→ مسير أمير المؤمنين علي إلى الخوارج | البداية والنهاية – الجزء السابع ما ورد فيهم من الأحاديث الشريفة ابن كثير |
فصل خطبة علي رضي الله عنه بعد انصرافه من النهروان ← |
الحديث الأول: عن علي رضي الله عنه، ورواه عنه زيد بن وهب، وسويد بن غفلة، وطارق بن زياد، وعبد الله بن شداد، وعبيد الله بن أبي رافع، وعبيدة بن عمرو السلماني، وكليب أبو عاصم، وأبو كثير وأبو مريم، وأبو موسى، وأبو وائل الوضي فهذه اثنتا عشرة طريقا إليه ستراها بأسانيدها وألفاظها ومثل هذا يبلغ حد التواتر.
الطريق الأولى
قال مسلم بن الحجاج في صحيحه: حدثنا عبد بن حميد، ثنا عبد الرزاق، عن همام، ثنا عبد الملك بن أبي سليمان، ثنا سلمة بن كهيل.
حدثني زيد بن وهب الجهني: أنه كان في الجيش الذين كانوا مع علي الذين ساروا إلى الخوارج فقال علي: يا أيها الناس إني سمعت رسول الله ﷺ يقول:
« يخرج قوم من أمتي يقرأون القرآن ليس قراءتكم إلى قراءتهم بشيء، ولا صلاتكم إلى صلاتهم بشيء، ولا صيامكم إلى صيامهم بشيء، يقرأون القرآن يحسبون أنه لهم وهو عليهم، لا تجاوز صلاتهم تراقيهم.
يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرميّة، لو يعلم الجيش الذين يصيبونهم ما قُضي لهم على لسان نبيهم ﷺ لا تكلوا على العمل، وآية ذلك أن فيهم رجلا له عضدٌ ليس لها ذراع، على رأس عضده مثل حلمة الثدي، عليه شعرات بيض، فيذهبون إلى معاوية وأهل الشام ويتركون هؤلاء يخلفونكم في ذراريكم وأموالكم.
وإني لأرجو أن يكونوا هؤلاء القوم، فإنهم قد سفكوا الدم الحرام وأغاروا في سرح الناس، فسيروا على اسم الله.
قال سلمة: فذكر زيد بن وهب منزلا منزلا حتى مروا على قنطرة فلما التقينا - وعلى الخوارج يومئذ عبد الله بن وهب الراسبي - فقال لهم: ألقوا الرماح وسلوا سيوفكم وكسروا جفونها فإني أخاف أن يناشدوكم كما ناشدوكم يوم حروراء، فرجعوا.
فوحشوا برماحهم وسلوا السيوف فشجرهم الناس برماحهم.
قال: وقتل بعضهم على بعض وما أصيب من الناس يومئذ إلا رجلان.
قال علي: التمسوا فيهم المخدج، فالتمسوه فلم يجدوه، فقام علي بنفسه حتى آتى ناسا بعضهم إلى بعض، فقال: أخروه فوجدوه مما يلي الأرض فقال: أخروهم فوجدوهم مما يلي الأرض فكبر.
ثم قال: صدق الله وبلغ رسوله.
قال: فقام إليه عبيدة السلماني فقال: يا أمير المؤمنين، والله الذي لا إله إلا هو لسمعت هذا من رسول الله ﷺ، إني والله الذي لا إله إلا هو، فاستحلفه ثلاثا وهو يحلف له أنه سمعه من رسول الله ﷺ »، هذا لفظ مسلم.
وقد رواه أبو داود عن الحسن بن علي الخلال، عن عبد الرزاق بنحوه.
طريق أخرى عن علي
قال الإمام أحمد: حدثنا وكيع، ثنا الأعمش، وعبد الرحمن، عن سفيان، عن الأعمش بن خيثمة، عن سويد بن غفلة قال: قال علي: إذا حدثتكم عن رسول الله ﷺ فَلَأن أَخِرَّ من السماء أحب إلي من أن أكذب عليه وإذا حدثتكم فيما بيني وبينكم فإن الحرب خدعة، سمعت رسول الله ﷺ يقول:
« يخرج قوم من أمتي في آخر الزمان أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من قول خير البرية، يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم - قال عبد الرحمن: لا يجاوز إيمانهم حناجرهم - يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فإذا لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرا لمن قاتلهم عند الله يوم القيامة ».
وأخرجاه في الصحيحين من طرق عن الأعمش به.
طريق أخرى
قال الإمام أحمد: حدثنا أبو نعيم، ثنا الوليد بن القاسم الهمداني، ثنا إسرائيل، عن إبراهيم بن عبد الأعلى، عن طارق بن زياد قال: سار علي إلى النهروان.
قال الوليد في روايته: وخرجنا معه قتل الخوارج.
فقال: اطلبوا المخدج فإن رسول الله ﷺ قال: « سيجيء قوم يتكلمون بكلمة الحق لا تجاوز حلوقهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، سيماهم أو فيهم رجل أسود مخدج اليد في يده شعرات سود، إن كان فيهم فقد قتلتم شر الناس، وإن لم يكن فيهم فقد قتلتم خير الناس.
قال الوليد، في روايته: فبكينا قال: إنا وجدنا المخدج فخررنا سجودا وخرّ علي ساجدا معنا ».
تفرد به أحمد من هذا الوجه.
طريق أخرى
رواه عبد الله بن شداد عن علي كما تقدم قريبا إيراده بطوله.
طريق أخرى عن علي
قال مسلم: حدثني أبو الطاهر ويونس بن عبد الأعلى، ثنا عبد الله بن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن بكير بن الأشج، عن بشر بن سعيد، عن عبيد الله بن أبي رافع، مولى رسول الله: أن الحرورية لما خرجت - وهو مع علي بن أبي طالب - قالوا: لا حكم إلا لله.
قال علي: كلمة حق أريد بها باطل، إن رسول الله صلى الله وعليه سلم وصف ناسا إني لأعرف صفتهم في هؤلاء، يقولون: الحق بألسنتهم لا يجاوز هذا منهم - وأشار إلى حلقه - من أبغض خلق الله منهم أسود إحدى يديه طبي شاة أو حلمة ثدي ».
فلما قتلهم علي بن أبي طالب قال: انظروا فنظروا فلم يجدوا شيئا.
فقال: ارجعوا فانظروا، فوالله ما كَذَبْتُ ولا كُذِبتُ -مرتين أو ثلاثا - فوجدوه في خربة فأتوا به عليا حتى وضعوه بين يديه.
قال عبيد الله: وأنا حاضر ذلك من أمرهم، وقول علي فيهم.
زاد يونس في روايته: قال بكير: وحدثني رجل عن ابن حنين أنه قال: رأيت ذلك الأسود.
تفرد به مسلم.
طريق أخرى
قال أحمد: حدثنا إسماعيل، ثنا أيوب، عن محمد، عن عبيدة، عن علي قال: ذكرت الخوارج عند علي فقال: فيهم مخدج اليد أو مثدون اليد؟- أو قال: مودن اليد - ولولا أن تبطروا لحدثتكم بما وعد الله الذين يقتلونهم على لسان محمد ﷺ.
