حرب لبنان 1982 | |
---|---|
البارجات الأمريكية تقصف بيروت في أيلول 1983 |
|
الصراع: صراعات إسرائيلية - لبنانية | |
التاريخ: 6 حزيران 1982 | |
المكان: لبنان ، فلسطين ، إسرائيل ، سوريا | |
النتيجة: إنسحاب منظمة التحرير الفلسطينية من الجنوب إحتلال إسرائيل للجنوب اللبناني 1982 -1985 بقاء الجيش السوري في لبنان حتى عام 2005 |
|
المتحاربون | |
الجيش الإسرائيلي جيش لبنان الجنوبي القوات اللبنانية |
منظمة التحرير سوريا حزب الله فتح حركة أمل |
القادة | |
أرئيل شارون | ياسر عرفات ، عماد فايز مغنية |
القوى | |
100،000 جندي 1250 دبابة 400 طائرة مقاتلة |
-منظمة التحرير: 20،000 مقاتل 100 دبابة -القوات السورية: 40،000 جندي 600 دبابة 270 طائرة مقاتلة -حركة أمل: 14،000 مقاتل آنذاك -حزب الله: حوالي 1500 مقاتل آنذاك. |
الخسائر | |
1،216 قتيل | 9،800 قتيل |
غزو لبنان 1978 ، غزو لبنان 1982 ، مذبحة صبرا وشاتيلا ، مذبحة قانا ، قصف الجنوب اللبناني 1993 ، قصف الجنوب اللبناني 1996 ، الحرب الإسرائيلية على لبنان 2006. |
غزو لبنان 1982 و يسمى أيضا بحرب لبنان او ما اطلقت عليه إسرائيل عملية السلام للجليل وعملية الصنوبر كان حربا عصفت بلبنان وأصبحت الأراضي اللبنانية مرة أخرى ساحة قتال بين منظمة التحرير الفلسطينية و سوريا و إسرائيل . زجت إسرائيل إلى لبنان ضعف عدد القوات التي واجهت بها مصر وسوريا في حرب أكتوبر [1] بالرغم من أن الغزو الإسرائيلي الذي بدأ يوم 6 حزيران 1982 لم يكن أمرا غير متوقعا ولكن شدة المعارك والفترة الزمنية التي إستغرقتها لم تكن في حسبان أي من الأطراف المتنازعة . كان الغزو اختبارا عصيبا للمؤسسات السياسية والحكومية المنهكة في لبنان . بداية عام 1982 كانت بداية كالسنوات التي سبقتها منذ عام 1975 ولم تكن هناك في الأفق بوادر نهاية قريبة للحرب الأهلية اللبنانية التي بدأت قبل 6 أعوام وكان هناك صراع مستمر بين كتلة اليسار اللبناني المسلم و والمقاتلين الفلسطينيين و منظمة التحرير الفلسطينية و الحزب التقدمي الأشتراكي من جهة و اللبنانيين المسيحيين و حزب الكتائب اللبنانية و إسرائيل من جهةأخرى وإستمر خلال النصف الأول من عام 1982 صراعات عنيفة بين هذه الأطراف.
سبق غزو لبنان 1982 تصاعد للقلق الإسرائيلي من تجمع قوات منظمة التحرير الفلسطينية في جنوب لبنان منذ وقف إطلاق النار الذي تم إبرامه في تموز/يوليو 1981 بين إسرائيل و منظمة التحرير الفلسطينية بوساطة المبعوث الأمريكي فيليب حبيب، إعتبرت إسرائيل تجمع أعضاء منظمة التحرير في الجنوب اللبناني تهديداً لأمن الحدود الشمالية لإسرائيل. في 21 نيسان/ابريل 1982 قصف سلاح الجو الإسرائيلي موقعا لمنظمة التحرير في جنوب لبنان و في 9 أيار/مايو 1982 قامت منظمةالتحرير الفلسطينية بالرد بقصف صاروخي لشمال إسرائيل وتلى هذا القصف المتبادل محاولة لاغتيال سفير إسرائيل في بريطانيا، شلومو أرجوف في 3 حزيران/يونيو 1982 فقامت إسرائيل، وكردٍّ على عملية الإغتيال هذه، بقصفٍ لمنشأت و مواقع تابعة لمنظمة التحرير في قلب بيروت ، ومن الجدير بالذكر أن منفذي محاولة اغتيال شلومو أرجوف كانوا من جماعة أبو نضال المناهضة لياسر عرفات والتي كانت تعرف بإسم فتح-المجلس الثوري (توفي شْلومو أرْغوف عام 2003). في اليوم التالي من محاولة الإغتيال و القصف الإسرائيلي لبيروت، قامت منظمة التحرير بقصف شمال إسرائيل مرة أخرى وقتل في هذا القصف إسرائيلي واحد . في 5 - 6 حزيران/يونيو 1982 بدأت إسرائيل حملة قصف جوي و مدفعي كثيف على صيدون و النبطية و الدامور وتبنين وعرنون وقلعة بيفورت ودخل الجيش الإسرائيلي الأراضي اللبنانية في 6 حزيران/يونيو 1982 وتم اجتياز المواقع الذي كان يشغلها 7،000 جندي تابعين لقوات الأمم المتحدة بكل سهولة.
