الدرزية وأتباعها الدروز ومفردها درزي. طائفة دينية ذات أتباع في لبنان، إسرائيل، الأردن، سوريا، تجمعات في الولايات المتحدة، كندا، وأمريكا الجنوبية من المهاجرين من الدول آنفة الذكر، يسمون بالدروز نسبة لنشتكين الدرزي الذي يقولون بزندقته ويعتبرون أن نسبتهم إليه خطأ وأن إسمهم هو الموحدون.
فهرس
|
يشير الدروز إلى أنفسهم باسم الموحدون نسبةً إلى عقيدتهم الأساسية في "توحيد الله" أو بتسميتهم الشائعة "بنو معروف" ويعتقد الباحثون أن هذا الاسم هو لقبيلة عربية اعتنقت الدرزية في بداياتها أو ربما هو لقب بمعنى أهل المعرفة والخير [1]، أما اسم "دروز" فأطلق عليهم نسبة إلى نشتكين الدرزي الذي يعتبرونه زنديقًا و محرفًا للحقائق ويكره الدروز هذا الإسم ويرفضونه بل يشيرون إلى إن هذا الاسم غير موجود في كتبهم المقدسة ولم يرد تاريخيًا في المراجع التي تكلمت عنهم.
لقد كانت علاقة العقيدة الدرزية بالإسلام موضع البحث الدائم والتشكيك من قبل الباحثين والنقاد، تاريخيًا إنشقت الدرزية عن المذهب الإسماعيلي بالأخص، أثناء الخلافة الفاطمية في القرن العاشر. إذًا تاريخيًا تعود أصول الدرزية إلى أصول إسلامية, أما عقائديًا فقد اختلفت آراء الباحثين حول الموضوع فمنهم من إعتبر الدرزية مذهبًا من المذاهب الإسلامية ومنهم من إعتبرها ديانة مستقلة بحد ذاتها حتى وصل الوضع إلى درجة عالية من الضبابية حتى على أعلى المستويات فالدروز يعتبرون أنفسهم مسلمون ويعلن شيوخهم دائمًا انتمائهم للإسلام مثلاً الشيخ محمد أبو شقرة الذي أعلن دائمًا إنتماء الدروز إلى الإسلام [2] وفي نفس الوقت تعتبر الطائفة الدرزية في سورية مذهبًا إسلاميًا بالرغم من وجود الأحكام المذهبية الخاصة بها والتي يُعامل أبناء هذه الطائفة وفقها معاملةً تختلف عن معاملة باقي الطوائف الإسلامية في سورية.
في سورية مؤخرًا صدرت فتوى من مفتي الجمهورية إعتُبر فيها الدروز والعلويون والإسماعيليين مسلمون. [4]
يعتقد الموحدون الدروز إن الله واحد أحد لا إله إلا هو ولا معبود سواه وإنه المعل الذي لم يعله أحد وهو وفق الميثاق الواحد الأحد الفرد الصمد المنزه عن الأزواج والعدد وهو الحاكم الفعلي والأزلي للكون وممثوله في القرآن (على العرش استوى)أي نصب نفسه بمقام الحاكمية على العوالم فهو الحاكم الأحد المنزه عن عباده ومخلوقاته الله عن وصف الواصفين وإدراك العالمين وهو في مواضع كثيرة من رسائل الحكمة :حاكم الحكام المنزه عن الخواطر والأوهام جل وعلا فلا مجال لتشبيه لاهوته أو حلوله في أحد من البشر. وإن الله خلق علة أولى منه وفيه وإليه واستودع فيها كل ما كان وما سيكون وهي العقل الكلي وهو جوهر روحاني مجبول على طبائع الخير وخلق له ضد روحاني مجبول على طبائع الشر فهما أصلا العالم وأن الله خلق النفوس وقدر لها انتقالها من جسد لجسد لتبلغ العدل والرحمة منه وإنه أوجد فيها قدرة على الارتقاء فتشاهد عظمة الباري فتسعد وإنه تقرب من عباده البشر فأظهر في نفوسهم نوره الشعشعاني وركب فيها طبائع العقل وأراها طبائع الضد فمن واظب على صيانة طبائع العقل فيه يرى صورة نفسه الحقيقية كما فطرها الله من ذاته وفي ذاته ولذاته فتحدث المشاهدة السعيدة والاندماج أو التوحد مع ذات الباري وهي معنى ظهر لهم كهم أي يرونه كما يرون الخيال في المرآة كصورة نفوسهم فالخيال هو وهم المشاهِد وليست حقيقة المشاهَد وإن من يصل لهذه المرحلة من الصفاء يسمى ناسوت أي أنس صورة الباري (المجازية )في نفسه وناسوت مولانا الحاكم أي أناسه ممن أنسوا صورته.. والخليفة الفاطمي المنصور واحد من عشرة أشخاص استطاعو أنس الصورة وسمى نفسه الحاكم بأمره أي بأمر اللاهوت والحاكم بأمر الله والله من أسماء اللاهوت والخليفة في النهاية عبده وخادمه وهو غير مقدس عند الموحدين إلا كما يتم إجلال الشيوخ وغيرهم من الأولياء وقد طرد نشتكين الدرزي من الدعوة لأنه دعا لتأليه الأشخاص. والغاية من علوم التوحيد هو رفع البشر إلى منازل عالية وهي تبدأ من مرحلة الموحد وهي اتباع حلال الحلال أي أفضله ومبادئ التوحيد الفضائل العفية والعدل والطهارة ثم منزلة حرف الصدق ثم منزلة الحدود ثم منزلة المؤانسة أو الناسوت وهي سعادة السعادات وغاية الغايات من خلق النفوس وهي جوهر التوحيد. ويعتقد الموحدون أن الباري دعى لتوحيده في الأرض بواسطة العقل والحدود هم خمسة من البشر الذين غلبت فيه طبائع العقل الكلي وأيد العقل بالناسوت الذي يكون ممد بالحكمة والعلم والتقوى والسلطان والكرامات ويتم ذلك في أدوار زمنية معلومة ويكون العقل هو صاحب الدعوة يقيمها وينهيها من خلال دعاة يعينهم ولا يحق للموحدين الدعوة له أو لدينه أو كشف حقائق التوحيد بعد غيابه إنما عليهم في غيابه صيانة أنفسهم من المعاصي وعمل الخير بين البشر .
إحدى وعشرون سنة قبل ابتداء دعوة التوحيد، أي عام 996 م. (386 هـ) مات الخليفة الفاطمي الإمام العزيز بالله وتولى الخلافة بعده ولي عهده، المنصور، وكان له من العمر حوالي إحدى عشر سنة. اتخذ الخليفة الصغير لنفسه لقب “الحاكم بأمر الله”. وكان قوي العزيمة حازمًا، تسلم مقاليد الحكم بنفسه ومارس السلطة بعدالة. وكان عطوفاً على الرعية، قريبًا من الناس، يُشرف بنفسه على شئون الحكم ويعمل على تطهير الإدارة والقضاء من الرشوة والفساد، ومكافحة الاستغلال. كان يستمع إلى شكاوى الناس ويقضي حاجاتهم بالعدل والمساواة. وكان يطوف الأسواق ليلاً ونهارًا ليرى بنفسه المساوئ الاجتماعية والأخلاقية ومدى الحاجة إلى الإصلاح، وعمل جهده لإغاثة الناس في أوقات الشدة. وإهتم بالعلم وأهله، فكان يدعو الفقهاء والأطباء وأهل الحساب والمنطق ويجالسهم ويستمع إليهم. في سنة 1009 م. (400 هـ) تخلى عن كل ما يتعلق بالملك من أبهة وفخامة ومظهر، وتخلى عن المظلة المطرزة بالذهب، والمواكب الفخمة والمآدب الحافلة، والحلى والمجوهرات والأحجار الكريمة. طرح كل ذلك جانبًا، وارتدى البسيط من الملبس، واقتصر في الطعام على ما يحتاج إليه الجسد، وزهد في ملاذ الدنيا وركب الحمار بدل الجياد في طوافه بين الناس. وأمر أن لا يُقبل أحد له الأرض ولا يقبل يده عند السلام. وحاول التوفيق بين السنة والشيعة لتوحيد المسلمين، وأنفق بسخاء على ترميم وتشييد المساجد. وجدد جامع الأزهر المشهور، وهو من أكبر جوامع ي القاهرة. وسمح للذين اعتنقوا الإسلام جبرًا أو خوفًا من العقاب أو لمكاسب دنيوية أن يعودوا إلى ديانتهم، وأعاد بناء الكنائس والأديرة.
ظهرت ثلاث ابتكارات كان الحاكم بأمر الله سباقًا فيها الأول إعلان حرية العقيدة الدينية وذلك في سجل صريح والثاني منع الرق وإطلاق العبيد ودام الأمر مدة 15 سنة والثالثة تقسيم الحكم بين السنة والشيعة بصورة متساوية فقد عين على حكم السنة ولي عهد المسلمين عبدالله بن العوام وعلى حكم الشيعة عين ولي عهد المؤمنين عبد الرحيم بن إلياس وكل ولي عهد يحكم بشؤون طائفته وكان دور الخليفة المنظم لإيقاعات المجتمع ويؤخذ على الحاكم بأمر الله قراراته الغريبة مثل منع أكل الملوخية ومنع غرس العنب وتخريب الكروم وحجر النساء في البيوت سبع سنوات ولبسه السواد سبع سنوات وغيرها ولكل من تلك التصرفات مغزى عنده و حكمة من ورائها فهو استلم الخلافة والفساد يعم البلاد وانتشرت الأمراض والأوبئة بكثرة فعلم من الأطباء أن سبب الأوبئة هو طعام المصريين المعتمد على الملوخية فحرمها فترة من الزمن ثم أبطل ذلك بعد ذهاب الوباء أما قلع العنب فكانت مصر شهيرة بالخمور فأمر بقلع كل غرسة عنب فيها وأيد ذلك بسجل يمنع شرب الخمر وعن حجر النساء كان يقصد منع الفسق الذي كان مستشري وعن لبس السواد كان الحاكم بأمر الله في حداد دائم على مصير الموحدين في المحنة التي ستقع بعد غيابه واشتهر الحاكم بأمر الله بالقوة والمهابة وله كرامات عدة وكان يستعين بشخصه لدحر جيوش أعدائه بعد أن يعجز قادته وتنهزم جيوشه وقبيل انتهاء الدعوة ذهب إلى ما وراء الهند مختفيًا طوعًا لا كرهًا تاركًا الموحدين لامتحان جواهرهم بعد غياب الحماية ولتخليصهم من المندسين طمعًا أو خشية أو رياءًا .
