باب الوقت الذي تجب فيه الصدقة |
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب قال: أخذ الصدقة كل عام سنة من رسول الله ﷺ [قال محمد بن إدريس الشافعي]: وهذا مما لا اختلاف فيه علمته في كل صدقة ماشية وغيرها ليست مما تخرج الأرض أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر قال: لا تجب في مال زكاة حتى يحول عليه الحول أخبرنا مالك عن ابن عقبة عن القاسم بن محمد قال لم يكن أبو بكر يأخذ في مال زكاة حتى يحول عليه الحول. [أخبرنا] الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عمر بن حسين عن عائشة بنت قدامة عن أبيها قال: كنت إذا جئت عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه أقبض منه عطائي سألني: " هل عندك من مال وجبت فيه الزكاة؟، فإن قلت نعم أخذ من عطائي زكاة ذلك المال، وإن قلت: لا دفع إلى عطائي " أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب قال: أول من أخذ من الأعطية زكاة معاوية.
[قال الشافعي]: العطاء فائدة فلا زكاة فيه حتى يحول عليه الحول.
قال: وإنما هو مال يؤخذ من الفيء من المشركين فيدفع إلى المسلمين فإنما يملكونه يوم يدفع إليهم.
[قال الشافعي]: كل مال لرجل وجبت فيه الزكاة فإنما تجب فيه عليه بأن يحول عليه في يد مالكه حول إلا ما أنبتت الأرض فإن الزكاة تجب فيه حين يخرج من الأرض ويصلح وكذلك ما خرج من الأرض من المعادن وما وجد في الأرض من الركاز.
[قال]: فيجب على الوالي أن يبعث المصدقين قبل الحول فيوافون أهل الصدقة مع حلول الحول فيأخذون منهم صدقاتهم.
قال: وأحب أن يكون أخذها في المحرم، وكذلك رأيت السعاة يأخذونها عندما كان المحرم في صيف، أو شتاء ولا يجوز إلا أن يكون لها شهر معلوم ولأنا لو أدرنا بأشهرها مع الصيف جعلنا وقتها بغير الأهلة التي جعلها الله تبارك وتعالى مواقيت.
قال: ولا يجوز أن تكون الصدقة تجب إلا بالحول دون المصدق ويأخذها المصدق إذا حال عليها الحول.
[قال الشافعي]: وإن كانت الماشية مما تجب فيه الصدقة فنتجت قبل الحول حسب نتاجها معها، وكذلك إن نتجت قبل مضي الحول بطرفة حسب نتاجها معها وعد عليهم الساعي بالنتاج، فإذا حال الحول ولم تنقص العدة قبض الصدقة.
[قال الشافعي]: ولا يبين لي أن يجب عليهم أن يعد عليهم المصدق بما نتج بعد الحول وقبل قدومه، أو معه إذا كان قدومه بعد الحول، وإن تطوع بها رب المال بأن يمد عليه فهو أحب إلي له، ولا أرى أن يجبر على ذلك، وإن حال الحول على رب الماشية، وماشيته مما تجب فيه الصدقة فتأخر عنه الساعي فلم يأخذها، فعليه أن يخرج صدقتها، فإن لم يفعل، وهو ممكن له فهو ضامن لما فيها من الصدقة حتى يؤديه.
[قال الشافعي]: وكذلك إن ذبح منها شيئا، أو وهبه، أو باعه فعليه أن يعد عليه به حتى تؤخذ منه الصدقة على عددها يوم يحول عليها حولها.
[قال الشافعي]: وكذلك إن باعها بعدما يحول عليها الحول وقبل قدوم الساعي، أو بعده وقبل أن يأخذها منه كانت عليه فيها الصدقة.
[قال]: وهكذا لو عدها الساعي ثم موتت، وقد أقامت بعد الحول ما يمكن الساعي أن يقبضها فيه فترك قبضه إياها، وقد أمكن رب الماشية أن يضعها مواضعها، فإذا اجتمع ما وصفت من الحول، وأن يمكن الساعي قبضها مكانه، ويمكن رب الماشية وضعها مكانها فلم يفعل ربها ولا الساعي فهلكت فهي من ضمان رب الماشية وعليه صدقتها كما يكون ذلك فيما حال عليه الحول من ناض ماله وأمكنه أن يضعه موضعه فلم يفعل حتى هلك منه فعليه فيه الزكاة.
