قال: فأخرجتني والله يا شعبي إلى الخطبة في ذلك الموضع فقلت: الحمد لله احمده وأستعينه وأصلي على النبي وآله وسلم. وبعد فإنك قد قلت كلاماً إن تثبتي عليه يكن ذلك حظك وإن تدعيه يكن حجة عليك أحب كذا وأكره كذا ونحن جميع فلا تفرقي وما رأيت من حسنة فانشريها وما رأيت من سيئة فاستريها وقالت شيئاً لم أذكره: كيف محبتك لزيارة الأهل قلت: ما أحب أن يملني أصهاري. قالت: فمن تحب من جيرانك أن يدخل دارك آذن له ومن تكرهه أمنعه قلت: بنو فلان قوم صالحون وبنو فلان قوم سوء. قال: فبت يا شعبي بأنعم ليلة ومكثت معي حولاً لا أرى إلا ما أحب. فلما كان رأس الحول جئت من مجلس القضاء فإذا بعجوز تأمر وتنهى في الدار. فقلت: من هذه قالوا: فلانة ختنتك فسري عني ما كنت أجد فلما جلست أقبلت العجوز فقالت: السلام عليك أبا أمية. قلت: وعليك السلام من أنت قالت: أنا فلانة ختنتك قلت: قربك الله قالت: كيف رأيت زوجتك قلت: خير زوجة فقالت لي: أبا أمية إن المرأة لا تكون أسوأ حالاً منها في حالين إذا ولدت غلاماً أو حظيت عند زوجها فإن ربك ريبٌ فعليك بالسوط فوالله ما حاز الرجال في بيوتهم شرا من المرأة المدللة. قلت: أما والله لقد أدبت فأحسنت الأدب ورضت فأحسنت الرياضة. قالت: تحب أن يزورك أختامك قلت: متى شاؤوا. قال: فكانت تأتيني في رأس كل حول توصيني تلك الوصية فمكثت معي عشرين سنة لم أعتب عليها في شيء إلا مرة واحدة وكنت لها ظالماً أخذ المؤذن في الإقامة بعدما صليت ركعتي الفجر وكنت إمام الحي فإذا بعقرب تدب فأخذت الإناء فأكفأته عليها ثم قلت: يا زينب لا تحركي الإناء حتى أتي. فلو شهدتني يا شعبي وقد صليت ورجعت فإذا أنا بالعقرب قد ضربتها. فدعوت بالقسط والملح فجعلت أمغث إصبعها و أقرأ عليها بالحمد والمعوذتين. رأيت رجالاً يضربون نساءهم فشلت يميني حين أضرب زينبا أأضربها في غير ذنب أتت به فما العدل مني ضرب من ليس مذنبا فزينب شمس والنساء كواكب إذا طلعت لم تبد منهن كوكبا وقال أبو عبيدة: نكح الفرزدق أمةً له زنجية فولدت له بنتاً فسماها مكية وكان يكنى بها ويقول: أنا أبو مكية. فكتبت النوار يوماً إلى الفرزدق تشكو مكية فكتب إليها: كنتم زعمتم أنها ظلمتكم كذبتم وبيت الله بل تظلمونها فإن لا تعدوا أمها من نسائكم فإن أباها والد لن يشينها وإن لها أعمام صدق وإخوةً وشيخاً إذا شئتم تأيم دونها قالت النوار فإنا لا نشاء. وقال الفرزدق في أمته الزنجية: يا رب خود من بنات الزنج تنقل تنورا شديد الوهج أعسن مثل القدح الخلنج يزداد طيباً بعد طول الهرج وعن الهيثم بن عدي: عن ابن عياش قال: حدثنا سلمى الهذلي قال: كنت بسجستان مع طلحة الطلحات فلم أر أحدا كان أسخى منه ولا أشرف نفساً فكتب إلي عمي من البصرة: إني قد كبرت ومالي كثير وأكره أن أوكله غيرك فأقدم أزوجك ابنتي وأصنع بك ما أنت أهله. قال: فخرجت على بغلة لي تركية فأتيت البصرة في ثلاثين يوماً ووافيته في صلاة العصر فوجدته قاعداً على دكانه فسلمت عليه فقال لي: من أنت قلت له: ابن أخيك سلمى. قال: وأين ثقلك قلت: تعجلت إليك حين أتاني كتابك وطرت نحوكم. قال: يا ابن أخي أتدري ما قالت العرب قلت: لا. قال: قالت العرب: شر الفتيان المفلس الطروب. قال: فقمت إلى بغلتي فأعدت سرجي عليها فما قال لي شيئاً. ثم قال لي: إلى أين قلت: إلى سجستان. قال: في كنف الله. قال: فخرجت فبت في الجسر ثم ذكرت أم طلحة فانصرفت أسأل عنها وكان طلحة