وأوّل عمل قام به كان بث الدُعاة في الأقطار ليُبشروا بدورٍ جديد تُكشف فيه الحقيقة ويظهر التوحيد. عين الحاكم بأمر الله النذير الأول سلامة بن عبد الوهاب السامري رئيسًا للدُعاة، فقام هذا بتنظيم وتوزيع الدُعاة، وبقي على ذلك سبعة سنوات يهيئ الناس إلى تقبل التوحيد ويُحضرهم إلى الدور المرتقب، ويُشير إلى النذير الذي سيليه. ثم تسلم الدعوة بعده مُحمد بن وهب القرشي الذي قاد الدعوة سبع سنين أخرى ومعه سلامة ودُعاته. فتابع الإشارة إلى مسلك التوحيد وإلى النذير الذي سيليه. ثم تسلم الدعوة بعده إسماعيل بن مُحمد التميمي ومعه النذيران الأول والثاني ودُعاتهم، وبقي سبع سنين يهيئ الناس بالعقل والعلم لاستقبال الدور الجديد.
مع غروب شمس يوم الخميس آخر يوم من سنة 407 هـ بدأت ليلة الجمعة أول يوم من سنة 408 هـ (سنة 1017 م)، كُشف عن مذهب التوحيد حين أعلن الحاكم بأمر الله الدور الجديد، وسلّم قيادة الدعوة لصاحبها حمزة بن علي بن أحمد، وصدر سجل من الأمام الحاكم يدعو الناس إلى كشف عقائدهم بلا خوف ولا تستر. فكانت ثورة على التقاليد التي ليس لها معنى، والتكليف الذي ليس له مضمون، ولأي مجاز من دون حقيقة. وأشار الحاكم إلى المؤمنين أن ينفضوا عن أنفسهم غُبار الخوف والتستر لأنهم أحرار فيما يفعلون، ولهم حرية التعبير والخيار في الاعتقاد.
في نفس العام الذي وجد فيه الحاكم بأمر الله، أي سنة 985 م. (375 هجري)، ولد حمزة بن علي بن أحمد في مدينة روزون في خراسان-إيران. بدأ الإمام الجديد بدعوة الناس إلى مسلك التوحيد الذي هو شريعة روحانية ومن دون تكليف. وجمع حوله الدُعاة الثلاثة الرئيسيون الذين تعاقبوا في نشر الدعوة قبل مجيئه، ومساعديهم، ورتبهم في منازلهم وأرسلهم إلى مراكزهم لمتابعة نشر الدعوة. أفاض الدُعاة علومهم الشريفة، ونشروا مجالس الحكمة، وبثوا دُعاتهم في أقطار الأرض، وكانوا يأخذون العهد على كل من يدخل في دعوتهم. وكان العهد بمثابة ميثاق يكتبه المستجيب على نفسه ويُوجبه على روحه. وكان على المستجيب أن يكون صحيح العقل، بالغ سن الرشد، حُرًا وخاليًا من الرق. وذلك لتثبيت التخيير والحرية عند الناس. وأصبح هذا الميثاق حجةً على كل مُوحد.
وكان بعض من الذين وقّعوا الميثاق قد فعلوا ذلك لبلوغ مصالح خاصة ومكاسب مادية. فهؤلاء المزيفون لم يُخلصوا للدعوة ولم يقووا أمام التجربة ولم يثبتوا أمام المحن، فسرعان ما نكثوا بالعهد وارتدوا عن دعوة التوحيد. أهم هؤلاء المرتدين كان نشتكين الدرزي،الذي يؤكد الدروز أنهم ورثوا اسمه عنوةً عن إرادتهم. فلُقبوا بالدروز نسبةً له بدل لقبهم الحقيقي وهو الموحدون.
في البداية أقر نشتكين الدرزي بالدعوة وبإمامة حمزة بن علي، وكتب على نفسه الميثاق. ثم أخذ يدعو الناس إلى التوحيد من دون معرفة ولا علم. فنجح في استقطاب عدد كبير من الناس وكان ذلك في عدة وسائل ملتوية وأحيانًا بالقوة. وعندما كثرة أتباعه تمادى في نشاطه ولقب نفسه “بسيف الأيمان”. لم يرض الإمام حمزة بن علي على أفعال الدرزي، فحذره قائلاً: “إنّ الإيمان ليس بحاجة إلى سيف يُعينه”. لكن الدرزي رفض تحذير الإمام وأخذ يُعلي من شأنه فدعا نفسه “بسيد الهادين” وذلك نكايةً بحمزة بن علي الذي كان قد لقبه الحاكم بأمر الله “بهادي المستجيبين”. ازداد عدد أتباع الدرزي الذين استجابوا طمعاً في مال أو جاه، وتمادوا في أعمالهم السيئة مما أثار غضب الناس عليهم.
غضب الحاكم بأمر الله من الانحرافات والمُخالفات التي أثارت النزاعات وسببت العداء وأمر حمزة بن علي بتعليق الدعوة سنة 1018 م (409 هـ). وفي آخر يوم من سنة 409 هجري (1018م.) زحف الدرزي وأتباعه، على مسجد ريدان قرب قصر الخليفة، مقر الإمام حمزة بن علي، ولم يكن مع حمزة بن علي داخل المسجد سوى اثني عشر نفرًا، بينهم الدُعاة الثلاثة الذين بشّروا بالتوحيد في دور النذارة وهم؛ إسماعيل بن مُحمد التميمي، ومُحمد بن وهب القرشي وسلامه بن عبد الوهاب السامرّيّ، وكان معهم بهاء الدين عليّ بن أحمد الطائي الذي كان قد خدم الدُعاة الثلاثة في دور النذارة، وأيوب بن علي، ورفاعة بن عبد الوارث ومحسن بن علي.
لم يفلح المُهاجمون في اقتحام المسجد طيلة النهار. ولما ظهر الحاكم بأمر الله على شرفة القصر المُطل على المسجد صُعق المُحاصرون لهيبته وتفرقوا. وفي اليوم التالي، أول يوم من سنة 410 هجري (1018 م.) قتل الدرزي.
عندما نكث سُكين وكان داعياً لمذهب التوحيد في وادي التيم وانحرف عن الدعوة، رأى بهاء الدين أن يتدبر الأمر بالحسنى ويحاول قطع الطريق على هذا الداعي المنحرف، فأرسل إليه ابنته السيدة سارة، وكانت تدعى بصاحبة العفة والطهارة وعُرفت بالتقوى والعلم وقوة الحجة، وترأست وفد من الدُعاة، وقد رضي هؤلاء الدُعاة أن تكون على رأسهم امرأة.
وكانت مهمة السيدة سارة محفوفة فقد سبقها الداعي عمار فأوقع به جماعة سُكين وقتلوه. استجاب البعض من جماعة سُكين إلى السيدة سارة وعادوا إلى مسلك التوحيد، غير أن سكين مع نفر من الفاسقين رفضوا دعوتهاوأضمر معهم لهاالشر، وخططوا للايقاع بها.لكن ذلك فشل إذ قاد الأمير معضاد بن يوسف، أمير من أمراء الغرب في جبل لبنان، حملة عسكرية وهاجم سُكين وأعوانه وهزمهم ولم ينج إلا القليل، وكان سُكين قد هرب من المعركة شبه عار و ظل يسير إلى أن وجد منزل متطرف في أحد قرى جبل الشيخ وكانت قربه امرأة موحدة تخبز على التنور، فأقترب منها وطلب أن تدفئه وتطعمه، فغافلته ودفعته إلى التنور فمات حرقًا.
عادت الدعوة بعد مقتل الدرزي، سنة 410 هجري، ونُظمت من جديد وعاد الدُعاة إلى سابق عهدهم يكتبون العهد، أي الميثاق، على المستجيبين. وكانت تُرسل هذه العهود إلى الحد الثاني، إسماعيل بن مُحمد التميمي الذي كان يقدمها إلى الحد الأول، الإمام حمزة، فيفحصها ثُمّ يرسلها مع الحد الثالث، مُحمد بن وهب القرشي ليرفعها إلى الحاكم بأمر الله فينظر فيها ويقرّها ويعيدها إلى الإمام حمزة بن علي ليحفظها. بقيت الدعوة ناشطة حوالي سنتين، وكان الحاكم بأمر الله الذي هو في نظر الموحدين، غاية البصائر والطريق المؤدية إلى الحقيقة، يرعى الدعوة ويحميها. وكان حمزة وأخوته ؛ إسماعيل بن مُحمد التميمي، مُحمد بن وهب القرشي، سلامه بن عبد الوهاب السامرّيّ، وبهاء الدين عليّ بن أحمد الطائي، وبقية الدُعاة المنتشرين في مختلف الأقطار يبثون الدعوة ويجمعوا العهود. أخذت هذه الثورة الروحية تفعل فعلها في قلوب المستجيبين لدعوة التوحيد، فيجدون فيها أمنًا وأنسًا ونورًا لأرواحهم وهديًا لتوجهاتهم ودعةً و طمأنينةً.
في ليل 27 شوّال سنة 411 هـ (12/13 شباط سنة 1021 م.) غادر الحاكم بأمر الله قصره قاصدًا وكعادته في كل ليلة جبل المقطم، ولكنه لم يعد. وباحتجاب الحاكم علق الإمام حمزة الدعوة، وغاب هو وأخوته إسماعيل بن مُحمد التميمي، ومُحمد بن وهب القرشي وسلامه بن عبد الوهاب السامرّيّ بعد أن سلم أمور الدعوة إلى بهاء الدين عليّ بن أحمد الطائي.
