باب زكاة الفطر |
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر (أن رسول الله ﷺ فرض زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعا من تمر، أو صاعا من شعير على كل حر وعبد ذكر وأنثى من المسلمين)، أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه (أن رسول الله ﷺ فرض زكاة الفطر على الحر والعبد والذكر والأنثى ممن يمونون). أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول: (كنا نخرج زكاة الفطر صاعا من طعام، أو صاعا من شعير، أو صاعا من تمر، أو صاعا من زبيب، أو صاعا من أقط).
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وبهذا كله نأخذ وفي حديث نافع دلالة على أن رسول الله ﷺ لم يفرضها إلا على المسلمين، وذلك موافقة لكتاب الله عز وجل، فإنه جعل الزكاة للمسلمين طهورا والطهور لا يكون إلا للمسلمين وفي حديث جعفر دلالة على أن النبي ﷺ فرضها على المرء في نفسه ومن يمون قال الشافعي]: وفي حديث نافع دلالة سنة بحديث جعفر إذ فرضها رسول الله ﷺ على الحر والعبد، والعبد لا مال له، وبين أن رسول الله ﷺ إنما فرضها على سيده وما لا اختلاف فيه أن على السيد في عبده وأمته زكاة الفطر وهما ممن يمون.
[قال الشافعي]: فعلى كل رجل لزمته مؤنة أحد حتى لا يكون له تركها أداء زكاة الفطر عنه، وذلك من جبرناه على نفقته من ولده الصغار والكبار الزمنى الفقراء وآبائه وأمهاته الزمنى الفقراء وزوجته وخادم لها، فإن كان لها أكثر من خادم لم يلزمه أن يزكي زكاة الفطر عنه ولزمها تأدية زكاة الفطر عمن بقي من رقيقها.
[قال الشافعي]: وعليه زكاة الفطر في رقيقه الحضور والغيب رجا رجعتهم، أو لم يرج إذا عرف حياتهم؛ لأن كلا في ملكه، وكذلك أمهات أولاده والمعتقون إلى أجل من رقيقه ومن رهن من رقيقه؛ لأن كل هؤلاء في ملكه، وإن كان فيمن يمون كافر لم يلزمه زكاة الفطر عنه؛ لأنه لا يطهر بالزكاة.
[قال الشافعي]: ورقيق رقيقه رقيقه، فعليه أن يزكي عنهم.
[قال الشافعي]: فإن كان ولده في ولايته لهم أموال فعليه أن يخرج من أموالهم عنهم زكاة الفطر إلا أن يتطوع فيخرجها من ماله عنهم فتجزي عنهم، فإذا تطوع حر ممن يمون الرجل فأخرج زكاة الفطر عن نفسه، أو امرأته كانت، أو ابن له، أو أب، أو أم أجزأ عنهم ولم يكن عليه أن يخرج زكاة الفطر عنهم ثانية، فإن تطوعوا ببعض ما عليهم كان عليه أن يتم الباقي عنهم من زكاة الفطر.
قال: ومن قلت يجب عليه أن يزكي عنه زكاة الفطر، فإذا ولد له ولد، أو كان أحد في ملكه، أو عياله في شيء من نهار آخر يوم من شهر رمضان فغابت الشمس ليلة هلال شوال وجبت عليه زكاة الفطر عنه، وإن مات من ليلته، وإذا غابت الشمس من ليلة الفطر ثم ولد بينهم، أو صار واحد منهم في عياله لم تجب عليه زكاة الفطر في عامه ذلك عنه، وكان في سقوط زكاة الفطر عنه كالمال يملكه بعد الحول، وإن كان عبد بينه وبين رجل فعلى كل واحد منهما أن يزكي عنه من زكاة الفطر بقدر ما يملك منه.
[قال الشافعي]: وإن باع عبدا على أن له الخيار فأهل هلال شوال ولم يختر إنفاذ البيع ثم أنفذه فزكاة الفطر على البائع. [قال الربيع]: وكذلك لو باعه على أن البائع والمشتري بالخيار فأهل هلال شوال والعبد في يد المشتري فاختار المشتري والبائع إجازة البيع، أو رده فهما سواء وزكاة الفطر على البائع.
