→ كتاب الحدود (مسألة 2208 - 2209) | ابن حزم - المحلى كتاب الحدود (مسألة 2210 - 2212) ابن حزم |
كتاب الحدود (مسألة 2213 - 2216) ← |
كتاب الحدود
2210 - مسألة : حد المملوك إذا زنى , وهل عليه وعلى الأمة المحصنة رجم أم لا
قال أبو محمد : اختلف الناس في المملوك الذكر إذا زنى : فقالت طائفة : إن حده حد الحر من الجلد والنفي والرجم : كما ،
حدثنا محمد بن سعيد بن نبات ، حدثنا أحمد بن عبد البصير ، حدثنا قاسم بن أصبغ ، حدثنا محمد بن عبد السلام الخشني ، حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا عبد الله بن إدريس الأودي ، حدثنا ليث بن أبي سليم عن مجاهد قال : قدمت المدينة وقد أجمعوا على عبد زنى وقد أحصن بحرة أنه يرجم , إلا عكرمة فإنه قال : عليه نصف الحد. قال مجاهد : وإحصان العبد أن يتزوج الحرة , وإحصان الأمة أن يتزوجها الحر وبهذا يأخذ أصحابنا كلهم. وقال أبو ثور : الأمة المحصنة والعبد المحصن عليهما الرجم , إلا أن يمنع من ذلك إجماع. وقال الأوزاعي : إذا أحصن العبد بزوجة حرة فعليه الرجم , وإن لم يعتق , فإن كان تحته أمة لم يجب عليه الرجم إن زنى وإن عتق
وكذلك قال أيضا : إذا أحصنت الأمة بزوج حر فعليها الرجم , وإن لم تعتق , ولا تكون محصنة بزوج عبد.
وقال أبو حنيفة , ومالك , والشافعي , وأحمد : حد العبد المحصن , وغير المحصن , والأمة : لا رجم في شيء من ذلك
قال أبو محمد : فلما اختلفوا كما ذكرنا وجب أن ننظر في ذلك فيما احتج به أصحابنا لقولهم , فوجدناهم يقولون الزانية والزاني الآية.
وقال رسول الله ﷺ : البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام , والثيب بالثيب جلد مائة والرجم. قالوا : فجاء القرآن والسنة بعموم لا يحل أن يخص منه إلا ما خصه الله تعالى ورسوله عليه السلام , فوجدنا النص من القرآن والسنة قد صح بتخصيص الإماء من جملة هذا الحكم بأن على المحصنات منهن نصف ما على المحصنات الحرائر , وكذلك النص الوارد في الأمة التي لم تحصن , فخصصنا الإماء بالقرآن والسنة , وبقي العبد وما كان ربك نسيا. وبيقين ندري أن الله تعالى لو أراد أن يخص العبيد لذكرهم كما ذكر الإماء , ولما أغفل ذلك , ولا أهمله والقياس كله باطل , ودعوى بلا
برهان. وكل ما يشغبون به في إثبات القرآن فحتى لو صح لهم وهو لا يصح لهم منه شيء أصلا لما كان في شيء منه إيجاب تخصيص القرآن به , ولا إباحة الإخبار عن مراد الله تعالى , إذ لا يجوز أن يعرف مغيب أحد بقياس. قالوا : فوجب أن يكون حكم العبد كحكم الحر في حد الزنى.
ثم نقول لأصحاب القياس : قد أجمعتم على أن حد العبد كحد الحر في الردة , وفي المحاربة , وفي قطع السرقة , فيلزمكم على أصولكم في القياس أن تردوا ما اختلف فيه من حكمه في الزنى إلى ما اتفقتم فيه من حكمه في الردة , والمحاربة , والسرقة : بالقتل رجما , والقتل صلبا أو بالسيف : أشبه بالقتل رجما بالجلد , قالوا : لا , ولا سيما المالكيون المشغبون بإجماع أهل المدينة , وهذا إجماع إلا عكرمة قد خالفوه.
