→ حديث في سجود الغنم له صلى الله عليه وسلم | البداية والنهاية – الجزء السادس قصة الذئب وشهادته بالرسالة ابن كثير |
قصة الوحش الذي كان في بيت النبي وكان يحترمه عليه السلام ويوقره ويجله ← |
قال الإمام أحمد: حدثنا يزيد، ثنا القاسم بن الفضل الحداني عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري قال: عدا الذئب على شاة فأخذها، فطلبه الراعي فانتزعها منه، فأقعى الذئب على ذنبه.
فقال: ألا تتقي الله؟ تنزع مني رزقا ساقه الله إلي؟
فقال: يا عجبي ذئب يكلمني كلام الأنس!
فقال الذئب: ألا أخبرك بأعجب من ذلك؟ محمد ﷺ بيثرب يخبر الناس بأنباء ما قد سبق.
قال: فأقبل الراعي يسوق غنمه حتى دخل المدينة فزواها إلى زاوية من زواياها، ثم أتى رسول الله ﷺ فأخبره، فأمر رسول الله ﷺ فنودي: الصلاة جامعة ثم خرج فقال للراعي: « أخبرهم » فأخبرهم.
فقال رسول الله ﷺ: « صدق والذي نفس محمد بيده لا تقوم الساعة حتى يكلم السباع الأنس، ويكلم الرجل عذبة سوطه وشراك نعله، ويخبره فخذه بما أحدث أهله بعده ».
وهذا إسناد على شرط الصحيح، وقد صححه البيهقي.
ولم يروه إلا الترمذي من قوله: « والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى يكلم السباع الأنس » إلى آخره عن سفيان بن وكيع، عن أبيه، عن القاسم بن الفضل.
ثم قال: وهذا حديث حسن غريب صحيح، لا نعرفه إلا من حديث القاسم وهو ثقة مأمون عند أهل الحديث، وثقه يحيى وابن مهدي.
طريق أخرى عن أبي سعيد الخدري:
قال الإمام أحمد: حدثنا أبو اليمان، أنا شعيب، حدثني عبد الله ابن أبي حسين، حدثني شهر أن أبا سعيد الخدري حدثه عن النبي ﷺ قال: « بينا أعرابي في بعض نواحي المدينة في غنم له عدا عليه ذئب فأخذ شاة من غنمه، فأدركه الأعرابي فاستنقذها منه وهجهجه فعانده الذئب يمشي، ثم أقعى مشتذفرا بذنبه يخاطبه فقال: أخذت رزقا رزقنيه الله.
قال: واعجبا من ذئب مستذفر بذنبه يخاطبني!
فقال: والله إن لتترك أعجب من ذلك.
قال: وما أعجب من ذلك؟
قال: رسول الله ﷺ في النخلتين بين الحرتين يحدث الناس عن أنباء ما قد سبق، وما يكون بعد ذلك.
قال: فنعق الأعرابي بغنمه حتى ألجأها إلى بعض المدينة، ثم مشى إلى النبي ﷺ حتى ضرب عليه بابه، فلما صلى النبي ﷺ قال: « أين الأعرابي صاحب الغنم؟ »
فقام الأعرابي فقال له النبي ﷺ: « حدث الناس بما سمعت، وبما رأيت ».
فحدث الأعرابي الناس بما رأى من الذئب وما سمع منه.
فقال النبي ﷺ عند ذلك: « صدق آيات تكون قبل الساعة، والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى يخرج أحدكم من أهله فيخبره نعله أو سوطه أو عصاه بما أحدث أهله بعده ».
وهذا على شرط أهل السنن ولم يخرجوه.
وقد رواه البيهقي من حديث النفيلي قال: قرأت على معقل بن عبد الله بن شهر بن حوشب، عن أبي سعيد فذكره.
ثم رواه الحاكم وأبو سعيد بن عمرو عن الأصم، عن أحمد بن عبد الجبار، عن يونس بن بكير، عن عبد الجيد بن بهرام، عن شهر بن حوشب، عن أبي سعيد فذكره.
ورواه الحافظ أبو نعيم من طريق عبد الرحمن بن يزيد بن تميم عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي سعيد فذكره.
حديث أبي هريرة في ذلك:
قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أنا معمر عن أشعث بن عبد الملك، عن شهر بن حوشب، عن أبي هريرة قال: جاء ذئب إلى راعي غنم فأخذ منها شاة فطلبه الراعي حتى انتزعها منه.
