→ بعض الأحاديث الواردة في فضائل عثمان بن عفان | البداية والنهاية – الجزء السابع الأول فيما ورد في فضائله مع غيره ابن كثير |
القسم الثاني فيما ورد من فضائله وحده ← |
فمن ذلك الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه: حدثنا مسدد، ثنا يحيى بن سعيد، عن سعيد، عن قتادة أن أنسا حدثهم قال: « صعد النبي ﷺ أحدا ومعه أبو بكر وعمر وعثمان فرجف، فقال: اسكن أحد - أظنه ضربه برجله - فليس عليك إلا نبي وصديق وشهيدان ». تفرد به دون مسلم.
وقال الترمذي: ثنا قتيبة، ثنا عبد العزيز بن محمد، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة: « أن رسول الله ﷺ كان على حراء هو وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي بن أبي طالب وطلحة والزبير، فتحركت الصخرة فقال النبي ﷺ: اهدئي فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد ».
ثم قال في الباب: عن عثمان وسعيد بن زيد، وابن عباس، وسهل بن سعد، وأنس بن مالك، وبريدة الأسلمي، وهذا حديث صحيح.
قلت: ورواه أبو الدرداء، ورواه الترمذي، عن عثمان في خطبته يوم الدار، وقال: على ثبير.
حديث آخر
وهو عن أبي عثمان النهدي، عن أبي موسى الأشعري قال: « كنت مع رسول الله ﷺ في حائط، فأمرني بحفظ الباب، فجاء رجل يستأذن فقلت: من هذا؟
قال: أبو بكر.
فقال رسول الله ﷺ: ائذن له وبشره بالجنة.
ثم جاء عمر، فقال: ائذن له وبشره بالجنة.
ثم جاء عثمان، فقال: ائذن له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه، فدخل وهو يقول: اللهم صبرا.
وفي رواية: - الله المستعان - ».
رواه عنه قتادة وأيوب السختياني.
وقال البخاري: وقال حماد بن زيد: حدثنا عاصم الأحول، وعلي بن الحكم، سمعا أبا عثمان يحدث عن أبي موسى الأشعري بنحوه.
وزاد عاصم: « أن رسول الله ﷺ كان قاعدا في مكان قد انكشف عن ركبتيه، أو ركبته، فلما دخل عثمان غطاها ».
وهو في الصحيحين أيضا من حديث سعيد بن المسيب، عن أبي موسى، وفيه: « أن أبا بكر وعمر دليا أرجلهما مع رسول الله في باب القف وهو في البئر، وجاء عثمان فلم يجد له موضعا »، قال سعيد: فأولت ذلك قبورهم اجتمعت وانفرد عثمان.
وقال الإمام أحمد: حدثنا يزيد بن مروان، ثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة. قال: قال نافع بن الحارث: « خرجت مع رسول الله ﷺ حتى دخل حائطا، فقال: امسك علي الباب، فجاء حتى جلس على القف ودلى رجليه فضرب الباب فقلت: من هذا؟
فقال: أبو بكر، فقلت: يا رسول الله هذا أبو بكر.
قال: ائذن له وبشره بالجنة، فدخل فجلس مع رسول الله ﷺ على القف، ودلى رجليه في البئر، ثم ضرب الباب.
فقلت من هذا؟
قال: عمر، قلت: يا رسول الله هذا عمر.
قال: ائذن لي وبشره بالجنة، ففعلت فجاء فجلس مع رسول الله على القف، ودلى رجليه في البئر.
ثم ضرب الباب، فقلت: من هذا؟
قال: عثمان.
قلت: يا رسول الله هذا عثمان.
قال: ائذن له وبشره بالجنة معها بلاء، فأذنت له وبشرته بالجنة، فجلس مع رسول الله صلى الله ﷺ على القف ودلى رجليه في البئر ».
هكذا وقع في هذه الرواية.
وقد أخرجه أبو داود والنسائي من حديث أبي سلمة، فيحتمل أن أبا موسى، ونافع بن عبد الحارث كانا موكلين بالباب، أو إنها قصة أخرى.
وقد رواه الإمام أحمد، عن عفان، عن وهيب، عن موسى بن عقبة، سمعت أبا سلمة ولا أعلمه إلا عن نافع بن عبد الحارث: « أن رسول الله ﷺ دخل حائطا فجلس على قف البئر، فجاء أبو بكر فاستأذن، فقال لأبي موسى: ائذن له وبشره بالجنة.