وباحتجاب الحاكم بأمر الله اعتلى عرش الخلافة الفاطمية الأمير علي الملقب بالظاهر. حقد الخليفة الجديد، الظاهر، على حمزة وأتباعه لأنهم لم يعترفوا له بالإمامة التي كان الحاكم بأمر الله قد قلّدها لحمزة بن علي بعد أن أنتهي دور التأويل بقيام دعوة التوحيد.
أراد الظاهر الفتك بالموحدين مع أنه كان قد تعهد للحاكم بأمر الله بعدم التعرض للموحدين بأربعين قسم فأراد الظاهر إيجاد فتوى للتخلص من هذه الأيمان فجمع المشايخ فأفتوى له بالصوم أربعين نهار فما مضت الأربعين على احتجاب الحاكم بأمر الله حتى أقام الظاهر على الموحدين محنة هدر فيها دمائهم في أنحاء مملكته، من انطاكيا شمالًا إلى الإسكندرية جنوبًا، مما جعل بهاء الدين يقوم بحجب الدعوة أكثر أيام المحنة. أهم محنتان تعرض لهم الموحدون في هذه الفترة هما؛ محنة حلب ومحنة إنطاكية، حيث قتل الألوف منهم بعد العذاب والتنكيل. فكان رجال الظاهر يذبحون الموحدين ويرفعوا رؤوسهم على الرماح، أو يحرقونهم في النار، أو يعملوا فيهم السيف ويبقرون البطون ويقطعون القلوب والأكباد. وكانوا يصلبون الرجال على الصلبان، ويسلبونهم أموالهم، ويسبون النساء والأولاد ويذبحون الأطفال الرضّع في أحضان أُمهاتهم. دامت المحنة سبعة سنوات قاسية كانت بمثابة امتحان للموحدين، والديانة الحقة لا تصح إلا عند الامتحان وقد سلط الباري عز وجل خلال سنتي 1025ـ1027 على أهالي مصر وباء الجفاف وانتشار الفئران بشكل لم يعد الأطفال والناس في مأمن على شرابهم وطعامهم ومحاصيلهم وأصاب بعض من الوباء بلاد الشام مما ساهم في إلهاء الناس وشغل الدولة الفاطميةعن البطش بالموحدين .
سنة 417 هـ (1026 م) شهر بهاء الدين الدعوة من جديد. فبادر بهاء الدين بنشر الدعوة من جديد، فنصب الدعاة ونص الرسائل وأخذ المواثيق على المستجيبين ليوصلها إلى الإمام حمزة بن علي. فاستمرت ثورة مسلك التوحيد على التكليف التقليدي. فالتوحيد هو في حقيقته حرية وقوة ومحبة. وثورة التوحيد تسعى إلى تحقيق الإنسانية في الإنسان. إنها تحرر الإنسان ولا تستعبده، وتوجههُ في اتجاه العلم والمعرفة. إن الإنسان يتميز عن المخلوقات الأُخرى بالعقل الذي يمكنه من تحقيق الإنسانية فيه. والإنسانية هي شعور الإنسان بأنهُ واحد بالواحد. فمن ضعف أمام الشهوات والأهواء يصبح شبيهاً بالحيوان. ومن يضعف أمام المصالح الشخصية والمكاسب المادية هو بعيد كل البعد عن التوحيد ومفهومه. لهذا، وعندما يتبين لبعض الذين استجابوا لدعوة التوحيد أنها لا تتفق ومصالحهم فسرعان ما يرتدون عنها إلى ما تمليه عليهم مصلحتهم ومطامعهم. انتشرت الدعوة واتسع نطاقها، غير أن الصعوبات التي واجهت بهاء الدين من الداخل كانت أشد وطأة من أعداء الخارج. فبعض الدعاة أفسدوا العقيدة وانحرفوا في اللهمهم وسلوكهم عن المُثل الأخلاقية للدعوة. حاول بهاء الدين في عددٍ من الرسائل وضع حدٍ لهذه المحاولات ولكنه فشل. فجرد هؤلاء الدعاة من الصلاحيات التي أسندت إليهم، وأوصى الموحدين الحذر من كل من يدعي السلطة. وأوطد مبادئ ودعائم المساواة بين الموحدين بحيث لا يتميزون إلا في حفظ الحكمة والسلوك وفقاً لاللهمها.
سنة 1035 م (426 هجري) عاد الخليفة، الظاهر، إلى الفتك بالموحدين وذلك للقضاء على نشاطهم في بث التوحيد. ولكن بهاء الدين تدارك الأمر وعلق الدعوة. سنة 1036م. (427 هجري) مات الظاهر وتسلم الخلافة أبنه المستنصر بالله. عاد بهاء الدين إلى القاهرة والتقى بالخليفة الجديد، فأعجب الخليفة ببهاء الدين وعينه قاضيًا له ومُدرسًا في القصر ومفتيًا للناس.
وفي سنة 1037 م (429 هـ) أمر بهاء الدين بفتح الدعوة ومتابعة نشاطها من جديد، واستمرت حتى سنة 1043 م (435 هـ) حين أمر بهاء الدين بإقفال الدعوة نهائيًا مستودعاً الموحدين حقائق الحكمة يستدلون بها على مسلك التوحيد ويهتدون بهديها في تحققهم بالواحد الأحد المُنزه عن الوجود، وأوصاهم بحفظ معالم الدين والإيمان.
لا يحق للموحد أن يعطي الحكمة لمن لا يستحقها ولا أن يمنعها عن أهلها بغض النظر عن أديانهم وأهل الحكمة هم أهل التقوى والإيمان بالله من كل الأديان ومن فروض مذهب التوحيد : صدق اللسان و حفظ الإخوان و ترك العدم أي كل ما يرتبط بالشرك وحب الدنيا و التبرأ من الأبالسة
والطغيان والإقرار بوحدانية الباري في السر والحدثان . ويعد صدق اللسان أهم الفروض وهو مطلوب في السر والعلن ومع الموحدين ومع كل الناس على السواء ويكره الموحدون النفاق و الكذب ويفضلون الصمت في الموضوعات الخلافية كما يؤمنون بفكرة (التقمص) أي انتقال النفس البشرية من جسد لجسد لجميع أفراد البشر. لا يقبل الموحدون التدخين و لا شرب الكحول ويحرمون أكل الميتة والدم والخنزير . كما لا يسمحون لأفراد طائفتهم بالتزاوج مع أفراد الديانات الأخرى إلا أن هذا يخترق عند الدروز غير المتدينين سيما في بلدان مثل لبنان ويحرم هؤلاء من اتباع المسلك الديني طيلة حياتهم.
شعار الدروز نجمة خماسية ملونة ترمز ألوانها إلى المباديء الكونية الخمسة : العقل (الأخضر) ، النفس (الأحمر) ، الكلمة (الأصفر) ، القديم أوالسابق (الأزرق) ، والوجود أو التالي (الأبيض) . هذه المثل تمثل النفوس الخمسة التي تتقمص بشكل مستمر في الكون في أشخاص الأنبياء و الرسل والفلاسفة بما فيهم آدم وإدريس ، فيثاغورس ، أخناتون وغيرهم.
يعتقد الدروز أن الباري عز وجل دعى البشرية إلى توحيده في أدوار ثلاثة منذ حلول النفوس البشرية في الأجساد وفي بداية كل دور تكشف النفوس الخمسة عن كوامنها ببروز طبائع الخير فيها ويؤيدها الباري بسلطان نصير ذو منزلة عالية من التوحيد وتتم الدعوة بالموعظة والكلمة الطيبة والإقناع ولا يجوز لغير هؤلاء إقامة الدعوة أو الدعاية للتوحيد ويطلب من الموحدين الاقتصار على صون أنفسهم وتنفيذ شروط التوحيد وعدم الخوض في زخارف الدنيا ودعواتها والتعفف عن شهواتها ومباهجها ومن الواجبات الدينية قرآة الأذكار والمذاكرة مع الموحدين الآخرين في شؤوون الحكمة واللاهوت و محاولة الوصول للصفاء الروحي من خلال استشعار حقيقة الوجود و الألوهية و لهم مفاهيم أعمق من مجرد الحركات . فحقيقة التسليم عند نهاية الصلاة لديهم هي تسليم العبد جميع أموره إلى الله طالبا عونه و رحمته .
ينقسم المجتمع عند الدروز عادة إلى عقال (يكونون قد اتبعوا المسلك الديني) و جهال (يعلمون بأمور عقيدتهم لكنهم غير متبعين طريق الزهد أو المسلك الديني).