قدم رونالد ريغان الرئيس الأمريكي وقتها الغطاء لإسرائيل في هجومها، حيث أعطى لإسرائيل الضوء الأخضر لتدمير منظمة التحرير، و أكدت إسرائيل للأمريكين أنها ستدخل لبنان لمسافة لا تتجاوز 30 كيلومترا لتحقيق أمنها و الدفاع عن نفسها. كان ريغان لا يمانع في القيام بعملية سريعة تكون بمثابة درس قوي لمنظمة التحرير الفلسطينية و لسوريا حليفة الاتحاد السوفيتي الشيوعية حيث صرح دافيد كمحي بأنه لم يكن هناك مقاومة قوية لخطط أرئيل شارون في واشنطن وإن الولايات المتحدة لم تستطيع منع إسرائيل من الهجوم و في مقالة في واشنطن بوست مع شارون قال هيج: إننا نفهم أهدافكم ولا نستطيع أن نقول لكم لا تدافعوا عن مصالحكم)[2] وقام وزير الخارجية الأمريكي، الجنرال ألكسندر هيغ بإخبار شارون عن الحاجة إلى "استفزاز واضح يعترف به العالم" بهدف شنّ الهجوم. ويرى البعض أن عملية أبو نضال لمحاولة إغتيال السفير الإسرائيلي في لندن جاءت في اللحظة المناسبة تماما بصورة غريبة[3]. [4].
قاد العمليات الإسرائيلية أرئيل شارون وزير الدفاع الإسرائيلي في ذلك الوقت في الحكومة التي رأسها مناحيم بيغين. أعلن وقتها أن السبب هو دفع منظمة التحرير الفلسطينية و صواريخ الكاتيوشا إلى مسافة 40 كيلوا عن حدود إسرائيل. تعدلت الأهداف لاحقا، حيث أعلن الناطق الرسمي للحكومة الإسرائيلية آفى بارنز إن أهداف إسرائيل هي:
فهرس |
صحيفة "هآرتس" ذكرت أن العاهل الأردني الملك حسين قدم في 11 إبريل/نيسان 1976 تعهداً من الرئيس حافظ الاسد بأن الجيش السوري لن ينتشر في جنوب لبنان ولن يقترب من الحدود مع إسرائيل وأنه سيعمل على ضبط كل الجماعات الفلسطينية المسلحة التي قد تفكر بشن عمليات على شمال إسرائيل". و أعطى إسحاق رابين، في رسالة وجهها إلى الملك حسين في 28 أبريل، موافته لدخول القوات السورية إلى لبنان. في 31 مايو/أيار عبرت القوات السورية، تحت مسمى قوات الردع، الحدود مع لبنان و صلت إلى منطقة عكار شمال لبنان، و بدخول يوم 1 يونيو/حزيران بدأت القوات السورية تسيطر على المواقع الاستراتيجية في سهل البقاع. الإذاعة الإسرائيلية نقلت تصريح رئيس الوزراء إسحاق رابين :إن إسرائيل لا تجد سبباً يدعوها لمنع الجيش السوري من التوغل في لبنان، فهذا الجيش يهاجم الفلسطينيين، وتدخلنا عندئذ سيكون بمثابة تقديم دعم للفلسطينيين، ويجب علينا أن لانزعج القوات السورية أثناء قتلها للفلسطينيين فهي تقوم بمهمة لا تخفى نتائجها الحسنة بالنسبة لنا. وكالة الصحافة الفرنسية نقلت تصريح لموشي دايان في 5 يونيو/حزيران: بإن على إسرائيل أن تظل في موقف المراقب ، حتى لو غزت القوات السورية بيروت واخترقت الخط الأحمر ، لأن غزو القوات السورية للبنان ، ليس عملاً موجهاً ضد أمن إسرائيل. يعتقد البعض أن التدخل السوري كان منسقا أيضا مع الموارنة، حيث صرح الرئيس اللبناني كميل شمعون في 16 يونيو/حزيران 1976: لقد اتفقنا مع سوريا على خطط ترضينا. و في 9 أغسطس/آب صرح من دمشق بقوله : أنني أثق ثقة كاملة بالرئيس حافظ الأسد، وسوريا هي الدولة الوحيدة التي تستطيع فرض السلام في لبنان .[5] . و بعد أكثر من ستة أسابع في 20 يوليو القى الرئيس السوري خطابه الشهير من مدرج جامعة دمشق معلناً أنه ليس بحاجة لطلب الإذن لدخول لبنان. حيث قال وقتها:
