وقال عبد الرحمن: مولاي وابن عبد أبي وأمته ولد على فراشه. قال معاوية: يا حرسي خذ هذا الحجر - وكشف عنه - فادفعه إلى نصر بن حجاج. وقال: يا نصر هذا مالك في حكم رسول الله ﷺ. فإنه قال: الولد للفراش وللعاهر الحجر. فقال نصر: أفلا أجريت هذا الحكم في زياد أمير المؤمنين قال: ذاك حكم معاوية وهذا حكم رسول الله ﷺ وليس في الأرض أحمى من الأدعياء لتستحق بذلك العروبية. قال الشاعر: دعي واحدٌ أجدى عليهم من آلفي عالم مثل ابن داب وقال الأصمعي: استمشى رجل من الأدعياء فدخل عليه رجل من أصحابه فوجد عنده شيحاً وقيصوماً فقال له: ما هذا فقال ورفع صوته: الطبيعة تتوق إليه. يريد أن طبيعته من طباع العرب. فقال فيه الشاعر: يشم الشيح والقيصو م كي يستوجب النسبا وليس ضميره في الصد ر إلا التين والعنبا وعن إسماعيل بن أحمد قال: رأيت على أبي سعيد الشاعر المخزومي كردوانياً مصبوغاً بتوريد فقلت: أبا سعيد هذا خز قال: لا. ولكنه دعي على دعي. وكان أبو سعيد دعياً في بني مخزوم. وفيه قال الشاعر: لم يته قط على النا س شريف يا أبا سعيد فته ما شئت إذ كن ت بلا أب ولا جد وإذ حظك في النس بة بين الحر والعبد وإذ قاذفك المفح ش في أمن من الحد وعن أحمد بن عبد العزيز قال: نزلت في دار رجل من بني عبد القيس بالبحرين فقال لي: بلغني أنك خاطب قلت: نعم. قال: فأنا أزوجك. قلت له: إني مولى. قال: اسكت وأنا أفعل. أمن قلةً صرتم إلى أن قبلتم دعاوة زراع وآخر تاجر وأصهب رومي وأسود فاحم وأبيض جعد من سراة الأحامر شكولهم شتى وكل نسيبكم لقد جئتم في الناس إحدى المناكر متى قال إني منكم فمصدق وإن كان زنجياً غليظ المشافر أكلهم وافى النساء جدوده وكلهم أوفى بصدق المعاذر وكلكم قد كان في أولية له نسبة معروفة في العشائر على علمكم أن سوف ينكح فيكم فجدعاً ورغماً للأنوف الصواغر فهلا أبيتم عفةً وتكرما وهلا وجلتم من مقالة شاعر تعيبون أمراً ظاهراً في بناتكم وفخركم قد جاز كل المفاخر متى شاء منكم مفرج كان جده عمارة عبس خير تلك العمائر وحصن بن بدر أو زرارة دارم وزبان زبان الرئيس ابن جابر فقد صرت لا أدري وإن كنت ناسياً لعل نجاراً من هلال بن عامر وديلم من نسل ابن ضبة ناسل وبرجان من أولاد عمرو بن عامر بنو الأصفر الأملاك أكرم منكمٍ وأولى بقربانا ملوك الأكاسر أأطمع في صهري دعيا مجاهراً ولم نر شراً من دعي مجاهر ويشتم لؤماً عرضه وعشيره ويمدح جهلاً طاهراً وابن طاهر وقال زرارة بن ثروان أحد بني عامر بن ربيعة بن عامر: قد اختلط الأسافل بالأعالي وماج الناس واختلط النجار وصار العبد مثل أبي قبيس وسيق مع المعلهجة العشار وإنك لن يضيرك بعد حول أطرف كان أمك أم حمار وقال عقيل بن علفة: وكنا بني غليظ رجالاً فأصبحت بنو مالك غيظاً وصرنا لمالك لحا الله دهراً زعزع المال كله وسود أستاه الإماء الفوارك وذكر جعفر بن سليمان بن علي يوماً ولده وأنهم ليسوا كما يحب. فقال له ولده أحمد بن جعفر. عمدت إلى فاسقات المدينة ومكة وإماء الحجاز فأوعيت فيهم نطفك ثم تريد أن ودخل الأشعث بن قيس على علي بن أبي طالب فوجد بين يديه صبية تدرج فقال: من هذه يا أمير المؤمنين قال: هذه زينب بنت أمير المؤمنين. قال: زوجنيها يا أمير المؤمنين. قال: اغرب بفيك الكثكث ولك الأثلب أغرك ابن أبي قحافة حين زوجك أم فروة إنها لم تكن من الفواطم ولا العواتك من سليم. فقال: قد زوجتم أخمل مني حسبا وأوضع مني نسباً: المقداد بن عمرو وإن شئت فالمقداد بن الأسود. قال علي: ذلك رسول الله ﷺ فعله وهو أعلم بما فعل ولئن عدت إلى مثلها لأسوأنك. وفي هذا المعنى قال الكميت بن زيد: وما وجدت بنات بني نزار حلائل أسودين وأحمرينا وما حملوا الحمير على عتاق مطهمة فيلفوا مبغلينا بني الأعمام أنكحنا الأيامى وبالآباء سمينا البنينا أراد تزويج أبرهة الحبشي في كندة. عن العتبي قال: أنشدني أبو إسحاق إبراهيم بن خداش لخالد النجار. اليوم من هاشم بخ وأنت غداً مولى وبعد غد حلف من العرب إن صح هذا فأنت الناس كلهم يا هاشمي ويا مولى ويا عربي قال: وكان الهيثم بن عدي فيما زعموا دعياً. فقال