→ فتح بيت المقدس على يدي عمر بن الخطاب | البداية والنهاية – الجزء السابع أيام برس وبابل وكوثى ابن كثير |
وقعة نهرشير ← |
قال ابن جرير: وفي هذه السنة - أعني: سنة خمس عشرة - كانت بين المسلمين وفارس وقعات في قول سيف بن عمر.
وقال ابن إسحاق والواقدي: إنما كان ذلك في سنة ست عشرة.
ثم ذكر ابن جرير وقعات كثيرة كانت بينهم، وذلك حين بعث عمر بن الخطاب إلى سعد بن أبي وقاص يأمره بالمسير إلى المدائن، وأن يخلف النساء والعيال بالعقيق في خيل كثيرة كثيفة، فلما تفرغ سعد من القادسية بعث على المقدمة زهرة بن حوية، ثم أتبعه بالأمراء واحدا بعد واحد، ثم سار في الجيوش وقد جعل هاشم بن عتبة بن أبي وقاص على خلافته مكان خالد بن عرفطة، وجعل خالدا هذا على الساقة، فساروا في خيول عظيمة، وسلاح كثير، وذلك لأيام بقين من شوال من هذه السنة، فنزلوا الكوفة وارتحل زهرة بين أيديهم نحو المدائن فلقيه بها بصبهرى في جيش من فارس فهزمهم زهرة، وذهبت الفرس في هزيمتهم إلى بابل وبها جمع كثير ممن انهزم يوم القادسية قد جعلوا عليهم الفيرزان، فبعث زهرة إلى سعد فأعلمه باجتماع المنهزمين ببابل، فسار سعد بالجيوش إلى بابل فتقابل هو والفيرزان عند بابل، فهزمهم كأسرع من لفة الرداء، وانهزموا بين يديه فرقتين، فرقة ذهبت إلى المدائن، وأخرى سارت إلى نهاوند.
وأقام سعد ببابل أياما، ثم سار منها نحو المدائن فلقوا جمعا آخر من الفرس فاقتتلوا قتالا شديدا، وبارزوا أمير الفرس وهو شهريار، فبرز إليه رجل من المسلمين يقال له: نائل الأعرجي أبو نباتة من شجعان تميم، فتجاولا ساعة بالرماح، ثم ألقياها فانتضيا سيفيهما، وتصاولا بهما ثم تعانقا وسقطا عن فرسيهما إلى الأرض، فوقع شهريار على صدر أبي نباتة، وأخرج خنجرا ليذبحه بها، فوقعت أصبعه في فم أبي نباتة فقضمها حتى شغله عن نفسه، وأخذ الخنجر فذبح شهريار بها، وأخذ فرسه وسواريه وسلبه، وانكشف أصحابه فهزموا.
فأقسم سعد على نائل ليلبس سواري شهريار وسلاحه، وليركبن فرسه إذا كان حرب، فكان يفعل ذلك.
قالوا: وكان أول من تسور بالعراق، وذلك بمكان يقال له: كوثى.
وزار المكان الذي حبس فيه الخليل وصلى عليه، وعلى سائر الأنبياء، وقرأ: { وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ } الآية [آل عمران: 140] .