[قال الشافعي]: ولا يجوز عندي إلا هذا القول؛ لأن السنة أن الصدقة تجب بالحول وليس للمصدق معنى إلا أن يلي قبضها فينبغي ما وصفت من أن يحضرها حتى يقبضها مع رأس السنة، أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب أن أبا بكر وعمر لم يكونا يأخذان الصدقة مثناة ولكن يبعثان عليها في الجدب، والخصب، والسمن، والعجف؛ لأن أخذها في كل عام من رسول الله ﷺ سنة.
[قال الشافعي]: ولا اختلاف بين أحد علمته في أن سنة رسول الله ﷺ أن الزكاة تجب في الماشية وغيرها من المال إلا ما أخرجت الأرض من الحول، ومن قال: تكون الصدقة بالمصدق، والحول، خالف السنة وجعل مع الحول غير الصدقة ولزمه إن استأخر المصدق سنة، أو سنتين أن لا تجب الصدقة على رب المال حتى يقدم، فإذا قدم أخذها مرة واحدة لا مرارا.
[قال]: وإذا كانت لرجل أربعون شاة فلم يصدقها حتى مر بها أعوام ولم تزد شيئا فعليه فيها شاة، وإن زادت شاة فعليه فيها شاتان، وإن زادت ثلاث شياه فعليه فيها أربع شياه إذا مرت بها أربع سنين؛ لأن كل شاة فضل عما تجب فيه الصدقة ثم تبقى أربعون ففيها شاة.
[قال الشافعي]: وأحب إلي لو كانت أربعون لا تزيد أن يؤدي في كل سنة شاة؛ لأنه لم ينقص عن أربعين، وقد حالت عليها أحوال هي في كلها أربعون.
[قال الشافعي]: ولو كانت عنده أربعون شاة فحال عليها حول فلم يصدقها ثم حال عليها حول ثان، وقد ولدت واحدا ثم مات الواحد وحال عليها حول ثالث، وهي أربعون ففيها شاتان شاة في أنها أربعون وشاة؛ لأنها زادت على أربعين ثم ماتت الشاة الزائدة بعدما وجبت فيها الصدقة للزيادة فضمها ولم يؤدها، وقد أمكنه أداؤها.
[قال الشافعي]: ولو كانت لرجل أربعون شاة فضلت في أول السنة ثم وجدها في آخرها قبل الحول، أو بعده كانت عليه زكاتها، وكذلك لو ضلت أحوالا، وهي خمسون شاة أدى في كل عام منها شاة؛ لأنها كانت في ملكه، وكذلك لو غصبها ثم أخذها أدى في كل عام منها شاة.
قال: وهذا هكذا في البقر، والإبل التي فريضتها منها، وفي الإبل التي فريضتها من الغنم قولان أحدهما أنها هكذا؛ لأن الشاة التي فيها في رقابها يباع منها بعير فيؤخذ منها إن لم يأت بها ربها، وهذا أشبه القولين، والثاني أن في كل خمس من الإبل حال عليها ثلاثة أحوال ثلاث شياه في كل حول شاة.
[قال]: وإن كانت لرجل خمس وعشرون من الإبل فحال عليها في يده ثلاثة أحوال أدى بنت مخاض للسنة الأولى ثم أربع شياه للسنة الثانية ثم أربع شياه للسنة الثالثة، ولو كانت إبله إحدى وتسعين مضى لها ثلاث سنين أدى للسنة الأولى حقتين وللسنة الثانية ابنتي لبون وللسنة الثالثة ابني لبون.
[قال]: ولو كانت له مائتا شاة وشاة فحال عليها ثلاثة أحوال كانت فيها لأول سنة ثلاث شياه ولكل واحدة من السنتين الآخرتين شاتان.
[قال]: ولو كان ترك الصدقة عاما ثم أفاد غنما وترك صدقتها وصدقة الأولى عاما آخر صدق الغنم الأولى لحولين، والغنم الفائدة لحول؛ لأنه إنما وجبت عليه صدقتها عاما واحدا.