فإن قالوا : إن راوي هذا الخبر ليث بن أبي سليم وليس بالقوي
قلنا لهم : رب خبر احتججتم فيه لأنفسكم بليث ومن هو دون ليث , كجابر الجعفي عن الشعبي لا يؤمن أحد بعدي جالسا وليث أقوى من جابر بلا شك. ثم نظرنا فيما احتج به أبو ثور فوجدنا من حجته أن قال : قال الله تعالى {فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب}
قلنا : أمر الله تعالى بالمخالفة بين حد الأمة وحد الحرة فيما له نصف , وليس ذلك إلا الجلد والتغريب فقط ,
وأما الرجم فلا نصف له أصلا , فلم يكن للرجم في هذه الآية دخول أصلا ، ولا ذكر.
وكذلك لم يكن له ذكر في قوله تعالى {والزانية والزاني} الآية. ووجدنا الرجم قد جاءت به سنة رسول الله ﷺ على من أحصن.
وكذلك جاء عن عمر رضي الله عنه وغيره , من الصحابة : الرجم على من أحصن جملة , ولم يخص حرا من عبد , ولا حرة من أمة. فوجب أن يكون الرجم واجبا على كل من أحصن من حر أو عبد , أو حرة أو أمة , بالعموم الوارد في ذلك , إلا أن جلد الأمة نصف جلد الحرة , ونفيها نصف أمد الحرة.
قال أبو محمد رحمه الله : فنظرنا في هذين الأحتجاجين فوجدناهما صحيحين , إذ لم يرد نص صحيح يعارضهما
فنظرنا في ذلك , فوجدنا رسول الله ﷺ قد قال : إذا أصاب المكاتب حدا أو ميراثا ورث بحساب ما عتق منه , وأقيم عليه الحد بحساب ما عتق منه
وقد ذكرناه بإسناده في الباب الذي قبل هذا متصلا به فأغنى عن إعادته. فاقتضى لفظ رسول الله ﷺ وحكمه في هذا الخبر حكم المماليك في الحد بخلاف حكم الأحرار جملة إذ لو كان ذلك سواء لما كان لقول رسول الله ﷺ أن يقام عليه الحد بحساب ما عتق منه معنى أصلا , ولكان المكاتب الذي عتق بعضه كأنه حر كله , هذا خلاف حكم رسول الله ﷺ .
قال أبو محمد رحمه الله : فإذ قد صح أن حكم أهل الردة في الحدود خلاف حكم الحر , فليس إلا أحد وجهين لا ثالث لهما , ولا بد من أحدهما : إما أن لا يكون على المماليك حد أصلا , وهذا باطل بما أوردناه أيضا بإسناده في الباب المتصل بهذا الباب وإسناده : حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن سلام ، حدثنا إسحاق بن يوسف الأزرق عن سفيان الثوري عن عبد الأعلى ، هو ابن عبد الأعلى التغلبي عن ميسرة ، هو ابن جميلة عن علي بن أبي طالب " أن رسول الله ﷺ قال : أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم فكان هذا عموما موجبا لوقوع الحدود على العبيد والإماء.
وأما أن يكون للمماليك حد مخالف لحكم حدود الأحرار , وهذا هو الحق , إذ قد بطل الوجه الآخر ولم يبق إلا هذا , والحق في أحدهما ، ولا بد مع ورود هذين النصين اللذين ذكرنا من وجوب إقامة الحدود على ما ملكت أيماننا , وأنهم في ذلك بخلاف حدود الأحرار , فإذ قد وجب هذا بلا شك فلم يكن بد من تحديد حد المماليك بخلاف حكم الأحرار في الحدود , فقد صح إجماع القائلين بهذا القول وهم أهل الحق : على أن المماليك في الحد نصف حد الحر , فكان هذا حجة صحيحة مع صحة الإجماع المتيقن على إطباق جميع أهل الإسلام : على أن حد العبد والأمة ليس يكون أقل من نصف حد الحر , ولا أكثر من نصف حد الحر , ولم يأت بهذا نص قط فهذا إجماع صحيح متيقن على إبطال القول بأن يكون حد المملوك أو المملوكة أقل من نصف حد الحر , أو أكثر من نصف حد الحر فبطل بالنصوص المذكورة
قال أبو محمد رحمه الله : فلولا نص رسول الله ﷺ على إقامة الحدود على ما ملكت أيماننا لكانت الحدود عنهم ساقطة جملة , فإذ قد صحت الحدود عليهم فلا يجوز أن يقام عليهم منها إلا ما أوجبه عليهم نص أو إجماع , ولا نص ، ولا إجماع بوجوب الرجم عليهم , ولا بإيجاب أزيد من خمسين جلدة ونفي نصف سنة , فوجب الأخذ بما أوجبه النص والإجماع وإسقاط ما لا نص فيه ، ولا إجماع وبالله تعالى التوفيق
قال أبو محمد رحمه الله : فصح بما ذكرنا أن قول الله تعالى {والزانية والزاني فاجلدوا} الآية إنما عنى بلا شك الأحرار والحرائر ,
وكذلك قول رسول الله ﷺ : البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة والثيب بالثيب جلد مائة والرجم إنما عنى به عليه السلام الأحرار والحرائر لا العبيد ، ولا الإماء.