قام سلاح الجو الإسرائيلي بإسقاط طوافتين سوريتين، فجاء رد سوريا سريعا بإدخال صواريخ سام 6 المضادة للطائرات إلى سهل البقاع، دخل سلاح الطيران السوري لحماية الصواريخ وحصلت مناوشات جوية في أجواء لبنان. اعتبرت إسرائيل ما حصل خرقا لاتفاق الخطوط الحمر، واعتبرت سورية أن تل أبيب كانت البادئة بخرق الاتفاق من خلال هجومها على القوات السورية.
جاء الرد من الرياض، في 7 أغسطس/آب 1981، بمبادرة الأمير فهد ولي العهد السعودي، المكونة من ثمانية مبادئ هي:
استنادا على لقاء تلفزيوني مع تيمور غوكسل المتحدث باسم قوات الأمم المتحدة التي كانت منتشرة على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية آنذاك فإنه و في تمام الساعة 10:35 صباحا ليوم 6 يونيو 1982 إقتربت 13 دبابة ميركافا عند جسر الحمراء الفاصل وكان هناك في تلك اللحظة 6 جنود هولنديين عند الحاجز حاولوا منع الدبابات من التقدم بوضع عوائق على الطريق ولكن جنود الجيش الإسرائيلي إستمروا بالتقدم هاتفين نحن آسفون هذا غزو تمكن الهولنديون الستة من إعاقة تقدم دبابتين بصورة مؤقتة لكن هذا لم يدم طويلا فقد تلى الدبابات الأولى 1،100 دبابة أخرى [2]. تقدمت القوات الإسرائيلية على عدة محاور تجاه العاصمة بيروت ولكنها واجهت مقاومة عنيفة من قبل مخيميات اللاجئين الفلسطينيين في الجنوب اللبناني وتعرض الجيش الإسرائيلي إلى مقاومة شرسة عند محاولتها إحتلال قلعة شقيف الإستراتيجية والتي لأهميتها قام مناحيم بيغن بزيارتها شخصيا بعد بسط السيطرة الإسرائيلية على القلعة. استناداً إلى عمر العيساوي فإن القيادة السورية لم تدرك ضخامة العملية العسكرية الإسرائيلية وبالرغم من المباغتة تمكن الجيش السوري من وقف تقدم القوة الإسرائيلية المتجهة إلى ظهر البيدر و قاتلت فيما بعد بشراسة في البقاع [3].
بعد احتلال قلعة شقيف تم تسليم القلعة إلى سعد حداد قائد جيش لبنان الجنوبي الموالية لإسرائيل وبعد أيام سقطت صيدون و صور و دامور معاقل منظمة التحرير الواحدة تلو الأخرى أمام التقدم الإسرائيلي وبدأ الجيش الإسرائيلي بالتقدم نحو الطريق الرئيسي بين بيروت و دمشق مخترقين منطقة الشوف الواقعة في وسط الجنوب اللبناني وفي 8 تموز/يونيو 1982 إشتبك الجيش السوري لأول مرة مع الجيش الإسرائيلي. بعد 5 أيام فقط من الإجتياح تمكنت القوات الإسرائيلية من بسط سيطرتها على 1/3 من الأراضي اللبنانية وفي 9 حزيران/يونيو 1982 وصل الجيش الإسرائيلي إلى مشارف بيروت وفي نفس اليوم تمكن سلاح الجو الإسرائيلي من من تدمير عدة مواقع للدفاع الجوي السوري بالإضافة إلى إسقاط مقاتلة ميغ 22 سورية في إشتباك جوي ضخم بين 90 مقاتلة إسرائيلية و 60 مقاتلة سورية واضطر الجيش السوري إلى الإنسحاب من منطقة الشوف وفي يوم 14 حزيران/يونيو 1982 دخل الجيش الإسرائيلي شرق بيروت ذات الأغلبية المسيحية وطوقت القسم الغربي من بيروت الذي كان معقلا رئيسيا للمقاتلين الفلسطينيين وتمكنوا من السيطرة على طريق بيروت-دمشق .