قال: قلت: أنت سمعته من محمد؟
قال: إي ورب الكعبة، أي ورب الكعبة.
وقال أحمد: ثنا وكيع، ثنا جرير بن حازم، وأبو عمرو بن العلاء، عن ابن سيرين سمعاه عن عبيدة، عن علي قال: قال رسول الله ﷺ: « يخرج قوم فيهم رجل مودن اليد أو مثدون اليد أو مخدج اليد، ولولا أن تبطروا لأنبأتكم بما وعد الله الذين يقتلونهم على لسان نبيه ﷺ ».
قال عبيدة: قلت لعلي: أنت سمعته من رسول الله ﷺ؟
قال: أي ورب الكعبة، أي ورب الكعبة.
وقال أحمد: ثنا يزيد، ثنا هشام، عن محمد، عن عبيدة قال: قال علي لأهل النهروان: فيهم رجل مثدون اليد أو مخدوج اليد، ولولا أن تبطروا لأخبرتكم بما قضى الله على لسان نبيه ﷺ لمن قتلهم.
قال عبيدة: فقلت لعلي: أنت سمعته؟
قال: إي ورب الكعبة، يحلف عليها ثلاثا.
وقال أحمد: ثنا ابن أبي عدي، عن أبي بن عون، عن محمد قال: قال عبيدة: لا أحدثك إلا ما سمعت منه.
قال محمد: فحلف لنا عبيدة ثلاث مرات، وحلف له علي قال قال: لولا أن تبطروا لأنبأتكم ما وعد الله الذين يقتلونهم على لسان محمد ﷺ.
قال: قلت: أنت سمعته؟
قال: أي ورب الكعبة، أي ورب الكعبة، أي ورب الكعبة، فيهم رجل مخدج اليد أو مثدون اليد أحسبه قال: أو مودن اليد.
وقد رواه مسلم من حديث إسماعيل بن علية، وحماد بن زيد، كلاهما عن أيوب، وعن محمد بن المثنى، عن ابن أبي عدي، عن ابن عون، كلاهما عن محمد بن سيرين، عن عبيدة، عن علي، وقد ذكرناه من طرق متعددة تفيد القطع عند كثيرين عن محمد بن سيرين.
وقد حلف علي أنه سمعه من عبيدة وحلف عبيدة أنه سمعه من علي أنه سمعه من رسول الله ﷺ.
وقد قال علي: لأن أخر من السماء إلى الأرض أحب إلي من أن أكذب على رسول الله ﷺ.
طريق أخرى
قال عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل: حدثني إسماعيل أبو معمر، ثنا عبد الله بن إدريس، ثنا عاصم بن كليب، عن أبيه قال: كنت جالسا عند علي إذ دخل رجل عليه ثياب السفر، فاستأذن على علي وهو يكلم الناس فشغل عنه.
فقال علي: إني دخلت على رسول الله ﷺ وعنده عائشة فقال: « كيف أنت ويوم كذا وكذا؟
فقلت: الله ورسوله أعلم.
قال: فقال: قوم يخرجون من قبل المشرق يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فيهم رجل مخدج اليد كأن يديه يدي حبشية، أنشدكم بالله هل أخبرتكم أنه فيهم »، فذكر الحديث بطوله.
ثم رواه عبد الله بن أحمد، عن أبي خيثمة زهير بن حرب، عن القاسم بن مالك، عن عاصم بن كليب، عن أبيه عن علي.
فذكر نحوه إسناد جيد.
طريق أخرى
قال الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي: أخبرنا أبو القاسم الأزهري، أنا علي بن عبد الرحمن الكناني أنا محمد بن عبد الله بن عطاء، عن سليمان الحضرمي، أنا يحيى بن عبد الحميد الحماني، أنا خالد بن عبيد الله، عن عطاء بن السائب، عن ميسرة قال: قال أبو جحيفة:
قال علي حين فرغنا من الحرب: إن فيهم رجلا ليس في عضده عظم ثم عضده كحلمة الثدي عليها شعرات طوال عقف، فالتمسوه فلم يجدوه.
قال: فما رأيت عليا جزع جزعا أشد من جزعه يومئذ.
فقالوا: ما نجده يا أمير المؤمنين.
فقال: ويلكم ما اسم هذا المكان؟
قالوا: النهروان.
قال: كذبتم إنه لفيهم، فثورنا القتلى فلم نجده فعدنا إليه فقلنا: يا أمير المؤمنين ما نجده.
قال: ما اسم هذا المكان؟
قلنا: النهروان.
قال: صدق الله ورسوله وكذبتم، إنه لفيهم فالتمسوه فالتمسناه فوجدناه في ساقيه فجئنا به فنظرت إلى عضده ليس فيها عظم، وعليها كحلمة ثدي المرأة عليها شعرات طوال عقف.
طريق أخرى
قال الإمام أحمد: حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم، ثنا إسماعيل بن مسلم العبدي، ثنا أبو كثير مولى الأنصار قال:
كنت مع سيدي مع علي بن أبي طالب حيث قتل أهل النهروان، فكأن الناس وجدوا في أنفسهم من قتلهم.
فقال علي: يا أيها الناس إن رسول الله ﷺ:
« قد حدثنا بأقوام يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ثم لا يرجعون فيه أبدا حتى يرجع السهم على فوقه، وإن آية ذلك إن فيهم رجلا أسود مخدج اليد إحدى يديه كثدي المرأة، لها حلمة كحلمة ثدي المرأة، حوله سبع هلبات فالتمسوه فإني أراه فيهم، فالتمسوه فوجدوه إلى شفير النهر تحت القتلى فأخرجوه فكبر علي، فقال: الله أكبر! صدق الله ورسوله.
وإنه لمتقلد قوسا له عربية فأخذها بيده فجعل يطعن بها في مخدجته، ويقول: صدق الله ورسوله، وكبر الناس حين رأوه واستبشروا، وذهب عنهم ما كانوا يجدون ».
تفرد به أحمد.
طريق أخرى
قال عبد الله بن أحمد: حدثنا أبو خيثمة، ثنا شبابة بن سوار، حدثني نعيم بن حكيم، حدثني أبو مريم، ثنا علي بن أبي طالب:
أن رسول الله ﷺ قال: « إن قوما يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم، طوبى لمن قتلهم وقتلوه، علامتهم رجل مخدج ».
وقال أبو داود في (سننه): حدثنا بشر بن خالد، ثنا شبابة بن سوار، عن نعيم بن حكيم، عن أبي مريم قال: إن كان ذاك المخدج لمعنا يومئذٍ في المسجد نجالسه الليل والنهار، وكان فقيرا، ورأيته مع المساكين يشهد طعام علي مع الناس وقد كسوته برنسا لي.
قال أبو مريم: وكان المخدج يسمى: نافعا ذا الثدية، ودان في يده مثل ثدي المرأة، على رأسه حلمة مثل حلمة الثدي، عليه شعرات مثل سبالة السنور.
