→ قصة قصعة بيت الصديق | البداية والنهاية – الجزء السادس حديث آخر في تكثير الطعام في السفر ابن كثير |
قصة جابر ودين أبيه وتكثيره عليه السلام التمر ← |
قال الإمام أحمد: حدثنا فزارة بن عمر، أنا فليح عن سهيل ابن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: خرج رسول الله ﷺ في غزوة غزاها، فأرمل فيها المسلمون واحتاجوا إلى الطعام، فاستأذنوا رسول الله ﷺ في نحر الإبل فأذن لهم، فبلغ ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
قال: فجاء فقال: يا رسول الله إبلهم تحملهم وتبلغهم عدوهم ينحرونها؟ أدع يا رسول الله بغبرات الزاد، فادع الله عز وجل فيها بالبركة.
قال: « أجل » فدعا بغبرات الزاد، فجاء الناس بما بقي معهم فجمعه، ثم دعا الله عز وجل فيه بالبركة، ودعاهم بأوعيتهم فملأها وفضل فضل كثير.
فقال رسول الله ﷺ عند ذلك: « أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أني عبد الله ورسوله، ومن لقي الله عز وجل بهما غير شاك دخل الجنة ».
وكذلك رواه جعفر الفريابي عن أبي مصعب الزهري، عن عبد العزيز ابن أبي حازم، عن أبيه سهيل به.
ورواه مسلم، والنسائي جميعا عن أبي بكر ابن أبي النضر، عن أبيه، عن عبيد الله الأشجعي، عن مالك بن مغول، عن طلحة بن مصرف، عن أبي صالح، عن أبي هريرة به.
وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي: ثنا زهير، ثنا أبو معاوية عن الأعمش، عن أبي صالح سعيد، أو عن أبي هريرة - شك الأعمش - قال: لما كانت غزوة تبوك أصاب الناس مجاعة فقالوا: يا رسول الله لو أذنت لنا فنحرنا نواضحنا فأكلنا، وادهنا؟
فقال: « إفعلوا ».
فجاء عمر فقال: يا رسول الله إن فعلوا قل الظهر، ولكن أدعهم بفضل أزوادهم، ثم أدع لهم عليها بالبركة لعل الله أن يجعل في ذلك البركة.
فأمر رسول الله بنطع فبسط، ودعا بفضل أزوادهم قال: فجعل الرجل يجيء بكف التمر، والآخر بالكسرة حتى اجتمع على النطع شيء من ذلك يسير، فدعا عليهم بالبركة ثم قال: « خذوا في أوعيتكم » فأخذوا في أوعيتهم حتى ما تركوا في العسكر وعاء إلا ملأه، وأكلوا حتى شبعوا وفضلت فضلة.
فقال رسول الله - ﷺ: « أشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، لا يلقى الله بها عبد غير شاك فتحتجب عنه الجنة ».
وهكذا رواه مسلم أيضا عن سهل ابن عثمان وأبي كريب، كلاهما عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد، وأبي هريرة فذكر مثله.
حديث آخر في هذه القصة:
قال الإمام أحمد: ثنا علي بن إسحاق، ثنا عبد الله - هو ابن المبارك -، أنا الأوزاعي، أنا المطلب بن حنطب المخزومي، حدثني عبد الرحمن ابن أبي عمرة الأنصاري، حدثني أبي قال: كنا مع رسول الله ﷺ في غزاة، فأصاب الناس مخمصة، فاستأذن الناس رسول الله ﷺ في نحر بعض ظهورهم وقالوا: يبلغنا الله به.
فلما رأى عمر بن الخطاب أن رسول الله ﷺ قد هم أن يأذن لهم في نحر بعض ظهورهم.
قال: يا رسول الله كيف بنا إذا نحن لقينا العدو غدا جياعا رجالا؟ ولكن إن رأيت يا رسول الله أن تدعو لنا ببقايا أزوادهم وتجمعها، ثم تدعو الله فيها بالبركة فإن الله سيبلغنا بدعوتك، أو سيبارك لنا في دعوتك، فدعا النبي ﷺ ببقايا أزوادهم، فجعل الناس يجيئون بالحبة من الطعام وفوق ذلك، فكان أعلاهم من جاء بصاع من تمر، فجمعها رسول الله ﷺ ثم قام فدعا ما شاء الله أن يدعو، ثم دعا الجيش بأوعيتهم وأمرهم أن يحتثوا، فما بقي في الجيش وعاء إلا ملأوه وبقي مثله، فضحك رسول الله ﷺ حتى بدت نواجذه وقال: « أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أني رسول الله، لا يلقى الله عبد يؤمن بهما إلا حجبت عنه النار يوم القيامة ».
وقد رواه النسائي من حديث عبد الله بن المبارك بإسناده نحو ما تقدم.
حديث آخر في هذه القصة:
قال الحافظ أبو بكر البزار: ثنا أحمد بن المعلى الآدمي، ثنا عبد الله بن رجاء، ثنا سعيد بن سلمة، حدثني أبو بكر - أظنه من ولد عمر بن الخطاب -عن إبراهيم بن عبد الرحمن ابن أبي ربيعة أنه سمع أبا خنيس الغفاري أنه كان مع رسول الله ﷺ في غزوة تهامة حتى إذا كنا بعسفان جاءه أصحابه فقالوا: يا رسول الله جهدنا الجوع، فأذن لنا في الظهر أن نأكله.
قال: « نعم ».