أبر الناس بها. فقلت: رسول طلحة فقالت: ويحك! كيف ابني قلت: على أحسن حال. قالت: فلله الحمد. وإذا بعجوز قد تحدرت قالت: فما جاء بك قلت: كيت وكيت. قالت: يا جارية. إيتيني بأربعة آلاف درهم ثم قالت: إيت عمك فابتن بابنته ولك عندنا ما تحب. قلت: لا أعود إليه أبداً. قالت: يا جارية إيتيني ببغلة ورحالة ثم قالت: رواح بين هذه وبغلتك حتى تأتي سجستان. قلت: اكتبي بالوصاة بي والحالة التي استقبلتها. فكتبت بوجعها التي كانت فيه وبعافية الله إياها وبالوصاة بي فلم تدع شيئاً ثم دفعت حتى أتيت سجستان فأتيت باب طلحة وقلت للحاجب: رسول صفية بنت الحارث وأنا عابس باسر. فدخل فخرج طلحة متوشحاً وخلفه وصيف يسعى بكرسي فقمت بين يديه فقال: ويلك! وكيف أمي قلت: بأحسن حال. قال: انظر كيف تقول قلت: هذا كتابها قال: فعرف الشواهد والعلامات قلت: اقرأ كتاب وصيتها. قال: ويحك ألم تأتني بسلامتها حسبك. فأمر لي بخمسين ألف درهم وقال لحاجبه: اكتبه في خاصة أهلي. قال: فوالله ما أتى علي الحول حتى أتم لي مائة ألف. قال ابن عياش: فقلت له: هل لقيت عمك بعد ذلك قال: لا والله ولا ألقاه أبداً. وعن الهيثم بن عدي عن ابن عياش قال: أخبرني موسى السلاماني مولى الحضرمي وكان أيسر تاجر بالبصرة قال: بينا أنا جالس إذ دخل علي غلام لي فقال: هذا رجل من أهل أمك يستأذن عليك. وكانت أمه مولاةً لعبد الرحمن بن عوف. فقلت: إيذن له فدخل شاب حلو الوجه يعرف في هيئته أنه قرشي في طمرين فقلت: من أنت يرحمك الله قال: أنا عبد المجيد بن سهل بن عبد الرحمن بن عوف الزهري خال رسول الله ﷺ قلت: في الرحب والقرب ثم قلت: يا غلام بره وأكرمه وألطفه وادخله الحمام واكسه قميصاً رقيقاً ومبطناً قرهيا ورداء عمريا وحذونا له نعلين حضرميين فلما نظر الشاب في عطفيه وأعجبته نفسه. قال: يا هذا ابغني أشرف أيم بالبصرة أو أشرف بكر بها. قلت: يا بن أخي معك مال قال: أنا مال كما أنا. قلت: يا بن أخي كف هن هذا. قال: انظر ما أقول لك. قلت: فإن أشرف أيم بالبصرة هند بنت أبي صفرة. وأشرف بكر بالبصرة الملاءة بنت زرارة بن أوفى الحرشي قاضي البصرة. قال: اخطبها علي. قلت: يا هذا إن أباها قاضي البصرة. قال: انطلق بنا إليه. فانطلقنا إلى المسجد فتقدم فجلس إلى القاضي فقال له: من أنت يا بن أخي قال له: عبد المجيد بن سهل بن عبد الرحمن بن عوف خال رسول الله ﷺ قال: مرحباً ما حاجتك قال: جئت خاطباً. قال: ومن ذكرت قال: الملاءة ابنتك. قال: يا بن أخي ما بنا عنك رغبة ولكنها امرأة لا يفتات عليها أمرها فاخطبها إلى نفسها. فقام إلي. فقلت: ما صنعت قال: كذا وكذا. قلت: ارجع بنا ولا تخطبها. قال: اذهب بنا إليها فدخلنا دار زرارة فإذا دار فيها مقاصير. فأستأذنا على أمها فلقيتنا بمثل كلام الشيخ ثم قالت: ها هي تلك في تلك الحجرة. قلت له: لا تأتيها. قال: أليست بكرا قلت: بلى. قال: ادخل بنا إليها فأستأذنا فأذنت لنا فوجدناها جالسة وعليها ثوبٌ قوهي رقيق معصفر تحته سراويل يرى منه بياض جسدها ومرط قد جمعته على فخذيها ومصحف على كرسي بين يديها فأشرجت المصحف ثم نحته فسلمنا فردت ثم رحبت بنا ثم قالت: من أنت قال: أنا عبد المجيد بن سهل بن عبد الرحمن بن عوف الزهري خال رسول الله ﷺ ومد بها صوته قالت: يا هذا إنما يمد هذا الصوت للساسانيين. قال موسى: فدخل بعض في بعض. قالت: ما حاجتك قال: جئت خاطبا. قالت: ومن ذكرت قال: ذكرتك. قالت: مرحباً