الرئيسيةبحث

إعراب القرآن للسيوطي/الثاني والثلاثون

الثاني والثلاثون ما جاء في التنزيل من حذف حرف النداء والمنادى

وذلك حسن جائز فصيح ورد به الكلام وعلى هذا جميع ما جاء في التنزيل من قوله: ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا ربنا.

ومنه قوله تعالى: يوسف أعرض عن هذا أي: يا يوسف.

أما قوله: ثم انتم هؤلاء تقتلون أنفسكم فقد قيل: التقدير: ثم انتم يا هؤلاء فأنتم مبتدأ وتقتلون الخبر وهؤلاء نداء اعترض بين المبتدأ والخبر كما اعترض بين الشرط والجزاء في قوله: قل رب إما تريني ما يوعدون رب فلا تجعلني أي: يا رب.

وكما اعترض بين المصدر ومعموله في قوله: فندلاً زريق المال ندل الثعالب وكقوله: أوساً أو يس من الهباله ونحن نقول: إن أنتم مبتدأ وهؤلاء على وجهين: أحدهما: ثم أنتم كهؤلاء.

وإن شئت: هؤلاء بمعنى الذين أي: أنتم الذين تقتلون أنفسكم كما قال عز من قائل: أولاء على أثري.

وأما قوله تعالى: ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا ربنا.

إن شئت كان ربنا من صلة قوله: واغفر لنا أي: واغفر لنا ربنا فتقف على ربنا وإن شئت ابتدأت فقلت: ربنا إنك أنت العزيز الحكيم.

فإنما قلنا: لا يكون هؤلاء على: يا هؤلاء لأن هؤلاء يجوز أن يكون وصفاً لأي فتقول: يا هؤلاء أقبل كل ما يوصف به أي: لا يحذف منه حرف النداء ألا ترى أنه لا يجوز: رجل أقبل لأنك تقول: يا أيها الرجل أقبل وتقول: زيد أقبل لأنك لا تقول: أيها الزيد أقبل.

وأما قوله: أمن هو قانت آناء الليل فيمن خفف فقد قيل: إن الهمزة بمعنى يا والتقدير: يا من هو قانت فأقيمت الهمزة مقام يا.

قال أبو علي: المعنى: أمن هو قانت كمن هو بخلاف هذا الوصف ولا وجه للنداء هاهنا لأن الموضع موضع معادلة فليس النداء مما يقع في هذا الموضع إنما يقع في نحو هذا الموضع الجمل التي تكون أخباراً وليس النداء كذلك.

ويدل على المحذوف هنا قوله: قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون لأن التسوية لا تكون إلا بين شيئين وفي الجملتين في الخبر فالمعنى: أمن هو قانت كمن جعل لله أنداداً ليضل عن سبيله.

وكما جاز حذف حرف النداء فيما تقدم جاز حذف المنادى كما قال: يا ليتنا نرد أي: يا قوم ليتنا نرد.

ومثله: يا ليت بيني وبينك ويا ليت قومي يعلمون وما أشبه ذلك.

وأما قوله تعالى: ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء فقد قال المبرد: إن التقدير: ألا يا هؤلاء اسجدوا فحذف المنادى.

والذي اختاره أبو علي: أن الجملة هاهنا كأنها المنادى في الحقيقة وأن يا هاهنا أخلصت للتنبيه مجرداً من النداء كما أن ها من قوله: ها أنتم هؤلاء جادلتم للتبيه من غير أن تكون للنداء.

وقال أبو علي: وجه دخول حرف التنبيه على ألا من انه موضع يحتاج فيه إلى استعطاف امأمور لتأكيد ما يؤمر به عليه كما أن النداء موضع يحتاج فيه إلى استعطاف المنادى لما ينادى له من إخبار أو أمر أو نهي أو نحو ذلك مما يخاطب به وإذا كان كذلك فقد يجوز ألا يريد منادىً في نحو قوله: ألا يسجدوا كما يريد المنادى: وكذلك ما حكي عن أبي عمرو من قوله: يا ويلاً له.

ويؤكد ذلك قوله: هلم.

وبناؤهم ها للتنبيه مع لم وجعلها مع الفعل كشيء واحد وإجماع الناس على فتح آخر الكلمتين في اللغتين.

وكما لا يجوز أن يراد هاهنا مأمور لبناء الكلمتين على الفتح وإن فكت إحداهما من الأخرى بل لا يسوغ إرادة المنادى لمكان بنائهما معاً وجعلهما بمنزلة شيء واحد كذلك يجوز لك ألا تريد مأموراً في قوله: ألا يسجدوا.

ويجوز لأن يراد تقدير مأمورين فحذفوا كما حذف من قوله: يا لعنة الله والأقوام كلهم وكما كان يا هذا لا يكون إلا لغير اللعنة كذلك يجوز أن يكون المأمورون مرادين وحذفوا من اللفظ.

قال أبو علي في قوله: ها أنتم هؤلاء يحتمل ضربين: يجوز أن يكون ها للتنبيه دخلت على أنتم ويكون التنبيه داخلاً على الجملة كما دخل في قولهم هلم وكما دخلت يا للتنبيه في نحو ألا يسجدوا.

ويجوز أن يكون الهاء في انتم بدلاً من همزة الاستفهام كما كان بدلاً منها في قول ابن كثير حيث قرأ ها أنتم على وزن هعنتم وتكون الألف التي تدخل بين الهمزتين لتفصل بينهما كما تدخل بين النونين لتفصل بينهما في إحسانان وجاز ها انتم ولم يجزها قوم لشبه المضمر بالميم في الإبهام.