فيه الشاعر: إذا اجتدى معشراً من فضل نسبتهم فلم ينيلوه عداهم إلى نسب فما يزال له حلٌ ومرتحل إلى النصارى وأحياناً إلى العرب إذا نسب عدياً في بني ثعل فقدم الدال فبل العين في النسب وقال بشار العقيلي: إن عمراً فاعرفوه عربي من زجاج مظلم النسبة لا يع رف إلا بالسراج وقال فيه: ارفق بنسبة عمرو حين تنسبه فإنه عربي من قوارير ما زال في كير حداد يردده حتى بدا عربياً مظلم النور وقال أيضا في أدعياء: هم قعدوا فانتقوا لهم حسباً يدخل بعد العشاء في العرب حتى إذا ما الصباح لاح لهم بين ستوقهم من الذهب والناس قد أصبحوا صيارفةً أعلم شيءٍ بزائف الحسب وقال أبو نواس في أشجع بن عمرو: إنما أنت من سليم كواوٍ ألحقت في الهجاء ظلماً بعمرو إنما أنت من سليم كواوٍ ألحقت في الهجاء ظلماً بعمرو وقال فيه: أيا متحيراً فيه لمن يتعجب العجب لأسماء تعلمهن أشجع حين ينتسب ولأحمد بن أبي الحارث الخراز في حبيب الطائي: لو أنك إذ جعلت أباك أوساً جعلت الجد حارثة بن لام وسميت التي ولدتك سعدى فكنت مقابلاً بين الكرام وله فيه: أنت عندي عربي ليس في ذاك كلام شعر فخذيك وساقي ك خزامى وثمام وضلوع الصدر من جسمك نبع وبشام وقذى عينيك صمغ ونواصيك ثغام لو تحركت كذا لان جفلت منك نعام أنا ما ذنبي إن ك ذبني فيك الكرام القفا يشهد إذ ما عرفت فيك الأنام كذبوا ما أنت إلا عربي والسلام وقال في المعلى الطائي: معلى لست من طي فإن قبلتك فارهنها وابنك فارمٍ في أجأٍ فلا ترغب به عنها كأن دماملاً جمعت فصور وجهه منها ولآخر: تعلمها وإخوته فكلهم بها درب لقد ربوا عجوزهم ولو زينتها غضبوا فيا لك عصبة إن ح دثوا عن أصلهم كذبوا لهم في بيتهم نسب وفي وسط الملا نسب كما لم تخف سافرة وتخفى حين تنتقب أآخر مرتين سبيتمونا وفي الإسلام ما كره السباء إذا استحللتم هذا وهذا فليس لنا على ذاكم بقاء فلا تأمن على حال دعياً فليس له على حالٍ وفاء وكيف يفي لأبعد من أبيه ونسبته إذا اتصل الدعاء الباه وما قيل فيه ذكر عند مالك بن أنس الباه فقال: هو نور وجهك ومخ ساقك فأقل منه أو أكثر. وقال معاوية: ما رأيت نهما في النساء إلا عرفت ذلك في وجهه. وقال الحجاج لابن شماخ العكلي: ما عندك للنساء قال: أطيل الظماء وأرد فلا أشرب. وقيل للمدائني: ما عندك يا أبا الجحاف قال: يمتد ولا يشتد ويرد ولا يشرب. وقيل لآخر: ما عندك لهن قال: ما يقطع حجتها ويشفي غلمتها. وقال كسرى كنت أراني إذا كبرت أنهن لا يحببنني فإذا أنا لا أحبهن. وأنشد الرياشي لأعرابي من بني أسد: تمنيت لو عاد شرخ الشباب ومن ذا على الدهر يعطى المنى وكنت مكيناً لدى الغانيات فلا شيء عندي لها ممكنا فأما الحسان فيأبينني وأما القباح فآبى أنا ودخل عيسى بن موسى على جارية فلم يقدر على شيء فقال: النفس تطمع والأسباب عاجزةٌ والنفس تهلك بين اليأس والطمع أنت الفداء لمن قد كان يملؤه ويشتكي الضيق منه حين يلقاه وقال آخر لجاريته: ويعجبني منك عند الجماع حياة الكلام وموت النظر وقال آخر: شفاء الحب تقبيل ولمسٌ وسبح بالبطون على البطون ورهز تذرف العينان منه وأخذ بالذوائب والقرون وقالت امرأة كوفية: دخلت على عائشة بنت طلحة فسألت عنها فقيل هي مع زوجها في القيطون فسمعت زفيراً ونخيراً لم يسمع قط مثله ثم خرجت وجبينها يتفصد عرقاً فقلت لها: ما ظننت أن حرة تفعل مثل هذا فقالت: إن الخيل العتاق تشرب بالصفير. وقيل لأعرابي: ما عندك للنساء فأشار إلى متاعه وقال: وتراه بعد ثلاث عشرة قائماً نظر المؤذن شكَّ يوم سحاب وقال الفرزدق: أنا شيخٌ ولي امرأةٌ عجوز تراودني على ما لا يجوز وقالت رق أيرك مذ كبرنا فقلت لها بل اتسع القفيز لا يعقب التقبيل إلا زبي ولا يداوي من صميم الحب إلا احتضان الركب الأزب ينزع منه الأير نزع الضب روى زياد عن مالك عن محمد بن يحيى بن حبان أن جدته عاتبت جده في قلة إتيانه إياها فقال لها: أنا وأنت على قضاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه. قالت: وما قضاء عمر قال: قضى أن الرجل إذا أتى امرأته عند كل طهر فقد أدى حقها. قالت: أفترك الناس كلهم قضاء عمر وأقمت