خلق الله الكون من العدَم، حين قال “كن فيكون”. هذه النظرية شبيهة جداً بالنظرية العلمية التي تقر بأن “الكون تكون بعد حصول الانفجار العظيم”. وبأمره ومن نوره أبدع الله العقل الكلي، وعقل فيه جميع الموجودات وجعله أصل المُبدعات. وهكذا ظهر العقل الكلي عن الواحد الأحد صورةً كاملة تامة. لذلك كان هو نقطة البيكار لجميع الموجودات، فهي تبدأ منه وتنتهي إليه. قال الله للعقل: “بك آخذ وبك أعطي، وبك أُثيب وبك أُعاقب”. أدرك العقل أن الله لم يخلق ولن يخلق أفضل منه فأعجب بذاته وظن أنه لا يحتاج إلى أحد وليس له ضد. فكان هذا انحرافًا عن الوجود المحض إنما هو غيبة عن هذا الوجود وغيبة عن هذا النور، والغيبة عن الوجود هي العدَم، والغيبة عن النور هي الظلمة. وهكذا خلق من طاعة العقل معصية، ومن نوره ظلمة، ومن تواضعه استكبار ومن حلمه جهل. أربع طبائع سوء مقابل أربع طبائع خير. فأدرك العقل أنها محنةٌ أبتلى بها وأقر بعجزه وضعفه وأستغفر لهذا الذنب الذي ارتكبه.ومن خطيئة العقل أنوجد الضد.وتضرع العقل إلى ربه ليعينه على الضد الذي ظهر من نوره وبغير إرادته يعانده ويرفض طاعته. فأبدع المولى من ذلك الشوق والتضرع النفس الكلية لتعين العقل على كبح الضد. وكان ظهور النفس من بين نور العقل وظلمة الضد. وإذا بهذه النفس اصل الحياة ومصدر بروز كل فعل. أفيض على النفس من العقل الجزء الكبير ولم يكن فيها من ظلمة الضد إلا القليل. ويؤثر الضد بالنفس فينبعث من جوهرها ومن دون إرادتها عنصر مخالف وهو الند. فيتحد الند مع الضد ليعينه في إثبات ذاته السلبية والمعاندة، والنازعة إلى المعصية والجهل والظلمة والاستكبار. وببروز الند حليفًا للضد يحتاج العقل والنفس إلى من يُعينهم على هذه السلبية والأنانية الواهمة، ونتيجة لهذه الحاجة والشوق ينبعث من النفس حد نوراني ثالث وهو الكلمة الأزلية.ومن الكلمة ظهر السابق، ومن السابق ظهر التالي. وكان عند الحدود قبول الخير والشر قبولًا متساويًا، وبهذا ثبت عدل الله في خلقه.وكان دائمًا فيهم من النور الجزء الكبير ومن الظلمة النزر اليسير.إضافة في عقيدة التكوين ملاحظة (إن ما أقوله بمعظمه اجتهاد ونقل عن مصادر متعددة وعلم التوحيد هو علم متكامل ينمو مع الزمن فمن عنده دلو فليدلي به لأن الحقيقة ليست ملك لأحد بل ملك لجميع النفوس البشرية المتفكرة التي أنجزت هذه الحضارة وما سبقها من حضارات ، بل أجزم إن للحقيقة وجوه متعددة وكل إنسان على وجه الكرة الأرضية يملك جانب منها وله الحق بممارسة اختياره الذي وهبه الباري عز وجل ) بسم الله الرحمن الرحيم خير ماأقوله أن كل شيء بيد المولى عز وجل الحاكم الأزل مدهر الدهور ومؤزل الأزل المحيط بكل هنات وثواني خلقه لا تأخذه سنة ولا نوم هو العلي القدير ..يرتكز تحليل التكوين في عقيدة التوحيد على مبدأ السببية أو الإعلالية وتبدأ سلسلة الإعلالية من خلق الباري عز وجل لعلة لكل العلل الأخرى وهي العقل الكلي وهو نقطة نور في محيط العزة الإلهية مستودع بها بالقوةأصل كل المخلوقات وترتكز على الطبائع الولية (النور الحلم التواضع والليونة وقابلية التشكل أي الهيولى )وهو بذرة الشجرة المباركة وأصل الموجودات والصراط المستقيم وميزان الحق والكتاب المبين والوسيلة الحقة لمعرفة الباري ومن نقطة النور ظهرت إلى الفعل دائرة الظلمةوبطبائعها الضدية (الجهل الاستكبار المعصية الظلمة ) بقدر إلهي محض وبذلك يكون العقل تميز عن الظلمة المستودعة فيه وتنزه عنها فهو نور محض وبذلك يتكون الأصلين الروحانيين للكون بفرعيه النور والظلمة أو الخير والشر لتكون حالة الإزدواج في الخلق للدلالة على وحدانية الباري ومن ثم تتابع الظهور المتسلسل للعلل الروحانية المتناقضة فسميت الفروع وفيهاانتقلت الطبائع حسب ما يماثلها ومنها الهيولى الذي استقر كنقطة في جوهر التالي آخر العلل الروحانية الولية و برزت النفوس العاقلة المجردة في جوهر التالي مستودعة بالقوة فيه لحين اكتمال الخلق وهي بذلك صارت مخيرة بين طبائع العلل التي سبقتها النور والظلمة .
وصار جوهر التالي يحتوي على قطبي الخلق الأصل المادي للكون دائرة الهيولى ودائرة النفوس العاقلة فلاكتمال مشيئة الباري في الخلق تحركت العلل الروحانية الولية بحركة الشوق الروحاني في طاعة الباري والتقرب منه فكانت حركة معنوية منه وإليه أدت لانبثاق حرارة هائلة في جوهر التالي سخنت دائرة الهيولى فانبثقت منها وفيها نقطة الوجود بأبعادهاالطول والعرض والعمق والزمن لتشكل مكاناً كروياً يزداد اتساعه محاط معنوياً بدوائر العلل الروحانية في محيط العزة الإلهية وكانت (الحرارة) هي الوجود المادي الأولي وهي أول الطبائع المادية وحينما استقرت العلل الولية في طاعته سكنت فتبردت أجزاء من الهيولى وتكون الطبع الثاني للكون أي (البرودة) و هما الأصليين الماديين للكون ومن تفاعلهما في دائرة الوجود نشأ الطبعين الآخرين اليبوسة والرطوبة حيث اليبوسة فيها الكثير من الحرارة والرطوبة فيها الكثير من الرطوبة وهكذا نشأت الطبائع المادية الأربعة ومع تفاعل الطبائع المادية بأجزاء من الطاقة نشأت الأجزاء الغازية ومن ثم السائلة ومن ثم الصلبة وهي أمهات الطبيعة أو أركانها وهي النار والهواء والماء والتراب والنار هي أصل الوجود المادي وقد تولدت من أجزاء منها الركن الثاني أي الغازات ومن أجزاء من الركن الثاني تكون الركن الثالث أي السوائل ومن أجزاء من الركن الثالث تكون الركن الرابع أي العناصر الصلبة وهي أيضاً تفرعت بتأثير الطبائع الأخرى والزمن وهكذا صار الكون كامل العناصر قابل لظهور نظامه الفريد المستودع في علله بالقوة بدءأ من العلة الأولى وفي العلل المتسلسلة منها حيث لم تتوقف الحركة الدورانية كدوامة حول مركز نقطة الهيولى وحيث إن حركة العلل الروحانية في شوقها لأصلها ولحصول استقرارها واكبها حركة الطبائع المادية لحصول استقرارها وخمودها ورجعتها لأصلها اللطيف أي طاقة لذا فإن المادة تتجاذب وتتنافر ضمن قوانين تضمن استقرارها وفي دورانها حول عللها ودوران العلل حول أصولها هي طلب الاستقرار بعد التهييج وفي النهاية تم انتظام الكون في نظام فريد منه وجود الكرة الأرضية وطبيعتها المناسبة لنشوء الأجسام البشرية وفي دائرة الكرة الأرضية نشأت نقطة الحياة وهكذا تتابع تشكل النقط التي تتحول إلى دوائر إلى وجود الجسد البشري الكامل القابل لحلول النفس المخيرة فأمر الباري أن تحل كل نفس بجسد وهكذا نفخ في الصور البشرية الميتة أي غير المدركة وبعث فيها النفوس فخرجت من أجداثها أي من حالتها الحيوانية لتتحول إلى أجساد مدركة مخيرة تبحث عن باريها أي قابلة للمعرفة وبذلك تكون العلة الأولى وكل ما تلاها من معلولات قد أدت الغرض منها واستنفذت ما استودع فيها وآلت إلى الفعل ففي الإنسان نجد كل الجواهر الروحانية بخيرها وشرها ولا مجال للحديث عن عالم روحاني إلا في النفوس الناطقة المستقرة بالإجساد حيث إن العلل تحولت لمعلولاتها وبقي المعل جل ذكره كما كان منزهاً عن مخلوقاته حاكماً لها لأنه أحكم الحاكمين وقد أتم الله الخلق لحظة أراد بكلمة (كن فكان)بلا زمن وهذا يعني في زمننا مليارات السنيين الضوئية وتبارك الله أحسن الخالقين وقد مضى على وجود الإنسان العاقل نحو 343مليون سنة حيث بدأت أول أدوار الهداية للتوحيد وظهر ما كان استودع في النفوس من حب الحقيقة والتقرب لله إلى الفعل وخصص الباري بعض النفوس البشرية لخدمة الدعوة للتوحيدية فأظهر في بعضها طبائع العقل والحدود وفي الآخر طبائع الضد والند وبدأ العقل والحدود بكشف حقيقة التوحيد فيما بدأ الضد والند بتضليل البشرية وأيد الباري حدوده بحصول التجليات وظهور الآيات المحكمات لحصول الإبلاغ والعدل في الإيصال لكل البرية ولهذا الكلام حديث في مكان آخر وفي المحصلة : ـ كل ما جرى ويجري هو بتقدير الباري عز وجل وبعلمه وبإحاطته وهو خلق الوسائل والعلل لأنه قضى ذلك وحكم أنها الأفضل والدليل هو الثمرة التي يتذوقها كل عارف بتأمل نظام الكون و مشاهدة مبدأ السببية في كل مكان وزمان . ـ الموحدون هم من وضع مبدأ السبيية على قدميه فحيث أن أصل الكون لا مادي وجوهره لامادي و غايته لا مادية والمادة الكونية هي وسيلة لخلاص النفوس ولظهور ما استودع بالقوة إلى الفعل .. وإن العلة تتحول إلى المعلول وتتكامل معها والمعلول يصبح علة لغيره حتى استقراره كما أراد باريه. ـ إن وجود القدر المكتوب على الخلق لايلغي حق البشر بالإختيار المصون في تركيبة النفوس العاقلة وعلينا لفهم ذلك التفكير بمبدأ النسبية والتقمص ففي النسبية ما هو لانهائي لنا مثلا اتساع الكون هو محدود بالنسبة لرب العالمين فلنفسر وجودنا المادي بوجودنا المادي على أن لانستغرق فيه وننسى بارئه ومبديه .أماالتقمص فهو يتيح للنفس البشرية عدد هائل من المرورات التي تزيد من احتمالات التصحيح إلى ما لانهاية بحيث يكون الإنسان قطف ثمرة إختياره غير مجبر ولا مكره.
