآن وبالسنة , فلا يجوز ألبتة إيجاب غرامة في ذلك , لأنه إيجاب شرع والشرع لا يجب إلا بنص أو إجماع , وهذا مما لا يشك فيه ، ولا يتردد والحمد لله رب العالمين.
روينا من طريق عبد الرزاق ، عن ابن جريج عن مكحول قال : قال زيد بن ثابت في السن الزائدة ثلث ديتها. وعن الحسن البصري قال : فيها حكم. وبهذا يقول الثوري , وأبو حنيفة , ومالك , والشافعي , وأصحابهم.
وأما سن الصغير فروينا من طريق الحجاج بن المنهال ، حدثنا حماد بن سلمة عن الحجاج بن أرطاة عن الوليد بن أبي مالك عن أخيه : أن عمر بن الخطاب قضى في سن صبي كسرت قبل أن يثغر ببعير.
وروينا من طريق عبد الرزاق عن أبي حنيفة قال : قال زيد بن ثابت في سن الصبي الذي لم يثغر عشرة دنانير.
قال أبو محمد : وهي قيمة البعير عندهم في الدية قال عبد الرزاق قال معمر
وهو قول بعض علماء الكوفة وعن الحسن قال في سن الصبي إذا لم يثغر , قال : ينظر فيه ذوا عدل فإن نبتت جعل له شيء وإن لم تنبت كان كسن الرجل. وعن سليمان بن يسار أنه استفتى في غلام لم يثغر أصيبت سنه هل فيها من عقل قال : لا , وقال أبو حنيفة : فيها حكومة وقال مالك , والشافعي : إن نبتت فلا شيء فيها , وقال مالك : إن نبتت ناقصة أعطي بقدر نقصها عن التي تليها , فإن لم تنبت ففيها خمس فرائض. وهذا مما خالف فيه أبو حنيفة , ومالك , والشافعي : عمر بن الخطاب , وزيد بن ثابت رضي الله عنهما فيما روي عنهما في هذا الباب , ولا يعرف لهما مخالف من الصحابة ، رضي الله عنهم ، قال أبو محمد : فإذ قد صح الخلاف في ذلك فلا يجوز أن يكلف أحد غرامة إلا بنص أو إجماع , ولا نص ، ولا إجماع في إيجاب شيء في سن الصبي فلا يجوز أن يجب في الخطأ في ذلك شيء أصلا وبالله تعالى التوفيق
العين حذف التشكيل
قال أبو محمد : قد ذكرنا أن دية العين والعينين لم يأت إلا في صحيفة عمرو بن حزم , وخبر رجل من آل عمر , وخبر مكحول , وطاووس وكلها لا يصح منها شيء , لما ذكرنا ونذكر إن شاء الله تعالى ما يسر الله عز وجل لذكره مما جاء عن الصحابة ، رضي الله عنهم ، , وعن التابعين رحمة الله عليهم.
حدثنا حمام ، حدثنا ابن مفرج ، حدثنا ابن الأعرابي ، حدثنا الدبري ، حدثنا عبد الرزاق عن سفيان الثوري , ومعمر , كلاهما عن أبي إسحاق السبيعي عن عاصم بن ضمرة عن علي بن أبي طالب قال : في العين النصف.
وبه إلى عبد الرزاق ، عن ابن جريج عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن عمر بن الخطاب قال : في العين نصف الدية , أو عدل ذلك من الذهب أو الورق , وفي عين المرأة نصف ديتها , أو عدل ذلك من الذهب أو الورق.
وأما عين الأعور ففي ذلك ما حدثناه عبد الله بن ربيع ، حدثنا عبد الله بن عثمان ، حدثنا أحمد بن خالد ، حدثنا علي بن عبد العزيز ، حدثنا الحجاج بن المنهال ، حدثنا حماد بن سلمة عن قتادة عن أبي مجلز قال : إن رجلا سأل ابن عمر عن أعور فقئت عينه خطأ فقال عبد الله بن صفوان : قضى فيها عمر بالدية كاملة , فقال الرجل : إني لست إياك أسأل , إنما أسأل ابن عمر فقال : ابن عمر يحدثك عن عمر وتسألني.
وبه إلى حماد بن سلمة ، حدثنا قتادة عن عبد ربه عن أبي عياض ، أنه قال في رجل أعور فقأ عين صحيح العينين عمدا فقال : قضى فيها الأمير بالدية كاملة يعني عثمان لأنه لا يقتص من الأعور.
