→ قصة سلمان في تكثيره صلى الله عليه وسلم تلك القطعة من الذهب | البداية والنهاية – الجزء السادس حديث الذراع ابن كثير |
باب انقياد الشجر لرسول الله صلى الله عليه وسلم ← |
قال الإمام أحمد: حدثنا إسماعيل، ثنا يحيى بن أبي كثير عن أبي إسحاق، حدثني رجل من بني غفار في مجلس سالم بن عبد الله قال: حدثني فلان أن رسول الله ﷺ أتي بطعام من خبز ولحم.
فقال: « ناولني الذراع » فنوول ذراعا.
قال يحيى: لا أعلمه إلا هكذا ثم قال: « ناولني الذراع » فنوول ذراعا فأكلها.
ثم قال: « ناولني الذراع ».
فقال: يا رسول الله إنما هما ذراعان.
فقال: « وأبيك لو سكت ما زلت أناول منها ذراعا ما دعوت به »
فقال سالم: أما هذه فلا، سمعت عبد الله بن عمر يقول: قال رسول الله ﷺ: « إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم ».
هكذا وقع إسناد هذا الحديث، وهو عن مبهم عن مثله.
وقد روي من طرق أخرى: قال الإمام أحمد: حدثنا خلف بن الوليد، حدثنا أبو جعفر - يعني: الرازي - عن شرحبيل، عن أبي رافع مولى النبي ﷺ قال: أهديت له شاة فجعلها في القدر، فدخل رسول الله ﷺ فقال: « ما هذا يا أبا رافع؟ »
قال: شاة أهديت لنا يا رسول الله، فطبختها في القدر.
فقال: « ناولني الذراع يا أبا رافع ».
فناولته الذراع.
ثم قال: « ناولني الذراع الآخر »
فناولته الذراع الآخر.
ثم قال: « ناولني الذراع الآخر ».
فقال: يا رسول الله إنما للشاة ذراعان.
فقال رسول الله ﷺ: « أما إنك لو سكت لناولتني ذراعا فذراعا ما سكت » ثم دعا بماء فمضمض فاه، وغسل أطراف أصابعه، ثم قام فصلى، ثم عاد إليهم فوجد عندهم لحما باردا فأكل، ثم دخل المسجد فصلى ولم يمس ماء.
طريق أخرى عن أبي رافع:
قال الإمام أحمد: ثنا مؤمل، ثنا حماد، حدثني عبد الرحمن ابن أبي رافع، عن عمته، عن أبي رافع قال: صنع لرسول الله ﷺ شاة مصلية فأتى بها فقال لي: « يا أبا رافع ناولني الذراع ».
فناولته.
ثم قال: « يا أبا رافع ناولني الذراع ».
فناولته.
ثم قال: « يا أبا رافع ناولني الذراع ».
فقلت: يا رسول الله وهل للشاة إلا ذراعان؟!
فقال: « لو سكت لناولتني منها ما دعوت به ».
قال: وكان رسول الله ﷺ يعجبه الذراع.
قلت: ولهذا لما علمت اليهود - عليهم لعائن الله - بخيبر سموه في الذراع في تلك الشاة التي أحضرتها زينب اليهودية، فأخبره الذراع بما فيه السم لما نهس منه نهسة كما قدمنا ذلك في غزوة خيبر مبسوطا.
طريق أخرى:
قال الحافظ أبو يعلى: ثنا أبو بكر ابن أبي شيبة، ثنا زيد بن الحباب، حدثني قائد مولى عبيد الله ابن أبي رافع قال: أتيت رسول الله ﷺ يوم الخندق بشاة في مكتل فقال: « يا أبا رافع ناولني الذراع ».
فناولته.
ثم قال: « يا أبا رافع ناولني الذراع ».
فناولته.
ثم قال: « يا أبا رافع ناولني الذراع ».
فقلت: يا رسول الله أللشاة إلا ذراعان؟
فقال: « لو سكت ساعة ناولتنيه ما سألتك ».
فيه انقطاع من هذا الوجه.