فأخبر بذلك عمر بن الخطاب، فجاء رسول الله فقال: يا نبي الله ما صنعت؟ أمرت الناس أن ينحروا الظهر فعلى ما يركبون؟
قال: « فما ترى يا ابن الخطاب؟ »
قال: أرى أن تأمرهم أن يأتوا بفضل أزوادهم فتجمعه في ثوب ثم تدعو لهم، فأمرهم، فجمعوا فضل أزوادهم في ثوب ثم دعا لهم ثم قال: « إئتوا بأوعيتكم » فملأ كل إنسان وعاءه، ثم أذن بالرحيل، فلما جاوز مطروا فنزل ونزلوا معه وشربوا من ماء السماء، فجاء ثلاثة نفر فجلس إثنان مع رسول الله، وذهب الآخر معرضا.
فقال رسول الله: « ألا أخبركم عن النفر الثلاثة: أما واحد فاستحى من الله فاستحى الله منه، وأما الآخر فأقبل تائبا فتاب الله عليه، وأما الآخر فأعرض فأعرض الله عنه »
ثم قال البزار: لا نعلم روى أبو خنيس إلا هذا الحديث بهذا الإسناد.
وقد رواه البيهقي عن الحسين بن بشران، عن أبي بكر الشافعي، ثنا إسحاق بن الحسن الخرزي، أنا أبو رجاء، ثنا سعيد بن سلمة، حدثني أبو بكر بن عمرو بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله ابن أبي ربيعة أنه سمع أبا خنيس الغفاري فذكره.
حديث آخر عن عمر بن الخطاب في هذه القصة:
قال الحافظ أبو يعلى: ثنا ابن هشام - محمد بن يزيد الرفاعي - ثنا ابن فضل، ثنا يزيد - وهو ابن أبي زياد - عن عاصم بن عبيد الله بن عاصم، عن أبيه، عن جده عمر قال: كنا مع رسول الله ﷺ في غزاة.
فقلنا: يا رسول الله إن العدو قد حضر وهم شباع، والناس جياع.
فقالت الأنصار: ألا ننحر نواضحنا فنطعمها الناس؟
فقال رسول الله - ﷺ -: « من كان معه فضل طعام فليجيء به » فجعل الرجل يجيء بالمد والصاع وأقل وأكثر، فكان جميع ما في الجيش بضعا وعشرين صاعا، فجلس النبي ﷺ إلى جنبه فدعا بالبركة.
فقال النبي ﷺ: « خذوا ولا تنتهبوا » فجعل الرجل يأخذ في جرابه، وفي غرارته، وأخذوا في أوعيتهم حتى أن الرجل ليربط كم قميصه فيملؤه، ففرغوا والطعام كما هو.
ثم قال النبي ﷺ: « أشهد أن لا إله إلا الله، وإني رسول الله، لا يأتي بها عبد محق إلا وقاه الله حر النار »
ورواه أبو يعلى أيضا عن إسحاق بن إسمعيل الطالقاني، عن جرير، عن يزيد ابن أبي زياد فذكره، وما قبلة شاهد له بالصحة، كما أنه متابع لما قبله، والله أعلم.
حديث آخر عن سلمة بن الأكوع في ذلك:
قال الحافظ أبو يعلى: ثنا محمد بن بشار، ثنا يعقوب بن إسجاق الحضرمي القاري، ثنا عكرمة بن عمار عن إياس بن سلمة عن أبيه قال: كنا مع رسول الله ﷺ في غزوة خيبر، فأمرنا أن نجمع ما في أزوادنا - يعني من التمر - فبسط نطعا نشرنا عليه أزوادنا.
قال: فتمطيت فتطاولت فنظرت فحزرته كربضة شاة، ونحن أربع عشرة مائة.
قال: فأكلنا، ثم تطاولت فنظرت فحزرته كربضة شاة.
وقال رسول الله ﷺ: « هل من وضوء؟ »
قال: فجاء رجل بنقطة في إداوته.
قال: فقبضها فجعلها في قدح.
قال: فتوضأنا كلنا ندغفقها دغفقة، ونحن أربع عشرة مائة.
قال: فجاء أناس فقالوا: يا رسول الله ألا وضوء؟
فقال: « قد فرغ الوضوء ».
وقد رواه مسلم عن أحمد بن يوسف السلمي، عن النضر بن محمد، عن عكرمة بن عمار، عن إياس، عن أبيه سلمة وقال: فأكلنا حتى شبعنا، ثم حشونا جربنا.
وتقدم ما ذكره ابن إسحاق في حفر الخندق حيث قال: حدثني سعيد بن ميناء أنه قد حدث أن ابنة لبشير بن سعد - أخت النعمان بن بشير - قالت: دعتني أمي عمرة بنت رواحة، فأعطتني جفنة من تمر في ثوبي ثم قالت: أي بنية اذهبي إلى أبيك وخالك عبد الله بغدائهما.
قالت: فأخذتها فانطلقت بها فمررت برسول الله ﷺ وأنا ألتمس أبي وخالي.
فقال: « تعالي يا بنية ما هذا معك؟ »
قالت: قلت: يا رسول الله هذا تمر بعثتني به أمي إلى أبي بشير بن سعد، وخالي عبد الله بن رواحة يتغديانه.
فقال: « هاتيه ».
قالت: فصببته في كفي رسول الله ﷺ فما ملأتهما، ثم أمر بثوب فبسط له، ثم دعا بالتمر فنبذ فوق الثوب، ثم قال لإنسان عنده: « إصرخ في أهل الخندق أن هلم إلى الغداء » فاجتمع أهل الخندق عليه، فجعلوا يأكلون منه، وجعل يزيد حتى صدر أهل الخندق عنه، وإنه ليسقط من أطراف الثوب.