وأما من لم يصحح الحديث الذي أوردنا عن رسول الله ﷺ في أن يقام الحد على المكاتب بقدر ما عتق ولم يصحح الحكم بقول رسول الله ﷺ : البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام والثيب بالثيب جلد مائة والرجم ولم يعتمد في الرجم إلا على الأحاديث الواردة في رجم ماعز , والغامدية , والجهينية ، رضي الله عنهم ، فإنه لا مخلص لهم من دليل أبي ثور وأصحابنا , ولا نجد ألبتة دليلا على إسقاط الرجم عن الأمة المحصنة والعبد المحصن فإن رجع إلى القياس فقال : أقيس العبد على الأمة قيل له : القياس كله باطل , ولو كان حقا لما كان لكم هاهنا وجه من القياس تتعلقون به في إسقاط الرجم أصلا , لأن قول الله تعالى {فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب} ليس فيه نص ، ولا دليل على إسقاط الرجم عنها , ولا نجد دليلا على إسقاطه أصلا , ولا سيما من قال : إحصانها هو إسلامها , وأنه أيضا يلزمه أن تكون كل حرة مسلمة محصنة ، ولا بد , وإن لم تتزوج قط , لأن إحصانها أيضا إسلامها. ومن الباطل المحال أن يكون إسلام الأمة إحصانا لها , ولا يكون إسلام الحرة إحصانا لها , فإذا وجب هذا ، ولا بد , فواجب أن تكون الآية المذكورة , يعني قوله تعالى {فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب} اللواتي لم يتزوجن من الإماء والحرائر ; لأن أهل هذه المقالة لا يرون المحصنات هاهنا إلا الحرائر اللواتي لم يتزوجن فهن عندهم اللواتي لعذابهن نصف.
وأما الرجم الذي هو عندهم عذاب المتزوجات فقط عذاب عليهن عندهم غيره , فلا نصف له , فإذا لزمهم هذا واقتضاه قولهم , فواجب أن تبقى الأمة المحصنة بالزواج والحرة المحصنة بالزواج : على وجوب الرجم الذي إنما وجب عندهم بأن النبي ﷺ رجم من أحصن فقط وبالله تعالى التوفيق.
2211 - مسألة : وجدت امرأة ورجل يطؤها فقالت : هو زوجي وقال هو : هي زوجتي وذلك لا يعرف
قال أبو محمد رحمه الله : اختلف الناس في هذا : فقالت طائفة : لا حد عليهما كما، حدثنا محمد بن سعيد بن نبات ، حدثنا عبد الله بن نصر ، حدثنا قاسم بن أصبغ ، حدثنا موسى بن معاوية ، حدثنا وكيع ، حدثنا داود بن يزيد الزعاوي عن أبيه أن رجلا وامرأة وجدا في " حرب مرداس " فرفعا إلى علي بن أبي طالب فقال : ابنة عمي تزوجتها , فقال لها علي : ما تقولين فقال لها الناس : قولي نعم , فقالت : نعم , فدرأ عنهما.
