باب مكيلة زكاة الفطر الثاني |
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن عياض بن عبد الله بن سعد أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول (كنا نخرج زكاة الفطر صاعا من طعام، أو صاعا من تمر، أو صاعا من شعير، أو صاعا من زبيب، أو صاعا من أقط) وأخبرنا أنس بن عياض عن داود بن قيس أنه سمع عياض بن عبد الله بن سعد يقول: إن أبا سعيد الخدري قال: (كنا نخرج في زمان النبي ﷺ صاعا من طعام، أو صاعا من أقط، أو صاعا من زبيب، أو صاعا من تمر، أو صاعا من شعير فلم نزل نخرجه كذلك حتى قدم معاوية حاجا، أو معتمرا فخطب الناس فكان فيما كلم الناس به أن قال: إني أرى المدين من سمراء الشام تعدل صاعا من تمر فأخذ الناس بذلك).
[قال الشافعي]: فيما يروى عن النبي ﷺ نأخذ.
[قال الشافعي]: ويؤدي الرجل من أي قوت كان الأغلب عليه من الحنطة، أو الذرة، أو العلس، أو الشعير، أو التمر، أو الزبيب وما أدى من هذا أدى صاعا بصاع رسول الله ﷺ ولا يؤدي ما يخرجه من الحب لا يؤدي إلا الحب نفسه لا يؤدي سويقا ولا دقيقا ولا يؤدي قيمته ولا يؤدي أهل البادية من شيء يقتاتونه من الفث والحنظل وغيره، أو ثمره لا تجوز في الزكاة ويكلفون أن يؤدوا من قوت أقرب البلاد إليهم ممن يقتات الحنطة والذرة والعلس والشعير والتمر والزبيب لا غيره، وإن أدوا أقطا أجزأ عنهم وما أدوا، أو غيرهم من شيء ليس في أصله الزكاة غير الأقط أعادوا.
[قال الشافعي]: ولا أعلم أحدا يقتات القطنية، فإن كان أحد يقتاتها أجزأت عنه؛ لأن في أصلها الزكاة، وإن لم يقتتها لم تجز عنه ولا يجوز أن يخرج رجل نصف صاع حنطة ونصفها شعيرا، وإن كان قوته الشعير، لا يجوز أن يخرج زكاة إلا من صنف واحد ويجوز أن يخرج عن نفسه وعن بعض من يمون حنطة ويخرج عن بعض من يمون شعيرا كما يجوز أن يعطي في الصدقة السن الأعلى، وإن كان قوته حنطة فأراد أن يؤدي شعيرا لم يكن له؛ لأنه أدنى مما يقوت ولا يكون له أن يخرج تمرا طيبا وتمرا رديئا ولا شيئا دون شيء وجب عليه، وإن أخرج تمرا رديئا، هو قوته أجزأه، وإن كان له تمر أخرج من وسطه الزكاة، فلا يجوز أن يخرج من تمر، أو حنطة ولا غيرهما إذا كان مسوسا ولا معيبا، لا يخرجه إلا سالما.