إن الكائنات البشرية، وقد دخلت النفوس الناطقة إلى أجسادها، اشتاقت إلى معرفة ربِها. فتعطف عليها الله عز وجل وأظهر لها حدوده وعدة توحيده وأبرز صورة بشرية بالعزة والسلطان وزودها بالمدد النوراني والحكمة اللطيفة وكلفها بصون الحدود وتمكينهم من الدعوة إلى التوحيد وسميت تلك الصورة بالعلي و أظهر الباري عز وجل صورة العلي بالكرامات والأعمال العظيمة فسمي من قبل الناس العلي الأعلى تميناً باسم الباري عز وجل وبعد انقضاء دوره وغيابه بعدة قرون احتار الناس في حقيقة العلي الأعلى فمنهم من قالوا إنه الإله بذاته فأنحدروا إلى عبادة الموجود وهم أهل الوجود ومنهم من تجاهلوه أو نسوه ونسوا الحدود وهضموهم حقهم فمالوا إلى عبادة العدم المفقود ومن هؤلاء نشأت أقوام كالطم والرم والجن وسمي الجن بهذا الأسم لأنهم ابتعدوا عن حقيقة التوحيد وفطرة النفوس واتبعوا الفسق والظلال لدرجة أن الموحد يراهم كالمجانين لكن هناك من ثبت على معرفة الحدود والمعنى الحقيقي للناسوت بدون شرك بالباري عز وجل وهم أهل التوحيد وبانقضاء فترات الشرائع العدمية والوجودية واحتياج الناس للعودة للفطرة التوحيدية وأخلاقها شاء الباري أن يرحم عبيده ويبرهم بدعوة توحيد جديدة فأظهر صورة بشرية بالعزة والسلطان وسميت البار ومده بقدرات منها علم بعض الغيب وفاشتهر بالبار العلام تيمناً بخالقه وباريه وأبرز الباري معه نفوس حدوده وقامت دعوة التوحيد بالإقناع والكلمة الطيبة واشتهر في هذا الدور العقل شطنيل أو آدم الصفاء الكلي والنفس أخنوخ والكلمة شرخ و ذي القرنين وكان مركز الدعوة في اليمن ومن اتبع عقيدة التوحيد (بان) أي ابتعد عن الجن ومفاسدهم فسمووا (البن ) وتيمناً بهم وبآثارهم الطيبة سمت أقوام يمنية لا حقة إسمها بالبنط وهكذا مرت فترة الدور الثاني وعاد الناس لعبادة العدم المفقود أو عبادة المخلوق الموجود حتى جاء دور الكشف وأظهر الباري حدوده مؤيدين بصورة بشرية تدعى الحاكم بأمر الله . أما بالنسبة إلى عمر الكون منذ التجلي الأول إلى دور آدم الصفا ثلاثماية وثلاثة وأربعون مليون سنة. وهكذا كان العقل الكلي ينشر الدعوة في كل الأدوار . الإنسان هو المخلوق الوحيد الذي يملك قوة الفهم والاستنتاج. العقل يقوده إلى الاستطلاع، والاستطلاع إلى المعرفة، والمعرفة إلى الزيادة في طلب المعرفة. فكلما تقدم الإنسان يرى الحاجة إلى زيادة الاستطلاع والمعرفة. عندما جاء يسأل عن نفسه وعما حوله ووجوده وجوهره، قاده ذلك إلى السؤال عن الله خالقه. تعددت آراء الإنسان في الله، من ظواهر بالطبيعة إلى الرياح، إلى الشمس والقمر وغيرها. جاءت عقيدة التوحيد لتؤكد وحدانية الله المطلقة. إن الله الواحد الأحد هو في كل زمان ومكان، لا يحده زمان ولا مكان، أزلي بلا بداية، أبدي بلا نهاية، مُبدئ الخلق ومعيده، وهو الوجود الذي لا وجود إلا هو، منزه عن الوصف والتعريف وعن الكثرة والعدد، ومتعال عن المخالفة والتضاد. أبدع الأشياء كلها وكل شيء يعود إلى عظمته وسلطانه. وجوده أكثر حقيقة من وجود سائر الموجودات، ولا حقيقة إلا في وجوده الشامل لكل شيء. لذلك فإن توحيد الله إنما هو تنزيه ووجود. والقرآن الكريم يختصر التوحيد في سورة الإخلاص، “قل هو الّله أحد. اللّه الصمد. لم يلد ولم يولد. ولم يكن له كفؤاً أحد.”
إضافة في معنى الناسوت
والناسوت هي النفس البشرية الصافية التي أنست صورة الباري عز وجل المعنوية في ذاتها فعرفتها وخضعت لها وامتزجت بنورها الشعشعان فكان معنى التجلي الإلهي فيها مجاز لا حقيقة حيث إن الباري عز وجل منزه عن مخلوقاته ولا ينحصر فيها ولا يشبهها لكنه رحمة منه وشفقة على عبيده أوجد صورة بشرية منهم وكهم وبث فيها نفس صافية ومكنها في الأرض للدلالة عليه وإبراز حكمته والدعوة لتوحيده وحماية حدوده في دعوتهم إلى توحيده وهو المقصود بالتجليات و في كل نفس بشرية قدرة على الصفاء من خلال التقوى ومعرفة حقائق التوحيد وبالتالي الوصول إلى منازل عالية في المعرفة فكلما صفت النفس اقتربت من الناسوت أي أنست صورة الباري في ذاتها وخضعت لها وغاية الناسوت المكلف ( التجليات )صناعة الناسوت البشري الكامل أي معرفة الله عند كل البشر وهي غاية التوحيد وهي الجنة فالناسوت مغناطيس من نفس المعدن البشري خلقه الله لجذب البشرية للسعادة بمعرفته عز وجل يضعه متى شاء ويزيله متى شاء ومن المعاصي في التوحيد التعلق به بعد غيابه أو انتظار قدومه إنما التسليم لله الحاكم الأزل معل علة العلل ومؤزل الأزل ومدهر الدهور القدير جل وعلى .
التوحيد عند الموحدون الدروز هو ثمرة الكشف الرباني وإدراكه هو السعادة بعينها فقال بهاءالدين أفضل شيء تجريد التوحيد أي الإيمان بالواحد الأحد الفرد الصمد المنزه عن التحديد والعدد و لايجوز عند الموحد الاعتقاد بتأليه الشخوص أو تقديس الأحجار والمقامات بل يرى أن ذاته تحتوي على نور إلهي كامن وعليه أن يصفي بالعمل الصالح والعبادة نفسه فيرى من خلالها الصفاء الإلهي البديع وهنا يكمن سر سعادته وخلاصه ونجاته و علم التوحيد هو العلم المنجي الموصل لتوحيد الباري عزوجل ويعد هذا العلم استمرار وتطور للمسالك التوحيدية القديمة التي نشأت مع بداية الدور الأول وتضمنت حقائقه في كتب الفلاسفة والرسائل السماوية واجتهاد المجتهدين وتطورت عبر الأدوار بمعونة الباري بإظهار ثمار النفوس الموحدة وكشوفات الحدود الذين ظهر معظمهم كحكماء وفلاسفة في أرجاء العالم على الأخص في بلاد اليمن واليونان ومصر وسورية وإيران والهند والصين. وبرز منهم أخنوخ الزمان أو إدريس في مصر وفلاسفة اليونان المشهورون؛ فيثاغوروس، سقراط، أفلاطون وأرسطو الذين عاشوا خلال (500-322 ق.م.) وكلهم آمنوا بالواحد الأحد الذي هو معل هذا الوجود، والعقل هو العلة الأولى التي أبدعه الباري ليعقل مخلوقاته به وهو علة العلل . والواحد الأحد معله ومبدعه بدون واسطة أو مثال وهو الوسيلة لفهم التوحيد وتذوق سعادته وذلك بعد أن يكون العقل قد هيئنا ودربنا لحصول الكشف العظيم خلال مرورنا في الأدوار وبرز المسلك التوحيدي في الإسلام بأقوى معانيه في القرآن الكريم الذي احتوى علم الأولين والآخرين ومن ثم تبلورت معالمه كعلم له مصطلحاته وأسسه في المدرسة الإسماعيلية ومن ثم أصبح أساس دعوة التوحيد منذ عام 1017 م (408 هجري).