[قال الشافعي]: لو باع رجل رجلا عبدا على أن المشتري بالخيار فأهل هلال شوال قبل أن يختار الرد، أو الأخذ كانت زكاة الفطر على المشتري، وإن اختار رد البيع إلا أن يختاره قبل الهلال وسواء كان العبد المبيع في يد المشتري، أو البائع إنما أنظر إلى من يملكه فأجعل زكاة الفطر عليه.
[قال]: لو غصب رجل عبد رجل كانت زكاة الفطر في العبد على مالكه، وكذلك لو استأجره وشرط على المستأجر نفقته.
[قال الشافعي]: ويؤدي زكاة الفطر عن رقيقه الذي اشترى للتجارة ويؤدي عنهم زكاة التجارة معا وعن رقيقه للخدمة وغيرها وجميع ما يملك من خدم.
[قال الشافعي]: وإن وهب رجل لرجل عبدا في شهر رمضان فلم يقبضه الموهوب له حتى أهل شوال وقفنا زكاة الفطر، فإن أقبضه إياه فزكاة الفطر على الموهوب له، وإن لم يقبضه فالزكاة على الواهب، لو قبضه قبل الليل ثم غابت الشمس، هو في ملكه مقبوضا له كانت عليه فيه زكاة الفطر، لو رده من ساعته.
قال: وكذلك كل ما ملك به رجل رجلا عبدا، أو أمة.
[قال الشافعي]: وإذا أعتق رجل نصف عبد بينه وبين رجل ولم يكن موسرا فبقي نصفه رقيقا لرجل فعليه في نصفه نصف زكاة الفطر، وإن كان للعبد ما يقوت نفسه ليلة الفطر ويومه ويؤدي النصف عن نفسه فعليه أداء زكاة النصف عن نفسه؛ لأنه مالك ما اكتسب في يومه.
[قال الشافعي]: وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالا قراضا فاشترى به رقيقا فأهل شوال قبل أن يباعوا فزكاتهم على رب المال.
[قال الشافعي]: لو مات رجل له رقيق فورثه ورثته قبل هلال شوال ثم أهل هلال شوال ولم يخرج الرقيق من أيديهم فعليهم فيه زكاة الفطر بقدر مواريثهم منه.
[قال الشافعي]: لو أراد بعضهم أن يدع نصيبه من ميراثه لزمه زكاة الفطر فيه؛ لأنه قد لزمه ملكه له بكل حال، لو أنه مات حين أهل هلال شوال وورثه ورثته كانت زكاة الفطر عنه وعمن يملك في ماله مبداة على الدين وغيره من الميراث والوصايا.
[قال الشافعي]: لو مات رجل فأوصى لرجل بعبد، أو بعبيد، فإن كان موته بعد هلال شوال فزكاة الفطر عن الرقيق في ماله، وإن كان موته قبل شوال فلم يرد الرجل الوصية ولم يقبلها، أو علمها، أو لم يعلمها حتى أهل شوال فصدقة الفطر عنهم موقوفة، فإذا أجاز الموصى له قبول الوصية فهي عليه؛ لأنهم خارجون من ملك الميت، وإن ورثته غير مالكين لهم، فإن اختار رد الوصية فليست عليه صدقة الفطر عنهم، وعلى الورثة إخراج الزكاة عنهم؛ لأنهم كانوا موقوفين على ملكهم، أو ملك الموصى له.
[قال الشافعي]: لو مات الموصى له بهم قبل أن يختار قبولهم، أو ردهم قام ورثته مقامه في اختيار قبولهم، أو ردهم، فإن قبلوهم فزكاة الفطر عنهم في مال أبيهم؛ لأنهم بملكه ملكوهم إلا أن يتطوعوا بها من أموالهم.
[قال الشافعي]: وهذا إذا أخرجوا من الثلث وقبل الموصى له الوصية، فإن لم يخرجوا من الثلث فهم شركاء الورثة فيهم، وزكاة الفطر بينهم على قدر ميراث الورثة ووصية أهل الوصايا.