مع اقتراب نهاية شهر حزيران/يونيو كان هناك 100،000 جندي إسرائيلي في لبنان بينما وصل عدد القوات السورية إلى 40،000 بينما وكان هناك 11،000 مقاتل فلسطيني محاصرين مع ياسر عرفات في غرب بيروت وفي مطلع شهر يوليو قام الجيش الإسرائيلي بفرض حصار على غرب بيروت قاطعة وصول المواد الغذائية والماء إلى تلك المنطقة وتم منع الإنتقال بين شطري بيروت واستمر القصف الإسرائيلي لغرب بيروت بصورة متفاوتة طوال شهر يوليو.
في 12 اغسطس 1982 ومع الإقتراب من الوصول إلى إتفاق وشيك حول آلية مغادرة المقاتلين الفلسطينيين لبيروت قامت إسرائيل بحركة مباغة أثارت استغراب العالم وغضب الرئيس الأمريكي رونالد ريغان ، حيث قام سلاح الجو الإسرائيلي بشن أعنف قصف جوي ومدفعي و بحري على بيروت إستمرت لعشر ساعات متواصلة وأدت هذه الحركة الغير متوقعة إلى إثارة غضب ريغان الذي اتصل هاتفيا مع مناحيم بيغن معربا عن استياءه الشديد من ذلك التصرف. توصل الطرفان إلى إتفاق لوقف إطلاق النار في 18 اغسطس بوساطة المبعوث الأمريكي فيليب حبيب وفي يوم 19 اغسطس خففت إسرائيل من حصارها لغرب بيروت وسمحت لإمدادات الصليب الأحمر بدخول بيروت الغربية .
ظهرت تدريجيا انقسامات ضخمة في الإدارة الأمريكية بين تيار بقيادة ألكسندر هيج و جين كيركباترك ينادي باستمرار إسرائيل بعملياتها بغض النظر عن المبرر الأصلي، حتى تدمير منظمة التحرير و تيار مناد بكبح جماح إسرائيل بقيادة جورج بوش الأب و جيمس بيكر و وليام كلارك. دخل السوفيت على الخط و أرسل ليونيد الييتش بريجنيف إلى رونالد ريغان يخبره عن قلقه و يلمح له عن إمكانية توسع النزاع وهنا شعر ريغان ان وزير خارجيته لم يكن يعمل معه بنفس الاتجاه وإنه منحاز إلى إسرائيل و أرسل مذكرة إلى مناحيم بيغن قال فيها:
إعتقد إسرائيل أن تيار ألكسندر هيج قادر على الضغط على الرئيس الأمريكي. وصل الخلاف بين الرجلين إلى درجة ضخمة، و بدأ هيج يخفي رسائل و برقيات حبيب عن البيت الأبيض، الأمر الذي اضطر حبيب إلى استعمال خط هاتفي أمن للإتصال مباشرة مع البيت الأبيض. [16]، و في النهاية و مع شعور هيغ بالمحاصرة و انعدام ثقة ريغان به، هدّد شفويا بالاستقالة، و قبلها ريغان فورا بدون كتابتها. [17]. بعض المحللين يدافع عن هيغ و يعتبره كبش فداء لفشل سياسة البيت الأبيض في لبنان. باستقالة ألكسندر هيج أصبح جورج شولتز وزيرا للخارجية. شولتز كان يرى أن الغزو الإسرائيلي يدمر عملية السلام وأدرك إمكانية الولايات المتحدة وضع مبادرة لعملية السلام، و بدأ صنع مشروعه لعملية سلام عربي إسرائيلي . في 30 يوليو عرضت المبادرة على ريغان و ظهر مشروع ريغان لمنطقة الشرق الأوسط حيث عارض قيام دولة فلسطينية مستقلة و اعتمد فكرة عودة السيطرة الاردنية على الضفة الغربية، و قطاع غزة على شكل اتحاد فدرالي . من جهة أخرى رأى مناحيم بيغن أن ريغان تجاوز مرحلة الصداقة[18]، وقام بمعارضة رؤية ريغان الداعية إلى مبدأ الأرض مقابل السلام. و كان أرئيل شارون يؤكد أنه سيحل القضية من خلال جنازير الدبابات إلا أن مقتل بشير الجميل الذي نصبه الأمريكان لتصفية الوجود الفلسطيني في لبنان و إدانة شارون بتهمة التغاضي عن جريمة مخيمي صبرا وشاتيلا حيث تم إخراجه من الحكومة أدى إلى إفشال مساعي الدولة الإسرائيلية في إخراج المنظمة من اللعبة السياسية.