حدثنا محمد بن سعيد بن نبات ، حدثنا أحمد بن عون الله ، حدثنا قاسم بن أصبغ ، حدثنا محمد بن عبد السلام الخشني ، حدثنا محمد بن بشار بندار ، حدثنا محمد بن جعفر غندر ، حدثنا شعبة عن الحكم بن عتيبة , وحماد بن سليمان أنهما قالا في الرجل يوجد مع المرأة فيقول : هي امرأتي : أنه لا حد عليه قال شعبة : فذكرت ذلك لأيوب السختياني , فقال : ادرءوا الحدود ما استطعتم.
قال أبو محمد رحمه الله : وبه يقول أبو حنيفة , والشافعي.
وقالت طائفة : عليهما الحد .
كما حدثنا محمد بن سعيد بن نبات ، حدثنا عبد الله بن نصر ، حدثنا قاسم بن أصبغ ، حدثنا ابن وضاح ، حدثنا موسى بن معاوية ، حدثنا وكيع عن سفيان الثوري عن المغيرة عن إبراهيم النخعي في الرجل يوجد مع المرأة فيقول : هي امرأتي , فقال إبراهيم : إن كان كما يقول لم يقم على فاجر حد.
حدثنا محمد بن سعيد بن نبات ، حدثنا أحمد بن عون الله ، حدثنا قاسم بن أصبغ ، حدثنا محمد بن عبد السلام الخشني ، حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة عن المغيرة عن إبراهيم النخعي في الرجل يوجد مع المرأة فيقول : هي امرأتي قال : عليه الحد.
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا ابن مفرج ، حدثنا قاسم بن أصبغ ، حدثنا ابن وضاح ، حدثنا سحنون ، حدثنا ابن وهب عن غير واحد عن الأوزاعي قال : سألت ابن شهاب عن الرجل يوجد مع المرأة فيقول : تزوجتها فقال : يسأل البينة , فإن جاء ببينته وإلا وقع عليه الحد .
وبه يقول , مالك , وأصحابه. وقال عثمان البتي : إن كانا لا يعرفان فلا حد عليهما , فإن كانا معروفين فإن كان يرى قبل ذلك يدخل إليها ويذكر ذلك , فلا حد عليه , وإن لم يكن شيء من ذلك فعليهما الحد.
قال أبو محمد رحمه الله : فلما اختلفوا كما ذكرنا وجب أن ننظر في ذلك : فوجدنا من قال : لا حد عليهما يحتج بأن قال : هو قول روي عن علي بن أبي طالب بحضرة الصحابة ، ولا مخالف له منهم , فلا يجوز تعديه. وقالوا : ادرءوا الحدود بالشبهات وأوجب هذه شبهة قوية. وقالوا : لا خلاف بين أحد من الأمة في أن رجلا لو وجد يطأ أمة معروفة لغيره فقال الذي عرف ملكها له : قد كان اشتراها مني , وقال هو كذلك , وأقرت هي بذلك : أنه لا حد عليهما فهذا مثله
قال أبو محمد رحمه الله : ما نعلم لهم حجة غير ما ذكرنا , وكل هذا لا حجة لهم فيه : أما قولهم : إنه قول روي عن علي , فهذا لا حجة لهم فيه , لأنه لا حجة في أحد دون رسول الله ﷺ فهذا لا يلزمنا.
وأما قولهم : " ادرءوا الحدود ما أمكنكم " فقد ثبت بطلان هذا القول , وأنه لا يحل درء حد بشبهة ، ولا إقامته بشبهة في دين الله تعالى , وإنما هو الحق واليقين فقط , ويكفي من بطلان قول من قال " ادرءوا الحدود بالشبهات " أنه قول لم يأت به قرآن ، ولا سنة وإنما جاء القرآن والسنة بتحريم دم المسلم وبشرته حتى يثبت عليه حد من حدود الله تعالى , فإذا ثبت لم يحل درؤه أصلا , فيكون عاصيا لله تعالى.