أنا وأنت عليه. فقال: أنا شيخ ولي امرأة عجوز تراودني على ما لا يجوز تريدني أنيكها في كل يوم وذلك عند أمثالي عزيز وقالت رق أيرك مذ كبرنا فقلت لها: بل اتسع القفيز وقال أعرابي حين كبر وعجز: عجبت من أيري وكيف يصنع أدفعه بإصبعي ويرجع يقوم بعد النشر ثم يصرع ودخلت عزة صاحبة كثير على أم البنين زوج عبد الملك بن مروان فقالت لها: أخبريني عن قول كثير: ما هذا الدين الذي طلبك به قالت: وعدته بقبلة فخرجت منها. قالت: وعدته بقبلة فخرجت منها. قالت أنجزيها وعلي إثمها. علي بن عبد العزيز قال: كان أبو البيداء رجلاً عنينا وكان يتجلد ويقول لقومه: زوجوني امرأتين. فقالوا له: إن في واحدة كفاية. قال: أما لي فلا. فقالوا: نزوجك واحدة فإن كفتك وإلا نزوجك أخرى فزوجوه أعرابية فلما دخل بها أقام معها أسبوعاً فلما كان في اليوم السابع أتوه فقالوا له: ما كان من أمرك في اليوم الأول قال: عظيم جداً. فقالوا: ففي اليوم الثالث قال: لا تسلوني. فاستجابت امرأته من وراء الستر فقالت: كان أبو البيداء ينزو في الوهق حتى إذا أدخل في بيتٍ أنق فيه غزالٌ حسن الدل خرق مارسه حتى إذا ارفض العرق انكسر المفتاح وانسد الغلق أهديت جاريةٌ إلى حماد عجرد وهو جالس مع أصحابه على لذة فتركهم وقام بها إلى مجلس له فافتضها وكتب إليهم: قد فتحت الحصن بعد امتناع بسنانٍ فاتحٍ للقلاع ظفرت كفي بتفريق جمع جاءنا تفريقه باجتماع آخر: لم يوافق طباع هذا طباعي فأنا وهي دهرنا في صراع وتحريت أن أنال رضاها فأبت غير جفوة وامتناع فتفكرت لم بليت بهذا فإذا أن ذا لضعف المتاع وقع بين رجل وامرأته شر فجعل يحيل عليها بالجماع فقالت: فعل الله بك كلما وقع بيننا شيء جئتني بشفيع لا أقدر على رده. وأقبل رجلٌ إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال: إن لي امرأةً كلما غشيتها تقول: قتلتني قتلتني. قال: اقتلها وعلي اثمها. وقال هشام بن عبد الملك للأبرش الكلبي: زوجني امرأةً من كلب. ففعل وصارت عنده. فقال له هشام ودخل عليه: لقد وجدنا في نساء كلب سعة. فقال له الأبرش: إن نساء كلب خلقن لرجال كلب. وقالوا: من ناك لنفسه لم يضعف أبداً ولم ينقطع ومن فعل ذلك لغيره فذاك الذي يصفي وينقطع. يعنون من فعل ذلك ليبلغ أقصى شهوة المرأة ويطلب الذكر عندها. وقال الشاعر: من ناك للذكر أصفى قبل مدته لا يقطع النيك إلا كل منهوم وقالوا: من قل جماعه فهو أصح بدناً وأطول عمراً ويعتبرون ذلك بذكور الحيوان. وذلك أنه ليس في الحيوان أطول عمراً من البغل ولا أقصر عمراً من العصافير وهي أكثر سفاداً. والله أعلم. كتاب الجمانة الثانية في المتنبئين والممرورين والبخلاء والطفيليين قال الفقيه أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه: قد مضى قولنا في النساء والأدعياء وما قيل في ذلك من الشعر ونحن قائلون بعون الله وتوفيقه في كتابنا هذا ذكر المتنبئين والممرورين والبخلاء والطفيليين فإن أخبارهم حدائق مونقة ورياض زاهرة لما فيها من كل طرفة ونادرة فكأنها أنوار مزخرفة أو حلل منشرة دانية القطوف من جاني ثمرتها قريبة المسافة لمن طلبها. فإذا تأملها الناظر وأصغى إليها السامع وجدها ملهى للسمع ومرتعاً للنظر وسكناً للروح ولقاحاً للعقل وسميراً في الوحدة وأنيساً في الوحشة وصاحباً في السفر وأنيساً في الحضر. قال أبو الطيب اليزيدي: أخذ رجل ادعى النبوة أيام المهدي فأدخل عليه فقال له: أنت نبي قال: نعم. قال: وإلى من بعثت قال: أو تركتموني أذهب إلى أحد ساعة بعثت وضعتموني في الحبس. فضحك منه المهدي وخلى سبيله. أدعى رجل النبوة بالبصرة. فأتي به سليمان بن علي مقيداً فقال له: أنت نبي مرسل قال: أما الساعة فإني نبي مقيد. قال: ويحك من بعثك قال: أبهذا يخاطب الأنبياء يا ضعيف والله لولا أني مقيد لأمرت جبريل يدمدمها عليكم. قال: فالمقيد لا تجاب له دعوة قال: نعم الأنبياء خاصة إذا قيدت لم يرتفع دعاؤها. فضحك سليمان: فقال له: أنا أطلقك وأمر جبريل فإن أطاعك آمنا بك وصدقناك. قال: صدق الله " فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم ". فضحك سليمان وسأل عنه فشهد عنده أنه ممرور فخلى سبيله. قال ثمامة بن أشرس: شهدت المأمون أتي برجل أدعى النبوة وأنه إبراهيم الخليل. فقال المأمون: ما سمعت أجرأ على الله من هذا. قلت: أكلمه قال: شأنك به. فقلت له: يا هذا إن إبراهيم كانت له براهين. قال: وما براهينه قلت: أضرمت له نار وألقي فيها فصارت برداً وسلاماً فنحن نضرم لك ناراً ونطرحك فيها فإن كانت عليك برداً كما كانت على إبراهيم آمناً بك وصدقناك. قال: هات ما هو ألين علي من هذا. قال: براهين موسى. قال: وما كانت براهين موسى قال: عصاه التي ألقاها فصارت حية تسعى تلقف ما يأفكون وضرب بها البحر فانفلق وبياض يده من غير سوء. قال: هذا أصعب. هات ما هو ألين من هذا. قلت: براهين عيسى. قال: وما براهين عيسى قلت: كان يحيي الموتى ويمشي على الماء ويبرئ الأكمه والأبرص. فقال: في براهين عيسى جئت بالطامة الكبرى. قلت: لا بد من برهان. فقال ما معي شيء من هذا قد قلت لجبريل: إنكم توجهونني إلى شياطين فاعطوني حجة أذهب بها إليهم وأحتج عليهم. فغضب وقال: بدأت أنت بالشر قبل كل شيء أذهب الآن فانظر ما يقول لك القوم وقال: هذا من الأنبياء لا يصلح إلا للحمر. فقلت: يا أمير المؤمنين هذا هاج به مرار وأعلام ذلك فيه. قال: صدقت دعه. أدعى رجل النبوة في أيام المهدي فأدخل عليه فقال له: أنت نبي قال: نعم. قال: ومتى نبئت قال: وما تصنع بالتاريخ قال: ففي أي الموضع جاءتك النبوة قال: وقعنا والله في شغل ليس هذا من مسائل الأنبياء إن كان رأيك أن تصدقني في كل ما قلت لك فاعمل بقولي. وإن كنت عزمت على تكذيبي فدعني أذهب عنك. فقال المهدي: هذا ما لا يجوز. إذ كان فيه فساد الدين. قال: واعجباً لك تغضب لدينك لفساده ولا أغضب أنا لفساد نبوتي أنت والله ما قويت علي إلا بمعن بن زائدة والحسن بن قحطبة وما أشبههما من قوادك. وعلى يمين المهدي شريك القاضي قال: ما تقول في هذا النبي يا شريك قال: شاورت هذا في أمري وتركت أن تشاورني. قال: هات ما عندك قال: أحاكمك فيما جاء به من قبلي من الرسل. قال: رضيت. قال: أكافر أنا عندك أم مؤمن قال: كافر. قال: فإن الله يقول: " ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم " فلا تطعني ولا تؤذني ودعني أذهب إلى الضعفاء والمساكين فإنهم أتباع الأنبياء وأدع الملوك والجبابرة فإنهم حطب جهنم. فضحك المهدي وخلى سبيله. قال خلف بن خليفة: أدعى رجل النبوة في زمن خالد بن عبد الله القسري وعارض القرآن. فأتى به خالد فقال له: ما تقول قال: عارضت في القرآن ما يقول الله تعالى: " إنا أعطيناك الكوثر. فصل لربك وانحر. إن شانئك هو الأبتر " فقلت أنا ما هو أحسن من هذا: إنا أعطيناك الجماهر فصل لربك وجاهر ولا تطع كل ساحر وكافر. فأمر به خالد فضربت عنقه وصلب على خشبة. فمر به خلف بن خليفة الشاعر وقال: إنا أعطيناك العمود فصل لربك على عود وأنا ضامن عنك ألا تعود. قال: وإني لقاعد في مجلس عبد الله بن خازم وهو على الجسر ببغداد فإذا جماعة قد أحاطت برجل ادعى النبوة فقدم إلى عبد الله فقال له: أنت نبي قال: نعم. قال: وإلى من بعثت قال: وما عليك بعثت إلى الشيطان فضحك عبد الله بن خازم وقال: دعوه يذهب إلى الشيطان الرجيم. وقال ثمامة بن أشرس: كنت في الحبس فأدخل علينا رجل ذو هيئة وبزة ومنظر فقلت له: من أنت جعلت فداك وما ذنبك وفي يدي كأس دعوت بها لأشربها. قال: جاء بي هؤلاء السفهاء لأني جئت بالحق من عند ربي أنا نبي مرسل. قلت: جعلت فداك معك دليل قال: نعم معي أكبر الأدلة ادفعوا إلي امرأة أحبلها لكم فتأتي بمولود يشهد بصدقي. قال ثمامة: محمد بن عتاب قال: رأيت بالرقة أيام الرشيد جماعة أحاطت برجل فأشرفت عليه فإذا رجل له جهارة وبنية قلت: ما قصة هذا قالوا: ادعى النبوة. قلت: كذبتم عليه. مثل هذا لا يدعي الباطل. فرفع رأسه إلي فقال: وما علمك أنهم قالوا علي الباطل قلت له: وأنت نبي قال: نعم. قلت له: ما دليلك قال: دليلي أنك ولد زنا. قلت: نبي يقذف المحصنات قال: بهذا بعثت. قلت: أنا كافر بما بعثت به. قال: ومن كفر فعليه كفره. فإذا حصاة