ثم جاء عمر فقال: ائذن له وبشره بالجنة.
ثم جاء عثمان، فقال: ائذن له وبشره بالجنة وسيلقى بلاء ».
وهذا السياق أشبه من الأول، على أنه قد رواه النسائي من حديث صالح بن كيسان، عن أبي الزناد، عن أبي سلمة، عن عبد الرحمن بن نافع بن عبد الحارث، عن أبي موسى الأشعري. فالله أعلم.
وقال الإمام أحمد: حدثنا يزيد، أنا همام، عن قتادة، عن ابن سيرين، ومحمد بن عبيد، عن عبد الله ابن عمر وقال: « كنت مع رسول الله ﷺ فجاء أبو بكر فاستأذن، فقال: ائذن له وبشره بالجنة.
ثم جاء عمر، فقال: ائذن له وبشره بالجنة.
ثم جاء عثمان فاستأذن، فقال: ائذن له وبشره بالجنة.
قال قلت: فأين أنا؟
قال: أنت مع أبيك ».
تفرد به أحمد.
وقد رواه البزار، وأبو يعلى، من حديث أنس بن مالك بنحو ما تقدم.
حديث آخر
قال الإمام أحمد: حدثنا حجاج، ثنا ليث، حدثني عقيل، عن ابن شهاب، عن يحيى بن سعيد بن العاص: أن سعيد بن العاص أخبره أن عائشة زوج النبي ﷺ وعثمان حدثاه: « أن أبا بكر استأذن على النبي ﷺ وهو مضطجع على فراشه لابس مرط عائشة فأذن لأبي بكر وهو كذلك فقضى إليه حاجته ثم انصرف، فاستأذن عمر فأذن له وهو على تلك الحالة فقضى إليه حاجته ثم انصرف، قال عثمان: ثم استأذنت عليه فجلس، وقال: اجمعي عليك ثيابك فقُضِيت إليه حاجتي ثم انصرفت، فقالت عائشة: يا رسول الله مالي لا أراك فزعت لأبي بكر وعمر كما فزعت لعثمان؟
فقال رسول الله ﷺ: إن عثمان رجل حيي، وإني خشيت إن أذنت له على تلك الحالة لا يبلغ إلي حاجته ».
قال الليث: وقال جماعة الناس: إن رسول الله ﷺ قال لعائشة: « ألا أستحي ممن تستحي منه الملائكة ».
ورواه مسلم من حديث محمد بن أبي حرملة، عن عطاء، وسليمان بن يسار، عن أبي سلمة، عن عائشة.
ورواه أبو يعلى الموصلي من حديث سهيل، عن أبيه، عن عائشة.
ورواه جبير بن نفير، وعائشة بنت طلحة عنها.
وقال الإمام أحمد: حدثنا مروان، ثنا عبد الله بن يسار: سمعت عائشة بنت طلحة تذكر عن عائشة أم المؤمنين: « أن رسول الله ﷺ كان جالسا كاشفا عن فخذه، فاستأذن أبو بكر فأذن له وهو على حاله، ثم جاء عمر فاستأذن فأذن له وهو على حاله، ثم استأذن عثمان فأرخى عليه ثيابه.
فلما قاموا قلت: يا رسول الله استأذن عليك أبو بكر وعمر فأذنت لهما وأنت على حالك، فلما استأذن عثمان أرخيت عليك ثيابك؟
فقال: يا عائشة ألا نستحي من رجل والله إن الملائكة لتستحي منه؟ ».
تفرد به أحمد من هذا الوجه عنها.
طريق أخرى عن حفصة
رواه الحسن بن عرفة، وأحمد بن حنبل، عن روح بن عبادة، عن ابن جريج، أخبرني أبو خالد عثمان بن خالد، عن عبد الله بن أبي سعيد المدني، حدثتني حفصة، فذكر مثل حديث عائشة، وفيه فقال: « ألا نستحي ممن تستحي منه الملائكة؟ ».
طريق أخرى عن ابن عباس
قال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا أبو كريب، ثنا يونس بن بكير، ثنا النضر - هو ابن عبد الرحمن أبو عمر الخزاز الكوفي -، عن عكرمة، عن ابن عباس. قال: قال رسول الله ﷺ: « ألا نستحي ممن تستحي منه الملائكة عثمان بن عفان؟ ».
