الرئيسيةبحث

محلى ابن حزم - المجلد الثاني/الصفحة الخامسة والخمسون


كتاب الحج

816 - مسألة : قال أبو محمد : فإن حج عمن لم يطق الركوب والمشي لمرض أو زمانة حجة الإسلام ثم أفاق ؛ فإن أبا حنيفة ، والشافعي قالا : عليه أن يحج ولا بد ، وقال أصحابنا : ليس عليه أن يحج بعد . قال أبو محمد : إذا أمر النبي ﷺ بالحج عمن لا يستطيع الحج راكبا ولا ماشيا ، وأخبر : أنه دين الله يقضى عنه ؛ فقد تأدى الدين بلا شك وأجزأ عنه ، وبلا شك أن ما سقط وتأدى ، فلا يجوز أن يعود فرضه بذلك ؛ إلا بنص ولا نص هاهنا أصلا بعودته - ولو كان ذلك عائدا لبين عليه السلام ذلك ؛ إذ قد يقوى الشيخ فيطيق الركوب ؛ فإذ لم يخبر النبي ﷺ بذلك فلا يجوز عودة الفرض عليه بعد صحة تأديه عنه - وبالله تعالى التوفيق .

817 - مسألة : وسواء من بلغ وهو عاجز عن المشي والركوب ، أو من بلغ مطيقا ثم عجز في كل ما ذكرنا ، وقال أبو سليمان : لا يلزم ذلك إلا عمن قدر بنفسه على الحج - ولو عاما واحدا - ثم عجز . قال علي : وهذا خطأ ؛ لأن الخبر الذي قدمنا فيه فريضة الله تعالى في الحج أدركته لا يقدر على الثبات على الدابة ، فصح أنه قد لزمه فرض الحج ولم يكن قط بعد لزومه له قادرا عليه بجسمه ؛ فصح قولنا - وبالله تعالى التوفيق .

818 - مسألة : ومن مات وهو مستطيع بأحد الوجوه التي قدمنا حج عنه من رأس ماله واعتمر ولا بد مقدما على ديون الناس إن لم يوجد من يحج عنه تطوعا سواء أوصى بذلك أو لم يوص بذلك - وقال أبو حنيفة ، ومالك : لا يحج عنه إلا أن يوصي بذلك فيكون من الثلث . برهان صحة قولنا - : قول الله تعالى في المواريث : { من بعد وصية يوصي بها أو دين } فعم عز وجل الديون كلها - : حدثنا عبد الله بن ربيع نا محمد بن معاوية نا أحمد بن شعيب أنا عمران بن موسى المصري نا عبد الوارث هو ابن سعيد التنوري - نا أبو التياح يزيد بن حميد البصري نا موسى بن سلمة الهذلي : " أن ابن عباس قال : أمرت { امرأة سنان بن سلمة الجهني أن تسأل النبي ﷺ ؟ أن أمها ماتت ولم تحج أفيجزئ عن أمها أن تحج عنها ؟ فقال رسول الله ﷺ : نعم ، لو كان على أمها دين فقضته عنها ألم يكن يجزئ عنها ؟ فلتحج عن أمها } . ومن طريق حماد بن زيد عن أيوب السختياني عن الزهري عن سليمان بن يسار عن ابن عباس : { أن امرأة سألت رسول الله ﷺ عن أبيها مات ولم يحج ؟ قال : حجي عن أبيك } . وروينا أيضا من طريق عكرمة عن ابن عباس مسندا . نا محمد بن سعيد بن نبات نا أحمد بن عون الله نا قاسم بن أصبغ نا محمد بن عبد السلام الخشني نا محمد بن بشار نا محمد بن جعفر نا شعبة عن أبي بشر هو جعفر بن أبي وحشية - قال : سمعت سعيد بن جبير يحدث عن ابن عباس : { أن امرأة نذرت أن تحج فماتت فأتى أخوها النبي ﷺ فسأله عن ذلك ؟ فقال رسول الله ﷺ : أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيه ؟ قال : نعم ، قال : فاقضوا الله فهو أحق بالوفاء } . ورويناه أيضا من طريق البخاري عن موسى بن إسماعيل عن أبي عوانة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي ﷺ [ بنصه ] في امرأة من جهينة نذرت أمها أن تحج فماتت قبل أن تحج " . ورويناه أيضا من طريق الحجاج بن المنهال نا أبو عوانة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي ﷺ مثل رواية البخاري ؛ وفيه قوله عليه السلام : { فحجي عن أمك ، اقضوا الله الذي له عليكم ، فالله تبارك وتعالى أحق بالوفاء } . فهذه آثار في غاية الصحة لا يسع أحد الخروج عنها - : قال أبو محمد : ومن عجائب الدنيا احتجاجهم بهذا الحديث في القول بالقياس في تحريم التين بالتين متفاضلا ثم يخالفونه فيما جاء فيه أقبح خلاف فيقولون : لا يحج عن ميت ، ودين الله لا يقضى ، وديون الناس أحق منه ، فأي قول أقبح من قول من قال : من أهرق خمر اليهودي ، أو النصراني ومات قضي دين الخمر من رأس ماله أوصى به أو لم يوص ، ولا يقضى دين الله تعالى في الحج إلا أن يوصى به فيكون من الثلث ؟ - : قال أبو محمد : قولنا هو قول جمهور السلف - : روينا عن أبي هريرة من مات وعليه نذر أو حج فليقض عنه وليه . ومن طريق سعيد بن منصور نا أبو الأحوص عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس : " أن امرأة أتته فقالت : إن أمي ماتت وعليها حجة أفأحج عنها ؟ فقال ابن عباس : هل كان على أمك دين ؟ قالت : نعم ؛ قال : فما صنعت ؟ قالت قضيته عنها قال ابن عباس : فالله خير غرمائك ، حجي عن أمك " . ومن طريق شعبة عن مسلم القري قلت لابن عباس : إن أمي حجت وماتت ولم تعتمر أفأعتمر عنها ؟ قال : نعم ؛ ومن طريق أبي بكر بن أبي شيبة نا أبو الأحوص عن طارق بن عبد الرحمن قال : كنت جالسا عند سعيد بن المسيب فأتاه رجل فقال : إن أبي لم يحج قط أفأحج عنه ؟ فقال له سعيد : إن رسول الله ﷺ قد كان رخص لرجل حج عن أبيه وهل هو إلا دين ؟ ومن طريق ابن أبي شيبة نا مروان بن معاوية هو الفزاري - عن قدامة بن عبد الله الرؤاسي قال : سألت سعيد بن جبير عن أخي فقلت : مات ولم يحج قط أفأحج عنه ؟ فقال : هل ترك من ولد ؟ قلت : ترك صبيا صغيرا ، فقال : حج عنه فإنه لو وجد رسولا لأرسل إليك أن عجل بها ؟ فقلت : أحج عنه من مالي أو من ماله : قال : بل من ماله . قال : وسألت إبراهيم النخعي ؟ فقال : حج عنه . قال : وسألت الضحاك فقال : حج عنه من ماله ؟ فإن ذلك مجزئ عنه ، ومن طريق حماد بن سلمة عن الحجاج عن فضيل بن عمرو وقال : نذرت امرأة أن تطوف بالبيت مقترنة مع ابنتها فماتت الأم قبل أن تطوف فسأل ابنها إبراهيم النخعي عن ذلك ؟ فقال : طف أنت وأختك عن أمك ولا تقترنا . ومن طريق وكيع عن سفيان عن أسلم المنقري عن عطاء قال : يحج عن الميت وإن لم يوص . ومن طريق عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري عن أبي نهيك قال : سألت طاوسا عن امرأة ماتت وقد بقي عليها من نسكها ؟ فقال : يقضي عنها وليها - أبو نهيك هو القاسم بن محمد الأسدي - روي عنه سفيان ، ومنصور ، وجرير بن عبد الحميد . ومن طريق حماد بن سلمة عن قيس بن سعد عن عطاء . ومن طريق حماد بن سلمة عن زياد الأعلم عن الحسن : قال عطاء والحسن فيمن لم يحج الفريضة : أنه يحج عنه من جميع المال ، والزكاة مثل ذلك ، أوصى أو لم يوص . وروي أيضا عن عبد الرحمن بن أبي ليلى . قال أبو محمد : وهو قول الأوزاعي ، والثوري ، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، والشافعي ، وأبي ثور ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبي سليمان ، وأصحابهم . قال أبو محمد : قد ذكرنا قبل قول ابن عمر ، والقاسم بن محمد ، وخلافهم لهما . وروينا من طريق حماد بن زيد قال : سئل أيوب عن الوصايا في الحج ؟ فقال : لا أعرف الوصايا في الحج إنما الوصية في الأقربين . قلنا : إذا فرط في الحج أيوصي به ؟ قال : لا . وقد روينا عن إبراهيم النخعي من طريق شعبة عن الحكم بن عتيبة عن إبراهيم : لا يقضى حج عن ميت . ومن طريق سعيد بن منصور عن هشيم عن المغيرة بن مقسم عن إبراهيم : فيمن مات ولم يحج ، قال : كانوا يحبون أن يوصي أن ينحر عنه بدنة . ومن طريق سفيان عن منصور عنه : لا يحج أحد عن أحد . ومن طريق شعبة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم : إن أوصى بالحج ، حج عنه من ثلثه ، وإلا فلا . ومن طريق يحيى بن سعيد القطان عن هشام بن حسان عن ابن سيرين : إذا أوصى بالحج فمن الثلث ؛ وبهذا يقول حماد بن أبي سليمان ، وحميد الطويل ، وداود بن أبي هند ، وعثمان البتي . قال أبو محمد : ما نعلم لمن قال ؟ بهذا حجة إلا ما قد ذكرناه في الباب الذي قبل هذا وبينا أنه حجة عليهم وأنه لا حجة لهم فيه - وبالله التوفيق . قال أبو محمد : وإذا قال رسول الله ﷺ : { فالله أحق بالوفاء ، ودين الله أحق أن يقضى } فلا يحل أن يقضى دين آدمي حتى تتم ديون الله عز وجل ، وهو قول من ذكرنا ، وأحد قولي الشافعي ، وقول جميع أصحابنا ، وللمالكيين ، والحنيفيين فيما يبدأ به في الوصايا أقوال لا يعرف لها وجه أصلا .

819 - مسألة : والحج لا يجوز شيء من عمله إلا في أوقاته المنصوصة ولا يحل الإحرام به إلا في أشهر الحج قبل وقت الوقوف بعرفة . وأما العمرة فهي جائزة في كل وقت من أوقات السنة ، وفي كل يوم من أيام السنة ، وفي كل ليلة من لياليها لا تحاش شيئا - : برهان صحة قولنا : - قول الله عز وجل { الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج } . الآية ، فنص عز وجل على أنه { أشهر معلومات } . وقال تعالى : { ومن يتعد حدود الله فقد ظلم } . وروينا من طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري ، وابن جريج كليهما عن أبي الزبير : سمعت جابر بن عبد الله يسأل أيهل أحد بالحج قبل أشهر الحج ؟ قال : لا . ومن طريق عكرمة عن ابن عباس قال : لا ينبغي لأحد أن يهل بالحج إلا في أشهر الحج لقول الله تعالى : { فمن فرض فيهن الحج } . ومن طريق عبد الرحمن بن مهدي نا سفيان الثوري عن أبي إسحاق السبيعي قال : رأى عمرو بن ميمون بن أبي نعم يحرم بالحج في غير أشهر الحج فقال : لو أن أصحاب محمد أدركوه رجموه . ومن طريق حماد بن زيد عن أيوب السختياني أن عكرمة قال لأبي الحكم : أنت رجل سوء ؛ لأنك خالفت كتاب الله عز وجل وتركت سنة نبيه ﷺ . قال الله تبارك وتعالى : { الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج } . وخرج رسول الله ﷺ حتى إذا كان بالبيداء ، وجعل القرية خلف ظهره أهل وإنك تهل في غير أشهر الحج ؟ وعن عطاء ، وطاوس ، ومجاهد قالوا : لا ينبغي لأحد أن يحرم بالحج في غير أشهر الحج . وعن عطاء ، والشعبي مثل ذلك قالا : فإن أهل بالحج في غير أشهر الحج فإنه يحل . وعن عطاء أنه يحل ويجعلها عمرة وأنه ليس حجا ، يقول الله تعالى : { الحج أشهر معلومات } . وعن سعيد بن منصور عن جرير بن عبد الحميد عن المغيرة عن إبراهيم أنه قال : لا ينبغي لأحد أن يحرم بالحج إلا في أشهر الحج ؛ فإن فعل فلا يحل حتى يقضي حجه . . وقال الأوزاعي ، والشافعي : تصير عمرة ولا بد . وقال أبو حنيفة ، ومالك : يكره ذلك ويلزمه إن أحرم قبل أشهر الحج . قال أبو محمد ما نعلم في هذا القول سلفا من الصحابة رضي الله عنهم وهو خلاف القرآن وخلاف القياس ، واحتج الشافعي بأنه كمن أحرم بصلاة فرض قبل وقتها أنها تكون تطوعا . قال أبو محمد : هذا تشبيه الخطأ بالخطأ بل هو لا شيء ؛ لأنه لم يأت بالصلاة كما أمر ، وقال الله تعالى : { وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين } . وقال رسول الله ﷺ : { من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد } . فصح أن عمل المحرم بالحج في غير أشهر الحج عمل ليس عليه أمر الله تعالى : ولا أمر رسوله ﷺ فصح أنه رد ، ولا يصير عمرة ولا هو حج . والعجب من قول من يحتج من الحنيفيين بأنهم قد أجمعوا على أنه يلزمه إحرام ما ، فإذ لا يجوز أن يكون عمرة فهو الحج ، وإن كان إنما يناظر من يساعده على هذا الخطأ فهو لعمري لازم له ، وإن كان قصد الإيهام بأنه إجماع [ تام ] فقد استسهل الكذب على الأمة كلها - نعوذ بالله من ذلك ؟ قال علي : وقد ذكرنا آنفا عن الشعبي ، وعطاء : أنه يحل ، وعن الصحابة رضي الله عنهم المنع من ذلك [ جملة ] . ونقول للحنفيين ، والمالكيين : أنتم تكرهون الإحرام بالحج قبل أشهر الحج وتجيزونه فأخبرونا عنكم أهو عمل بر وفيه أجر زائد ؟ فلم تكرهون البر وعملا فيه - أجر ؟ هذا عظيم جدا وما في الدين كراهية البر وعمل الخير ، أم هو عمل ليس فيه أجر زائد ولا هو من البر ؟ فكيف أجزتموه في الدين ومعاذ الله من هذا ؟ قال أبو محمد : إذ هو عمل زائد لا أجر فيه فهو باطل بلا شك ؛ وقد قال تعالى : { ليحق الحق ويبطل الباطل } ويقال للشافعي : كيف تبطل عمله الذي دخل فيه ؛ لأنه خالف الحق ، ثم تلزمه بذلك العمل عمرة لم يردها قط ولا قصدها ولا نواها ؟ ورسول الله ﷺ يقول : { إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى } وهذا بين لا خفاء به ؛ فبطل كلا القولين - والحمد لله رب العالمين . ولا يختلف المذكورون في أن من أحرم بصلاة قبل وقتها فإنها تبطل ومن نوى صياما قبل وقته فهو باطل ، ومن قدم الوقوف بعرفة قبل وقته فهو باطل ؛ فهلا قاسوا الحج على ذلك ؟ وهلا قاسوا بعض عمل الحج على بعض ؟ فهذا أصح قياس لو كان القياس حقا وهذا مما خالفوا فيه القرآن ، وعمل النبي ﷺ وأصحابه لا يعرف لهم منهم مخالف ، والقياس . والعجب أن الحنيفيين قالوا في قول رسول الله ﷺ : { في الغنم في سائمتها في كل أربعين شاة شاة } : حاشا لله أن يأتي رسول الله ﷺ بكلام لا فائدة فيه فهلا قالوا : هاهنا في قول الله تعالى : { الحج أشهر معلومات } حاشا لله من أن يقول في القرآن قولا لا فائدة فيه هذا وقد صح عن النبي ﷺ وجوب الزكاة في الغنم جملة دون ذكر سائمة ، ولم يأت قط في قرآن ولا سنة جواز فرض الحج في غير أشهره المعلومات ؟ . فإن قالوا : أنتم لا تقولون بدليل الخطاب فلم جعلتم قوله تعالى : { الحج أشهر معلومات } حجة في أن لا يتعدى بأعمال الحج إلى غيرها ؟ قلنا : إنما نمنع من دعواكم في دليل الخطاب إذا أردتم أن تبطلوا به سنة أخرى عامة ، وأما إذا ورد نص بحكم ولم يرد نص آخر بزيادة عليه فلا يحل لأحد أن يتعدى بذلك الحكم النص الذي ورد فيه . وأما العمرة فإن الخلاف قد جاء في ذلك - : روينا من طريق ابن أبي شيبة نا أبو معاوية عن الأعمش عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب سئل ابن مسعود عن العمرة في أشهر الحج ؟ فقال : الحج أشهر معلومات ليس فيهن عمرة ؟ وعن وكيع عن ابن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر قال : قال عمر : اجعلوا العمرة في غير أشهر الحج أتم لحجكم ولعمرتكم . وروينا من طريق الدراوردي عن الجعيد بن عبد الرحمن : أن السائب بن يزيد استأذن عثمان بن عفان في العمرة في أشهر الحج ؟ فلم يأذن له . وروينا من طريق عائشة أم المؤمنين : حلت العمرة الدهر إلا ثلاثة أيام : يوم النحر ؛ ويومين من أيام التشريق . ومن طريق قتادة عن معاذة عنها . وروينا أيضا عنها : تمت العمرة السنة كلها إلا أربعة أيام : يوم عرفة ، ويوم النحر ويومين من أيام التشريق . وروي أيضا عنها إلا خمسة أيام : يوم عرفة ، ويوم النحر ، وثلاثة أيام التشريق . وقال أبو حنيفة : العمرة كلها جائزة إلا خمسة أيام ، يوم عرفة ، ويوم النحر ، وثلاثة أيام التشريق . وقال مالك : العمرة جائزة في كل وقت من السنة إلا للحاج خاصة في أيام النحر خاصة . وقال سفيان الثوري والشافعي ، وأبو سليمان كما قلنا . قال علي : روينا من طريق مالك عن الزهري عن سعيد بن المسيب أن عمر بن أبي سلمة استأذن عمر بن الخطاب في أن يعتمر في شوال فأذن له فاعتمر . ومن طريق ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن بكير بن الأشج عن بسر بن سعيد قال : استأذنت أختي عبد الله بن عمر بعد ما قضت حجها أتعتمر في ذي الحجة ؟ قال : نعم . وعن طاوس أن رجلا سأله فقال : تعجلت في يومين أفأعتمر ؟ قال : نعم . قال أبو محمد : ليس قول بعضهم أولى من بعض ، ولا بعض الروايات عن عائشة أولى من غيرها ، وقد حدثنا أحمد بن محمد الطلمنكي نا ابن مفرج نا إبراهيم بن أحمد بن فراس نا محمد بن علي بن زيد الصائغ نا سعيد بن منصور نا سفيان هو ابن عيينة - نا سمي هو مولى أبي بكر - عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال : { الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة والعمرة إلى العمرة تكفير لما بينهما } . قال أبو محمد : فحض رسول الله ﷺ على العمرة ولم يحد لها وقتا من وقت فهي مستحبة في كل وقت ؛ وأما اختيار أبي حنيفة ففاسد جدا ؛ لأنه لا حجة له على صحته دون سائر ما روي في ذلك - وبالله تعالى التوفيق .