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا ابن مفرج ، حدثنا قاسم بن أصبغ ، حدثنا ابن وضاح ، حدثنا سحنون ، حدثنا ابن وهب ، عن ابن سمعان ، عن ابن عباس قال : دية عين الأعور ألف دينار. وأخبرني مالك ، عن ابن شهاب أنه كان يقول : في عين الأعور الدية كاملة قال مالك : بلغني عن سليمان بن يسار أنه كان يقول ذلك. قال ابن وهب : وأخبرني يونس , ومالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن مثله. قال ابن وهب : وأخبرني عمر بن قيس , ويزيد بن عياض , وابن لهيعة قال عمر بن قيس : عن عطاء عن علي بن أبي طالب , وقال ابن لهيعة : عن يزيد بن أبي حبيب عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير , وقال يزيد بن عياض : عن عبد الملك بن عبيد عن سعيد بن المسيب , قالوا كلهم مثل ذلك. وقال ابن وهب : أخبرني الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد الأنصاري ، أنه قال : السنة , ورأي الصالحين : أن الأعور إذا فقئت عينه ثمن عين الأعور ألف دينار , وأنه إذا فقأ الأعور عين صحيح العينين غرم له ألف دينار.
وروينا من طريق عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في عين الأعور ألف دينار قال معمر : وقال قتادة , والزهري معا : إذا فقأ الأعور عين صحيح العينين عمدا أغرم ألف دينار , وإذا فقأها خطأ أغرم خمسمائة دينار وقال الزهري في رجل في إحدى عينيه بياض فأصيبت عينه الصحيحة , قال : نرى أن يزاد في عقل عينيه ما نقص من الأخرى التي لم تصب. وبه يأخذ الحسن البصري , ومالك , والليث , وأحمد بن حنبل , وإسحاق بن راهويه. وقال آخرون : فيها نصف الدية :
كما روينا من طريق عبد الرزاق ، عن ابن جريج أخبرني عبد العزيز عن الحكم بن عتيبة عن بعض أصحاب النبي ﷺ قال : في عين الأعور خمسون. وعن مسروق ، أنه قال : في عين الأعور نصاب , أنا أدي قتيل الله فيها نصف الدية .
وبه يقول الشعبي وعن عبد الله بن مغفل أنه سئل عن الرجل يفقأ عين الأعور قال : ما أنا فقأت عينه الأخرى فيها نصف الدية. وعن عطاء بن أبي رباح قال : في عين الأعور نصف الدية , وعن إبراهيم النخعي ، أنه قال في عين الأعور تفقأ عينه خطأ قال : نصف الدية .
قال أبو محمد : قولنا في العين هو قولنا في السن سواء سواء , وأنه إنما جاءت في دية العين بالخطأ آثار ,
وقد تقصيناها ولله الحمد ليس منها شيء يصح.
وأما قول الصحابة ، رضي الله عنهم ، في ذلك فإنما جاء ذلك عن عمر , وعلي , وعثمان , وابن عمر , وابن عباس , وبعض أصحاب النبي ﷺ فقط , وعن نفر من التابعين نحو العشرة , ومثل هذا لا يجوز أن يقطع به على جميع الأمة إلا غافل , أو مستسهل للكذب والقطع بما لا علم له به فإن صح إجماع متيقن في دية العين , فنحن قائلون به , وإلا فقد حصلنا على السلامة , فالإجماع المتيقن في هذا بعيد ممتنع أن يوجد في مثل هذا , لأن الإجماع حجة من حجج الله تعالى المتيقنة الظاهرة التي قد قطع الله تعالى بها العذر , وأبان بها الحجة , وحسم فيها العلة , ومثل هذا لا يستتر على أهل البحث , والحقائق لا تؤخذ بالدعاوى , فإذ لا إجماع في ذلك فلا يجب في الخطأ شيء , لقول الله تعالى {وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم}.
قال أبو محمد :
فأما قول مالك في أن في عين الأعور الدية فإنه وإن تعلق بما جاء وصح عن بعض الصحابة , فإنه قد تناقض في القياس. والعجب أن قولا ينسبه بعض أصحابه إليه من أنه يرى أن القياس أقوى من خبر الواحد , ثم هاهنا قد ترك القياس الذي لو صح قياس في العالم لكان هذا هو ذلك الذي يصح وهو أنه فرق بين سمع امرئ لا يسمع إلا بأذن واحدة ويد إنسان أقطع ورجل أقطع فلم ير في كل ذلك إلا نصف الدية , ورأى في عين الأعور الدية كاملة , وليس لهم أن يدعوا في هذا إجماعا , لأن في هذا اختلافا سنذكره إن شاء الله تعالى في " باب يد الأقطع , وسمع ذي الأذن الواحدة " وبالله تعالى نتأيد.