عائرة جاءت حتى صكت صلعته قال: ما رماها إلا ابن الزانية ثم رفع رأسه إلى السماء فقال: ما أردتم بي خيراً حيث طرحتموني في أيدي هؤلاء الجهال. ادعى رجل النبوة في أيام المأمون فقال ليحيى بن أكثم: امض بنا مستترين حتى ننظر إلى هذا المتنبئ وإلى دعواه. فركبنا متنكرين ومعنا خادم حتى صرنا إليه وكان مستتراً بمذهبه. فخرج آذنه وقال: من أنتما فقلنا: رجلان يريدان أن يسلما على يديه. فأذن لهما ودخلا. فجلس المأمون عن يمينه ويحيى عن يساره. فالتفت إليه المأمون فقال له: إلى من بعثت قال: إلى الناس كافة. قال: فيوحى إليك أم ترى في المنام أم ينفث في قلبك أم تناجى أم تكلم قال: بل أناجي وأكلمك. قال: ومن يأتيك بذلك قال: جبريل. قال: متى كان عندك قال: قبل أن تأتيني بساعة. قال: فما أوحى إليك قال: أوحى إلي أنه سيدخل علي رجلان فيجلس أحدهما على يميني والآخر عن يساري فالذي عن يساري ألوط خلق الله. قال المأمون: أشهد أن لا إله إلا الله. وأنك رسول الله وخرجا يتضاحكان. تنبأ رجل بالكوفة وأحل الخمر ولقي ابن عياش وكان مغرماً بالشراب فقال له: أشعرت أنه بعث نبي يحل الخمر قال: إذاً لا يقبل منه حتى يبرئ الأكمه والأبرص. وأتي به عامل الكوفة فاستتابه. فأبى أن يتوب ويرجع. فأتته أمه تبكي فقال لها: تنحي ربط الله على قلبك كما ربط على قلب أم موسى. وأتاه أبوه يطلب إليه أن يرجع. فقال له: تنح يا آزر فأمر به العامل فقتل وصلب. وذكر بعض الكوفيين قال: بينا أنا جالس بالكوفة في منزلي إذ جاءني صديق لي فقال لي: إنه ظهر بالكوفة رجل يدعي النبوة فقم بنا إليه نكلمه ونعرف ما عنده. فقمت معه: فصرنا إلى باب داره فقرعنا الباب وسألنا الدخول عليه. فأخذ علينا العهود والمواثيق إذا دخلنا عليه وكلمناه وسألناه إن كان على حق اتبعناه وإن كان على غير ذلك كتمنا عليه ولم نؤذه. فدخلنا فإذا شيخ خراساني أخبث من رأيت على وجه الأرض وإذا هو أصلع فقال صاحبي وكان أعور: دعني حتى أسائله. قلت: دونك. قال: جعلت فداك ما أنت قال: نبي. قلت: ما دليلك قال: أنت أعور عينك اليمنى فاقلع عينك اليسرى حتى تصير أعمى ثم أدعو الله فيرد عليك بصرك فقلت لصاحبي: أنصفك الرجل قال: فاقلع أنت عينيك جميعاً وخرجنا نضحك. وأتى المأمون بإنسان متنبئ فقال له: ألك علامة قال: نعم علامتي أني أعلم ما في نفسك. قال: قربت علي ما في نفسي قال له: في نفسك أني كذاب. قال: صدقت وأمر به إلى الحبس. فأقام به أياماً ثم أخرجه. فقال: أوحى إليك بشيء قال: لا. قال: ولم قال: لأن الملائكة لا تدخل الحبس. فضحك المأمون وأطلقه. وتنبأ إنسان وسمى نفسه نوحاً صاحب الفلك وذكر أنه سيكون طوفان على يديه إلا من اتبعه ومعه صاحب له قد آمن به وصدقه فأتى به الوالي فاستتابه فلم يتب فأمر به فصلب واستتاب صاحبه فتاب. فناداه من الخشبة: يا فلان. أتسلمني الآن في مثل هذه الحالة فقال: يا نوح قد علمت أنه لا يصحبك من السفينة إلا الصاري. قال: وحمل إلى المأمون من أذربيجان رجل قد تنبأ فقال: يا ثمامة ناظره. فقال: ما أكثر الأنبياء في دولتك يا أمير المؤمنين. ثم التفت إلى المتنبئ فقال له: ما شاهدك على النبوة قال: تحضر لي ثمامة امرأتك أنكحها بين يديك فتلد غلاماً ينطق في المهد ويخبرك أني نبي فقال ثمامة: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله. فقال المأمون: ما أسرع ما آمنت به قال: وأنت يا أخبار الممرورين والمجانين قال أبو الحسن: كان بالبصرة ممرور يقال له عليان بن أبي مالك وكانت العلماء تستنطقه لتسمع جوابه وكلامه وكان راويةً للشعر بصيراً بجيده فذكر عن عبد الله بن إدريس صاحب الحديث قال: أخرجه الصبيان مرة حتى هجم علينا في الدار فقال لي الخادم: هذا عليان قد هجم علينا والصبيان في طلبه. فقلت: ادفع الباب في وجوه الصبيان وأخرج إليه طعاماً وطبقاً عليه رطب مشان وملبقات وأرغفة. فلما وضعه بين يديه حمد الله وأثنى عليه وقال: هذا من رحمة الله وأشار إلى الطعام كما أن أولئك من عذاب الله وأشار إلى الصبيان. ثم جعل يأكل والصبيان يرجون الباب وهو يقول: " فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب ". قال ابن إدريس: فلما انقضى طعامه قلت له: يا عليان ما لك تروي الشعر ولا تقوله قال: إني كالمسن أشحذ ولا أقطع. وكان بصيراً بالشعر. فقلت: أي بيت تقوله العرب أشعر قال: البيت الذي لا يحجب عن القلب. قلت: مثل ماذا قال: مثل قول جميل: ألا أيها النوام ويحكم هبو أسائلكم هل يقتل الرجل الحب قال: فأنشد النصف الأول بصوت ضعيف وأنشد النصف الآخر بصوت رفيع. ثم قال: ألا ترى النصف الأول كيف استأذن على القلب فلم يأذن له والنصف الثاني استأذن على القلب فأذن له قلت: وماذا قال: مثل قول الشاعر: ندمت على ما كان مني فقدتني كما ندم المغبون حين يبيع ثم قال أتستطيب قوله " فقدتني " بالله يا بن إدريس قلت: بلى. فضرب بيده على فخذي وقال: قم شيب الله قرنك. وابن إدريس يومئذ ابن ثمانين سنة. وحكى عنه عبد الله بن إدريس قال: مررت به في مربعة كندة وهو جالس على رماد وبيده قطعة من جص وهو يخط بها في الرماد فقلت له: ما تصنع هاهنا يا بن أبي مالك قال: ما كان يصنع صاحبنا. قلت: ومن صاحبك قال: مجنون بني عامر. قلت: وما كان يصنع قال: أما سمعته يقول: عشية ما لي حيلةٌ غير أنني بلقط الحصى والخط في الدار مولع قلت: ما سمعته. فرفع رأسه إلي متضاحكاً فقال: أما يقول الله عز وجل " ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكناً " فأنت سمعته أو رأيته هذا كلام من كلام العرب لا علم لك به. قلت: يا بن أبي مالك متى تقوم القيامة قال: ما المسؤول عنها بأعلم سائل غير أنه من مات فقد قامت قيامته. قلت له: فالمصلوب يعذب عذاب القبر قال: إن حقت عليه كلمة العذاب يعذب وما يدريك لعل جسده في عذاب من عذاب الله لا تدركه أبصارنا ولا أسماعنا فإن الله لطفاً لا يدرك. قلت: ما تقول في النبيذ حلال أم حرام قال: حلال. قلت: أتشربه قال إن شربته فقد شربه وكيع وهو قدوة قلت: أتقتري بوكيع في تحليله ولا تقتدي بي في تحريمه وأنا أسن منه قال: إن قول وكيع ما اتفاق أهل البلد عليه أحب إلي من قولك مع اختلاف أهل البلدة عليك. قلت: فما تقول في الغناء قال: قد غنى البراء بن عازب وعبد الله بن رواحة وسمع الغناء عبد الله بن عمر وكان عبد الله بن جعفر. قلت له: أيشٍ كان عبد الله بن جعفر إنما سألتني عن الغناء ولم تسألني عن ضرب العيدان. وكان بالبصرة مجنون يأوي إلى دكان خياط وفي يده قصبة قد جعل في رأسها أكرة ولف عليها خرقة لئلا يؤذي بها الناس فكان إذا أحرده الصبيان التفت إلى الخياط وقال له: قد حمي الوطيس وطاب اللقاء فما ترى فيقول: شأنك بهم فيشد عليهم ويقول: أشد على الكتيبة لا أبالي أحتفي كان فيها أم سواها فإذا أدرك منهم صبياً رمى بنفسه إلى الأرض وأبدى له عورته فيتركه وينصرف ويقول: عورة المؤمن حمى ولولا ذلك لتلفت نفس عمرو بن العاص يوم صفين. ثم يقول وينادي: أنا الرجل الضرب الذي تعرفونني خشاش كرأس الحية المتوقد فألقت عصاها واستقر بها النوى كما قر عيناً بالإياب المسافر وكان بالبصرة رجل من التجار يكنى أبا سعيد وكانت له جارية تدعى خيزران وكان بها كلفا فمر يوماً بعليان وقد أحاط به الناس فقالوا له: هذا أبو سعيد صاحب خيزران فناداه: أبا سعيد. قال: نعم. قال: أتحب خيزران قال: نعم قال: وتحبك قال: نعم. فأنشأ يقول: نبئتها عشقت حشاً فقلت لهم ما يعشق الحش إلا كل كناس فضحك الناس من أبي سعيد ومضى. ومر ابن أبي الزرقاء صاحب شرطة ابن أبي هبيرة بصباح الموسوس فقال له: يا بن أبي الزرقاء أسمنت برذونك وأهزلت دينك أما والله إن أمامك عقبة لا يجاوزها إلا المخف. فوقف ابن أبي الزرقاء. فقيل له: هو صباح الموسوس قال: ما هذا بموسوس. وقال إبراهيم الشيباني: مررت ببهلول المجنون وهو يأكل خبيصا فقلت: أطعمني. قال: ليس هو لي إنما هو لعاتكة بنت الخليفة بعثته إلي لآكله لها. وكان بهلول هذا يتشيع. فقيل له: اشتم فاطمة وأعطيك درهما. فقال: بل أشتم عائشة وأعطني نصف درهم. وقال ابن عبد الملك: يعرف حمق الرجل في أربع: لحيته وشناعة كنيته وإفراط شهوته ونقش خاتمه. فدخل عليه شيخ طويل العثنون فقال: أما هذا فقد أتاكم بواحدة فانظروا أين هو من الثلاث. فقيل له: ما كنيتك قال: أبو الياقوت. قيل: فنقش خاتمك قال: " وتفقد الطير فقال ما لي لا أرى الهدهد ". قيل: أي الطعام تشتهي قال: خلنجبين. وسمع عمر بن عبد العزيز رجلاً ينادي: يا أبا العمرين فقال: لو كان عاقلاً لكفاه أحدهما. وقيل لداود المصاب في مصيبة نزلت به: لا تتهم الله في قضائه. قال: أقول لك شيئاً على الأمانة قال: قل. قال: والله ما بي غيره. ودخل أبو عتاب على عمرو بن هداب وقد كف بصره والناس يعزونه فقال له: أبا زيد لا يسوءك فقدهما فإنك لو دريت بثوابهما تمنيت أن الله قطع يديك ورجليك ودق عنقك. ودخل على قوم يعود مريضاً لهم فبدأ يعزيهم. قالوا: إنه لم يمت. فخرج وهو يقول: يموت إن شاء الله يموت إن شاء الله. ووقع بين أبي عتاب وبين ابنه كلام قال: لولا أنك أبي وأنك أسن مني لعرفت. أبو حاتم عن الأصمعي عن نافع قال: كان الغاضري من أحمق الناس فقيل له: ما رأيت من حمقه فسكت. فلما أكثر عليه قال: قال لي مرة: البحر من حفره وأين ترابه الذي خرج منه وهل يقدر الأمير أن يحفر مثله في ثلاثة أيام ودخل رجل من النوكى على الشعبي وهو جالس مع امرأته فقال: أيكما الشعبي فقال: هذه. فقال: ما تقول أصلحك الله في رجل شتمني أول يوم من رمضان هل يؤجر قال: إن كان قال لك: يا أحمق فإني أرجو له. وسأل رجل آخر الشعبي فقال: ما تقول في رجل أدخل أصبعه في الصلاة في أنفه فخرج عليها دم أترى له أن يحتجم قال الشعبي: الحمد لله الذي نقلنا من الفقه إلى الحجامة. وقال له آخر: كيف كانت تسمى امرأة إبليس قال: ذاك نكاح ما شهدناه. العتبي قال: سمعت أبا عبد الرحمن بشراً يقول: كان في زمن المهدي رجل صوفي وكان عاقلاً عالماً ورعاً فتحمق ليجد السبيل إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكان يركب قصبة في كل جمعة يومين: الإثنين والخميس فإذا ركب في هذين اليومين فليس لمعلم على صبيانه حكم ولا طاعة. فيخرج ويخرج معه الرجال والنساء والصبيان فيصعد تلاً وينادي بأعلى صوته: ما فعل النبيون والمرسلون أليسوا في أعلى عليين فيقولون: نعم. قال: هاتوا أبا بكر الصديق. فأخذ غلام فأجلس بين يديه فيقول: جزاك الله خيراً أبا بكر عن الرعية. فقد عدلت وقمت بالقسط وخلفت محمداً عليه الصلاة والسلام فأحسنت الخلافة ووصلت حبل الدين بعد حل وتنازع ونزعت فيه إلى أوثق عروة وأحسن ثقة اذهبوا به إلى أعلى عليين. ثم ينادي: هاتوا عمر. فأجلس بين يديه غلام. فقال: جزاك الله خيراً أبا حفص عن الإسلام قد فتحت الفتوح ووسعت الفيء وسلكت سبيل الصالحين وعدلت في الرعية وقسمت بالسوية اذهبوا به إلى أعلى عليين بحذاء أبي بكر. ثم يقول: هاتوا عثمان. فأتي بغلام فأجلس بين يديه. فيقول له: خلطت في تلك الست السنين ولكن الله تعالى يقول: " خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً عسى الله أن يتوب عليهم ". وعسى من الله موجبة. ثم يقول: اذهبوا به إلى صاحبيه في أعلى عليين. ثم يقول: هاتوا علي بن أبي طالب. فأجلس غلام بين يديه. فيقول: جزاك الله عن الأمة خيراً أبا الحسن فأنت الوصي وولي النبي بسطت العدل وزهدت في الدنيا واعتزلت الفيء فلم تخمش فيه بناب ولا ظفر وأنت أبو الذرية المباركة وزوج الزكية الطاهرة اذهبوا به إلى أعلى عليين من الفردوس ثم يقول: هاتوا معاوية. فأجلس بين يديه صبي. فقال له: أنت القاتل عمار بن ياسر وخزيمة بن ثابت ذا الشهادتين وحجر بن الأدبر الكندي الذي أخلقت وجهه العبادة وأنت الذي جعل الخلافة ملكاً واستأثر بالفيء وحكم بالهوى واستنصر بالظلمة وأنت أول من غير سنة رسول الله ﷺ ونقض أحكامه وقام بالبغي. اذهبوا به فأوقفوه مع الظلمة ثم قال: هاتوا يزيد. فأجلس بين يديه غلام. فقال له: يا قواد أنت الذي قتلت أهل الحرة وأبحث المدينة ثلاثة أيام وانتهكت حرم رسول الله ﷺ وآويت الملحدين وبؤت باللعنة على لسان رسول الله ﷺ وتمثلت بشعر الجاهلية: وقتلت حسينا وحملت بنات رسول الله ﷺ سبايا على حقائب الإبل اذهبوا به إلى الدرك الأسفل من النار. ولا يزال يذكر