ثم قال البزار: لا نعلمه يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد، قلت: هو على شرط الترمذي ولم يخرجوه.
طريق أخرى عن ابن عمر
قال الطبراني: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، ثنا محمد بن أبي بكر المقدمي، ثنا أبو معشر، حدثني إبراهيم بن عمر بن أبان، حدثني أبي عمر بن أبان، عن أبيه. قال: سمعت عبد الله بن عمر يقول: « بينما رسول الله ﷺ جالس وعائشة وراءه إذ استأذن أبو بكر فدخل، ثم استأذن عمر فدخل، ثم استأذن سعد بن مالك فدخل، ثم استأذن عثمان بن عفان فدخل ورسول الله ﷺ يتحدث كاشفا عن ركبته، فرد ثوبه على ركبته حين استأذن عثمان، وقال لامرأته: استأخري فتحدثوا ساعة ثم خرجوا.
فقالت عائشة: يا نبي الله! دخل أبي وأصحابه فلم تصلح ثوبك على ركبتك ولم تؤخرني عنك؟
فقال النبي ﷺ: ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة، والذي نفسي بيده إن الملائكة لتستحي من عثمان كما تستحي من الله ورسوله، ولو دخل وأنت قريب مني لم يتحدث ولم يرفع رأسه حتى يخرج ».
هذا حديث غريب من هذا الوجه وفيه زيادة على ما قبله، وفي سنده ضعف.
قلت: وفي الباب عن علي، وعبد الله بن أبي أوفى، وزيد بن ثابت: وروى أبو مروان القرشي، عن أبيه، عن مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة: أن رسول الله ﷺ قال: « عثمان حيي تستحي من الملائكة ».
حديث آخر
قال الإمام أحمد: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أنس قال: قال رسول الله ﷺ: « أرحم أمتي أبو بكر، وأشدها في دين الله عمر، وأشدها حياء عثمان، وأعلمها بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأقرؤها لكتاب الله أُبي، وأعلمها بالفرائض زيد بن ثابت، ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح ».
وهكذا رواه الترمذي، والنسائي، وابن ماجه من حديث خالد الحذاء.
وقال الترمذي: حسن صحيح.
وفي صحيح البخاري، ومسلم آخره: « ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح ».
وقد روى هشيم، عن كريز بن حكيم، عن نافع، عن ابن عمر مثل حديث أبي قلابة، عن أنس أو نحوه.
حديث آخر
قال الإمام أحمد: حدثنا يزيد بن عبد ربه، ثنا محمد بن حرب، حدثني الزبيدي، عن ابن شهاب، عن عمرو بن أبان بن عثمان، عن جابر بن عبد الله: أنه كان يحدث أن رسول الله ﷺ قال: « أري الليلة رجل صالح أن أبا بكر نيط برسول الله، ونيط عمر بأبي بكر، ونيط عثمان بعمر.
فلما قمنا من عند رسول الله ﷺ قلنا: أما الرجل الصالح فرسول الله ﷺ، وأما ما ذكره رسول الله ﷺ من نوط بعضهم ببعض، فهؤلاء ولاة هذا الأمر الذي بعث الله به نبيه ﷺ ».
ورواه أبو داود، عن عمرو بن عثمان، عن محمد بن حرب، ثم قال: ورواه يونس، وشعيب، عن الزهري فلم يذكرا عمرا.
حديث آخر
قال الإمام أحمد: حدثنا أبو داود - عمر بن سعد -، ثنا بدر بن عثمان، عن عبيد الله بن مروان، عن أبي عائشة، عن ابن عمر قال: « خرج علينا رسول الله ﷺ ذات غداة بعد طلوع الشمس فقال: رأيت قبل الفجر كأني أعطيت المقاليد والموازين، فأما المقاليد فهذه المفاتيح، وأما الموازين فهي التي يوزن بها، فوضعت في كفة ووضعت أمتي في كفة، فوزنت بهم فرجحت، ثم جيء بأبي بكر فَوُزِنَ، فَوَزَنَ بهم، ثم جيء بعمر فَوُزِنَ، فَوَزَنَ بهم، ثم جيء بعثمان فَوُزِنَ فَوَزَنَ بهم، ثم رفعت ».
تفرد به أحمد.