طريق أخرى
قال الحافظ أبو بكر البيهقي في (الدلائل): أخبرنا أبو علي الروزباري، أنا أبو محمد عبد الله بن عمرو بن شوذب المقري الواسطي بها، ثنا شعيب بن أيوب، ثنا أبو نعيم الفضل بن دكين، عن سفيان - هو الثوري - عن محمد بن قيس، عن أبي موسى رجل من قومه قال:
كنت مع علي فجعل يقول: التمسوا المخدج، فالتمسوه فلم يجدوه.
قال: فأخذ يعرق ويقول: والله ما كَذَبتُ ولا كُذبتُ، فوجدوه في نهرٍ أو داليةٍ فسجد.
طريق أخرى
قال أبو بكر البزار: حدثني محمد بن مثنى ومحمد بن معمر، ثنا عبد الصمد، ثنا سويد بن عبيد العجلي، ثنا أبو مؤمن، قال: شهدت علي بن أبي طالب يوم قتل الحرورية وأنا مع مولاي.
فقال: انظروا فإن فيهم رجلا إحدى يديه مثل ثدي المرأة، وأخبرني النبي ﷺ أني صاحبه، فقلبوا القتلى فلم يجدوه، وقالوا: سبعة نفر تحت النخلة لم نقلبهم بعد.
قال: ويلكم انظروا.
قال أبو مؤمن: فرأيت في رجليه حبلين يجرونه بهما حتى ألقوه بين يديه فخر علي ساجدا وقال: أبشروا قتلاكم في الجنة وقتلاهم في النار.
ثم قال البزار: لا نعلم روى أبو موسى عن علي غير هذا الحديث.
طريق أخرى
قال البزار: حدثنا يوسف بن موسى، ثنا إسحاق بن سليمان الرازي، سمعت أبا سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت قال: قلت لشقيق بن سلمة - يعني أبا وائل - حدثني عن ذي الثدية.
قال: لما قاتلناهم قال علي: اطلبوا رجلا علامته كذا وكذا، فطلبناه فلم نجده، فبكى وقال: اطلبوه، فوالله ما كَذبتُ ولا كُذبتُ.
قال: فطلبناه فلم نجده فبكى.
وقال: اطلبوه فوالله ما كَذبتُ ولا كُذبتُ.
قال: فطلبناه فلم نجده.
قال: وركب بغلته الشهباء فطلبناه فوجدناه تحت بردى فلما رآه سجد.
ثم قال البزار: لا نعلم روى حبيب، عن شقيق، عن علي إلا هذا الحديث.
طريق أخرى
قال عبد الله بن أحمد: حدثني عبيد الله بن عمر والقواريري، ثنا حماد بن زيد، ثنا جميل بن مرة، عن أبي الوضي قال: شهدت عليا حين قتل أهل النهروان قال: التمسوا المخدج فطلبوه في القتلى فقالوا: ليس نجده.
فقال: ارجعوا فالتمسوه فوالله ما كَذبتُ ولا كُذبتُ.
فرجعوا فطلبوه فردد ذلك مرارا، كل ذلك يحلف بالله ما كَذبتُ ولا كُذبتُ، فانطلقوا فوجدوه تحت القتلى في طين، فاستخرجوه فجيء به.
قال أبو الوضي: فكأني أنظر إليه حبشي عليه ثدي قد طبق، إحدى يديه مثل ثدي المرأة، عليها شعرات مثل شعرات تكون على ذنب اليربوع.
وقد رواه أبو داود، عن محمد بن عبيد بن حساب، عن حماد بن زيد، ثنا جميل بن مرة، ثنا أبو الوضي - واسمه عباد بن نسيب - ولكنه اختصره.
وقال عبد الله بن أحمد أيضا: حدثنا حجاج بن يوسف الشاعر، حدثني عبد الصمد بن عبد الوارث، ثنا يزيد بن أبي صالح: أن أبا الوضي عبادا حدثه أنه قال: كنا عائدين إلى الكوفة مع علي بن أبي طالب.
فلما بلغنا مسيرة ليلتين أو ثلاثا من حروراء شذّ منا ناس كثيرون فذكرنا ذلك لعلي فقال: لا يهولنّكم أمرهم فإنهم سيرجعون فذكر الحديث بطوله.
قال: فحمد الله علي بن أبي طالب وقال: إن خليلي أخبرني: أن قائد هؤلاء رجل مخدج اليد على حلمة ثديه شعرات كأنهن ذنب اليربوع، فالتمسوه فلم يجدوه فأتيناه فقلنا: إنا لم نجده، فجعل يقول: اقلبوا ذا، اقلبوا ذا؟ حتى جاء رجل من أهل الكوفة فقال: هو هذا؟
فقال علي: الله أكبر، لا يأتيكم أحد يخبركم من أبوه، فجعل الناس يقولون: هذا مالك، هذا مالك.
فقال علي: ابن من؟
وقال عبد الله بن أحمد أيضا: حدثني حجاج بن الشاعر، حدثني عبد الصمد بن عبد الوارث، ثنا يزيد بن أبي صالح: أن أبا الوضي عبادا حدثه قال: كنا عائدين إلى الكوفة مع علي فذكر حديث المخدج قال علي:
فوالله ما كَذبتُ ولا كُذبتُ ثلاثا، ثم قال علي: أما أن خليلي أخبرني بثلاثة إخوة من الجن هذا أكبرهم، والثاني له جمع كثير، والثالث فيه ضعف.
وهذا السياق فيه غرابة جدا.
وقد يمكن أن يكون ذو الثدية من الجن؟
بل هو من الشياطين إما شياطين الأنس أو شياطين الجن، إن صح هذا السياق والله تعالى أعلم.
والمقصود أن هذه طرق متواترة عن علي إذ قد روي من طرق متعددة عن جماعة متباينة لا يمكن تواطؤهم على الكذب، فأصل القصة محفوظ وإن كان بعض الألفاظ وقع فيها اختلاف بين الرواة ولكن معناها وأصلها الذي تواطأت الروايات عليه صحيح لا يشك فيه عن علي أنه رواه عن رسول الله ﷺ، أنه أخبر عن صفة الخوارج وذي الثدية الذي هو علامة عليهم.
وقد روي ذلك من طريق جماعة من الصحابة غير علي كما تراها بأسانيدها وألفاظها وبالله المستعان.
وقد رواه جماعة من الصحابة منهم: أنس بن مالك، وجابر بن عبد الله، ورافع بن عمرو الغفاري، وسعد بن أبي وقاص، وأبو سعيد سعد بن مالك بن سنان الأنصاري، وسهل بن حنيف، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو، وعبد الله بن مسعود، وعلي، وأبو ذر، وعائشة أم المؤمنين رضي الله عنهم أجمعين.
وقد قدمنا حديث علي بطرقه لأنه أحد الخلفاء الأربعة وأحد العشرة، وصاحب القصة.
ولنذكر بعده حديث ابن مسعود لتقدم وفاته على وقعة الخوارج.
الحديث الثاني عن ابن مسعود رضي الله عنه
قال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن أبي بكير، ثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصم، عن ذر، عن عبد الله قال: قال رسول الله ﷺ: « يخرج قوم في آخر الزمان سفهاء الأحلام، أحداث - أو حدثاء - الأسنان، يقولون من خير قول الناس يقرأون القرآن بألسنتهم لا يعدو تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، فمن أدركهم فليقتلهم فإن في قتلهم أجر عظيما عند الله لمن قتلهم ».
