باب مكيلة زكاة الفطر |
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر (أن رسول الله ﷺ فرض زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعا من تمر، أو صاعا من شعير)، أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول: (كنا نخرج زكاة الفطر صاعا من طعام، أو صاعا من شعير، أو صاعا من تمر، أو صاعا من زبيب، أو صاعا من أقط) أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا أنس بن عياض عن داود بن قيس سمع عياض بن عبد الله بن سعد يقول: إن أبا سعيد الخدري يقول: (كنا نخرج في زمان النبي ﷺ صاعا من طعام، أو صاعا من أقط، أو صاعا من زبيب، أو صاعا من تمر، أو صاعا من شعير فلم نزل نخرج ذلك حتى قدم معاوية حاجا، أو معتمرا فخطب الناس فكان فيما كلم الناس به أن قال إني أرى: مدين من سمراء الشام تعدل صاعا من تمر فأخذ الناس بذلك).
[قال الشافعي]: ولا يخرج من الحنطة في صدقة الفطر إلا صاع.
[قال الشافعي]: والثابت عن رسول الله ﷺ التمر والشعير ولا أرى أبا سعيد الخدري عزا أن النبي ﷺ فرضه، إنما عزا أنهم كانوا يخرجونه.
[قال الشافعي]: وفي سنة رسول الله ﷺ أن زكاة الفطر مما يقتات الرجل ومما فيه زكاة.
قال: وأي قوت كان الأغلب على رجل أدى منه زكاة الفطر، وإن وجد من يسلفه، فإذا أفلس ليس عليه زكاة الفطر فلو أيسر من يومه، أو من بعده لم يجب عليه إخراجها من وقتها؛ لأن وقتها كان وليست عليه، لو أخرجها كان أحب إلي له.
[قال الشافعي]: وإذا باع الرجل العبد بيعا فاسدا فزكاة الفطر على البائع؛ لأنه لم يخرجه من ملكه، وكذلك لو رهنه رجلا، أو غصبه إياه رجل فزكاة الفطر عليه؛ لأنه في ملكه.
[قال الشافعي]: وهكذا لو باع عبدا بالخيار فأهل شوال قبل أن يختار إنفاذ البيع ثم أنفذه كانت زكاة الفطر على المشتري؛ لأنه ملكه بالعقد الأول، وإن كان الخيار للمشتري وقفت زكاة الفطر، فإن اختاره فهو على المشتري، وإن رده فهو على البائع. [قال أبو محمد]: وفيه قول آخر، أن زكاة الفطر على البائع من قبل أنه لا يتم ملكه عليه إلا بعد اختياره، أو مضي أيام الخيار.
[قال الشافعي]: وإذا زوج الرجل أمته العبد فعليه أن يؤدي عنها زكاة الفطر، وكذلك المكاتب، فإن زوجها حرا فعلى الحر أداء زكاة الفطر عنها، وإن كان محتاجا فعلى سيدها زكاة الفطر عنها، لو زوجها حرا فلم يدخلها عليه، أو منعها منه فزكاة الفطر على السيد.
وإذا وهب الرجل لولده الصغير عبدا، أو أمة ولا مال للصغير فلا يبين أن على أبيه فيهم زكاة الفطر وليسوا ممن مؤنته عليه إلا أن تكون مرضعا، أو ممن لا غنى للصغير عنه فتلزم أباه نفقتهم وزكاة الفطر عنهم.
قال: فإن حبسهم أبوه لخدمة نفسه، فقد أساء ولا يبين أن عليه فيهم صدقة الفطر؛ لأنهم ليسوا ممن تلزمه نفقتهم بكل حال إنما تلزمه بالحبس لهم، وإن استأجر لابنه مرضعا فليس عليه فيها زكاة الفطر ولا يكون لمن ليس بولي أن يخرج من ماله زكاة الفطر، وإن أخرجها، أو زكاة غيرها بغير أمر حاكم ضمن ويرفع ذلك إلى الحاكم حتى يأمر من يخرجها عنه إن كانت الحنطة، أو الذرة، أو العلس، أو الشعير، أو التمر، أو الزبيب وما أدى من هذا أدى صاعا بصاع النبي ﷺ ليس له عندي أن ينقص من ذلك شيئا، ولا تقوم الزكاة، لو قومت كان لو أدى صاع زبيب ضروع أدى ثمان آصع حنطة.
وإذا وهب الرجل لولده الصغير عبدا، أو أمة ولا مال للصغير فلا يبين أن على أبيه فيهم زكاة الفطر وليسوا ممن مؤنته عليه إلا أن تكون مرضعا، أو ممن لا غنى للصغير عنه فتلزم أباه نفقتهم وزكاة الفطر عنهم.
قال: فإن حبسهم أبوه لخدمة نفسه، فقد أساء ولا يبين أن عليه فيهم صدقة الفطر؛ لأنهم ليسوا ممن تلزمه نفقتهم بكل حال إنما تلزمه بالحبس لهم، وإن استأجر لابنه مرضعا فليس عليه فيها زكاة الفطر ولا يكون لمن ليس بولي أن يخرج من ماله زكاة الفطر، وإن أخرجها، أو زكاة غيرها بغير أمر حاكم ضمن ويرفع ذلك إلى الحاكم حتى يأمر من يخرجها عنه إن كانت الحنطة، أو الذرة، أو العلس، أو الشعير، أو التمر، أو الزبيب وما أدى من هذا أدى صاعا بصاع النبي ﷺ ليس له عندي أن ينقص من ذلك شيئا، ولا تقوم الزكاة، لو قومت كان لو أدى صاع زبيب ضروع أدى ثمان آصع حنطة.
[قال الشافعي]: ولا أعلم من يقتات القطنية، وإن لم تكن تقتات فلا تجزي زكاة، وإن كان قوم يقتاتونها أجزأت عنهم زكاة؛ لأن في أصلها الزكاة.
[قال]: ولا يجوز أن يخرج الرجل نصف صاع حنطة ونصف صاع شعير، وإن كان قوته الشعير ولا يجوز أن يخرج زكاة واحدة إلا من صنف واحد ويجوز إذا كان قوته الشعير أن يخرج عن واحد وأكثر شعيرا وعن واحد وأكثر حنطة؛ لأنها أفضل كما يجوز أن يعطي في الصدقة السن التي هي أعلى ولا يقال جاء بعدل من شعير إنما يقال لهذا جعل له أن يؤدي شعيرا إذا كان قوته لا بأن الزكاة في شعير دون حنطة، وإن كان قوته حنطة فأراد أن يخرج شعيرا لم يكن له؛ لأنه أدنى مما يقتات كما لا يكون له أن يخرج تمرا رديئا وتمرا طيبا ولا سنا دون سن وجبت عليه وله أن يخرج نصف صاع تمر رديء إن كان قوته، وإن تكلف نصف صاع جيد فأخرجه معه أجزأه؛ لأن هذا صنف واحد والحنطة والشعير صنفان، فلا يجوز أن يضم صنفا إلى غيره في الزكاة، وإذا كانت له حنطة أخرج من أيها شاء زكاة الفطر.
[قال الشافعي]: وإذا كان له تمر أخرج من وسطه الذي تجب فيه الزكاة، فإن أخرج من أعلاه كان أحب إلي، ولا يكون له أن يخرج من تمر ولا حنطة ولا غيرها إذا كان مسوسا، أو معيبا، لا يخرجه إلا سالما. ويجوز له أن يخرجه قديما سالما ما لم يتغير طعمه، أو لونه فيكون ذلك عيبا فيه.