بك يا أخا أهل الحجاز وما الذي بيدك قال: لنا سهمان بخيبر أعطاناهما رسول الله ﷺ ومد بها صوته وعين بمصر وعين باليمامة ومال باليمن قالت: يا هذا كل هذا عنا غائب ولكن ما الذي يحصل بأيدينا منك. فإني أظنك تريد أن تجعلني كشاة عكرمة. أترري من عكرمة قال لا قالت: عكرمة بن ربعي فإنه كان نشأ بالسواد ثم انتقل إلى البصرة وقد تغدى باللبن فقال لزوجته: اشتري لنا شاة نحلبها وتصنعين لنا من لبنها شراباً وكامخاً ففعلت. وكانت عندهم الشاة إلى أن استحرمت. فقالت: يا جارية: خذي بأذن الشاة وانطلقي بها إلى التياس فأنزي عليها ففعلت فقال التياس: آخذ منك على النزوة درهما. فانصرفت إلى سيدتها فأعلمتها فقالت: إنما رأينا من يرحم ويعطي وأما من يرحم ويأخذ فلم نره ولكن يا أخا أهل المدينة. أردت أن تجعلني كشاة عكرمة. فلما خرجنا قلت له: ما كان أغناك عن هذا! قال: ما كنت أظن أن امرأة تجترئ على مثل هذا الكلام. وعن الأصمعي قال: كان عقيل بن علفة المري غيوراً فخوراً وكان يصهر إليه خلفاء بني أمية فخطب إليه عبد الملك بن مروان ابنته لبعض ولده فقال: جنبني هجناء ولدك. وكان إذا خرج يمتار خرج بابنته الجرباء معه فخرج مرة فنزلوا ديراً من أديرة الشام يقال له دير سعد فلما ارتحلوا قال عقيل: قضت وطراً من دير سعد وربما غلا عرض ناطحنه بالجماجم ثم قال لابنه: أجز يا عميس. فقال: فأصبحن بالموماة يحلمن فتية نشاوى من الإدلاج ميل العمائم ثم قال لابنته: يا جرباء أجيزي. فقالت: كأن الكرى أسقاهم صرخديةً عقارا تمشت في المطا والقوائم فقال لها: وما يدريك أنت ما نعت الخمر ثم سل السيف ونهض إليها فاستغاثت بأخيها عملس فانتزعه بسهم فأصاب فخذه فبرك ومضوا وتركوه حتى إذا بلغوا أدنى المياه منهم قالوا لهم: إنا أسقطنا جزوراً لنا فادركوه وخذوا معكم الماء. ففعلوا وإذا عقيل بارك وهو يقول: إن بني زملوني بالدم من يلق أبطال الرجال يكلم ومن يكن درء به يقوم شنشنة أعرفها من أخزم الشنشنة: الطبيعة وأخزم: فحل كريم وهذا مثل للعرب. الشيباني عن عوانة قال: خطب عبد الملك بن مروان بنت عبد الرحمن بن الحارث بن هشام. فأبت أن تتزوجه. وقالت: والله لا تزوجني أبا الذبان. فتزوجها يحيى بن الحكم. فقال عبد الملك: والله لقد تزوجت أفوه أشوه. فقال يحيى. أما إنها أحبت مني ما كرهت منك وكان عبد الملك رديء الفم يدمى فيقع عليه الذباب فسمي أبا الذبان. وعن العتبي قال: خطب قريبة بنت حرب أخت أبي سفيان بن حرب أربعة عشر رجلاً من أهل بدر فأبتهم وتزوجت عقيل بن أبي طالب وقالت: إن عقيلاً كان مع الأحبة يوم قتلوا وإن هؤلاء كانوا عليهم. ولاحته يوما فقالت: يا عقيل أين أخوالي أين أعمامي كأن أعناقهم أباريق الفضة قال لها: إذا دخلت النار فخذي على يسارك. وكتب زياد إلى سعيد بن العاص يخطب إليه ابنته وبعث إليه بمال كثير وهدايا فلما قرأ الكتاب أمر حاجبه بقبض المال والهدايا وأن يقسمها بين جلسائه. فقال الحاجب: إنها أكبر من ظنك. قال سعيد: أنا اكبر منها ثم وقع إلى زياد في أسفل كتابه: " كلا إن الإنسان ليطغى. أن رآه استغنى. وقال رجل للحسن: إن لي بنية فمن ترى أن أزوجها قال: زوجها ممن يتقي الله فإن أحبها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها. وقال عبد الملك بن مروان لعمر بن عبد العزيز: قد زوجك أمير المؤمنين ابنته فاطمة. فقال قيل للحسن: فلان خطب إلينا فلانة قال: أهو موسر من عقل