وقد رواه الترمذي عن أبي كريب، وأخرجه ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة، وعبد الله بن عامر بن زرارة، ثلاثتهم عن أبي بكر بن عياش به.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
ابن مسعود مات قبل ظهور الخوارج بنحو من خمس سنين، فخبره في ذلك من أقوى الأسانيد.
الحديث الثالث عن أنس بن مالك
قال الإمام أحمد: حدثنا إسماعيل، ثنا سليمان التميمي، ثنا أنس قال: ذكر لي أن نبي الله ﷺ قال - ولم أسمعه منه -: « إن فيكم فرقة يتعبدون ويدينون حتى يعجبوا الناس وتعجبهم أنفسهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ».
طريق أخرى
قال الإمام أحمد: حدثنا أبو المغيرة، ثنا الأوزاعي، حدثني قتادة، عن أنس بن مالك، وأبي سعيد، قال أحمد: وقد حدثنا أبو المغيرة فقال: عن أنس، عن أبي سعيد، ثم رجع أن النبي ﷺ قال:
« سيكون في أمتي اختلاف وفرقة قوم يحسنون القيل ويسيئون الفعل، يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ثم لا يرجعون حتى يرتد السهم على فوقه، هم شر الخلق والخليقة، طوبى لمن قتلهم أو قتلوه، يدعون إلى كتاب الله وليسوا منه في شيء، من قاتلهم كان أولى بالله منهم.
قالوا: يا رسول الله ما سيماهم؟
قال: التحليق ».
وقد رواه أبو داود في (سننه) عن نصر بن عاصم الأنطاكي، عن الوليد بن مسلم، وقيس بن إسماعيل الحلبي كلاهما عن الأوزاعي، عن قتادة، وأبي سعيد، عن أنس به.
وأخرجه أبو داود، وابن ماجه من حديث عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة، عن أنس وحده.
وقد روى البزار من طريق أبي سفيان، وأبو يعلى من طريق يزيد الرقاشي كلاهما عن أنس بن مالك حديثا في الخوارج قريبا من حديث أبي سعيد كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
الحديث الرابع عن جابر بن عبد الله
قال الإمام أحمد: حدثنا حسن بن موسى، ثنا ابن شهاب، عن يحيى بن سعيد، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله قال: كنت مع رسول الله ﷺ عام الجعرانة وهو يقسم فضة في ثوب بلال للناس، فقال رجل: يا رسول الله اعدل.
فقال: « ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل؟ لقد خبتُ إن لم أكن أعدل ».
فقال عمر: يا رسول الله دعني أقتل هذا المنافق.
فقال: « معاذ الله أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي، إن هذا وأصحابه يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم، أو تراقيهم، يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية ».
وقال أحمد: حدثنا علي بن عياش، ثنا إسماعيل بن عياش، حدثني يحيى بن سعيد، أخبرني أبو الزبير قال: سمعت جابرا يقول: بصر عيني وسمع أذني رسول الله ﷺ بالجعرانة وفي ثوب بلال فضة ورسول الله ﷺ يقبضها للناس يعطيهم، فقال رجل: اعدل.
فقال: « ويلك من يعدل إذا لم أكن أعدل؟ ».
فقال عمر بن الخطاب: دعني أقتل هذا المنافق الخبيث.
فقال رسول الله ﷺ: « معاذ الله أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي، هذا وأصحابه يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ».
ثم رواه أحمد، عن أبي المغيرة، عن معاذ بن رفاعة، ثنا أبو الزبير، عن جابر بن عبد الله قال: لما قسم رسول الله ﷺ غنائم هوازن بالجعرانة قام رجل من بني تميم فقال: اعدل يا محمد.
فقال: « ويلك ومن يعدل إن لم أعدل؟ لقد خبت وخسرت إن لم أعدل ».
قال: فقال عمر: يا رسول الله ألا أقوم فأقتل هذا المنافق؟
قال: « معاذ الله أن يتسامع الأمم أن محمدا يقتل أصحابه ».
ثم قال رسول الله ﷺ: « إن هذا وأصحابا له يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ».
قال معاذ: فقال لي أبو الزبير: فعرضت هذا الحديث على الزهري فما خالفني فيه إلا أنه قال: النضو، وقلت: القدح، قال: ألست رجلا عربيا؟
وقد رواه مسلم: عن محمد بن رمح، عن الليث، وعن محمد بن مثنى، عن عبد الوهاب الثقفي.
وأخرجه النسائي من حديث الليث ومالك بن أنس كلهم عن يحيى بن سعيد الأنصاري به بنحوه حديث رافع بن عمرو الأنصاري مع حديث أبي ذر رضي الله عنهما.
الحديث الخامس عن سعد بن أبي وقاص
قال يعقوب بن سفيان: حدثنا الحميدي، ثنا سفيان - هو ابن عيينة - حدثني العلاء بن أبي عياش أنه سمع أبا الطفيل يحدث عن بكر بن قرواش، عن سعد بن أبي وقاص قال: ذكر رسول الله ﷺ ذا الثدية فقال: « شيطان الردهة كراعي الخيل يحتذره رجل من بجيلة يقال له: الأشهب أو ابن الأشهب علابة في قوم ظلمة ».
قال سفيان: فأخبرني عمار الذهبي أنه جاء رجل يقال له: الأشهب.
وقد روى هذا الحديث الإمام أحمد، عن سفيان بن عيينة به مختصرا، ولفظه: « شيطان الردهة يحتذره رجل من بجيلة »، تفرد به أحمد.
وحكى البخاري عن علي بن المديني قال: لم أسمع بذكر بكر بن قرواش إلا في هذا الحديث.
وروى يعقوب بن سفيان، عن عبد الله بن معاذ، عن أبيه، عن شعبة، عن أبي إسحاق، عن حامد الهمداني قال: سمعت سعيد بن أبي وقاص يقول: قتل علي شيطان الردهة.
قال الحافظ أبو بكر البيهقي: يريد والله أعلم قتله أصحاب علي بأمره.
وقال الهيثم بن عدي: حدثنا إسرائيل بن يونس، عن جده أبي إسحاق السبيعي، عن رجل قال: بلغ سعد بن أبي وقاص أن عليا بن أبي طالب قتل الخوارج، فقال: قتل علي بن أبي طالب شيطان الردهة.
الحديث السادس عن أبي سعيد سعد بن مالك بن سنان الأنصاري
وله طرق عنه
الطريقة الأولى منها:
قال الإمام أحمد: حدثنا بكر بن عيسى، ثنا جامع بن قطر الحبطي، ثنا أبو روية شداد بن عمر العنسي، عن أبي سعيد الخدري: أن أبا بكر جاء إلى رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله إني مررت بوادي كذا وكذا، فإذا رجل متخشع حسن الهيئة يصلي.
فقال له رسول الله ﷺ: « اذهب إليه فاقتله ».
قال: فذهب إليه أبو بكر، فلما رآه على تلك الحالة كره أن يقتله، فجاء إلى رسول الله ﷺ فقال النبي ﷺ لعمر: « اذهب إليه فاقتله ».