وأما قوله في تنظيرهم ذلك بالأمة المعروفة لأنسان فيوجد معها رجل فيقول : قد صارت إلي وملكتها , ويقول سيدها بذلك , ودعواهم الإجماع في ذلك : قول بالظن لا يصح , وما عهدنا قول مالك المشهور فيمن قامت عليه بينة بأنه أخرج من حرزه مالا مستترا بذلك , فادعى أن صاحب ذلك الشيء أمره بذلك , أو أنه وهبه , وأقر صاحب المال بذلك : بأنه لا يلتفت إلى ذلك : بل تقطع يده ، ولا بد
قال أبو محمد رحمه الله : والذي نقول به : أن من وجد مع امرأة يطؤها وقامت البينة بالوطء , فقال هو : إنها امرأتي , أو قال : أمتي , فصدقته في ذلك , فإن كانا غريبين , أو يعرفان , فلا شيء عليهما , ولا يعرض لهما ، ولا يكشفان عن شيء , لأن الإجماع قد صح بنقل الكواف : أن الناس كانوا يهاجرون إلى رسول الله ﷺ أفذاذا ومجتمعين , من أقاصي اليمن , ومن جميع بلاد العرب بأهليهم ونسائهم وإمائهم وعبيدهم فما حيل بين أحد وبين من زعم أنها امرأته أو أمته , ولا كلف أحد على ذلك بينة. ثم على هذا إجماع جميع أهل الإسلام , وجميع أهل الأرض من عهد رسول الله ﷺ وإلى يومنا هذا لا يزال الناس يرحلون بأهليهم وإمائهم ورقيقهم , ولا يكلف أحد منهم بينة على ذلك , بل تصدق أقوالهم في ذلك مسلمين كانوا أو كفارا فإذ قد صح النص بهذا والإجماع فلا يجوز مخالفة ذلك , فإن كانت معروفة في البلد , ومعروف أنه لا زوج لها , فإن أمكن ما يقول , فلا شيء عليهما , لأن أصل دمائهما وأبشارهما على التحريم بقول رسول الله ﷺ : إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم وأبشاركم عليكم حرام فلا يجوز إباحة ما حرم الله تعالى إلا بيقين لا شك فيه وإن كان كذبهما في ذلك متيقنا فالحد واجب عليهما وإن قال : هي أمتي , وصدقه صاحبها الذي عرف ملكها له , وأقر أنه قد كان وهبها له , أو كان باعها منه : صدق ، ولا شيء عليهما في ذلك , فإن كذبه حد , إلا أن يأتي ببينة على صحة دعواه , فلو قال : هي أمتي , وقالت هي : بل أنا زوجته , أو قال : هي زوجتي , وقالت هي : بل أنا أمته , أو قالت : بل أم ولده فقد اتفقا على صحة الفراش فلا حد في ذلك , وهي على الحرية حتى يقيم هو بينة بملكه لها , فإن لم يفعل حلف لها فيما يدعيه من الزوجية , وفرق بينهما , لأن الملك قد بطل إذا لم تقم بينة , والناس على الحرية حتى يصح الرق , والزوجية لم تثبت لا بإقرارهما ، ولا ببينة وإنما يحكم عليهما من الآن ,
وأما إذا كانت أمة معروفة لأنسان , فأنكر سيدها خروجها عن ملكه إلى الذي وجد معها , فالحد عليها وعلى الذي وجد معها , إلا أن يأتي ببينة على ذلك , وله على سيدها اليمين ، ولا بد.
2212 - مسألة : فيمن وجد مع امرأة فشهد له أبوها أو أخوها بالزوجية
قال أبو محمد رحمه الله : فلو وجد يطأ امرأة معروفة وهو مجهول أو معروف فادعى هو وهي الزوجية , وشهد لهما بذلك أبوها أو أخوها فإن مالكا قال : عليهما الحد , وقال أصحابنا : إن كان اللذان شهدا لهما عدلين صح العقد , وبطل الحد وبهذا نأخذ , فإن لم يكونا عدلين , فالحد عليهما ما لم يكن على صحة النكاح بينة , أو استفاضة , لأن اليقين صح أنهما غير زوجين , وأنها حرام عليه , فلا ينتقل التحريم إلى التحليل , ولا ينتقلان إلى حكم الزوجية إلا بيقين من بينة أو استفاضة.