ودين قالوا: نعم قال: فزوجوه. وقال رجل لحيوة بن شريح: إني أريد أن أتزوج فماذا ترى قال: كم المهر قال مائة. قال: فلا تفعل. تزوج بعشرة وأبق تسعين. فإن وافقتك ربحت التسعين وإن لم توافقك تزوجت عشراً فلا بد في عشرة نسوة من واحدة توافقك. وقال رجل: أردت النكاح فقلت: لأستشيرن أول من يطلع علي ثم أعمل برأيه فكان أول من طلع هبنقة القيسي وتحته قصبة فقلت له: أريد النكاح فما تشير علي قال البكر لك والثيب عليك وذات الولد لا تقربها واحذر جوادي لا ينفحك. وعن الأصمعي قال: أخبرني رجل من بني العنبر عن رجل من أصحابه وكان مقلا فخطب إليه مكثر من مال مقل من عقل فشاور فيه رجلاً يقال له أبو يزيد. فقال: لا تفعل ولا تزوج إلا عاقلاً ديناً فإنه إن لم يكرمها لم يظلمها. ثم شاور رجلاً آخر يقال له أبو العلاء فقال له: زوجه فإن ماله لها وحمقه على نفسه. فزوجه فرأى منه ما يكره في نفسه وابنته فقال: ألهفي إذ عصيت أبا يزيد ولهفي إذ أطعت أبا العلاء وكانت هفوةً من غير ريح وكانت زلفة من غير ماء الفضل بن محمد الضبي قال: أخبرني مسعر بن كدم عن معبد بن خالد الجدلي قال: خطبت امرأة من بني أسد في زمن زياد وكان النساء يجلسن لخطابهن قال: فجئت لأنظر إليها وكان بيني وبينها رواق فدعت بجفنة عظيمة من الثريد مكللة باللحم فأتت على آخرها وألقت العظام نقية ثم دعت بشنٍ عظيم مملوء لبنا فشربته حتى أكفأته على وجهها وقالت: يا جارية ارفعي السجف فإذا هي جالسة على جلد أسد وإذا امرأة جميلة فقالت: يا عبد الله أنا أسدة من بني أسد وعلي جلد أسد وهذا طعامي وشرابي فعلام ترى فإن أحببت أن تتقدم فتقدم وإن أحببت أن تتأخر فتأخر. فقلت: أستخير الله في أمري وانظر. قال: فخرجت ولم أعد. قال: وحدثنا بعض أصحابنا أن جارية لأمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد ذات ظرف وجمال مرت برجل من بني سعد وكان شجاعاً فارساً فلما رآها قال: طوبى لمن كانت له امرأة مثلك! ثم إنه أتبعها رسول يسألها: ألها زوج ويذكره لها. فقالت للرسول: ما حرفته فأبلغه الرسول قولها. فقال: ارجع إليها فقل لها: وسائلة ما حرفتي قلت حرفتي مقارعة الأبطال في كل شارق إذا عرضت لي الخيل يوماً رأيتني أمام رعيل الخيل أحمي حقائقي فأنشدها الرسول ما قال. فقالت له: ارجع إليه وقل له: أنت أسد فاطلب لنفسك لبؤة فلست من نسائك وأنشدت هذه الأبيات: إلا إنما أبغي جواداً بماله كريماً محياه قليل الصدائق فتى همه مذ كان خودٌ كريمة يعانقها بالليل فوق النمارق ويشربها صرفاً كميتاً مدامة نداماه فيها كل خرق موافق يحيى بن عبد العزيز عن محمد بن الحكم عن الشافعي قال: تزوج رجل امرأة حديثة على امرأة له قديمة فكانت جارية الحديثة تمر على باب القديمة فتقول: وما تستوي الرجلان رجل صحيحة ورجل رمى فيها الزان فشلت ثم تعود فتقول: وما يستوي الثوبان ثوبٌ به البلى وثوب بأيدي البائعين جديدٌ فمرت جارية القديمة على الحديثة فأنشدت: نقل فؤادك حيث شئت من الهوى ما القلب إلا للحبيب الأول كم منزلٍ في الأرض يألفه الفتى وحنينه أبداً لأول منزل وعن الشعبي قال: سمعت المغيرة بن شعبة يقول: ما غلبني أحدٌ قط إلا غلام من بني الحارث بن كعب وذلك أني خطبت امرأة من بني الحارث وعندي شاب منهم فأصغى إلي فقال: أيها الأمير لا خير لك فيها. قلت. يا بن أخي وما لها قال: إني رأيت رجلاً يقبلها. قال: فبرئت منها. فبلغني أن الفتى تزوجها