قال: فذهب عمر فرآه على تلك الحال التي رآه أبو بكر فكره أن يقتله فرجع.
فقال: يا رسول الله، إني رأيته متخشعا فكرهت أن أقتله.
قال: « يا علي اذهب فاقتله ».
فذهب علي فلم يره فرجع.
فقال: يا رسول الله إني لم أره.
فقال رسول الله ﷺ: « هذا وأصحابه يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، لا يعودون فيه حتى يعود السهم في فوقه فاقتلوهم هم شر البرية ».
تفرد به أحمد.
وقد روى البزار في (مسنده) من طريق الأعمش، عن أبي سفيان، عن أنس بن مالك، وأبو يعلى، عن أبي خيثمة، عن عمر بن يونس، عن عكرمة بن عمار، وعن يزيد الرقاشي، عن أنس من هذه القصة وأطول منها، وفيها زيادات أخرى.
الطريق الثاني
قال الإمام أحمد: حدثنا أبو أحمد، ثنا سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن الضحاك المشرقي، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي ﷺ في حديث: « ذكر قوما يخرجون على فرقة من الناس مختلفة يقتلهم أقرب الطائفتين إلى الحق ».
أخرجاه في الصحيحين كما سيأتي في ترجمة أبي سلمة عن أبي سعيد.
الطريق الثالث
قال الإمام أحمد: ثنا وكيع، ثنا عكرمة بن عمار، ثنا عاصم بن شميخ، عن أبي سعيد الخدري قال: كان رسول الله ﷺ إذا حلف فاجتهد في اليمين، قال: « والذي نفس أبي القاسم بيده ليخرجن قوم من أمتي تحقرون أعمالكم عند أعمالهم، يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ».
قالوا: فهل من علامة يعرفون بها؟
قال: « فيهم رجل ذو يدية أو ثدية محلقي رؤوسهم ».
قال أبو سعيد: فحدثني عشرون أو بضع وعشرون من أصحاب النبي ﷺ: أن عليا ولي قتلهم قال: فرأيت أبا سعيد بعد ما كبر ويديه ترتعش ويقول: قتالهم عندي من أَحلّ من قتال عدتهم من الترك.
وقد رواه أبو داود عن أحمد بن حنبل به.
الطريق الرابع
قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أنا سفيان، عن أبيه، عن ابن أبي نعيم، عن أبي سعيد الخدري قال: بعث علي وهو باليمن إلى رسول الله ﷺ بذهيبة في تربتها، فقسمها رسول الله ﷺ بين الأقرع بن حابس الحنظلي، ثم أحد بني مجاشع، وبين عيينة بن بدر الفزاري، وبين علقمة بن علاثة، أو عامر بن الطفيل أحد بني كلاب، وبين زيد الخيل الطائي، ثم أحد بني نبهان.
قال: فغضبت قريش والأنصار قالوا: تعطي صناديد أهل نجد وتدعنا؟
قال: إنما أتألفهم.
قال: فأقبل رجل غائر العينين ناتئ الجبين كث اللحية، مشرف الوجنتين، محلوق الرأس.
فقال: يا محمد اتق الله.
فقال: « من يطيع الله إذا عصيته؟ يأمنني على أهل الأرض ولا تأمنوني ».
قال: فسأل رجل من القوم قتله النبي ﷺ - أراه خالد بن الوليد - فمنعه، فلما ولي قال: « إن من ضئضئ هذا قوم يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية، يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان، لئن أنا أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد ».
رواه البخاري من حديث عبد الرزاق به.
ثم رواه أحمد، عن محمد بن فضيل، عن عمارة بن القعقاع، عن عبد الرحمن بن أبي نُعم، عن أبي سعيد وفيه الجزم بأن خالدا سأل أن يقتل ذلك الرجل، ولا ينافي سؤال عمر بن الخطاب.
وهو في (الصحيحين) من حديث عمارة بن القعقاع من سيرته: وقال فيه إنه سيخرج من صلبه ونسله، لأن الخوارج الذين ذكرنا لم يكونوا من سلالة هذا، بل ولا أعلم أحدا منهم من نسله وإنما أراد من ضئضئ هذا أي من شكله وعلى صفته فالله أعلم.
وهذا الرجل هو ذو الخويصرة التميمي وسماه بعضهم حرقوصا، فالله أعلم.
الطريق الخامس
قال الإمام أحمد: ثنا عفان، ثنا مهدي بن ميمون، ثنا محمد بن سيرين، عن معبد بن سيرين، عن أبي سعيد عن النبي ﷺ قال: « يخرج أناس من قبل المشرق يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ثم لا يعودون فيه حتى يعود السهم على فوقه ».
قيل: ما سيماهم؟
قال: « سيماهم التحليق أو التسبيد ».
ورواه البخاري: عن أبي النعمان محمد بن الفضل، عن مهدي بن ميمون به.
الطريق السادس
قال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن عبيد، ثنا سويد بن نجيح، عن يزيد الفقير قال: قلت لأبي سعيد: إن منا رجالاهم أقرؤنا للقرآن، وأكثرنا صلاة، وأوصلنا للرحم، وأكثرنا صوما، خرجوا علينا بأسيافهم.
فقال أبو سعيد: سمعت النبي ﷺ يقول: « يخرج قوم يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ».
تفرد به أحمد ولم يخرجوه في الكتب الستة ولا واحد منهم، وإسناده لا بأس به رجاله كلهم ثقات، وسويد بن نجيح هذا مستور.
الطريق السابع
قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، ثنا معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي سعيد قال: بينا رسول الله ﷺ يقسم قسما إذ جاءه ابن ذي الخويصرة التميمي فقال: اعدل يا رسول الله.
فقال: « ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل؟ ».
فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله أتأذن لي فيه فأضرب عنقه؟
فقال: « دعه، فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فينظر في قذذه فلا يوجد في شيء، ثم ينظر في نضبه فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر في رصافه فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر في نصله فلا يوجد فيه شيء، قد سبق الفرث والدم، آيتهم رجل أسود إحدى يديه مثل ثدي المرأة، أو مثل البضعة تدردر، يخرجون على حين فترة من الناس ».
فنزلت فيه: { وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ } الآية [التوبة: 58] .
قال أبو سعيد: فأشهد أني سمعت هذا من رسول الله ﷺ، وأشهد أن عليا حين قتلهم وأنا معه جيء بالرجل على النعت الذي نعت رسول الله ﷺ.
ورواه البخاري: عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن هشام بن يوسف، عن معمر.
ورواه البخاري من حديث شعبة.
ومسلم من حديث يونس بن يزيد، عن الزهري به.
لكن في رواية مسلم عن حرملة، وأحمد بن عبد الرحمن، كلاهما عن ابن وهب، عن يونس، عن الزهري، عن أبي سلمة، والضحاك الهمداني، عن أبي سعيد به.
ثم رواه أحمد: عن محمد بن مصعب، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن أبي سلمة والضحاك المشرقي، عن أبي سعيد فذكر نحو ما تقدم من هذا السياق.