وقال أبو يعلى أيضا: ثنا محمد ابن أبي بكر المقدمي، ثنا فضيل بن سليمان، ثنا قايد مولى عبيد الله، حدثني عبيد الله أن جدته سلمى أخبرته أن النبي ﷺ بعث إلى أبي رافع بشاة وذلك يوم الخندق فيما أعلم، فصلاها أبو رافع ليس معها خبز، ثم انطلق بها فلقيه النبي ﷺ راجعا من الخندق فقال: « يا أبا رافع ضع الذي معك » فوضعه.
ثم قال: « يا أبا رافع ناولني الذراع ».
فناولته.
ثم قال: « يا أبا رافع ناولني الذراع ».
فناولته.
ثم قال: « يا أبا رافع ناولني الذراع ».
فقلت: يا رسول الله هل للشاة غير ذراعين؟
فقال: « لو سكت لناولتني ما سألتك ».
وقد روي من طريق أبي هريرة: قال الإمام أحمد: ثنا الضحاك، ثنا ابن عجلان عن أبيه، عن أبي هريرة أن شاة طبخت فقال رسول الله ﷺ: « أعطني الذراع ».
فناولته إياه.
فقال: « أعطني الذراع ».
فناولته إياه.
ثم قال: « أعطني الذراع ».
فناولته إياه.
ثم قال: « أعطني الذراع ».
فقال: يا رسول الله إنما للشاة ذراعان؟
قال: « أما إنك لو التمستها لوجدتها ».
حديث آخر:
قال الإمام أحمد: حدثنا وكيع عن دكين بن سعيد الخثعمي قال: أتينا رسول الله ﷺ ونحن أربعون وأربعمائة نسأله الطعام، فقال النبي ﷺ لعمر: « قم فأعطهم ».
فقال: يا رسول الله ما عندي إلا ما يقيظني والصبية -.
قال وكيع: القيظ في كلام العرب أربعة أشهر -.
قال: « قم فأعطهم ».
قال: يا رسول الله سمعا وطاعة.
قال: فقام عمر وقمنا معه، فصعد بنا إلى غرفة له فأخرج المفتاح من حجزته ففتح الباب.
قال دكين فإذا في الغرفة من التمر شبيه بالفصيل الرابض.
قال: شأنكم.
قال: فأخذ كل رجل منا حاجته ما شاء، ثم التفت وإني لمن آخرهم فكأنا لم نرزأ منه تمرة.
ثم رواه أحمد عن محمد، ويعلى أبي عبيد عن إسماعيل - وهو ابن أبي خالد - عن قيس - وهو ابن أبي حازم -، عن دكين به.
ورواه أبو داود عن عبد الرحيم بن مطرف الرواسي، عن عيسى بن يونس، عن إسماعيل به.
حديث آخر:
قال علي بن عبد العزيز: ثنا أبو نعيم، ثنا حشرج بن نباتة، ثنا أبو نضرة، حدثني أبو رجاء قال: خرج رسول الله ﷺ حتى دخل حائطا لبعض الأنصار فإذا هو برسول الله ﷺ فقال رسول الله ﷺ: « ما تجعل لي إن أرويت حائطك هذا؟ »
قال: إني أجهد أن أرويه فما أطيق ذلك.
فقال له رسول الله ﷺ: « تجعل لي مائة تمرة أختارها من تمرك؟ »
قال: نعم.
فأخذ رسول الله ﷺ الغرب فما لبث أن أرواه حتى قال الرجل: غرقت حائطي، فاختار رسول الله ﷺ من تمره مائة تمره.
قال: فأكل هو وأصحابه حتى شبعوا، ثم رد عليه مائة تمرة كما أخذها.
هذا حديث غريب أورده الحافظ ابن عساكر في دلائل النبوة من أول تاريخه بسنده عن علي بن عبد العزيز البغوي كما أوردناه.
وقد تقدم في ذكر إسلام سلمان الفارسي ما كان من أمر النخيل التي غرسها رسول الله ﷺ بيده الكريمة لسلمان، فلم يهلك منهن واحدة بل أنجب الجميع وكن ثلاثمائة، وما كان من تكثيره الذهب حين قلبه على لسانه الشريف حتى قضى منه سلمان ما كان عليه من نجوم كتابته وعتق - رضي الله عنه وأرضاه -.