فأرسلت إليه فقلت: ألم تخبرني أنك رأيت رجلاً يقبلها قال: نعم. رأيت أباها يقبلها. أبو سعيد الشحام قال: صحبت ابن سيرين عشرين سنة فقال لي يوماً: يا أبا سعيد إن تزوجت فلا تتزوج امرأة تنظر في يدها ولكن تزوج امرأة تنظر في يدك. صفات النساء وأخلاقهن قال أبو عمرو بن العلاء: أعلم الناس بالنساء عبدة بن الطبيب حيث يقول: فإن تسألوني بالنساء فإنني عليمٌ بأدواء النساء طبيب إذا شاب رأس المرء أو قل ماله فليس له في ودهن نصيب يردن ثراء المال حيث علمنه وشرخ الشباب عندهن عجيب وهذه الأبيات لعلقمة بن عبدة المعروف بالفحل وأول القصيدة: طحا بك قلب في الحسان طروب وعن رجاء بن حيوة عن معاذ بن جبل قال: إنكم ابتليتم بفتنة الضراء فصبرتم وإني أخاف عليكم فتنة السراء وهي النساء إذا تحلين بالذهب ولبسن ريط الشام وعصب اليمن فأتعبن الغني وكلفن الفقير ما لا يطال. وقال عبد الملك بن مروان: من أراد أن يتخذ جارية للمتعة فليتخذها بربرية ومن أرادها للولد فليتخذها فارسية ومن أرادها للخدمة فليتخذها رومية. وعن أبي الحسن المدائني قال: قال يزيد بن عمر بن هبيرة: اشتروا لي جارية شقاء مقاء رسحاء بعيدة ما بين المنكبين ممسوحة الفخذين. قوله: شقاء: يريد كأنها شقة جبل. مقاء: طويلة. رسحاء: صغيرة العجيزة وإنما أراد للولد ويقال: إن الأرسح أفرس من العظيم العجيزة. وقال عمر بن هبيرة لرجل: ما أنت بعظيم الرأس فتكون سيداً ولا بأرسح فتكون فارساً. وقال الأصمعي وذكر النساء: بنات العم أصبر والغرائب أنجب وما ضرب رؤوس الأبطال كابن الأعجمية. أبو حاتم عن الأصمعي عن يونس بن مصعب عن عثمان بن إبراهيم بن محمد قال: أتاني رجل من قريش يستشيرني في امرأة يتزوجها فقلت: يا بن أخي أقصيرة النسب أم طويلته فلم يفهم عني. فقلت: يا بن أخي إني أعرف في العين إذا عرفت وأنكر فيها إذا أنكرت وأعرف فيها إذا لم تعرف ولم تنكر. أما إذا عرفت فتتحاوص أما إذا أنكرت فتجحظ وأما إذا تعرف ولم تنكر فتسجو وقد رأيت عينك ساجية فالقصيرة النسب التي إذا ذكرت أباها اكتفت به والطويلة النسب التي لا تعرف حتى تطيل في نسبتها فإياك أن تقع في قوم قد أصابوا كثيرا من الدنيا مع دناءة فيهم فتضع نفسك بهم. وعن العتبي قال: كان عند الوليد بن عبد الملك أربع عقائل: لبابة بنت عبد الله بن عباس وفاطمة بنت يزيد بن معاوية وزينب بنت سعيد بن العاص وأم جحش بنت عبد الرحمن بن الحارث فكن يجتمعن على مائدته ويفترقن فيفخرن. فاجتمعن يوماً فقالت لبابة: أما والله إنك لتسويني بهن وإنك تعرف فضلي عليهن. وقالت بنت سعيد: ما كنت أرى أن للفخر علي مجازا وأنا ابنة ذي العمامة إذ لا عمامة غيرها. وقالت بنت عبد الرحمن بن الحارث: ما أحب بأبي بدلاً ولو شئت لقلت فصدقت وصدقت. وكانت بنت يزيد بن معاوية جارية حديثة السن فلم تتكلم. فتكلم عنها الوليد فقال: نطق من احتاج إلى نفسه وسكت من اكتفى بغيره. أما والله لو شاءت لقالت: أنا ابنة قادتكم في الجاهلية وخلفائكم في الإسلام. فظهر الحديث حتى تحدث به في مجلس ابن عباس فقال: الله أعلم حيث يجعل رسالته. الشيباني عن عوانة قال: ذكرت النساء عند الحجاج فقال: عندي أربع نسوة هند بنت المهلب وهند بنت أسماء بن خارجة وأم الجلاس بنت عبد الرحمن بن أسيد وأمة الله بنت عبد الرحمن بن جرير بن عبد الله البجلي. فأما ليلتي عند هند بنت المهلب فليلة فتى بين فتيان يلعب ويلعبون. وأما ليلتي عند هند