وفيه: أن عمر هو استأذن في قتله.
وفيه: يخرجون على حين فرقة من الناس يقتلهم أولى الطائفتين بالله.
قال أبو سعيد: فأشهد أني سمعت هذا من رسول الله ﷺ، وأني شهدت عليا حين قتلهم، فالتمس في القتلى فوجد على النعت الذي نعته رسول الله ﷺ.
ورواه البخاري: عن دحيم، عن الوليد، عن الأوزاعي كذلك.
وقال أحمد: قرأت على عبد الرحمن بن مالك، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي سعيد أنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: « يخرج فيكم قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم مع صيامهم، وأعمالكم مع أعمالهم، يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ينظر في النصل فلا يرى شيئا، ثم ينظر في القدح فلا يرى شيئا، ثم ينظر في الريش فلا يرى شيئا ويتمارى في الفوق ».
قال عبد الرحمن: حدثنا به مالك - يعني: هذا الحديث -.
ورواه البخاري، عن عبد الله بن يوسف، عن مالك به.
ورواه البخاري ومسلم، عن محمد بن المثنى، عن عبد الوهاب، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، وعطاء بن يسار، عن أبي سعيد به.
وقال أحمد: حدثنا يزيد، أنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة قال: جاء رجل إلى أبي سعيد فقال: هل سمعت رسول الله ﷺ يذكر في الحرورية شيئا؟
فقال: سمعته يذكر قوما يتعمقون في الدين يحقر أحدكم صلاته عند صلاتهم، وصومه عند صومهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية أخذ سهمه فينظر في نصله فلم ير شيئا ثم ينظر في رصافه فلم ير شيئا، ثم ينظر في القذذ فيماري هل يرى شيئا أم لا.
ورواه ابن ماجه، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن يزيد بن هارون به.
الطريق الثامن
قال الإمام أحمد: حدثنا ابن أبي عدي، عن سليمان، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد: أن رسول الله ﷺ « ذكر قوما يكونون في أمته يخرجون في فرقة من الناس سيماهم التحليق، ثم هم شر الخلق، ومن شر الخلق تقتلهم أولى الطائفتين بالحق.
قال: فضرب النبي ﷺ لهم مثلا - أو قال قولا - الرجل يرمي الرمية - أو قال الغرض - فينظر في النصل فلا يرى بصيرة وينظر في النضى فلا يرى بصيرة، وينظر في الفوق فلا يرى بصيرة ».
فقال أبو سعيد: وأنتم قتلتموهم يا أهل العراق.
وقد رواه عن محمد بن المثنى، عن محمد بن أبي عدي، عن سليمان - وهو ابن طرخان التيمي - عن أبي نضرة واسمه المنذر بن مالك بن قطعة، عن أبي سعيد الخدري بنحوه.
الحديث الثامن عن سلمان الفارسي
قال الهيثم بن عدي: ثنا سليمان بن المغيرة، عن حميد بن هلال قال: جاء رجل إلى قوم فقال: لمن هذه الخباء؟
قالوا: لسلمان الفارسي.
قال: أفلا تنطلقون معي فيحدثنا ونسمع منه؟
فانطلق معه بعض القوم فقال: يا أبا عبد الله، لو أدنيت خباك، وكنت منا قريبا فحدثتنا وسمعنا منك؟
فقال: ومن أنت؟
قال: فلان بن فلان.
قال سلمان: قد بلغني عنك معروف.
بلغني أنك تخف في سبيل الله، وتقاتل العدو، وتخدم أصحاب رسول الله ﷺ، فإن أخطأتك واحدة أن تكون من هؤلاء القوم الذين ذكرهم لنا رسول الله ﷺ.
قالوا: فوجد ذلك الرجل قتيلا في أصحاب النهروان.
الحديث التاسع عن سهل بن حنيف الأنصاري
قال الإمام أحمد: حدثنا أبو النضر، ثنا حزام بن إسماعيل العامري، عن أبي إسحاق الشيباني، عن بسر بن عمرو قال: دخلت على سهل بن حنيف فقلت: حدثني ما سمعت من رسول الله ﷺ، قال: في الحرورية.
قال: أحدثك ما سمعت من النبي ﷺ لا أزيدك عليه شيئا، سمعت رسول الله ﷺ: « يذكر قوما يخرجون من هاهنا - وأشار بيده نحو العراق - يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ».
قال: قلت هل ذكر لهم علامة؟
قال: هذا ما سمعت لا أزيدك عليه.
وقد أخرجاه في الصحيحين من حديث عبد الواحد بن زياد.
ومسلم من حديث علي بن مسهر، والعوام بن حوشب.
والنسائي من حديث محمد بن فضيل، كلهم عن أبي إسحاق الشيباني به.
وقد رواه مسلم: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا علي بن مسهر، عن الشيباني، عن بسر بن عمرو قال: سألت سهل بن حنيف، سمعت رسول الله ﷺ يذكر الخوارج؟
فقال: سمعته - وأشار بيده نحو المشرق - قوم يقرأون القرآن بألسنتهم لا يعدو تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية.
حدثناه أبو كامل، ثنا عبد الواحد، ثنا سليمان الشيباني بهذا الإسناد، وقال: يخرج منه أقوام.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وإسحاق جميعا، عن يزيد قال أبو بكر: حدثنا يزيد بن هارون، عن العوام بن حوشب، ثنا أبو إسحاق الشيباني، عن بسر بن عمرو، عن سهل بن حنيف، عن النبي ﷺ قال: « فتنة قوم قبل المشرق محلقة رؤوسهم ».
الحديث العاشر عن ابن عباس
قال الحافظ أبو بكر البزار: ثنا يوسف بن موسى، ثنا الحسن بن الربيع، ثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله ﷺ: « يقرأ القرآن أقوام من أمتي يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ».
ورواه ابن ماجه، عن أبي بكر بن أبي شيبة، وسويد بن سعيد، كلاهما عن أبي الأحوص بإسناده مثله.
الحديث الحادي عشر عن ابن عمر
قال الإمام أحمد: حدثنا يزيد، ثنا أبو حساب يحيى بن أبي حبة، عن شهر بن حوشب قال: سمعت عبد الله بن عمر يقول: لقد سمعت رسول الله ﷺ يقول: « يخرج من أمتي قوم يسيئون الأعمال، يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم ».
قال يزيد: لا أعلمه إلا قال: « يحقر أحدكم عمله مع عملهم، يقتلون أهل الإسلام، فإذا خرجوا فاقتلوهم، فطوبى لمن قتلهم وطوبى لمن قتلوه، كلما طلع منهم قرن قطعه الله، كلما طلع منهم قرن قطعه الله، كلما طلع منهم قرن قطعه الله ».
فردد ذلك رسول الله ﷺ عشرين مرة أو أكثر وأنا أسمع.
تفرد به أحمد من هذا الوجه.
وقد ثبت من حديث سالم ونافع، عن ابن عمر أن رسول الله ﷺ قال: « الفتنة من هاهنا من حيث يطلع قرن الشيطان - وأشار بيده نحو المشرق - ».