إن نفوس البشر خُلقت كلها دفعة واحدة، وعددها ثابت لا ينقص ولا يزيد. عند الموت تنتقل نفس الإنسان إلى جسد إنسان آخر. أما الزعم أن نفوس الأشرار تنتقل إلى الحيوانات فهذا يتناقض مع العدالة الإلهية لأنه لا يعقل أن يُعاقب الإنسان بتحويله إلى حيوان لا يعرف الشر من الخير ولا ينفع معه العقاب كوسيلة للتوبة. إن عملية التقمص تستمر حتى آخر الزمان حيث ترتفع النفوس وتسموا بتعلقها بالحق أو تنحدر بإهمالها لاللهم الدين. إن النفوس الناطقة كانت حين إبداعها قابلة للخير والشر قبولاً متساوياً ولها الحق أن تختار بين الحق والباطل. وأفعالها ناتجة عن اختيارها. وبالتخيير يصح الثواب والعقاب. إن الطريق الذي يسلكها الإنسان هي محض اختياره. والنفس، في تقمصاتها المتكررة تمر في اختبار كل أحوال الحياة من صحة ومرض، سعادة وشقاء، وغنى وفقر، وهكذا تتكرر الفرص أمام النفس لإصلاحها وإنقاذها، وبهذا يتم العدل الإلهي. وعلى النفس أن تتغذى بالعلوم الروحانية. فالنفس قابلة للعلم والجهل، وأيهما غلب عليها مالت إليه. وإذا عُدمت النفس من العلوم الروحانية التي هي غذاءها وبها بقاءها ونموها، مالت إلى الجهل. وإذا ارتضت برياضة الحكمة وتغذت بالعلوم الإلهية وكانت قابلة لما يتحد بها من جوهر العقل تجوهرت وصفت ولحقت بعالمها.وقد شاء الباري أن يتحقق الموحدون من انتقال النفوس الجوهرية إبعاداً للشك والشبه التي تفرزها العلوم الزمنية والتي تشير إلى تزايد عدد سكان البشرية فأوجد حالات النطق عندهم وفي محيطهم وهي مشاهدات حية لا تقبل الشك إذ يعاينها الموحد في بيئته .. أما الرد على ظاهرة التزايد السكاني فهي لاتعني زيادة عدد النفوس بقدر ما تعني تواجدها في أجساد بشرية قابلة للإحصاء والعد لأن النفس قد تمر بجسد طفل عاش لثوان أو مات بدون أن يدخل في العدد وكلما تطور العلم سيوجد وسائل أحدث للإحصاء بالتالي سنعرف العدد الحقيقي للنفوس والتزايد الذي نراه اليوم ظاهرة وهمية تدل على أن نفوس جديدة تدخل في الإحصاء كل عام ، كما توجد مناطق عديدة من العالم مازالت مجهولة ويسقط آلاف قتلى بدون إحصاء ويولد آلاف بدون أن يدخلوا في العد ويشاهد المتتبع إن عدد الولادات الذكور تتزايد أثناء الحرب أو تكثر التوائم بعيد الكوارث والموت الجماعي وبالنهاية فإن التقمص ظاهرة غامضة موجودة يعتقد بها ملايين بل مليارات البشر غير الدروز وتحتاج لتعمق وفهم أكثر.وأهم ما فيها يكون الإجابة عن وجه العدل الإلهي بخلقة الطفل وموته قبل أن تتاح له فرصة معرفة الخير من الشر أو العدل في وجود التشوه في الطفل وهو لم يعمل شيء يستحق عليه هذا التشوه وتمايز الناس في الفقر والغنى وولادة الإنسان في مكان مريح والآخر في مكان شقي بدون أن يكون له سابقة و ما الحكمة من بقاء النفوس المخلوقة ملايين السنين مستودعة في عالم الغيب بدون عمل تنتفع به وما ذنب الذي لم يشاهد أو يعاصر الأنبياء ومن عاش في الجاهلية ولم يسمع بالرسالات السماوية وكيف يكون مصير الإنسان جنة أو نار متعلق بعدد محدود من السنوات قياساً على تاريخ الكون الطويل ؟ هل يصح ذلك في العدل الإلهي إن لم يكن للإنسان سابقة في عالم الوجود؟ الباري عز وجل عادل رحمن رحيم يقسط بين خلقه ويكرر مرورات نفوسهم في كل الحالات ويعاقب من أساء في سابق الأدوار أو يجزيه في حياته الحاضرة فمن ولد صالحاً فهو صالح في كل الأدوار السابقة ومن ولد شقياً فهو شقي في كل الأدوار السابقة ومن يحسن سلوكه في حياته الحاضرة ويصبر على محن الباري فقد ينقله إلى الرخاء والراحة في حياته هذه أو الحياة القادمة إذ إن رحمة الباري وسعت كل شيء وإن نهاية هذه المرورات العديدة هو العقاب أو الثواب بعد طول الامتحان فمن الناس من يدخل جنة النور والرضى والسعادة ومنهم من يدخل جهنم الظلمة والندم والعذاب الأليم . وتكرار امتحان النفوس في الأقمصة دليل على رحمة الباري لعبيده وحبه لهم ورغبته بوصول جميع البشر إلى الجنة .
إن معرفة الحدود عنصر أساسي في مذهب الموحدين الدروز، والحدود جواهر روحانية لها مثلها في عالم الحس. في زمن الحاكم بأمر الله كان الحدود الخمس العاليين ممثلين بأشخاص قاموا بنشر الدعوة، وهم:
وهم أشخاص مكررين كباقي البشر في الأزمان والأماكن وتكمن في نفوسهم طبائع الحدود الأعليين أو الأصول الولية ممثلة بالعقل الكلي والنفس الكلية والكلمة الأزلية والسابق الروحاني والتالي الروحاني وهم خميرة التوحيد في الناس متى شاء الله فعّلهم فيظهرون ومتى شاء الله حجبهم فلا يعرفون أنفسهم ولا يعرفهم أحد .
بعد الإقرار بوحدانية الله، على الموحد أن يلتزم بالوصايا التوحيدية السبعة، وهي:
إن الميثاق الذي يرتبط بموجبه المستجيب بعقيدة التوحيد ينص على أن يكون المستجيب صحيح العقل والبدن وأن لا يكون في رق أحد بل يملك الاختيار لنفسه. لهذا فُرض على الموحدين إلغاء الرق وتعدد الزوجات.
الإقرار بتوحيد الله ووجوده الذي لا وجود سواه هو واجب على كل الموحدين. والتوحيد الحق هو تنزيه الله من حيث هو واحد أحد لا نهاية له ولا حد. فهو الوجود الحقيقي، والموجود الأوحد، والواجد لكل شيء.
إن الله في أحاديته هو الخير المحض وأن كل ما يصدر عنه إنما هو بإرادته وهو حق. التسليم هو ثمرة الرضى، وبالتسليم لأمر الله يُدرك الإنسان أنه في ملكوت الله. وبذلك يبلغ هذا الإنسان السعادة الحق.
الوصايا التوحيدية السبعة هي المعنى الحقيقي للدعائم الإسلامية السبعة: (صدق اللسان = الصلاة) (حفظ الإخوان = الزكاة) (ترك عبادة العدَم والبهتان = الصوم) (البراءة من الأبالسة والطغيان = الحج) (التوحيد لمولانا في كل عصر وزمان = الشهادة، لا اله إلا الله) (الرضى بفعل مولانا كيف ما كان = الجهاد) (التسليم لأمر مولانا في السر والحدثان = الولاية).
يوجب على الموحدين أن يتزوجوا من بعضهم البعض. والزواج في شريعة التوحيد يجب أن يكون مبني على المحبة، الائتلاف، الإنصاف، العدل والمساواة. لذلك منع تعدد الزوجات لأن ذلك يقضي على الإنصاف والعدل والمساواة. وشروط الزواج هي أن يتعرف الزوجين على حقيقة بعضهم البعض، سواء من حيث الحالة الصحية أو الروحية أو العقلية. وإذا حصل الزواج وجب أن يعامل الزوجين كلاهما الآخر بالمساواة والعدل. واجب الزوج أن يساوي زوجته بنفسه وينصفها مما يملك. وعلى الزوجة أن تسير على الطريقة التي درج عليها الزوج وبمقتضى خطته بالحياة، وأن تبني بيتها على المبادئ التي يمشي عليها في الحياة، شرط أن تكون إرادة الزوج مبنية على الإنصاف والعدل غير مناقضة لحقوق الزوجة وحريتها كإنسان. ولكلا الزوجين الحق في طلب الطلاق، وبعد الطلاق لا يحق لهم الزواج من بعضهم البعض. إذا طلب أحد الزوجين الطلاق من دون أسباب موجبة يحق للآخر أن تحصل أو يحصل على نصف ما يملكه أو تملكه طالب أو طالبة الطلاق.
يعود التاريخ السياسي للدروز إلى نحو ألف سنة فبعد أن اعتنقت بعض العشائر التنوخية في جبل لبنان مذهب التوحيد وتغلبهم على المحنة وفرضهم لوجودهم في بلاد الشام غدوا لاعباً أساسياً في تاريخ المنطقة
فقد ساهم التنوخيون الدروز في مقارعة الصليبين لا سيما في معركة حطين وكسبوا ثقة الزنكيين والأيوبيين وقوي وجودهم في ظلهم وبرزت من وقتها عائلات الدروز العريقة كأرسلان و جنبلاط واللمعيين وغيرهم ثم تابعوا تقوية نفوذهم بالوقوف مع المماليك ضد التتار والمغول ولا سيما في معركة عين جالوت واستقبل الدروز السلطان العثماني الفاتح كباقي العرب بالترحاب والولاء وقفوا مع العثمانيين ضد حملة محمد علي في احتلاله لبلاد الشام وصمدوا في جبل العرب حوالي سنة بقيادة الشيخ أحمد الهجري حيث كبدوا المصريين خسائر فادحة فيما يعرف بمعارك (اللوا ) وضلت العلاقة حسنة مع العثمانيين حتى سيطر القوميين العنصريين الأتراك وصاروا ينتهكون حرمات الجبل وعاداته ويعدمون الأحرار ويضيقون على العرب عموماً فقام الدروز بمحاربتهم ثم أعلنوا الولاء للشريف حسين وتطوع المئات منهم في الجيش العربي فيما شكل سلطان الأطرش قوة فرسان دعمت الجيش العربي في دخول دمشق
وبعد احتلال سورية من قبل فرنسا قام الدروز بإشعال فتيل الثورة السورية الكبرى في جبل الدروز بقيادة سلطان باشا الأطرشفي عام 1925 ورفضوا تشكيل دولة درزية وبعد الاستقلال اندمج الدروز في كل بلد مع مواطنيهم واشتركوا معهم في الأحداث السياسية
وفي سورية حاول أديب الشيشكلي وهو رئيس الجمهورية لعام 1953 إثارة فتنة حيث حاول استخدام الجيش الوطني للفتك بالدروز و حصل ذلك في عدة قرى إلا أن سلطان الأطرش والزعماء السوريين الآخرين استطاعواإقصاء الشيشكلي ونفيه إلى البرازيل حيث إغتاله أحد الدروز الموتورين منه وهو نواف غزالة وهي حادثة الإغتيال الوحيدة في تاريخ الدروز حتى الآن .. يحافظ الدروز على طابعهم المميز حتى الآن
ولهم عاداتهم وتقاليدهم المجتمعية الخاصة ويتميزون بمحافظتهم على النطق بكامل أحرف اللغة العربية بشكلها الصحيح(القاف مثلا)وهم في سوريا التجمع الأكبر للدروز في العالم (حوالي 450،000 نسمة)
قام الدروز السوريين في الجولان المحتل باحراق الهويات الإسرائيلية و رفع شعار لا بديل عن الهوية السورية ، و قاموا بانتفاضة و استمروا تحت الحصار لمدة ستة أشهر و مازالوا حتى الان يصنعون الخبز بايديهم و يخزنون القمح تحسبا لاي حصار .