وقال يعقوب بن سفيان: حدثنا هشام بن عمار، ثنا عمرو بن واقد، ثنا يونس بن ميسرة، عن أبي إدريس، عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله ﷺ: « إني رأيت أني وضعت في كفة وأمتي في كفة فعدلتها، ثم وضع أبو بكر في كفة وأمتي في كفة فعدلها، ثم وضع عمر في كفة وأمتي في كفة فعدلها، ثم وضع عثمان في كفة وأمتي في كفة فعدلها ».
حديث آخر
قال أبو يعلى: حدثنا عبد الله بن مطيع، ثنا هشيم، عن العوام، عمن حدثه عن عائشة قالت: « لما أسس رسول الله ﷺ مسجد المدينة جاء بحجر فوضعه، وجاء أبو بكر بحجر فوضعه، وجاء عمر بحجر فوضعه، وجاء عثمان بحجر فوضعه.
قالت: فسئل رسول الله ﷺ عن ذلك؟
فقال: هم أمراء الخلافة من بعدي ».
وقد تقدم هذا الحديث في بناء مسجده أول مقدمه المدينة عليه الصلاة والسلام، وكذلك تقدم في (دلائل النبوة) من حديث الزهري، عن رجل، عن أبي ذر في تسبيح الحصا في يده عليه السلام، ثم في كف أبي بكر، ثم في كف عمر، ثم في كف عثمان رضي الله عنهم ».
وفي بعض الروايات: فقال رسول الله ﷺ: « هذه خلافة النبوة ».
وسيأتي حديث سفينة أن رسول الله ﷺ قال: « الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكا »، فكانت ولاية عثمان ومدتها ثنتي عشرة سنة، من جملة هذه الثلاثين بلا خلاف بين العلماء العاملين، كما أخبر به سيد المرسلين ﷺ وعلى آله وصحبه أجمعين.
حديث آخر
وهو ما روي من طرق متعددة عن رسول الله ﷺ: أنه شهد للعشرة بالجنة، وهو أحدهم بنص النبي ﷺ.
حديث آخر
قال البخاري: حدثنا محمد بن حازم بن بزيغ، ثنا شاذان، ثنا عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر قال: « كنا في زمن النبي ﷺ لا نعدل بأبي بكر أحدا، ثم عمر، ثم عثمان، ثم نذر أصحاب النبي ﷺ لا نفاضل بينهم ».
تابعه عبد الله بن صالح بن عبد العزيز، تفرد به البخاري ورواه إسماعيل بن عياش، والفرج بن فضالة عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن نافع عن ابن عمر.
ورواه أبو يعلى: عن أبي معشر، عن يزيد بن هارون، عن الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن ابن عمر به.
طريق أخرى عن ابن عمر
قال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية، ثنا سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن ابن عمر قال: « كنا نعد رسول الله ﷺ وأصحابه متوافرون أبو بكر وعمر وعثمان، ثم نسكت ».
طريق أخرى عن ابن عمر بلفظ آخر
قال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا عمرو بن علي، وعقبة بن مكرم قالا، ثنا أبو عاصم، عن عمر بن محمد عن سالم، عن أبيه. قال: « كنا نقول في عهد النبي ﷺ أبو بكر وعمر وعثمان - يعني: في الخلافة - » وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجوه.
لكن قال البزار: وهذا الحديث قد روي عن ابن عمر من وجوه:
« كنا نقول: أبو بكر وعمر وعثمان، ثم لا نفاضل بعد ».
وعمر بن محمد لم يكن بالحافظ، وذلك: يتبين في حديثه إذا روى عن غير سالم فلم يقل شيئا.
وقد رواه غير واحد من الضعفاء، عن الزهري، عن سالم عن أبيه به.
وقد اعتنى الحافظ بن عساكر بجمع طرقه عن ابن عمر فأفاد وأجاد.
فأما الحديث الذي قال الطبراني: حدثنا سعيد بن عبد ربه الصفار البغدادي، حدثنا علي بن جميل الرقي، أنا جرير، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عباس. قال: قال رسول الله ﷺ: « في الجنة شجرة - أو ما في الجنة شجرة شك على بن حنبل - ما عليها ورقة إلا مكتوب عليها لا إله إلا الله محمد رسول الله، أبو بكر الصديق، عمر الفاروق، عثمان ذو النورين »، فإنه حديث ضعيف في إسناده من تكلم فيه، ولا يخلو من نكارة. والله أعلم.