بنت أسماء فليلة ملك بين الملوك وأما ليلتي عند أم الجلاس فليلة أعرابي مع أعراب في حديثهم وأشعارهم. وأما ليلتي عند أمة الله بنت عبد الرحمن بن جرير فليلة عالم بين العلماء والفقهاء. وعن العتبي قال: حدثني رجل من أهل المدينة قال: كان بالمدينة مخنث يدل على النساء يقال له أبو الحر وكان منقطعاً إلي فدلني على غير ما امرأة أتزوجها فلم أرض عن واحدة منهن فاستقصرته يوماً فقال: والله يا مولاي لأدلنك على امرأة لم تر مثلها قط فإن لم ترها كما وصف فاحلق لحيتي. فدلني على امرأة فتزوجها. فلما زفت إلي وجدتها أكثر مما وصف. فلما كان في السحر إذا إنسانا يدق الباب فقلت: من هذا قال: أبو الحر وهذا الحجام معه. فقلت: قد وفر الله لحيتك أبا الحر الأمر كما قلت. ابن بكير بن مالك بن هشام بن عروة عن أبيه أن مخنثا كان عند أم سلمة زوج النبي ﷺ فقال لعبد الله بن أبي أمية ورسول الله ﷺ يسمع: أبا عبد الله إن فتح الله لكم الطائف غداً فأنا أدلك على بنت غيلان إنها تقبل بأربع وتدبر بثمان. فقال رسول الله ﷺ: لا يدخلن عليكن هذا. قوله: تقبل بأربع وتدبر بثمان يريد: عكن البطن فإنها إذا أقبلت أربع وإذا أدبرت ثمان. وضرب البعث على رجل من أهل الكوفة فخرج إلى أذربيجان فأفاد جارية وفرساً وكان مملكا بابنة عمه فكتب إليها ليغيرها: ألا أبلغوا أم البنين بأننا غنينا وأغنتنا الغطارفة المرد بعيد مناط المنكبين إذا جرى وبيضاء كالتمثال زينها العقد فهذا لأيام العدو وهذه لحاجة نفسي حين ينصرف الجند فلما ورد كتابه قرأته وقالت: يا غلام هات الدواة. فكتبت إليه تجيبه: ألا أقره منا السلام وقل له غنينا وأغنتنا غطارفة المرد بحمد أمير المؤمنين أقرهم شباباً وأغزاكم خوالف في الجند إذا شئت غناني غلامٌ مرجل ونازعته من ماء معتصر الورد وإن شاء منهم ناشئٌ مد كفه إلى الكبد ملساء أو كفل نهد فما كنتم تقضون من حاج أهلكم شهوداً قضيناها على النأي والبعد فلا قفل الجند الذي أنت فيهم وزادك رب الناس بعداً إلى بعد فلما ورد كتابها لم يزد على أن ركب فرسه وأردف الجارية ولحق بها فكان أول شيء بدأها به بعد السلام أن قال: بالله هل كنت فاعلة قالت: الله أجل في قلبي وأعظم وأنت في عيني أذل وأحقر من أن أعصى الله فيك فكيف ذقت طعم الغيرة فوهب لها الجارية وانصرف إلى بعثه. وقال معاوية لصعصعة بن صوحان: أي النساء أشهى إليك قال: المواتية لك فيما تهوى. قال: فأيهن أبغض قال: أبعدهن مما ترضى قال: هذا النقد العاجل. فقال صعصعة: بالميزان العادل. وقال صعصعة لمعاوية: يا أمير المؤمنين كيف ننسبك إلى العقل وقد غلب عليك نصف إنسان. يريد غلبة امرأته فاخته بنت قرظة عليه فقال معاوية: إنهن يغلبن الكرام ويغلبهن اللئام. وعن سفيان بن عيينة قال: شكا جرير بن عبد الله البجلي إلى عمر بن الخطاب ما يلقى من النساء فقال: لا عليك فإن التي عندي ربما خرجت من عندها فتقول: إنما تريد أن تتضع لفتيات بني عدي. فسمع كلامهما ابن مسعود فقال: لا عليكما فإن إبراهيم الخليل شكل إلى ربه رداءة في خلق سارة فأوحى الله إليه: أن ألبسها لباسها ما لم تر في دينها وصماً. فقال وكتب إلى الحجاج إلى أيوب بن القرية: أن اخطب على عبد الملك بن الحجاج امرأة جميلة من بعيد مليحة من قريب شريفة في قومها ذليلة في نفسها مواتية لبعلها. فكتب إليه: قد أصبتها لولا عظم ثدييها. فكتب إليه: لا يكمل حسن المرأة حتى يعظم ثدياها فتدفئ الضجيع