تفاجأ ياسر عرفات بوصول برقية من الجنوب تنبئ بأن القوات الإسرائيلية تعدت صور شمالا و بسرعة . جورج حاوي نقل عن عرفات قوله : ده مش ممكن لا مستحيل،و اتصل مع الحاج إسماعيل ليستفهم منه عن الأوضاع، إلا أن الحاج إسماعيل كان منشغلا بإخراج القوات من صيدا بسبب محاصرة الإسرائيلين لها. تفاجأ الجميع بحجم الإجتياح، بالرغم من أن بشير الجميل كان قد أكد في أكثر من مرة أن القوات الإسرائيلية قادمة، يعزى ذلك إلى خطاب ريغان الذي أكد أن الدخول سيكون محدودا بثلاثين كيلومترا.
تشكل في 14 يونيو 1982 ما عرف باسم القيادة المشتركة للقوات الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية أو هيئة الإنقاذ الوطني في بيروت بدعوة من الرئيس اللبناني إلياس سركيس ضمت زعماء الطوائف الرئيسية في لبنان و كتيبتين سوريتين استمرتا في القتال على الرغم من توقيع سوريا إتفاقية الهدنة. كان هدف هيئة الإنقاذ هو منع تفاقم أزمة المواجهة المسلحة بين إسرائيل و منظمة التحرير الفلسطينية ولكنه وبصورة تدريجية اصبحت هيئة الإنقاذ هذه عاجزة عن إنجاز اي نتيجة ملموسة و بعد 9 ايام من تشكيلها إنسحب وليد جنبلاط منها واصفا الهيئة "بهيئة دفن القتلى" .
مع اقتراب نهاية فترة حكم الرئيس اللبناني إلياس سركيس تم تنظيم إنتخابات رئاسية في بيروت وقام البرلمان اللبناني في 23 اغسطس 1982 بإنتخاب بشير الجميل رئيسا بإجماع 57 صوتا وإمتناع 5 عن التصويت وعدم اشتراك أغلبية الكتلة المسلمة في البرلمان الذي اعتبر الجميل حليفا لإسرائيل وقبل 9 أيام من تسلم الجميل مهامه الرئاسية وفي 14 سبتمبر 1982 تم اغتياله بقنبلة موقوتة وبعد أسبوع وفي 21 سبتمبر 1982 انتخب البرلمان اللبناني شقيقه أمين الجميل رئيسا الذي قام بتوجيه دعوة إلى زعيم الكتلة المسلمة ورئيس الوزراء شفيق الوزان (1925 - 1999) بالبقاء في منصبه كرئيس للوزراء في محاولة من الجميل لتضييق الفجوة وتوحيدالصفوف . على الصعيد الاقتصادي إنخفض قيمة الليرة اللبنانية إلى مستويات متدنية وظهر بوادر عجز للحكومة اللبنانية في فرض الضرائب ووصل نسبة التضخم إلى 20% - 30% وتم تدمير واسع النطاق للبنية التحتية في لبنان .