والياً بعد وال حتى بلغ إلى عمر بن عبد العزيز فقال: هاتوا عمر. فأتى بغلام فأجلس بين يديه فقال: جزاك الله يا عمر خيراً عن الإسلام فقد أحييت العدل بعد موته وألنت القلوب القاسية وقام بك عمود الدين على ساق بعد شقاق ونفاق. اذهبوا به فألحقوه بالصديقين. ثم ذكر من كان بعده من الخلفاء إلى أن بلغ دولة بني العباس فسكت فقيل له: هذا أبو العباس أمير المؤمنين. قال: بلغ أمرنا إلى بني هاشم ارفعوا حساب هؤلاء جملة واقذفوا بهم في النار جميعاً. ومن مجانين الكوفة: عيناوة وطاق البصل. قيل لعيناوة: من أحسن أنت أو طاق البصل قال: أنا شيء وطاق البصل شيء. وكان طاق البصل يغني بقيراط ويسكت بدانق. وكان عيناوة جيد القفا فربما مر به من يعبث فيصفعه فحشا قفاه خراء وقعد على قارعة. فإذا صفعه أحد قال: شم يدك يا فتى فلم يصفعه أحد بعد ذلك. ووعد رجل رجلاً من الحمقى أن يهدي له نعلاً حضرمية فطال عليه انتظارها فبال في قارورة وأتى الطبيب وقال: انظر في هذا الماء إن كان يهدي إلي بعض إخواني نعلاً حضرمية. وكان بالكوفة امرأة حمقاء يقال لها مجيبة فقفد عيناوة فتىً كانت أرضعته مجيبة فقال له لما وجده: كيف لا تكون أرعن ومجيبة أرضعتك فوالله لقد زقت لي فرخاً فما زلت أرى الرعونة في طيرانه. ومن المجانين هبنقة القيسي وجرنفش السدوسي واسم هنبقة يزيد بن ثروان وكنيته أبو نافع وكان يحسن من إبله إلى السمان ويسيء إلى المهازيل. فسئل عن ذلك فقال: أما أكرم ما أكرم الله وأهين ما أهان الله! وشرد بعير له فجعل بعيرين لمن دل عليه فقيل له: أتجعل بعيرين في بعير قال: إنكم لا تعرفون فرحة من وجد ضالته. وافترس الذئب له شاة فقال لرجل: خلصها من الذئب وخذها فإن فعلت فأنت والذئب واحد. وسام رجل هبنقة بشاة فقال: اشتريتها بستة وهي خير من سبعة وأعطيت فيها ثمانية وإن أردتها بتسعة وإلا فزن عشرة. وكان باقل الذي يضرب به المثل في العي اشترى شاة بأحد عشر درهما فسئل: بكم اشتريت الشاة ففتح يديه جميعاً وأشار بأصابعه وأخرج لسانه ليتم العدد أحد عشر. ولما قرب الفرزدق رأس بغلته من الماء قال له الجرنفش: نح رأس بغلتك حلق الله شأفتك. قال: لماذا عافاك الله قال له: لأنك كذوب الحجرة زاني الكمرة فصاح الفرزدق. يا بني سدوس فاجتمعوا إليه. فقال: سودوا الجرنفش عليكم فما رأيت فيكم أعقل منه. قال الأصمعي: سوبق بين الجرنفش وهنبقة أيهما أجن وأحمق. فجاء جرنفش بحجارة خفاف من جص وجاء هنبقة بحجارة ثقال وترس فبدأ الجرنفش فقبض على حجر ثم قال: دري عقاب بلبن وأشخاب. ثم رفع صوته وقال: الترس فرمى الترس فأصابه فانهزم هنبقة فقيل له: لم انهزمت فقال إنه قال: الترس. فرمى الترس فلم يخطئه فلو أنه قال العين ورماها أما كان يصيب عيني. وتبع داود بن المعتمرة امرأة ظنها من الفواسد فقال لها: لولا ما رأيت عليك من سيما الخير ما تبعتك فضحكت المرأة وقالت: إنما يعتصم مثلي من مثلك بسيما الخير فأما إذ صارت سيما الخير من سيما الشر فالله المستعان. ووقع داود هذا بجارية فلما أمعن في الفعل قال لها: أثيب أم بكر فقالت له: سل المجرب. قالت أم غزوان الرقاشي لابنها وهو يقرأ في المصحف: يا غزوان لعلك تجد في هذا المصحف حماراً كان أبوك في الجاهلية فقده. فقال: يا أماه. بل أجد فيه وعداً حسناً ووعيداً شديداً. ونظر رجل من النوكى إلى شيخ في الحمام وعليه سرة كأنها مدهن عاج. فقال له: يا شيخ مجانين القصاص قال أبو دحية القاص: ليس في خير ولا فيكم. فتبلغوا بي حتى تجدوا خيراً مني. وقال في قصصه يوماً: كان اسم الذئب الذي أكل يوسف هملاج. قالوا: إن يوسف لم يأكله الذئب. قال: فهذا اسم الذئب الذي لم يأكل يوسف. وقال ثمامة بن أشرس: سمعت قاصاً ببغداد يقول: اللهم ارزقني الشهادة أنا وجميع المسلمين. ووقع الذباب على وجهه فقال: ما لكم كثر الله بكم القبور. قال: ورأيت قاصاً يحدث الناس بقتل حمزة فقال: ولما بقرت هند عن كبد حمزة استخرجتها فعضتها ولاكتها ولم تزدردها. فقال النبي ﷺ: لو ازدردتها ما مسها النار. ثم رفع القاص يديه إلى السماء وقال: اللهم أطعمنا من كبد حمزة.