فإن قالوا : إنما قلنا ذلك , لأن عين الأعور هي بصره كله فالواجب في ذلك ما يجب في البصر كله قلنا لهم : هذا يبطل عليكم من وجهين : أحدهما : أنه إن كان كما تقولون فيجب عليكم أن تقيدوه من عيني الصحيح معا , لأنه بصر ببصر , لا على قولكم وأنتم لا تقولون ذلك.
والثاني : أنه يقال لكم : وسمع ذي الأذن الواحدة الصماء هو سمعه كله , وهو له أنفع وأقوى , وأقرب من تمام السمع من عين الأعور , فإن الأعور لا يرى إلا من جهة واحدة فقط , فإنما هو نصف بصره ,
وكذلك يد الأقطع هي محل تصرفه , ورجل الأقطع أيضا , فاجعلوا في كل ذلك دية , وأنتم لا تفعلون ذلك ووجه ثالث : وهو أنه لا يجب على أصلكم هذا أن تقيدوا ذا عينين فقأ إحداهما أعور فأنتم تقيدون من الأعور , ولا إجماع في هذا , فقد أقدتم بصرا كاملا بنصف بصر وقد
روينا من طريق عبد الرزاق عن عثمان بن سعيد عن قتادة عن أبي عياض : أن عثمان بن عفان قضى في رجل أعور فقأ عين صحيح قال : لا قود عليه وعليه دية عينه وقال سعيد بن المسيب : لا يقاد من الأعور وعليه دية كاملة وإن كان عمدا وعن عبد الرزاق ، عن ابن جريج قلت لعطاء : الأعور يصيب عين إنسان عمدا أيقاد منه قال : ما أرى أن يقاد منه , أرى له الدية وافية وعن عبد الرزاق ، حدثنا ابن جريج عن محمد بن أبي عياض أن عمر , وعثمان اجتمعا على أن الأعور إذا فقأ عين آخر فعليه مثل دية عينيه. وقال علي بن أبي طالب : أقام الله تعالى القصاص في كتابه العين بالعين وقد علم هذا , فعليه القصاص , فإن الله تعالى لم يكن لينسى شيئا.
قال أبو محمد :
وأما الحنفيون والشافعيون فإنهم يعظمون خلاف الصاحب الذي لا يعرف له مخالف , وهم قد خالفوا هاهنا : عمر , وابن عمر , وعليا , وابن عباس ، رضي الله عنهم ، لا يعرف لهم في هذا من الصحابة ، رضي الله عنهم ، مخالف , إلا رواية ضعيفة قد ذكرناها عمن لم يسم فكل طائفة تنقض أصلها وتهدم ما تبني , وما ينبغي أن يرضى لنفسه بهذا ذو ورع ونحمد الله تعالى على عظيم نعمه
وأما العين العوراء
قال علي : نذكر الآن حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قضى رسول الله ﷺ في العين القائمة السادة لمكانها بثلث الدية وقال بهذا طائفة من السلف الطيب. كما حدثنا يونس بن عبد الله ، حدثنا أحمد بن عبد الرحيم ، حدثنا أحمد بن خالد ، حدثنا محمد بن عبد السلام الخشني ، حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا يحيى بن سعيد القطان ، حدثنا هشام هو الدستوائي ، حدثنا قتادة عن عبد الله بن بريدة عن يحيى بن يعمر ، عن ابن عباس أن عمر بن الخطاب قضى في العين العوراء إذا فضخت واليد الشلاء إذا قطعت والسن السوداء إذا سقطت ثلث ديتها وعن ابن عباس في العين العوراء إذا خسفت ثلث الدية. وقول آخر
روينا من طريق وكيع ، حدثنا سفيان الثوري عن يحيى بن سعيد هو الأنصاري عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن سليمان بن يسار قال : قضى زيد بن ثابت في العين القائمة إذا بخصت بمائة دينار. وعن سعيد بن المسيب يقول في العين القائمة تبخص عشر الدية وقال به غيره :
كما روينا من طريق الحجاج بن المنهال نا حماد بن سلمة ، حدثنا محمد بن إسحاق عن يزيد بن عبد الله بن قسيط ، أنه قال في العين القائمة إذا بخصت خمس ديتها .