في 13 يونيو قامت القوات الإسرائيلية و مليشيا بشير الجميل بمحاصرة بيروت، إلى 28 أغسطس . طوال فترة الحصار قامت القوات الإسرائيلية بقصف بيروت من البر باستعمال المدفعية و من الجو و البحر. تم تسوية معظم المدينة بالأرض ، قتل أكثر من 30،000 مدني لبناني و إصيب أكثر من 40،000 شخص أكثر من نصف مليون شخص نزحوا عن بيروت و في فترة الست و سبعون يوما استمرت إسرائيل بمنع المعونات الدولية و الإنسانية عن بيروت. صرحت إسرائيل أن مسؤولية الوفيات و الدمار الذي أصاب البنية التحتية و الخسائر البشرية هو استعمال منظمة التحرير الفلسطينية المدنيين كدروع بشرية و استعمال منازل المدنيين كمعاقل للقتال مما اضطر إسرائيل مرغمة على القصف لتدمير البنية التحتية التي يمكن أن يستعملها المقاتلين أو المخربين حسب تعبير إسرائيل. استعملت إسرائيل في هجومها على بيروت أسلحة محرمة دوليا بدأ من القنابل العنقودية و الفسفورية مرورا بالنابالم و ألعاب الأطفال المفخخة، و إنتهاء بقنابل بخار الوقود. أعاد كل من رونالد ريغان و هنرى كسنجر التأكيد على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. و تم منع جميع المبادرات التي قدمت لإيقاف القتال. انتهى الاحصار بمسح كامل لثلث بيروت من الخارطة.
قدم رونالد ريغان ضمان شخصيا للمقاتيلن الفلسطينين بالحفاظ على أمن عائلاتهم إذا ما غادروا إلى تونس و اضطرت إسرائيل إلى الموافقة على خروج المقاتلين تحت حماية دولية مكونة من 800 جندي مارينز أمريكي، و 800 جندي فرنسي و 400 إيطالي. غادر 14،614 مقاتل فلسطيني بيروت إلى تونس تحت القصف الإسرائيلي، بالرغم من الحماية الدولية. على الجانب الآخر قُتل في الفترة ما بين 5 يونيو 1982 وحتى 31 مايو 1985 1،216 جندي إسرائيلي. على الصعيد السياسي أوفت إسرائيل بوعودها و بضغط أمريكي لبشير الجميل حيث أصبح رئيسا للبنان إلا أنه في 14 سبتمبر تم اغتياله هو و 25 من طاقمه بتفجير ضخم استهدف مقره.
تغيرت الخريطة السياسية اللبنانية بصورة جذرية بعد الغزو الإسرائيلي فبالرغم من أن الميليشيات المسيحية اللبنانية لم تشترك فعليا في القتال إلى جانب الجيش الإسرائيلي إلا أنها إنتشرت وهيمنت على المناطق التي كانت تحت سيطرة إسرائيل وخاصة في الجنوب اللبناني التي هيمنت عليها حزب الكتائب اللبنانية وقامت إسرائيل أثناء الغزو بنزع سلاح المجموعات الدرزية التي كانت في صراع مسلح مع حزب الكتائب . عمل حزب الكتائب اللبنانية بقيادة بشير الجميل جاهدا على نزع سلاح الفلسطينين في سائر أنحاء لبنان . تمكنت حركة فتح من أسر ستة جنود إسرائيليين، تم مبادلتهم لاحقا بخمسة آلاف معتقل لبناني وفلسطيني تم إحتجازهم في معتقل أنصار في جنوب لبنان.
إستنادا على أرقام وزارة الخارجية الأمريكية توزع مقاتلوا منظمة التحرير الفلسطينية على الشكل التالي :
في 6 سبتمبر 1982 عاد مجلس الجامعة العربية ليعقد قمته الخامسة عشر الطارئة في فاس، بعد أشهر من الإجتياح الإسرائيلي، شارك باقمة 19 دولة عربية بغياب كل من ليبيا و مصر ، و بعكس القمة الأولى في فاس، اعترفت جامعة الدول العربية هذه المرة بوجود إسرائيل، و تم إقرار مشروع السلام الذي تقدمت به السعودية. [19]
في مساء 16 سبتمبر، قامت القوات الإسرائيلية بمحاصرة مخيمات صبرا و شاتيلا لللاجئين الفلسطينين ،و سمحت بدخول حوالي 350 عنصر مسيحي إلى المخيمات تحت ذريعة البحث عن مقاتلين فلسطينين. تم ذبح ما يقارب 3000 مدني أعزل بالرغم من التعهدات الأمريكية بحماية المدنيين الفلسطينيين بعد خروج المقاتلين الفلسطينيين من لبنان، يعتقد الكثير أن العملية كانت رد فعل على اغتيال الرئيس بشير الجميل، وكان مئات من الشابات اللبنانيات اللواتي جئن للرفيه عن الجنود الإسرائيليين مشاركات في العملية التي وصفها الكاتب اللبناني المغترب بيار كماليو بأنها غير انسانيةووصمة عار في جبين لابنان الحر.