الحديث الثاني عشر عن عبد الله بن عمرو
قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن قتادة، عن شهر بن حوشب قال: لما جاءتنا بيعة يزيد بن معاوية قدمت الشام فأخبرت بمقام يقومه نوف البكالي، فجئته فجاء رجل فانتبذ الناس عليه خميصة فإذا هو عبد الله بن عمرو بن العاص، فلما رآه نوف أمسك عن الحديث، فقال عبد الله سمعت: رسول الله ﷺ يقول: « إنها ستكون هجرة بعد هجرة، ينحاز الناس إلى مهاجر إبراهيم، لا يبقى في الأرض إلا شرار أهلها، تلفظهم أرضهم، تقذرهم نفس الرحمن، تحشرهم النار مع القردة والخنازير، تبيت معهم إذا باتوا، وتقيل معهم إذا قالوا، وتأكل من تخلف ».
قال: وسمعت رسول الله ﷺ يقول: « سيخرج ناس من أمتي قبل المشرق يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم، كلما خرج منهم قرن قطع حتى عدها زيادة على عشر مرات، كلما خرج منهم قرن قطع حتى يخرج الدجال في بقيتهم ».
وقد روى أبو داود أوله في كتاب الجهاد من (سننه) عن القواريري، عن معاذ بن هشام، عن أبيه، عن قتادة.
وقد تقدم حديث عبد الله بن مسعود وحديث أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنهما.
الحديث الثالث عشر عن أبي ذر
قال مسلم بن الحجاج: حدثنا شيبان بن فروخ، ثنا سليمان بن المغيرة، ثنا حبيب بن هلال، عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذر قال: قال رسول الله ﷺ: « إن بعدي من أمتي - أو سيكون بعدي من أمتي - قوم يقرأون القرآن لا يجاوز حلاقيمهم، يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية، لا يعودون في شر الخلق والخليقة ».
قال ابن الصامت: فلقيت زلفع بن عمرو الغفاري أخا الحاكم الغفاري قال: ما حديث سمعت من أبي ذر كذا كذا؟
فقال: وأنا سمعته من رسول الله ﷺ.
لم يروه البخاري.
الحديث الرابع عشر عن أم المؤمنين عائشة
قال الحافظ البيهقي: أنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو سعيد بن أبي عمرو، ثنا أبو العباس الأصم، ثنا السري، عن يحيى، ثنا أحمد بن يونس، ثنا علي بن عياش، عن حبيب بن مسلمة قال: قال علي: لقد علمت عائشة أن جيش المروة، وأهل النهروان، وأن ملعونون على لسان محمد ﷺ.
قال ابن عياش: جيش المشرق قتله عثمان رضي الله عنه.
وقال الهيثم بن عدي: حدثني إسرائيل، عن يونس، عن جده أبي إسحاق السبيعي، عن رجل، عن عائشة قال: بلغها قتل علي الخوارج فقالت: قتل علي بن أبي طالب شيطان الردهة - تعني: المخدج -.
وقال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا محمد بن عمارة بن صبيح، ثنا سهل بن عامر البجلي، ثنا أبو خالد، عن مجالد، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة قالت: ذكر رسول الله ﷺ الخوارج فقال: « شرار أمتي يقتلهم خيار أمتي ».
قال: وحدثناه إبراهيم بن سعيد، ثنا حسين بن محمد، ثنا سليمان بن قرم، ثنا عطاء بن السائب، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عائشة، عن النبي ﷺ فذكر نحوه.
قال: فرأيت عليا قتلهم وهم أصحاب النهروان.
ثم قال البزار: لا نعلم رُوي عن عطاء، عن أبي الضحى، عن مسروق إلا هذا الحديث، ولا نعلم رواه عن عطاء إلا سليمان بن قرم وسليمان بن قرم قد تكلموا فيه، لكن الإسناد الأول يشهد لهذا كما أن هذا يشهد للأول فيها متعاضدان، وهو غريب من حديث أم المؤمنين.
وقد تقدم في حديث عبد الله بن شهاب، عن علي ما يدل على أن عائشة استغربت حديث الخوارج ولا سيما خبر ذي الثدية كما تقدم، وإنما أوردنا هذه الطرق كلها ليعلم الواقف عليها أن ذلك حق وصدق، وهو من أكبر دلالات النبوة، كما ذكره غير واحد من الأئمة فيها والله تعالى أعلم.
وقال: سألت عائشة رضي الله عنها بعد ذلك عن خبر ذي الثدية فتيقنته من طرق متعددة.
وقال الحافظ أبو بكر البيهقي في (الدلائل): أنا أبو عبد الله، أنا الحسين بن الحسن بن عامر الكندي بالكوفة من أصل سماعه، ثنا محمد بن صدقة الكاتب، حدثني أحمد بن أبان فقرأت فيه، حدثني الحسن بن عيينة، وعبد الله بن أبي السفر بن عامر الشعبي، عن مسروق، قالت عائشة: عندك علم عن ذي الثدية الذي أصابه علي في الحرورية؟
قلت: لا.
قالت: فاكتب لي بشهادة من شهدهم، فرجعت إلى الكوفة وبها يومئذ أسباع، فكتبت شهادة عشرة من كل سبع، ثم أتيتها بشهادتهم فقرأتها عليها.
قالت: أكلُّ هؤلاء عاينوه؟
قلت: لقد سألتهم فأخبروني بأن كلهم قد عاينوه.
فقالت: لعن الله فلانا، فإنه كتب إلي أنه أصابهم بليل مصر، ثم أرخت عينيها فبكت، فلما سكنت عبرتها، قالت: رحم الله عليا لقد كان على الحق، وما كان بيني وبينه إلا كما يكون بين المرأة و أحمائها.
حديث آخر عن رجلين من الصحابة
قال الهيثم بن عدي في كتاب (الخوارج): حدثني سليمان بن المغيرة، عن حبيب بن هلال قال: أقبل رجلان من أهل الحجاز حتى قدما العراق، فقيل لهما: ما أقدمكما العراق؟
قالا: رجونا أن ندرك هؤلاء القوم الذين ذكرهم لنا رسول الله ﷺ، فوجدنا علي بن أبي طالب قد سبقنا إليهم - يعنيان: أهل النهروان -.
حديث في مدح علي رضي الله عنه على قتال الخوارج
قال الإمام أحمد: حدثنا حسين بن محمد، ثنا فطر، عن إسماعيل بن رجاء بن ربيعة الزبيدي، عن أبيه قال: سمعت أبا سعيد يقول: كنا جلوسا ننتظر رسول الله ﷺ فخرج علينا من بيوت بعض نسائه قال: فقمنا معه، فانقطعت نعله فتخلف عليها علي يخصفها، فمضى رسول الله ﷺ ومضينا معه، ثم قام ينتظره وقمنا معه، فقال: « إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله ».
فاستشرف لها وفيهم أبو بكر وعمر.
فقال: « لا ولكنه خاصف النعل ».
قال: فجئنا نبشره.
قال: فكأنه قد سمعه.