قال: فصعد الذئب على تل فأقعى فاستذفر وقال: عمدت إلى رزق رزقنيه الله عز وجل انتزعته مني.
فقال الرجل: لله إذا رأيت كاليوم ذئبا يتكلم.
فقال الذئب: أعجب من هذا رجل في النخلات بين الحرتين يخبركم بما مضى، وما هو كائن بعدكم.
وكان الرجل يهوديا، فجاء إلى النبي -ﷺ - فأسلم، وخبره فصدقه النبي ﷺ ثم قال رسول الله: « إنها أمارة من أمارات بين يدي الساعة، قد أوشك الرجل أن يخرج فلا يرجع حتى تحدثه نعلاه وسوطه بما أحدثه أهله بعده ».
تفرد به أحمد، وهو على شرط السنن ولم يخرجوه، ولعل شهر بن حوشب قد سمعه من أبي سعيد وأبي هريرة أيضا، والله أعلم.
حديث أنس في ذلك:
قال أبو نعيم في دلائل النبوة: ثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، ثنا محمد بن يحيى بن منده، ثنا علي بن الحسن بن سالم، ثنا الحسين الرفا عن عبد الملك بن عمير، عن أنس.
ح، وحدثنا سليمان - هو الطبراني -، ثنا عبد الله بن محمد بن ناجية، ثنا هشام بن يونس اللؤلؤي، ثنا حسين بن سليمان الرفا عن عبد الملك بن عمير، عن أنس بن مالك قال: كنت مع النبي ﷺ في غزوة تبوك فشردت علي غنمي فجاء الذئب فأخذ منها شاة فاشتد الرعاء خلفه.
فقال: طعمة أطعمنيها الله تنزعونها مني؟
قال: فبهت القوم.
فقال: ما تعجبون من كلام الذئب، وقد نزل الوحي على محمد فمن مصدق ومكذب.
ثم قال أبو نعيم: تفرد به حسين بن سليمان عن عبد الملك.
قلت: الحسين بن سليمان الرفا هذا يقال له: الطلخي كوفي، أورد له ابن عدي عن عبد الملك بن عمير أحاديث ثم قال: لا يتابع عليها.
حديث ابن عمر في ذلك:
قال البيهقي: أخبرنا أبو سعد الماليني، أنا أبو أحمد بن عدي، ثنا عبد الله ابن أبي داود السجستاني، ثنا يعقوب بن يوسف ابن أبي عيسى، ثنا جعفر بن حسن، أخبرني أبو حسن، ثنا عبد الرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب قال: قال ابن عمر: كان راع على عهد رسول الله ﷺ إذ جاء الذئب فأخذ شاة ووثب الراعي حتى انتزعها من فيه.
فقال له الذئب: أما تتقي الله أن تمنعني طعمة أطعمنيها الله تنزعها مني؟
فقال له الراعي: العجب من ذئب يتكلم.
فقال الذئب: أفلا أدلك على ما هو أعجب من كلامي ذلك الرجل في النخل يخبر الناس بحديث الأولين والآخرين أعجب من كلامي.
فانطلق الراعي حتى جاء رسول الله ﷺ فأخبره، وأسلم.
فقال له رسول الله ﷺ: « حدث به الناس ».
قال الحافظ ابن عدي: قال لنا أبو بكر ابن أبي داود: ولد هذا الراعي يقال لهم: بنو مكلم الذئب، ولهم أموال ونعم وهم من خزاعة، واسم مكلم الذئب: أهبان قال: ومحمد بن أشعث الخزاعي من ولده.
قال البيهقي: فدل على اشتهار ذلك، وهذا مما يقوي الحديث.
وقد روى من حديث محمد بن إسماعيل البخاري في التاريخ: حدثني أبو طلحة، حدثني سفيان بن حمزة الأسلمي سمع عبد الله بن عامر الأسلمي عن ربيعة بن أوس، عن أنس بن عمرو، عن أهبان بن أوس قال: كنت في غنم لي فكلمه الذئب وأسلم.
قال البخاري: إسناده ليس بالقوي.
ثم روى البيهقي عن أبي عبد الرحمن السلمي سمعت الحسين بن أحمد الرازي سمعت أبا سليمان المقري يقول: خرجت في بعض البلدان على حمار فجعل الحمار يحيد بي عن الطريق فضربت رأسه ضربات، فرفع رأسه إلي وقال: لي اضرب يا أبا سليمان فإنما على دماغك هو ذا يضرب.
