→ فصل خطبة علي رضي الله عنه بعد انصرافه من النهروان | البداية والنهاية – الجزء السابع فصل ما جرى من أحداث في قصة التحكيم ابن كثير |
فصل قتاله للخوارج كان سنة سبع وثلاثين ← |
وقد ذكر الهيثم بن عدي: أنه خرج على علي بعد النهروان يقال له الحارث بن راشد الناجي، قدم مع أهل البصرة.
فقال لعلي: إنك قد قاتلت أهل النهروان في كونهم أنكروا عليك قصة التحكيم، وتزعم أنك قد أعطيت أهل الشام عهودك ومواثيقك، وأنك لست بناقضها، وهذان الحكمان قد اتفقا على خلعك ثم اختلفا في ولاية معاوية فولاه عمر وامتنع أبو موسى من ذلك، فأنت مخلوع باتفاقهما وأنا قد خلعتك وخلعت معاوية معك.
وتبع الحارث هذا بشر كثير من قومه - بني ناجية وغيرهم - وتحيزوا ناحية، فبعث إليهم على معقل بن قيس الرماحي في جيش كثيف فقتلهم معقل قتلا ذريعا.
وسبى من بني ناجية خمسمائة أهل بيت فقدم بهم ليقدم بهم على علي فتلقاه رجل يقال له: مصقلة بن هبيرة أبو المغلس - وكان عاملا لعلي على بعض الأقاليم - فتضرروا إليه وشكوا ما هم فيه من السبي.
فاشتراهم مصقلة من معقل بخمسمائة ألف درهم وأعتقهم، فطالبه بالثمن فهرب منه إلى ابن عباس بالبصرة.
فكتب معقل إلى ابن عباس فقال له مصقلة: إني إنما جئت لأدفع ثمنهم إليك، ثم هرب منه إلى علي، فكتب ابن عباس ومعقل إلى علي فطالبه علي فدفع من الثمن مائتي ألف ثم انشمر هاربا فلحق بمعاوية بن أبي سفيان بالشام.
فأمضى علي عتقهم وقال: ما بقي من المال في ذمة مصقلة؟ وأمر بداره في الكوفة فهدمت.
وقد روى الهيثم، عن سفيان الثوري وإسرائيل، عن عمار الدهني، عن أبي الطفيل: أن بني ناجية ارتدوا فبعث إليهم: معقل بن قيس فسباهم، فاشتراهم مصقله من علي بثلاثمائة ألف فأعتقهم ثم هرب إلى معاوية.
قال الهيثم: وهذا قول الشيعة، ولم يسمع بحي من العرب ارتدوا بعد الردة التي كانت في أيام الصديق.
وقال الهيثم: حدثني عبد الله بن تميم بن طرفة الطائي، حدثني أبي: أن عدي بن حاتم قال مرة لعلي بن أبي طالب وهو يخطب: قتلت أهل النهروان على إنكار الحكومة، وقتلت الحريث بن راشد على مسألتهم إياك أيضا الحكومة، والله ما بينهما موضع قدم.
فقال له علي: اسكت إنما كنت أعرابيا تأكل الضبع بجبل طيء بالأمس.
فقال له عدي: وأنت والله قد رأيناك بالأمس تأكل البلح بالمدينة.
قال الهيثم: ثم خرج على علي رجل من أهل البصرة فقتل، فأمر أصحابه عليهم الأشرس بن عوف الشيباني، فقتل هو وأصحابه.
قال: ثم خرج على علي الأشهب بن بشر البجلي، ثم أحد عرينة من أهل الكوفة فقتل هو وأصحابه.
قال: ثم خرج على علي سعيد بن نغد التميمي، ثم من بني ثعلبة من أهل الكوفة فقتل بقنطرة درربجان فوق المدائن.
قال الهيثم: أخبرني بذلك عبد الله بن عياش عن مشيخته.