بعد الحرب كان مايقارب 98% من الأراضي اللبنانية تحت سيطرة وحماية قوات متعددة الجنسية وميليشيات لبنانية مختلفة وكانت الحكومة اللبنانية مهيمنة فقط على بيروت و ضواحيها. في عام 1983 كان هناك 30،000 جندي إسرائيلي في الجنوب اللبناني وكان شرق و شمال لبنان تحت سيطرة 40،000 جندي سوري و 10،000 مقاتل فلسطيني بالإضافة إلى هذه الأرقام كان هناك 10،000 جندي تابعين لقوات الأمم المتحدة من الولايات المتحدة و إيطاليا و بريطانيا و فرنسا.
تدريجيا أصبحت القوات المتعددة الجنسية مستهدفة بشكل يومي وفي 19 سبتمبر 1983 وفي خطوة مثيرة للجدل قامت البارجات الأمريكية بقصف معاقل القوات الدرزية في سوق الغرب علما ان المارينز المرابطين حول بيروت والبالغ عددهم 1،600 لم يتعرضوا لإستهداف مباشر لحين تلك اللحظة ولكن الأمر تغير بعد ذلك القصف الذي قام به بارجتان أمريكيتان وأصبح المارينز بعد ذلك مستهدفين في عمليات إطلاق نار بالقناصات من قبل أطراف مجهولة وبحلول شهر نوفمبر 1983 تم قتل 6 من المارينز.
في 18 ابريل 1983 اقتربت سيارة مفخخة من سفارة الولايات المتحدة في بيروت وحدث انفجار هائل أدى إلى تدمير كامل للقسم المركزي للبناية وتسبب الانفجار في سقوط 60 قتيلا بينهم 17 أمريكيا و 100 جريح ، تبنت حركة الجهاد الإسلامي مسؤوليتها عن الحادث ويلقي الكثيرين بالمسؤولية الرئيسية في تنظيم الإنفجار إلى عماد فايز مغنية وتم لاحقا توجيه التهمة إلى فايز مغنية بضلوعه في التخطيط لتفجير سيارة مفخخة في حاجز عسكري مشترك للمارينز و القوات الفرنسية في 23 أكتوبر 1983 والذي أدى إلى مصرع 58 جنديا فرنسيا و 241 من المارينز وتم اتهامه أيضا بتخطيطه لإختطاف طائرة تي دبليو أي الرحلة 847 في 14 يوليو 1985 والتي كانت متوجهة من روما إلى بوسطن [4] ، [5].
كانت السيارة المفخخة التي دمرت السفارة محملة بحوالي 180 كغم من المتفجرات وكانت السيارة حسب تقارير وكالة المخابرات الأمريكية قد تمت سرقتها قبل عام واحد من السفارة الأمريكية وكانت تحمل شارة السفارة واستطاع سائقها لهذا السبب من الدخول بسهولة إلى مرآب السفارة . كان من بين القتلى الأمريكيين 8 موظفين لوكالة المخابرات الأمريكية وكان تفجير السفارة حسب تصريحات الجهة المنفذة ردة فعل على مذبحة صبرا وشاتيلا . بعد حادثة تفجير السفارة تم نقل البعثة الدبلوماسية الأمريكية إلي بيروت الشرقية ولكن الموقع الجديد تعرض إلى إستهداف بسيارة مفخخة أخرى في 20 سبتمبر 1984 وقتلت في هذه المرة 2 امريكيا و 20 لبنانيا[6]
مع اقتراب نهاية كانون الأول/ديسمبر 1982 دخلت لبنان في محادثات مع إسرائيل وبوساطة الولايات المتحدة لغرض التوصل إلى نوع من التطبيع في العلاقات وإيجاد آلية لإنسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان مع ضمانات بعدم تعرض الحدود الشمالية لإسرائيل لهجمات من قبل منظمة التحرير الفلسطينية وبعد مفاوضات و محادثات إتسمت بالصعوبة و استغرقت 6 أشهر توصل الطرفان إلى ما سمي بإتفاق 17 أيار أو "اتفاق جلاء القوات الإسرائيلية" حيث وافق الطرفان بإنهاء حالة الحرب التي كانت قائمة بين الدولتين منذ قيام دولة إسرائيل في عام 1948 بالرغم من إصرار إسرائيل على توقيع اتفاقية سلام رسمية إلا أن لبنان اكتفت باتفاقية "عدم الحرب" حيث كانت القيادة اللبنانية متخوفة من عزلة مع بقية العالم العربي إن وقعت على اتفاقية سلام مشابهة للعزلة التي حدثت لمصر عقب اتفاقية كامب ديفيد.