وبه يقول الليث بن سعد وغيره. وقول آخر
كما روينا من طريق عبد الرزاق ، عن ابن جريج , ومعمر قالا جميعا : حدثنا ابن أبي نجيح عن مجاهد قال في العين القائمة التي لا تبصر : إن ثقبت , أو بخصت ففيها نصف قدر العين خمس وعشرون بعيرا من الإبل وإن كان قد أخذ نذرها أول مرة. وقول آخر
كما روينا من طريق عبد الرزاق ، حدثنا ابن جريج ، حدثنا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز قال في كتاب عمر بن عبد العزيز : إن كان لطمت العين فدمعت دموعا لا ترقأ , فلها ثلثا دية العين , وإن كانت دمعة لا تجف دمعها وهي دون الدمعة الأولى فنصف دية العين , وإن كانت دمعة من العين تسحل أحيانا , وأحيانا يذهب فيها بصره ففيها خمسمائة دينار وعن إبراهيم النخعي قال : في العين العوراء القائمة إذا أصيبت الدية , فإذا كانت مفقوءة قائمة فخسفت ففيها صلح. وعن إبراهيم النخعي من طريق جابر الجعفي في العين العوراء حكم.
وبه يقول أبو حنيفة , ومالك , والشافعي , وأصحابهم.
وهو قول الزهري , رويناه من طريق ابن وهب
قال أبو محمد : هذا من عجائب الدنيا أن الحنفيين , والمالكيين : يدعون أنهم يقولون برواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده إذا وافق أهواءهم , وهم هاهنا قد خالفوا رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي ﷺ وعمر بن الخطاب , وابن عباس في قول ثابت عنهما
قال علي :
حدثنا محمد بن سعيد بن نبات ، حدثنا عبد الله بن نصر ، حدثنا قاسم بن أصبغ ، حدثنا ابن وضاح ، حدثنا موسى بن معاوية ، حدثنا وكيع ، حدثنا هشام الدستوائي عن قتادة عن سعيد بن المسيب قال في العين العوراء إذا تشترت ثلث الدية.
حدثنا حمام ، حدثنا ابن مفرج ، حدثنا ابن الأعرابي ، حدثنا الدبري ، حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا ابن جريج أخبرني عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز قال : كتب عمر بن عبد العزيز إلى أمراء الأجناد أن يكتبوا إليه بعلم علمائهم , قال : مما اجتمع عليه فقهاؤهم : في شتر العين ثلث الدية
وروينا من طريق الحجاج بن المنهال ، حدثنا حماد بن سلمة عن قتادة قال : في التشتر في العين ربع الدية.
قال أبو محمد : لو وجد المالكيون والحنفيون أقل من هذا لما ترددوا وأي إجماع على أصولهم يكون أقوى من هذا الإجماع بهذا السند الثابت إلى أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز يكتب إلى أمراء الأجناد يسألهم عن إجماعهم وهو خليفة لا يشذ عن طاعته مسلم في شيء من أقطار الأرض كلها أولها عن آخرها , من آخر الأندلس , وطنجة , إلى بلاد السودان إلى آخر السند , وآخر خراسان , وآخر أرمينية , وآخر اليمن , فما بين ذلك يجمع له فقهاؤهم : على أن في شتر العين ثلث الدية ولكن ما على المهولين بالإجماع مؤنة في خلاف هذا الإجماع فلا يرون في ذلك إلا حكومة ولكن لله در الإمام أبي عبد الله أحمد بن حنبل رضي الله عنه إذ يقول : ما حدثنا به حمام ، حدثنا عباس بن أصبغ ، حدثنا محمد بن عبد الملك بن أيمن ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : سمعت أبي يقول فيما يدعي فيه الإجماع : هذا الكذب , من ادعى الإجماع فهو كاذب , لعل الناس اختلفوا , ولم ينته إليه , فيقول : لا نعلم الناس اختلفوا , هذا دعوى بشر المريسي , والأصم ولكن نقول : لا نعلم الناس اختلفوا , ولم يبلغني ذلك
قال أبو محمد : هذا هو الدين والورع لا الجسر بلا علم , كما كان يقول الشعبي رحمه الله إذا سئل عن مسألة ماذا قال فيها الحكم البائس أجسر جسارا سميتك الفسفاس إن لم تقطع.
قال علي : إلا ما لا يختلف فيه مسلمان في أن من خالفه فليس مسلما فهذا إجماع صحيح , كالإجماع على قول : لا إله إلا الله محمد رسول الله , وكالصلوات الخمس وشهر رمضان , والحج , وجملة الزكاة , وما كان هكذا وما تيقن بلا شك علم جميع الصحابة وقولهم به وبالله تعالى التوفيق.