وتروي الرضيع. وقال أبو العباس السفاح أمير المؤمنين لخالد بن صفوان: يا خالد إن الناس قد أكثروا في النساء فأيهن أعجب إليك قال: أعجبهن يا أمير المؤمنين التي ليست بالضرع الصغيرة ولا الفانية الكبيرة. وحسبك من جمالها أن تكون فخمةً من بعيد مليحة من قريب أعلاها قضيب وأسفلها كثيب كانت في نعمة ثم أصابتها فاقة فأترفها الغنى وأدبها الفقر. ونظر خالد بن صفوان إلى جماعة في المسجد بالبصرة فقال: ما هذه الجماعة قالوا: على امرأة تدل على النساء فأتاها فقال لها: أبغني امرأة: قالت: صفها لي. قال: أريدها بكراً كثيب أو ثيباً كبكر حلوة من قريب فخمة من بعيد. كانت في نعمة فأصابتها فاقة فمعها أدب النعمة وذل الحاجة فإذا اجتمعنا كنا أهل دنيا وإذا افترقنا كنا أهل آخرة. قال: قد أصبتها لك قال: وأين هي قال: في الرفيق الأعلى من الجنة فاعمل لها. وسئل أعرابي عن النساء وكان ذا تجربة وعلم بهن فقال: أفضل النساء أطولهن إذا قامت وأعظمهن إذا قعدت وأصدقهن إذا قالت التي إذا غضبت حلمت وإذا ضحكت تبسمت وإذا صنعت شيئاً جودت التي تطيع زوجها وتلزم بيتها العزيزة في قومها الذليلة في نفسها الودود الولود وكل أمرها محمود. وقال عبد الملك بن مروان لرجل من غطفان: صف لي أحسن النساء فقال خذها يا أمير المؤمنين ملساء القدمين درماء الكعبين مملوءة الساقين جماء الركبتين لفاء الفخذين مقرمدة الرفغين ناعمة الأليتين منيفة المأكمتين بداء الوركين مهضومة الخصرين ملساء المتنين مشرفة فعمة العضدين فخمة الذراعين رخصة الكفين ناهدة الثديين حمراء الخدين كحلاء العينين زجاء الحاجبين لمياء الشفتين بلجاء الجبين شماء العرنين شنباء الثغر حالكة الشعر غيداء العنق عيناء العينين مكسرة البطن ناتئة الركب. فقال: ويحك! وأين توجد هذه قال: تجدها في خالص العرب أو في خالص الفرس. وقال رجل لخاطب: أبغني امرأةً لا تؤنس جاراً ولا توهن داراً ولا تثقب ناراً. يريد لا تدخل على الجيران ولا يدخل عليها الجيران ولا تغري بينهم بالشر. وفي نحو هذا يقول الشاعر: من الأوانس مثل الشمس لم يرها في ساحة لا بعلٌ ولا جارٌ لم تمش ميلاً ولم تركب على جمل ولا ترى الشمس إلا دونها الكلل وقال آخر: أبغني امرأة بيضاء مديدة فرعاء جعدة تقوم فلا يصيب قميصها منها إلا مشاشة منكبيها وحلمتي ثدييها ورانفتي أليتيها. وقال الشاعر: أبت الروادف والثدي لقمصها مس البطون وإن تمس ظهورا وإذا الرياح مع العشي تناوحت نبهن حاسدةً وهجن غيورا ولآخر: إذا انبطحت فوق الأثافي رفعنها بثديين في نحر عريض وكعثب ونظر عمران بن حطان إلى امرأته. وكانت من أجمل النساء وكان من أقبح الرجال فقال: إني وإياك في الجنة إن شاء الله. قالت له: كيف ذاك قال: إني أعطيت مثلك فشكرت وأعطيت مثلي فصبرت. ونظر أبو هريرة إلى عائشة بنت طلحة فقال: سبحان الله! ما أحسن ما غذاك أهلك! والله ما رأيت وجهاً أحسن منك إلا وجه معاوية على منبر رسول الله ﷺ وكان معاوية من أحسن الناس. من اللاء لم يحججن يبغين حسبةً ولكن ليقتلن البريء المغفلا فقال لها: صان الله ذلك الوجه عن النار. فقيل له: أفتنتك يا عبد الله قال: لا ولكن الحسن مرحوم. وقال يونس: أخبرني محمد بن إسحاق قال: دخلت على عائشة بنت طلحة فوجدتها متكئة ولو أن بختية نوخت خلفها ما ظهرت. السري بن إسماعيل عن الشعبي قال: إني لفي المسجد نصف النهار إذ سمعت باب القصر يفتح فإذا بمصعب بن الزبير ومعه