شاركوا في الحرب الأهلية اللبنانية بين الأعوام 1975 إلى 1990 بوصفهم أحد أقوى الميليشيات في الحرب اللبنانية.
تعترف كل من لبنان وسوريا وإسرائيل بالطائفة الدرزية ويملك الدروز في هذه الدول نظامهم القضائي الخاص بهم ليحتكموا اليه ويتمتعوا بجميع حقوقهم السياسية من انتخاب وترشيح وخدمة في المؤسسات العسكرية إلا أن الدروز في مرتفعات الجولان يعتبرون انفسهم سوريين و يرفضون التعاون مع المحتل الإسرائيلي.
يؤخذ على الدروز الدروز الكثير من التهم و مازالوا محط نقاش و جدل فهل الحقيقة مخفية أم أن هناك إخفاء للحقيقة و لماذا أسوء التهم توجه ضدهم و يعتبرون كفارا من الدرجة الأولى و هذه لمحة صغيرة عن تناقضات سببها إخفاء الحقيقة
الرد : يقول بهاء الدين : ومن يتعلق بتلك الصورة ( أي الحاكم بأمر الله )أو بغيرها من الصور (البشر) فكأنه نقض الميثاق الذي أخذ عليه بواسطتها .. وتدل رسائل التنزيه وكتاب المنفرد بذاته على وحدانية الباري وتنزيهه عن خلقه و يذكر إن الباري خلق العلة الأولى لينزه ذاته عن خلقه والحاكم من مشتقات أسماء الله الحسنى و هي تعطي معنى استواء الله على العرش وهو عرش التوحيد وتدل على حاكميته على مخلوقاته (له ملك السموات والأرض ) (وهو أحكم الحاكمين) أما الحاكم بأمر الله فهو عبده وأريد أن أسأل هل الحاكم بأمر الملك هو الملك ..و ينطبق الأمر على لفظة الحاكم بأمره فالهاء رمز اللاهوت المنزه والخليفة المنصور يحكم بأمر الباري .
الرد :لا يوجد في مذهب التوحيد مبرر لمعاداة الآخرين للأسباب التالية : 1ـ فهم لا ينافسون الأديان الأخرى على النفوذ و كسب المريدين والأتباع لأن الدعوة إلى المذهب ممنوعة على الموحد .
2ـ التكفير ممنوع في كتب الموحدين فهم يعتبرون الآخرين مخالفين في الإعتقاد وليسوا كفار بمافيهم الدروز ممن لم يلتزم بالدين .. لكن الموحدين يكرهون الطغاة والمجرمين والعصاة من كل الأديان وهؤلاء هم من ارتكب جريمة بحق فرد أو جماعة أو ارتكب معصية كالزنى أو القتل ..أو سعى في الأرض فساداًو يطلب من الموحد أن يبتعد أو يبين عن هؤلاء بقلبه وجسمه وعمله ، وله أن يدافع عن نفسه إذا تعرض للأذى لكن ليس من مهمته محاربة الطغاة أو التمرد على الحكام لذلك يتصف الموحدين بمولاة أي حاكم مادام لم يتعرض لهم بالأذى . 3ـ أحد فروض الموحدين ترك العدم وهو كل شيء مآله للفناء ويسمى أيضاً زخارف الشيطان أو الحطام لذلك فإن الموحد لا يطلب المنافسة على حطام الدنيا وزخارفها .
مما سبق نجد أن الموحدين لا ينافسون أي طرف آخر وليس هناك مبرر لكره الآخرين مادموا لم يتعرضوا للموحدين بالأذى والدروز عموماً يملكون نفوس طيبة تحب الناس وتحب أن تظهر الخير لهم ويتميزون بالكرم والجود والنخوة وإغاثة الملهوف والغيرة على الأعراض و الأوطان . 4ـ يولد الدرزي وله حرية الاختيار بين الإلتزام بمذهب التوحيد أو أي دين آخر أو البقاء بلا دين وفي حال خرج إلى دين آخر يفقد حق الورثة والزواج من الطائفة لا أكثر ولا توجد عقوبة له في شريعة التوحيد إلا (البين) أي الابتعاد الديني عنه حيث يحرم من ثمار الحكمة .
ولا توجد أي حادثة أو دليل تاريخي أو وثيقة تدل على معاداة الآخرين إلا بعض مقالات ألفت في وقت المحنة ثم ترك العمل بها وبالرغم من أن شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره كثيرون قد أفتووا بقتلهم و سبي نسائهم و حرق بيوتهم ومازال حتى الآن بعض ممن يتنطح لتكفيرهم إلا أن ذلك لم يغير من طبيعة الدروز المنفتحة والمحبة لغيرهم كما إن تلك الفتاوى بعون الباري عز وجل ذهبت أدراج الرياح .
و الوقائع التاريخية تشهد بتآلف الدروز مع المسلمين فقد كانوا عوناً لهم ضد المغول والصليبين ويذكر أن الزنكيين ومن بعدهم صلاح الدين الأيوبي وأولاده هم من ثبت الدروز في ساحل بلاد الشام كما ساعدوا الدولة العثمانية ضد محمد علي باشا وصمدوا في جبل العرب ضده وكسبوا مودة السلاطين ونشأ الخلاف مع الأتراك بعد ظهور النزعة القومية التركية التي أضرت بكل العرب وبدأ الدروز مقاومتهم للتتريك ثم أيدوا الشريف حسين في ثورته ضدهم .. ولا يوجد في طقوس الدروز ما يذكرهم بأي إساءة من قبل الآخرين إذ يعتبرون إن ذلك قدر من رب العالمين بل هم عادة ينسون الإساءة التي توجه لهم ويتذكرون المعروف لذلك سمووا بني معروف .
الرد :
ـ يجب التنويه ان الدروز يخدمون خدمة إلزامية في الجيش الإسرائيلي بينما يتم تجاهل المتطوعين في الجيش الإسرائيلي من السنة و المسيحيين وهم بعشرات الآلاف ويفوق عدد المتطوعين (غير الدروز) لخدمة إسرائيل عدد الدروز كلهم لقد فر نحو 50 ألف فلسطيني عميل من قطاع غزة بعد اتفاق اوسلوا ويذكر أن كثير من أتباع الحركات الجهادية الفلسطينية يأخذون مساعدات من دولة إسرائيل بحكم أنهم مواطنين إسرائيليين ثم يحاربونها.. ـ بعد هزيمة الجيوش العربية بطش الصهاينة بالفلسطنيين جميعاً فإضطروا لترك أرضهم والرحيل وأحد أسباب ذلك هو الوعود التي أطلقها الحكام العرب بإرجاعهم ورمي اليهود في البحر لكن الدروز كعادتهم لا يعتمدون إلا على الله وأنفسهم فتشبثووا بأرضهم ورفضوا الفرار وأضهروا الصلابة فإضطر الصهاينة أن يتركوهم مقابل فرض شروط قاسية قبلها الدروز حفاضاَ على أرضهم وقراهم التي تعد أثمن ما عندهم ويكفيهم شرفاً أنهم من الفئة القليلة التي تشبثت بأرضها وعددهم كان لا يتجاوز عشرة آلاف فيما فر مئات الألوف .. وأخذ الدروز يشكلون التجمعات والأحزاب التي تحافظ على كيانهم العربي وتسعى للتخلص من التجنيد الإجباري و برزت حركة المعروفيين الأحرار وغيرها ..وهم منسجمون مع عرب 1948 وعرب الضفة والقطاع غير ما يثار في وسائل الإعلام .. ـ رغم الأعذار التي قدمناها فإن الموحدين في لبنان وسورية وفلسطين أصدروا بما يسمى الحرم[أي رفض التعامل والتزاوج و الزيارة والمناصرة والمؤاساة] على كل درزي يخدم دولة إسرائيل أو يساعدها و هم مطرودين من المذهب بحكم هذا الحرم لذلك فإن ظهر عميل أو ضابط سفاح كما في معركة جنين فإنه مطرود من المذهب غير محسوب على الدروز إلا من حيث الإسم .
الرد : الموحدين يرون جمال مذهبهم فهو المذهب الذي يظهر جماليات الرسائل السماوية والعقائد التي سبقته وينقض القبح الذي ألصق فيها لكن إظهار هذا الجمال لمن لا يستحق غير مباح لأن من غلفت نفسه بكثافة طبائع الضد لن يستطيع رؤية جمال طبائع العقل فالنور بالنور يرى واللطافة لا ترى بالكثافة لذلك كيف أظهر لك ما يثيرك وما لا تقوى على رؤيته فتراها أسود لأنك تلبس نطارة سوداء فالأفضل أن لا تراه حتى يشاء الله ..هذا جانب أما الجانب الآخر فإن إخفاء المذهب هو بسبب عدم قدرة الآخرين على التقبل إذ لا مانع في حال القبول وعدم إثارة النعرات والفتن من الكشف والبوح والنقاش لكن التاريخ البشري لا يشجع على ذلك فقد حاربت الكنيسة كل من يحاول أن يشغل عقله وحارب المتزمتين العرب الشيخ الرئيس ابن سينا وابن رشد و الحلاج وأحرقت مكتبة الإسكندرية و مكتبة الحكمة في القاهرة بالنسبة للموحدين فقد صدرت الفتاوي بقتلهم وأقيمت عليهم المحنة فمن الطبيعي أن يخفي الموحدين دينهم .. إن إخفاء الدين ليس سلوكاً أصيلاً في عرف الموحدين لكنه إجراء وقتي في حال عدم قدرة الآخر على التقبل ففي هذه الحال من الأفضل مخاطبة الآخر بما يفهمه ويتقبله أو يفضل عدم التحدث لأن الصمت من ذهب .