نصت الاتفاقية على انسحاب الجيش الإسرائيلي في غضون 8 - 12 أسابيع بشرط ان تقوم سوريا و منظمة التحرير بالإنسحاب أيضا. بالرغم من عدم تشكيل علاقات دبلوماسية على مستوى السفارات بين لبنان و إسرائيل إلا أن الطرفان وافقا على وجود هيئات دبلوماسية للدولتين على أراضي الآخر . من النقاط المثيرة للجدل في ذلك الأتفاق كان تشكيل حزام أمني إسرائيلي في جنوب لبنان يتواجد فيه اقل من 4،341 جندي من كلا الجيشين اللبناني و الإسرائيلي مع تعاون مستمر بين الجيشين على هيئة دوريات مشتركة. من النقاط الحساسة في ذلك الإتفاق كان وضع الرائد سعد حداد و جيش لبنان الجنوبي فبالرغم من أن الاتفاقية لم تذكر الرائد حداد بالإسم إلا أنها نصت على قبول حماية الحزام الأمني من قبل "قوات محلية" . وقع عن لبنان السفير أنطوان فتال بينما وقع ديفيد كمحي رئيس الوفد الإسرائيلي كما وقع أيضا المندوب الأميركي موريس درايبر على هذه الوثيقة. وافق البرلمان اللبناني على هذه الوثيقة بالأكثرية حيث عارضه نائبان فقط وفي إسرائيل وقعت الكنيست على الاتفاق . بقيت هذه الإتفاقية مجرد حبر على الورق حيث لم ينسحب الجيش الإسرائيلي و الجيش السوري من الأراضي اللبنانية وإعتبر الرئيس السوري حافظ الأسد بقاء إسرائيل في الجنوب اللبناني منافيا لمبادئ سيادة لبنان و خطرا على أمن سوريا.
قامت قوات الدفاع الإسرائيلية بعمليات سرقة منظمة و مثبته من خلال لجان التحقيق التابعة للأمم المتحدة، مما تم سرقته:
تزامن حصار بيروت مع إنطلاق كأس العالم لكرة القدم 1982 في إسبانيا. و الذي شهد دخول دولتين عربيتيين هما منتخب الكويت لكرة القدم و الجزائر. و بدأ حصار و قصف الميليشيات و إسرائيل لبيروت يوم 13 يونيو 1982 و هو نفس اليوم الذي لُعبت به أول مبارة في المونديال بين الأرجنتين و بلجيكا. يعتقد الكثير أن اختيار توقيت الإجتياح بالتزامن مع مونديال 1982 كان ضمن ترتيبات الإجتياح. [20] [21].
إنشغل العالم العربي وقتها بالإحداث المتسارعة في المونديال، فالجزائر فازت على منتخب ألمانيا لكرة القدم 2-1 في 16 يونيو، و على تشيلي في 24 يونيو. و فهد الاحمد الصباح رئيس الإتحاد الكويتي لكرة القدم انذاك، عطل مبارة الكويت و منتخب فرنسا لكرة القدم في 21 يونيو محتجا على هدف رابع سجلته فرنسا في شباك الكويت بعد أن نزل إلى أرض الملعب لمدة سبع دقائق، و اضطر الحكم الروسي ميروسلاف ستوبار لإلغاء الهدف. قام الاتحاد الدولي لكرة القدم بتغريم الأمير فهد مبلغ 8000 جنيه إسترليني بسبب تدخله. و ايقاف الحكم و عدم إسناد باقي مبارياته له[22].
يذكر جورج حاوي الصدمة برد الفعل العربي الشعبي فيقول:
بينما خرجت مظاهرابسبب ما فسره العرب بالمؤامرة[24] [25] لإخراج الجزائر من الدور الأول في المباراة بين ألمانيا الغربية و النمسا في 25 يونيو. كانت المظاهرات الوحيدة في الشرق الأوسط التي خرجت تستنكر الإجتياح، كما يذكر فيصل القاسم هي المظاهرات الضخمة التي نظمتها حركة السلام الآن في إسرائيل للمطالبة بلإنسحاب من لبنان[26]. كما قام الفريق الإيطالي بإهداء لبنان كأس العالم (رمزيا) تعاطفا معه.[27]
منظمات | شخصيات | نزاعات | 'دبلوماسية' / مشاريع |
الأطراف الرئيسية
|
|
|
|