جماعة. فقال: يا شعبي اتبعني. فاتبعته. فأتى دار موسى بن طلحة فدخل مقصورةً ثم دخل أخرى ثم قال: يا شعبي اتبعني فاتبعته. فإذا امرأة جالسة عليها من الحلى والجواهر ما لم أر مثله وهي أحسن من الحلى الذي عليها. فقال: يا شعبي هذه ليلى التي يقول فيها الشاعر: وما زلت في ليلى لدن طر شاربي إلى اليوم أخفي حبها وأداجن وأحمل في ليلى لقوم ضغينةً وتحمل في ليلى علي الضغائن هذه عائشة بنت طلحة. فقالت له: أما إذا جلوتني عليه فأحسن إليه. فقال: يا شعبي. رح العشية فرحت. فقال: يا شعبي ما ينبغي لمن جليت عليه عائشة بنت طلحة أن ينقص عن عشرة آلاف. فأمر لي بكسوة وقارورة غالية. فقيل للشعبي في ذلك اليوم: كيف الحال قال: وكيف حال من صدر عن الأميرة ببدرة وكسوة وقارورة غالية ورؤية وجه عائشة بنت طلحة. وكان عمرو بن حجر ملك كندة وهو جد امرئ القيس أراد أن يتزوج ابنة عوف من محلم الشيباني الذي يقال فيه: لا حر بوادي عوف لإفراط عزه. وهي أم إياس وكانت ذات جمال وكمال. فوجه إليها امرأة يقال لها عصام - ذات عقل وبيان وأدب - لتنظر إليها وتمتحن ما بلغه عنها. فدخلت على أمها أمامة بنت الحارث فأعلمتها ما قدمت له. فأرسلت إلى ابنتها: أي بنية هذه خالتك أتت إليك لتنظر إلى بعض شأنك فلا تستري عنها شيئاً أرادت النظر إليه من وجه وخلق وناطقيها فيما استنطقتك فيه. فدخلت عصام عليها فنظرت إلى ما لم تر عينها مثله قط بهجةً وحسناً وجمالاً. فإذا هي أكمل الناس عقلاً وأفصحهم لساناً. فخرجت من عندها وهي تقول: ترك الخداع من كشف القناع. فذهبت مثلا. ثم أقبلت إلى الحارث فقال لها: ما وراءك يا عصام فأرسلها مثلاً. قالت: صرح المخض عن الزبدة. فذهبت مثلاً. قال: أخبريني قالت: أخبرك صدقاً وحقاً رأيت جبهةً كالمرآة الصقيلة يزينها شعر حالك كأذناب الخيل المضفورة إن أرسلته خلته السلاسل وإن مشطته قلت عناقيد كرم جلاه الوابل ومع ذلك حاجبان كأنهما خطا بقلم أو سودا بحمم قد تقوسا على مثل عين العبهرة التي لم يرعها قانص ولم يذعرها قسورة بينهما أنف كحد السيف المصقول لم يخنس به قصر ولم يمعن به طول حفت به وجنتان كالأرجوان في بياض محض كالجمان شق فيه فم كالخاتم لذيذ المبتسم فيه ثنايا غر ذوات أشر وأسنان تعد كالدر وريق تنم إليك منه ريح الخمر أم نشر الروض بالسحر يتقلب فيه لسان ذو فصاحة وبيان يقلبه عقل وافر وجواب حاضر يلتقي دونه شفتان حمراوان كالورد يحلبان ريقاً كالشهد تحت ذاك عنق كإبريق الفضة ركب في صدر تمثال دمية يتصل به عضدان ممتلئان لحماًًمكتنزان شحماً وذراعان ليس فيهما عظم يحس ولا عرق يحبس ركبت فيهما كفان رقيق قصبهما لين عصبهما تعقد إن شئت منها الأنامل وتركب الفصوص في حفر المفاصل وقد تربع في صدرها حقان كأنهما رمانتان. من تحت ذلك بطن طوي كطي القباطي المدمجة كسي عكنا كالقراطيس المدرجة. تحيط تلك العكن بسرة كمدهن العاج المجلو خلف ظهر كالجدول ينتهي إلى خصر لولا رحمة الله لانخزل تحته كفل يقعدها إذا نهضت وينهضها إذا قعدت كأنه دعص رمل لبده سقوط الطل يحمله فخذان لفاوان كأنهما نضيد الجمار تحملهما ساقان خدلجتان كالبردى وشيا بشعر أسود كأنه حلق الزرد ويحمل ذلك قدمان كحد السنان تبارك الله في صغرهما كيف تطيقان حمل ما فوقهما فأما سوى ذلك فتركت أن أصفه غير أنه أحسن ما وصفه واصف بنظم أو نثر. قال: فأرسل إلى أبيها يخطبها. فكان من أمرهما ما تقدم ذكره في صدر هذا الكتاب.