الرد : التقمص هو اعتقاد يعكس حقيقة انتقال النفوس الناطقة من جسد بشري إلى آخر من الجنس نفسه و يتحقق الموحد من هذه الظاهرة بكل جوارحه فبأي ألاء ربكم تكذبون .. وهي ظاهرة لها قوانينها تختص بها النفس البشرية وكباقي الظواهر الطبيعية يمكن أن تظهر علائمها في مكان ولا تظهر في مكان آخر.. فالتقمص هو قانون العدل الإلهي قضى به المولى لخلاص النفوس وتعليمها معرفته من خلال تعدد المرورات في الحالات وهناك إشارات كثيرة في الكتب السماوية على ذلك ففي القرآن آيات كثيرة منها آية في سورة البقرة تقول "كيف تكفرون بالله و كنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحيكم ثم إليه ترجعون" وهناك إشارات في التوراة والإنجيل ويعتقد بهذا الاعتقاد مليارات البشر على مشارب مختلفة ..
الرد مذهب التوحيد له مصادر شرعية :
أولها : يعتمدون القرآن الكريم في أحكامهم وأعمالهم ويختلفون عن المسلمين بنقاط شرعية ثلاث فقط هي : تحريم تعدد الزوجات وعدم إعادة المطلقة وحق المورث في تحديد من يرثه بعد موته. وهم يصلون صلاة الميت ويعقدون عقد الزواج وفق الشرع الإسلامي ويختلفون عنهم بعدم جواز عقد شيخ أو مأذون واحد للعروسين بل يكون العقد باجتماع عدة مأذونين من قبل كل طرف مع أهل العروسين أو من ينوب عنهم عند الضرورة ، ويحرمون كالمسلمين أخت الرضاعة ولحم الخنزير والميتة والدم و القرب من النساء أثناء الطمث والربا و غيرها .. ويشددون على تحريم الفسق كزواج المتعة وزواج المسيار وغيرها من الإباحات و يأخذون من القرآن حلال الحلال والمعاني التوحيدية الحقيقية ويسمونه (المسطور المبين ) ..ويعتقدون أنه احتوى كل العقائد التوحيدية التي سبقته فلذلك لا يأخذون بغيره من الكتب السماوية . ثانيهما : رسائل الحكمة وهي تأويل للقرآن الكريم وشروح للعقيدة التوحيدية وشروط تعامل الموحدين مع بعضهم البعض .
أما بالنسبة لكتاب المنفرد بذاته فهو كتاب عقائدي يدور جله حول تنزيه الباري عز وجل عن خلقه وهو من أهم كتب التوحيد على الإطلاق وهو موزع على رسائل الحكمة لأن معظمها شرح له والموحدون يعرفونه أما الدروز غير الموحدون فلا يعرفونه ولا يعرفون كثير من المعلومات التي بين أيديكم الآن ..
الرد: إن حياة العزلة المفروضة ساهمت بتكاثر الشائعات وساهمت حروب الدروز مع الأتراك و من بعدهم الفرنسيين بنشر إشاعات تفوق ما ذكرت بكثير وفي الحقيقة إن العجل هو إبليس (أبو جهل ) وهو ملعون مع الشيصبان الذي أغوى شعب موسى في غيابه كما أن مبادئ التوحيد تقوم على : العدل والعفة والطهارة وشدد الدعاة من الحدود والأمير السيد والشيخ الفاضل والشيخ حسين الهجري وشتى المراجع على احتشام المرأة وعفة الرجل ويكفي كتاب ترياق الذنوب وفصل تسليم الجوارح للباري عز وجل لتأكيد فروض الحشمة والغيرة على العرض وكذلك الرسالة المقرعة للفاسق المسمى نصير بقلم حمزة بن علي دليل على طهارة المذهب من الدنس ويمكن القول إن كل ما قيل من شائعات يعود إلى وقت المحنة وهي الفترة بين 1021 ـ1028 وبعدها بفترة عدة عقود حيث سادت فتاوى التكفير بحق الدروز وبدأت الردود الدرزية السلبية منها والإيجابية ثم إضطر الدروز للسكن في مناطق جبلية منعزلة بدأت تحاك حولها الشائعات ثم كما تقدم استغل الأتراك والفرنسيون وبعدهم الصهاينة هذه الشائعات وطوروها ليزيدوا التفرقة وكل ذلك لم يحقق للأعداء أهدافهم فقد رفض الدروز فصلهم عن محيطهم العربي والإسلامي وكانوا سباقين للدفاع عن أمتهم.
الرد : قد يكون صحيح أن إبراهيم حصل على بعض كتب الموحدين وكان عدو الدروز فيمكن أن يصيغ منها على هواه والميثاق يقول: ليس في السماء إله معبود ولا على الأرض إمام موجود إلا مولانا الحاكم جل ذكره. والحاكم في عرف الموحدين هو الباري عز وجل الذي استوى على عرش التوحيد والخليفة المنصور الملقب بالحاكم بأمر الله أحد عبيده..وكذلك العلي والبار وغيرهم هم عبيد مولانا الحاكم الأزل المعل لكل العلل ..و قد عاشوا وماتوا بأوان معلوم سبحان الحي الذي لايموت ..وكل ما يقال من أحداث تجري عند قيام الساعة ما هي إلا مزاعم وافتراضات لا صحة لها ما لم تؤيد بآية قرآنية أو حديث نبوي ولا يختص الدروز وحدهم بهذ المزاعم بل تصدر كتب ومقالات كثيرة كل سنة عن خروج القائم المنتظر من قبل المسلمين أكثر من غيرهم فيما لم يظهر أي كتاب درزي واحد منذ مئات من السنين مما يدل على عدم أصالة هذه المزاعم في مذهب التوحيد بل هناك تقولات فردية كرغاء البحر .
الرد : بالنسبة للأنبياء فقد أجمع كبار الموحدين على برائتهم من طبائع الضد أي الأبلسة لأن ما نعرفه في كتبنا أن يظهر النبي ناطقاً بالرسالة السماوية والعقل له معين فكيف يحمل إبليس عقيدة التوحيد آلاف السنين وكيف تنمو في شرائعه وكيف يرافقه العقل والنفس وهما معصومين عن النفاق؟ في الحقيقة إن الرسل هم أناس مكلفون ويقع عليهم عبئ الدعوة في زمن معين ويقع على الحدود صون كتابها من التحريف حتى الكشف أما إبليس والشيطان فهم من يعادي الأنبياء والرسل والحدود في كل كور ودور . ولكن يختلف الموحدين عن باقي الأديان بتقدير مراتب الأنبياء فهم يرون الأنبياء والرسل بنفس المنزلة عيسى كموسى كصالح ..لأنه نفس الشخص يتكرر إلخ وهم بشر يخوضون في غمار الدنيا يخطئون ويصيبون ولكن لا ينحطون بالمقابل يرفع الموحدون من مقام الحدود إلى منزلة الملائكة.
الرد :إن هذه الإدعاءات وغيرها ليست أصيلة في مذهب التوحيد بل ظهرت كجزء من حرب دعائية أثناء المحنة حيث كانت السيوف مسلطة على رقاب الموحدين بسبب الفتاوى التي كانت تصدر باسم النبي أو أصحابه من قبل مفتيي ذلك الزمن لتكفير الدروز وقتلهم فكان الرد من قبل الدروز قاسياً باللسان وبالسيف دفاع عن النفس لا أكثر وبعد جنوح الجميع إلى السلم ألغيت تلك الشتائم ونسخت من موروث الموحدين تيمناً بوصية بهاء الدين لأتباعه قبيل الغيبة : أظهروا الجمال فيما تفعلون وتتحدثون ولا تقذفوا من سبقكم فلكل منهم فضل على ما وصلتم إليه من الحكمة .
ويعتز الدروز بكل رموز الأمة ويقدرون عدالة العمرين وشجاعة خالد بن الوليد وقوة علي وعلمه .. ويظهر ذلك في تراثهم الشعبي وفي أشعارهم الشعبية .
الرد : يعتقد الموحدون أن الكتب السماوية نزلت على الأنبياء من قبل الباري عز وجل وقد أيد الأنبياء بالعقل والنفس الذي كانوا دائماً معينين لهم في إيصال حقيقة التوحيد وحفظها و قد تضمنت تلك الكتب الحقيقة التوحيدية التي هي غاية الموحدين وهذه الحقيقة تستودع في الكتب السماوية وتنمو من زمن إلى آخر وفق قابلية الناس للتعرف فتكون بمحل النطفة في صحف آدم وتصبح جنين كامل في القرآن الكريم ويتولى العقل والنفس في دور الكشف إخراج هذا الجنين إلى العالم وهذا الجنين هو المسطور المبين وهو يشتق من القرآن معظمه أي الحقيقة التوحيدية وينسخ أقله مما لا يحتوى أو يتعارض معها علماً إن المسلمين نسخووا كثير من آياته وأحكامه وكثير من آياته لا يعملون بها الآن فهي بحكم المنسوخة.
الرد :من أشد المنكرات في التوحيد الإعتقاد بتأليه الشخوص لأن ذلك عودة لعقائد الوجود التي يتبرأ منها الموحد في ثالث الفروض السبعة أما عن إسقاط العبادات التكليفية فذلك من أمر العقل الذي كشف الغاية منها فالعبادات التكليفية هي رياضة جسدية للوصول إلى السلام النفسي والفروض التوحيدية هي رياضة نفسية للوصول للهدف نفسه ويجب على الموحد الذي لا تنفعه الرياضة النفسية أن يمارس الرياضة البدنية حتى يحقق الغاية من العبادات وهي السلام الروحي مع الخالق ويكون ذلك بالصدق وحفظ الإخوان وعدم الشرك و ترك الشهوات لذلك فإسقاط التكاليف يجب أن يقابل بجهود نفسية كبيرة للتعويض و لا تعني التحلل منها .