قال: قلت له: كلمك كلاما يفهم!
قال: كما تكلمني وأكلمك.
حديث آخر عن أبي هريرة في الذئب:
وقد قال سعيد بن مسعود: ثنا حبان بن علي، ثنا عبد الملك بن عمير عن أبي الأوس الحارثي، عن أبي هريرة قال: جاء الذئب فأقعى بين يدي النبي ﷺ وجعل يبصبص بذنبه.
فقال رسول الله ﷺ: « هذا وافد الذئاب، جاء ليسألكم أن تجعلوا له من أموالكم شيئا ».
قالوا: والله لا نفعل، وأخذ رجل من القوم حجرا فرماه، فأدبر الذئب وله عواء.
فقال رسول الله ﷺ: « الذئب وما الذئب ».
وقد رواه البيهقي عن الحاكم، عن أبي عبد الله الأصبهاني، عن محمد بن مسلمة، عن يزيد بن هارون، عن شعبة، عن عبد الملك بن عمير، عن رجل به.
ورواه الحافظ أبو بكر البزار عن محمد بن المثنى، عن غندر، عن شعبة، عن عبد الملك بن عمير، عن رجل، عن مكحول، عن أبي هريرة فذكره.
وعن يوسف بن موسى، عن جرير بن عبد الحميد، عن عبد الملك بن عمير، عن أبي الأوبر، عن أبي هريرة قال: صلى رسول الله ﷺ يوما صلاة الغداة ثم قال: « هذا الذئب وما الذئب جاءكم يسألكم أن تعطوه أو تشركوه في أموالكم ».
فرماه رجل بحجر فمر، أو ولى وله عواء.
وقال محمد بن إسحاق عن الزهري، عن حمزة ابن أبي أسيد قال: خرج رسول الله ﷺ في جنازة رجل من الأنصار بالبقيع فإذا الذئب مفترشا ذراعيه على الطريق فقال رسول الله ﷺ: « هذا جاء يستفرض فافرضوا له ».
قالوا: ترى رأيك يا رسول الله؟
قال: « من كل سائمة شاة في كل عام ».
قالوا: كثير.
قال: فأشار إلى الذئب أن خالسهم، فانطلق الذئب، رواه البيهقي.
وروى الواقدي عن رجل سماه، عن المطلب بن عبد الله بن حنطب قال: بينا رسول الله ﷺ في المدينة إذ أقبل ذئب فوقف بين يديه.
فقال: « هذا وافد السباع إليكم فإن أحببتم أن تفرضوا له شيئا لا يعدوه إلى غيره، وإن أحببتم تركتموه واحترزتم منه فما أخذ فهو رزقه ».
فقالوا: يا رسول الله ما تطيب أنفسنا له بشيء.
فأومأ إليه بأصابعه الثلاث أن خالسهم قال: فولى وله عواء.
وقال أبو نعيم: ثنا سليمان بن أحمد، ثنا معاذ بن المثنى، ثنا محمد بن كثير، ثنا سفيان، ثنا الأعمش عن شمر بن عطية، عن رجل من مزينة أن جهينة قال: أتت وفود الذئاب قريب من مائة ذئب حين صلى رسول الله ﷺ فأقعين.
فقال رسول الله ﷺ: « هذه وفود الذئاب جئنكم يسألنكم لتفرضوا لهن من قوت طعامكم، وتأمنوا على ما سواه » فشكوا إليه الحاجة.
قال: « فأدبروهم ».
قال: فخرجن ولهن عواء.
وقد تكلم القاضي عياض على حديث الذئب، فذكر عن أبي هريرة وأبي سعيد، وعن أهبان ابن أوس، وأنه كان يقال له: مكلم الذئب قال: وقد روى ابن وهب أنه جرى مثل هذا لأبي سفيان بن حرب، وصفوان بن أمية مع ذئب وجداه أخذ صبيا فدخل الصبي الحرم، فانصرف الذئب، فعجبا من ذلك.
فقال الذئب: أعجب من ذلك محمد بن عبد الله بالمدينة يدعوكم إلى الجنة، وتدعونه إلى النار.
فقال أبو سفيان: واللات والعزى لأن ذكرت هذا بمكة ليتركنها أهلوها.