[قال الشافعي]: لو أوصى برقبة عبد لرجل وخدمته لآخر حياته، أو وقتا فقبلا، كانت صدقة الفطر على مالك الرقبة، لو لم يقبل كانت صدقة الفطر على الورثة؛ لأنهم يملكون رقبته.
[قال الشافعي]: لو مات رجل وعليه دين وترك رقيقا، فإن زكاة الفطر في ماله عنهم، فإن مات قبل شوال زكى عنهم الورثة؛ لأنهم في ملكهم حتى يخرجوا بأن يباعوا بالموت، أو الدين وهؤلاء يخالفون العبيد يوصى بهم، العبيد يوصى بهم خارجون بأعيانهم من ماله إذا قبل الوصية الموصى له وهؤلاء إن شاء الورثة لم يخرجوا من ماله بحال إذا أدوا الدين، فإن كان لرجل مكاتب كاتبه كتابة فاسدة، فهو مثل رقيقه يؤدي عنه زكاة الفطر، وإن كانت كتابته صحيحة فليست عليه زكاة الفطر؛ لأنه ممنوع من ماله وبيعه ولا على المكاتب زكاة الفطر؛ لأنه غير تام الملك على ماله، وإن كانت لرجل أم ولد، أو مدبرة فعليه زكاة الفطر فيهما معا؛ لأنه مالك لهما.
[قال الشافعي]: لو مات رجل وعليه دين وترك رقيقا، فإن زكاة الفطر في ماله عنهم، فإن مات قبل شوال زكى عنهم الورثة؛ لأنهم في ملكهم حتى يخرجوا بأن يباعوا بالموت، أو الدين وهؤلاء يخالفون العبيد يوصى بهم، العبيد يوصى بهم خارجون بأعيانهم من ماله إذا قبل الوصية الموصى له وهؤلاء إن شاء الورثة لم يخرجوا من ماله بحال إذا أدوا الدين، فإن كان لرجل مكاتب كاتبه كتابة فاسدة، فهو مثل رقيقه يؤدي عنه زكاة الفطر، وإن كانت كتابته صحيحة فليست عليه زكاة الفطر؛ لأنه ممنوع من ماله وبيعه ولا على المكاتب زكاة الفطر؛ لأنه غير تام الملك على ماله، وإن كانت لرجل أم ولد، أو مدبرة فعليه زكاة الفطر فيهما معا؛ لأنه مالك لهما.
[قال الشافعي]: ويؤدي ولي المعتوه والصبي عنهما زكاة الفطر وعمن تلزمهما مؤنته كما يؤدي الصحيح عن نفسه.
[قال الشافعي]: ولا يقف الرجل عن زكاة عبده الغائب عنه، وإن كان منقطع الخبر عنه حتى يعلم موته قبل هلال شوال، فإن فعل فعلم أنه مات قبل شوال لم يؤد عنه زكاة الفطر، وإن لم يستيقن أدى عنه.
[قال الشافعي]: وإذا غاب الرجل عن بلد الرجل، لم يعرف موته ولا حياته في ساعة زكاة الفطر فليؤد عنه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يخرج زكاة الفطر عن غلمانه الذين بوادي القرى وخيبر.
[قال الشافعي]: وكل من دخل عليه شوال وعنده قوته وقوت من يقوته يومه وما يؤدي به زكاة الفطر عنه وعنهم أداها عنهم وعنه، وإن لم يكن عنده إلا ما يؤدي عن بعضهم أداها عن بعض، وإن لم يكن عنده إلا سوى مؤنته ومؤنتهم يومه فليس عليه ولا على من يقوت عنه زكاة الفطر.
[قال الشافعي]: فإن كان أحد ممن يقوت واجدا لزكاة الفطر لم أرخص له أن يدع أداءها عن نفسه، ولا يبين لي أن تجب عليه؛ لأنها مفروضة على غيره فيه.
[قال الشافعي]: ولا بأس أن يؤدي زكاة الفطر ويأخذها إذا كان محتاجا وغيرها من الصدقات المفروضات وغيرها، وكل مسلم في الزكاة سواء.
[قال الشافعي]: وليس على من لا عرض له ولا نقد ولا يجد قوت يومه أن يستسلف زكاة.