باب تعجيل الصدقة |
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي رافع (أن رسول الله ﷺ استسلف من رجل بكرا فجاءته إبل من الصدقة فأمرني أن أقضيه إياه).
[قال الشافعي]: ويجوز للوالي إذا رأى الخلة في أهل الصدقة أن يستسلف لهم من صدقات أهل الأموال إذا طابوا بها نفسا ولا يجبر رب مال على أن يخرج صدقته قبل محلها إلا أن يتطوع.
[قال الشافعي]: وإذا استسلف الوالي من رجل شيئا من الصدقة، أو مال لرجل غير صدقة القوم الذين تقسم صدقاتهم على من استسلف فله أن يقضي من سهمان أهل الصدقات مثل ما أخذ لهم.
[قال الشافعي]: فإن استسلف لهم فهلك السلف منه قبل أن يدفعه إليهم، وقد فرط، أو لم يفرط فهو ضامن لهم في ماله وليس كوالي اليتيم الذي يأخذ له فيما لا صلاح له إلا به؛ لأن أهل السهمان قد يكونون أهل رشد مثله وأرشد، ولا يكونون أهل رشد، ويكون لهم ولاة دونه.
[قال الشافعي]: وإنما جاز أن يستسلف لهم؛ لأنه تعجيل حق لهم قبل وجوبه وتعجيل الحق زيادة لهم بكل حال.
قال: ويجوز له أن يستسلف لبعضهم دون بعض ثم يقضيه من حق من استسلف له دون حق غيره.
[قال]: فإن استسلف، وال لرجل، أو اثنين من أهل الصدقة بعيرا، أو اثنين فدفع ذلك إليهما فأتلفاه وماتا قبل الحول فله أن يأخذ مثل ما استسلف لهما من أموالهما لأهل السهمان؛ لأنهما لما لم يبلغا الحول علمنا أنه لا حق لهما في صدقة حلت في حول لم يبلغاه، ولو ماتا بعد الحول وقبل أخذ الصدقة كانا قد استوجبا الصدقة بالحول، وإن أبطأ بها عنهما.
[قال الشافعي]: ولو ماتا معدمين ضمن الوالي ما استسلف لهما في ماله.
قال: ولو لم يموتا ولكنهما أيسرا قبل الحول، فإن كان يسرهما بما دفع إليهما من الصدقة فإنما أخذا حقهما وبورك لهما فلا يؤخذ منهما شيء، وإن كان يسرهما من غير ما أخذا من الصدقة قبل الحول أخذ منهما ما أخذا من الصدقة؛ لأن العلم قد أحاط أن الحول لم يأت إلا وهما من غير أهل الصدقة، فعلمنا أنه أعطاهما ما ليس لهما ولم يؤخذ منهما نماؤه؛ لأنهما ملكاه فحدث النماء في ملكهما، وإن نقص ما أعطيا من الصدقة أخذه ربه ناقصا وأعطى أهل السهمان تاما، ولا ضمان على المعطى؛ لأنه أعطيه مملكا له.
قال: ولو قال قائل: ليس لهم أخذه منه وعلى رب المال إن كان أعطاه غرمه، أو على المصدق إن كان أعطاه كان يجد مذهبا، والقول الأول الأصح والله أعلم؛ لأنه أعطيه مملكا له على معنى فلم يكن من أهله، وإن ماتا قبل الحول، وقد أيسرا ضمن الوالي ما استسلف لهما.
قال: وسواء في هذا كله أي أصناف الصدقة استسلف.
[قال]: ولو لم يكن الوالي استسلف من الصدقة شيئا ولكن رب المال تطوع وله مائتا درهم، أو أربعون شاة قبل الحول فأدى زكاة ماله ثم هلك ماله قبل الحول ووجد عين ماله عند من أعطاهم إياها من أهل السهمان لم يكن له الرجوع على من أعطاه إياها؛ لأنه أعطاه من ماله متطوعا بغير ثواب ومضى عطاؤه بالقبض.
[قال الشافعي]: ولو أعطاها رجلا فلم يحل عليه الحول حتى مات المعطي وفي يدي رب المال مال فيه الزكاة أدى زكاة ماله ولم يرجع على مال الميت لتطوعه بإعطائه إياه، وإن حال الحول ولا شيء في يده تجب فيه الزكاة فلا زكاة عليه، وما أعطى كما تصدق به، أو أنفقه.
[قال الشافعي]: ولو لم يحل الحول حتى أيسر الذي أعطاه زكاة ماله من غير ماله، فإن كان في يده مال تجب فيه الزكاة أدى زكاته؛ لأنا علمنا أنه أعطاه من لا يستوجبه يوم تحل الزكاة؛ لأن عليه يوم تحل أن يعطيها قوما بصفة، فإذا حال الحول والذي عجله إياها ممن لا يدخل في تلك الصفة لم تجزئ عنه من الزكاة، وهذا يعطيها قوما بصفة، فإذا حال الحول والذي عجله إياها ممن لا يدخل في تلك الصفة لم تجزئ عنه من الزكاة، وهذا مخالف للرجل يكون له الحق بعينه فيعجله إياه، وإذا حال الحول، وهو موسر بما أعطاه لا بغيره أجزأ عنه من زكاته.
[قال]: ولو مات الذي عجل زكاة ماله قام ورثته فيما عجل من زكاة ماله مقامه فأجزأ عما ورثوا من ماله من الزكاة ما أجزأ عنه ولم يجز عنهم ما لم يجز عنه.
[قال]: ولو أن رجلا لم يكن له مال تجب فيه الزكاة فأخرج خمسة دراهم فقال: إن أفدت مائتي درهم فهذه زكاتها، أو شاة فقال إن: أفدت أربعين شاة فهذه صدقتها ودفعها إلى أهلها ثم أفاد مائتي درهم، أو أربعين شاة وحال عليها الحول لم يجز عنه ما أخرج من الدراهم، والغنم؛ لأنه دفعها بلا سبب مال تجب فيه الزكاة فيكون قد عجل شيئا عليه إن حال عليه فيه حول فيجزي عنه ما أعطاه منه.
[قال الشافعي]: وهكذا لو تصدق بكفارة يمين قبل أن يحلف فقال: إن حنثت في يمين فهذه كفارتها فحنث لم تجز عنه من الكفارة؛ لأنه لم يكن حلف، ولو حلف ثم كفر للحنث ثم حنث أجزأ عنه من الكفارة، فإن قال قائل: من أين قلت هذا؟ قلت: قال الله عز وجل: {فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا} فبدأ بالمتاع قبل السراح، وفي كتاب الكفارات أن النبي ﷺ قال: (من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليكفر عن يمينه وليأت الذي هو خير منه).
قال: وقد روي عن عدد من أصحاب النبي ﷺ أنهم كانوا يحلفون فيكفرون قبل أن يحنثوا.
قال: وقد يروى عن النبي ﷺ ولا ندري أيثبت، أم لا؟ أن النبي ﷺ تسلف صدقة مال العباس قبل أن تحل، أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يبعث زكاة الفطر إلى الذي تجمع عنده قبل الفطر بيومين، أو ثلاثة.