→ الخامس والخمسون باب ما جاء في التنزيل في جواب الأمر | إعراب القرآن للسيوطي
السادس والخمسون باب ما جاء في التنزيل من المضاف الذي اكتسى |
السابع والخمسون من شيء محذوف ← |
السادس والخمسون باب ما جاء في التنزيل من المضاف الذي اكتسى
فمن ذلك قوله تعالى: " فاقع لونها تسر الناظرين " وقف على " فاقع " أنث اللون لأنه قد اكتسى من المضاف إليه التأنيث.
وقال: " فله عشر أمثالها " لما أضاف الأمثال إلى المؤنث اكتسى منه التأنيث ولم يقل عشرة.
وقال: " تلتقطه بعض السيارة " في قراءة الحسن بالتاء.
ومن ذلك قوله: " ومن خزي يومئذٍ " " وهم من فزعٍ يومئذٍ " " من عذاب يومئذٍ ".
وقوله: " فذلك يومئذٍ يومٌ عسير " فيمن فتح فتحه لأنه بناه حين أضافه إلى إذ فاكتسى منه البناء.
وربما يكتسى منه الشيوع ومعنى الشرط ومعنى الاستفهام.
فالشيوع كقوله: " بئس مثل القوم الذين كذبوا " لما أضاف " مثل " إلى اللام كان بمعنى اللام.
فأما قوله تعالى: " قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم " فليس من هذا الباب لأنه مضاف إلى المعرب دون المبني فانتصابه إنما هو على الظرف أي: هذا واقع يوم ينفع الصادقين أو يكون ظرفا ل " قال " أي: قال الله هذا في ذلك اليوم.
وقال قوم: " يسألون أيان يوم الدين يوم هم على النار يفتنون ": إن قوله " يوم هم على النار " مبني على الفتح وهو في موضع الرفع لأنه بدل من قوله " يوم الدين ".
وقالوا: إنما بني لأنه أضيف إلى الجملة والجملة لا يتبين فيها الإعراب فلما أضيف إلى شيئين كان مبنياًّ.
وقالوا في قوله تعالى: " وما أدريك ما يوم الدين " فجرى ذكر " الدين " وهو الجزاء قال: " يوم لا تملك " أي: الجزاء يوم لا تملك فصار " يوم لا تملك " خبر الجزاء المضمر لأنه حدث فيكون اسم الزمان خبرا عنه ويقوى ذلك قوله: " اليوم تجزى كل نفسٍ بما كسبت ".
ويجوز النصب على أمرٍ آخر وهو أن " اليوم " لما جرى في أكثر الأمر ظرفا ترك على ما كان يكون عليه في أكثر أمره ومن الدليل على ذلك ما اجتمع عليه القراء في قوله تعالى: " منهم الصالحون ومنهم دون ذلك ".
وقوله تعالى: " وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك ".
ومثله: " وما أدراك ما القارعة يوم يكون الناس ".
ومثله: " لقد تقطع بينكم " فيمن نصب.
ومثله: " يوم القيامة يفصل بينكم " مرتبا للمفعول لما جرى بين في كلامهم منصوبا بقاه على النصب.
قال سيبويه: وسألته عن قولهم في الأزمنة: كان ذلك زمن زيدٍ أمير فقال: لما كانت بمنزلة إذ أضافوها إلى ما قد عمل بعضه في بعض كما يدخلون إذ على ما قد عمل بعضه في بعض فلا يغيرونه فشبهوا هذا بذاك.
ولا يجوز هذا في الأزمنة حتى تكون بمنزلة إذ فإن قلت: يكون هذا يوم زيد أمير خطأ.
حدثنا بذلك عن يونس عن العرب في ذلك لأنك لا تقول: يكون هذا إذا زيد أمير.
قال أبو عثمان: جملة هذا الباب: إن الزمان إذا كان ماضيا أضيف إلى الفعل أو إلى الابتداء والخبر لأنه في معنى إذ فأضيف إلى ما يضاف إليه وإذا كان لما لم يقع لم يضف إلا إلى الأفعال لأنه في معنى إذا وإذا هذه لا تضاف إلا إلى الأفعال.
قلت: وفي التنزيل: " يوم هم بارزون " و " يوم هم على النار يفتنون ".
وفيما اكتسى المضاف من المضاف إليه التأنيث: " وتوفى كل نفسٍ " و " اليوم تجزى كل نفسٍ " وقوله: " ثم توفى كل نفس " جاء تأنيث الفعل في هذه الآي وأمثالها لأن كلا لما أضيف إلى المؤنث اكتسى منه التأنيث ليكون حجة لقراءة الحسن " يلتقطه بعض السيارة " و كل ك بعض و بعض ك كل.