باب صدقة الغراس |
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب (أن رسول الله ﷺ قال ليهود خيبر حين افتتح خيبر أقركم على ما أقركم الله تعالى على أن التمر بيننا وبينكم قال فكان رسول الله ﷺ يبعث عبد الله بن رواحة فيخرص عليهم ثم يقول: إن شئتم فلكم، وإن شئتم فلي، فكانوا يأخذونه) أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سليمان بن يسار (أن رسول الله ﷺ كان يبعث عبد الله بن رواحة فيخرص بينه وبين يهود خيبر).
[قال الشافعي]: وعبد الله بن رواحة كان يخرص نخلا ملكها للنبي ﷺ وللناس ولا شك أن قد رضوا به إن شاء الله تعالى ثم يخيرهم بعدما يعلمهم الخرص بين أن يضمنوا له نصف ما خرص تمرا ويسلم لهم النخل بما فيه، أو يضمن لهم مثل ذلك التمر ويسلموا له النخل بما فيه، والعاملون يشتهون أن يكونوا ممن يجوز أمرهم على أنفسهم، والمدعوون إلى هذا المالكون يجوز أمرهم على أنفسهم، فإذا خرص الواحد على العامل وخير جاز له الخرص.
قال: ومن تؤخذ منه صدقة النخل، والعنب خلط، فمنهم البالغ الجائز الأمر وغير الجائز الأمر من الصبي، والسفيه، والمعتوه، والغائب، ومن يؤخذ له الخرص من أهل السهمان وأكثر من أهل الأموال، فإن بعث عليهم خارص واحد فمن كان بالغا جائز الأمر في ماله فخيره الخارص بعد الخرص فاختار ماله جاز عليه كما كان ابن رواحة يصنع، وكذلك إن لم يخيرهم فرضوا، فأما الغائب لا وكيل له، والسفيه فليس يخير ولا يرضى فأحب أن لا يبعث على العشر خارص واحد بحال ويبعث اثنان فيكونان كالمقومين في غير الخرص.
[قال الشافعي]: وبعثة عبد الله بن رواحة وحده حديث منقطع، وقد يروى أن النبي ﷺ بعث مع عبد الله غيره، وقد يجوز أن يكون بعث مع عبد الله غيره، وإن لم يذكر، وذكر عبد الله بن رواحة بأن يكون المقدم، وفي كل أحب أن يكون خارصان، أو أكثر في المعاملة، والعشر، وقد قيل يجوز خارص واحد كما يجوز حاكم واحد، فإذا غاب عنا قدر ما بلغ التمر جاز أخذ العشر الخرص، وإنما يغيب ما أخذ منه بما يؤكل منه رطبا ويستهلك يابسا بغير إحصاء.
[قال الشافعي]: وإذا ذكر أهله أنهم أحصوا جميع ما فيه وكان في الخرص عليهم أكثر قبل منهم مع أيمانهم، فإن قالوا: كان في الخرص نقص عما عليهم أخذ منهم ما أقروا به من الزيادة في تمرهم، وهو يخالف القيمة في هذا الموضع؛ لأنه لا سوق له يعرف بها يوم الخرص كما يكون للسلعة سوق يوم التقويم، وقد يتلف فيبطل عنهم فيما تلف الصدقة إذا كان التلف بغير إتلافهم، ويتلف بالسرق من حيث لا يعلمون وضيعة النخل بالعطش وغيره.
[قال الشافعي]: وإذا ذكر أهله أنهم أحصوا جميع ما فيه وكان في الخرص عليهم أكثر قبل منهم مع أيمانهم، فإن قالوا: كان في الخرص نقص عما عليهم أخذ منهم ما أقروا به من الزيادة في تمرهم، وهو يخالف القيمة في هذا الموضع؛ لأنه لا سوق له يعرف بها يوم الخرص كما يكون للسلعة سوق يوم التقويم، وقد يتلف فيبطل عنهم فيما تلف الصدقة إذا كان التلف بغير إتلافهم، ويتلف بالسرق من حيث لا يعلمون وضيعة النخل بالعطش وغيره.
[قال الشافعي]: ولا يؤخذ من شيء من الشجر غير النخل، والعنب فإن رسول الله ﷺ أخذ الصدقة منهما فكانا قوتا، وكذلك لا يؤخذ من الكرسف ولا أعلمها تجب في الزيتون؛ لأنه أدم لا مأكول بنفسه وسواء الجوز فيها، واللوز وغيره مما يكون أدما، أو ييبس ويدخر؛ لأن كل هذا فاكهة لا أنه كان بالحجاز قوتا لأحد علمناه.
[قال الشافعي]: ولا يخرص زرع؛ لأنه لا يبين للخارص وقته، والحائل دونه، وأنه لم يختبر فيه من الصواب ما اختبر في النخل، والعنب، وأن الخبر فيهما خاص وليس غيرهما في معناهما لما وصفت.