ورواه أحمد: عن وكيع وأبي أسامة، عن فطر بن خليفة، فأما الحديث الذي قال الحافظ أبو يعلى: حدثنا إسماعيل بن موسى، ثنا الربيع بن سهل، عن سعيد بن عبيد، عن علي بن ربيعة قال: سمعت عليا على منبركم هذا يقول: عهد إلى النبي ﷺ أن أقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين.
وقد رواه أبو بكر بن المقرئ، عن الجد بن عبادة البصري، عن يعقوب بن عباد، عن الربيع بن سهل الفزاري به، فإنه حديث غريب ومنكر، على أنه قد روي من طرق عن علي وعن غيره ولا تخلو واحدة منها عن ضعف.
والمراد بالناكثين يعني: أهل الجمل، وبالقاسطين أهل الشام، وأما المارقون فالخوارج لأنهم مرقوا من الدين.
وقد رواه الحافظ أبو أحمد بن عدي في (كامله): عن أحمد بن حفص البغدادي، عن سليمان بن يوسف، عن عبيد الله بن موسى، عن فطر، عن حكيم بن جبير، عن إبراهيم، عن علقمة، عن علي قال: أمرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين.
وقال الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي: أخبرني الأزهري، ثنا محمد بن المظفر، ثنا محمد بن أحمد بن ثابت قال: وجدت في كتاب جدي محمد بن ثابت، ثنا شعيب بن الحسن السلمي، عن جعفر الأحمر، عن يونس بن الأرقم، عن أبان، عن خليد المصري قال:
سمعت عليا أمير المؤمنين يقول يوم النهروان: أمرني رسول الله ﷺ بقتال الناكثين والمارقين والقاسطين.
وقد رواه الحافظ أبو القاسم بن عساكر من حديث محمد بن فرج الجنديسابوري، أنا هارون بن إسحاق، ثنا أبو غسان، عن جعفر - أحسبه الأحمر - عن عبد الجبار الهمداني، عن أنس بن عمرو، عن أبيه، عن علي قال: أمرت بقتال ثلاثة المارقين والقاسطين والناكثين.
وقال الحاكم أو عبد الله: أنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن غنم الحنظلي بقنطرة بردان، ثنا محمد الحسن بن عطية بن سعد العوفي، حدثني أبي، حدثني عمي، عن عمرو بن عطية بن سعد، عن أخيه الحسن بن عطية، حدثني جدي بن جنادة، عن علي رضي الله عنه قال: أمرت بقتال ثلاثة؛ القاسطين والناكثين والمارقين.
فأما القاسطون فأهل الشام، وأما الناكثون فذكرهم، وأما المارقون فأهل النهروان - يعني: الحرورية -.
وقال الحافظ ابن عساكر: أنا أبو القسم زاهر بن طاهر، أنا أبو سعد الأديب، أنا السيد أبو الحسن محمد بن علي بن الحسين، ثنا محمد بن أحمد الصوفي، ثنا محمد بن عمرو الباهلي، ثنا كثير بن يحيى، ثنا أبو عوانة، عن أبي الجارود، عن زيد بن علي بن الحسين بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي قال: أمرني رسول الله ﷺ بقتال الناكثين والمارقين والقاسطين.
حديث ابن مسعود في ذلك
قال الحافظ: حدثنا الإمام أبو بكر أحمد بن الحسن الفقيه، أنا الحسن بن علي، ثنا زكريا بن يحيى الخراز المقرئ، ثنا إسماعيل بن عباد المقرىء، ثنا شريك، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله قال: خرج رسول الله ﷺ فأتى منزل أم سلمة فجاء علي، فقال رسول الله ﷺ: « يا أم سلمة هذا والله قاتل الناكثين والقاسطين والمارقين من بعدي ».
حديث أبي سعيد في ذلك
قال الحاكم: حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم الشيباني، ثنا الحسين بن الحكم الحيري، ثنا إسماعيل بن أبان، ثنا إسحاق بن إبراهيم الأزدي، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري قال: أمرنا رسول الله ﷺ بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين.
فقلت: يا رسول الله! أمرتنا بقتال هؤلاء، فمع من؟
فقال: « مع علي بن أبي طالب معه يقتل عمار بن ياسر ».
حديث أبي أيوب في ذلك
قال الحاكم: أنا أبو الحسن علي بن حماد المعدل، ثنا إبراهيم بن الحسين بن ديزيل، ثنا عبد العزيز بن الخطاب، ثنا محمد بن كثير، عن الحرث بن خضيرة، عن أبي صادق، عن مخنف بن سليمان قال: أتينا أبا أيوب فقلنا: قاتلت بسيفك المشركين مع رسول الله ﷺ، ثم جئت تقاتل المسلمين؟
فقال: أمرني رسول الله ﷺ بقتال الناكثين والمارقين والقاسطين.
قال الحاكم: وحدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه، ثنا الحسن بن علي بن شبيب العمري، ثنا محمد بن حميد، ثنا سلمة بن الفضل، حدثني أبو زيد الأموي، عن عتاب بن ثعلبة في خلافة عمر بن الخطاب قال: أمرني رسول الله ﷺ بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين مع علي بن أبي طالب.
وقال الخطيب البغدادي: حدثنا الحسن بن علي بن عبد الله المقرئ، ثنا أحمد بن محمد بن يوسف، ثنا محمد بن جعفر المطيري، ثنا أحمد بن عبد الله المؤدب بسر من رأى، ثنا المعلى بن عبد الرحمن ببغداد، ثنا شريك، عن سليمان بن مهران، عن الأعمش، عن علقمة والأسود قالا:
أتينا أبا أيوب الأنصاري عند منصرفه من صفين، فقلنا له: يا أبا أيوب! إن الله أكرمك بنزول محمد ﷺ وبمجيء ناقته تفضلا من الله وإكراما لك حين أناخت ببابك دون الناس.
ثم جئت بسيفك على عاتقك تضرب به أهل لا إله إلا الله؟
فقال: يا هذا، إن الرائد لا يكذب أهله، وإن رسول الله ﷺ أمرنا بقتال ثلاثة مع علي، بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين.
فأما الناكثون: فقد قاتلناهم وهم أهل الجمل، طلحة والزبير، وأما القاسطون: فهذا منصرفنا من عندهم - يعني: معاوية وعمرا - وأما المارقون: فهم أهل الطرقات، وأهل السعيفات، وأهل النخيلات، وأهل النهروان، والله ما أدري أين هم ولكن لا بد من قتالهم إن شاء الله.
قال: وسمعت رسول الله ﷺ يقول لعمار: « يا عمار تقتلك الفئة الباغية، وأنت مذ ذاك مع الحق والحق معك، يا عمار بن ياسر إن رأيت عليا قد سلك واديا وسلك الناس غيره فاسلك مع علي فإنه لن يدليك في ردىً ولن يخرجك من هدىً، يا عمار من تقلد سيفا أعان به عليا على عدوه قلده الله يوم القيامة وشاحين من در، ومن تقلد سيفا أعان به عدو علي عليه قلده الله يوم القيامة وشاحين من نار ».
فقلنا: يا هذا! حسبك رحمك الله، حسبك رحمك الله، هذا السياق الظاهر أنه موضوع، وآفته من جهة المعلى بن عبد الرحمن، فإنه متروك الحديث.