وأما قوله: قالوا سمعنا فتىً يذكرهم يقال له إبراهيم فيمكن أن يكون من هذا الباب وأما قوله: وجعلناه هدىً لبني إسرائيل ألا تتخذوا من دوني وكيلاً ذرية من حملنا فقد قيل: التقدير: يا ذرية وقيل: قوله ذرية مفعول ثان لتتخذوا ووكيلاً الأول فيمن قرأه بالتاء.

وأما قوله: قل اللهم مالك الملك وقل اللهم فاطر السموات والأرض فالميم في آخر اللهم بدل من يا فيقال: يا الله واللهم.

وانتصاب قوله: مالك الملك على نداء آخر أي: يا مالك الملك ويا فاطر السموات كقوله: رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تاويل الأحاديث فاطر السموات أي: يا فاطر السموات.

وأبو العباس يحمله على موضع المنادى كقولهم: يا زيد أخا عمرو.

وسيبويه لا يرى ذلك لأنه لما ضمت الميم إلى الكلمة صارت الأصوات التي لا توصف.

ومثله قراءة من قرأ: طوبى لهم وحسن مآب بالنصب أي: يا حسن مآب فحذف.

إعراب القرآن للسيوطي
1 ما ورد في التنزيل من إضمار الجمل | 2 ما جاء من حذف المضاف في التنزيل | 3 ما جاء في التنزيل معطوفاً بالواو والفاء | 4 فمن ذلك قوله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم} | 5 وفي بعض ذلك اختلاف | 6 ما جاء في التنزيل من الأسماء التي سميت بها الأفعال | 7 ما جاء في التنزيل من أسماء الفاعلين مضافة إلى ما بعدها بمعنى الحال أو الاستقبال | 8 ما جاء في التنزيل من إجراء غير في الظاهر على المعرفة | 9 ما جاء في التنزيل من كاف الخطاب المتصلة ولا موضع لها من الإعراب | 10 ما جاء في التنزيل من المبتدأ ويكون الاسم على إضمار المبتدأ وقد أخبر عنه بخبرين | 11 ما جاء في التنزيل من الاشمام والروم | 12 ما جاء في التنزيل ويكون الجار والمجرور في موضع الحال محتملاً ضميراً من صاحب الحال | 13 ما جاء في التنزيل دالاً على جواز تقدم خبر المبتدأ | 14 ما جاء في التنزيل وقد حُذف الموصوف وأقيمت صفته مقامه | 15 ما جاء في التنزيل من حذف الجار والمجرور | 16 وحذف الهمزة في الكلام حسن جائز إذا كان هناك ما يدل عليه | 17 ما جاء في التنزيل من اجتماع الهمزتين | 18 ما جاء في التنزيل من لفظ مَنْ ومَا والَّذي وكُلُّ وأحَدٍ وغير ذلك | 19 ما جاء في التنزيل من ازدواج الكلام والمطابقة والمشاكلة وغير ذلك | 20 ما جاء في التنزيل من حذف المفعول والمفعولين وتقديم المفعول الثاني على المفعول الأول وأحوال الأفعال المتعدية إلى مفعوليها و غير ذلك مما يتعلق به | 21 ما جاء في التنزيل من الظروف التي يرتفع ما بعدهن بهن على الخلاف وما يرتفع ما بعدهن بهن على الاتفاق | 22 ما جاء في التنزيل من هو وأنت فصلاً | 23 ما جاء في التنزيل من المضمرين إلى أي شيء يعود مما قبلهم | 24 ما جاء في التنزيل وقد أبدل الاسم من المضمر الذي قبله والمظهر على سبيل إعادة العامل أو تبدل إن وأن مما قبله | 25 ما جاء في التنزيل من همزة ساكنة يترك همزها أبو عمرو وما لا يترك همزها | 26 ما جاء في التنزيل من العطف على الضمير المرفوع | 27 ما جاء في التنزيل لحقت إن التي للشرط ما ولحقت النون فعل الشرط | 28 ما جاء في التنزيل عقيب اسمين كني عن أحدهما اكتفاء بذكره عن صاحبه | 29 ما جاء في التنزيل صار الفصل فيه عوضاً عن نقصان لحق الكلمة | 30 ما جاء في التنزيل وقد حمل فيه اللفظ على المعنى وحكم عليه بما يحكم على معناه لا على اللفظ | 31 ما جاء في التنزيل من حذف أن وحذف المصادر والفصل بين الصلة والموصول | 32 ما جاء في التنزيل من حذف حرف النداء والمنادى | 33 ما جاء في التنزيل قد حذف منه المضاف إليه | 34 ما جاء في التنزيل من حروف الشرط دخلت عليه اللام الموطئة للقسم | 35 ما جاء في التنزيل من التجريد | 36 ما جاء في التنزيل من الحروف الزائدة في تقدير وهي غير زائدة في تقدير آخر | 37 ما جاء في التنزيل من التقديم والتأخير وغير ذلك | 38 ما جاء في التنزيل من اسم الفاعل | 39 ما جاء في التنزيل نصباً على المدح ورفعاً عليه | 40 المحذوف خبره | 41 ما جاء في التنزيل من إن المكسورة المخففة من إن | 42 ما جاء في التنزيل من المفرد ويراد به الجمع | 43 ما جاء في التنزيل من المصادر المنصوبة بفعل مضمر دل عليه ما قبله | 44 ما جاء في التنزيل من دخول لام إن على اسمها وخبرها أو ما اتصل بخبرها وهي لام الابتداء دون القسم | 45 باب ما جاء في التنزيل وفيه خلاف بين سيبويه وأبي العباس وذلك في باب الشرط والجزاء | 46 باب ما جاء في التنزيل من إدخال همزة الاستفهام على الشرط والجزاء | 47 باب ما جاء في التنزيل من إضمار الحال والصفة جميعا | 48 باب ما جاء في التنزيل من الجمع يراد به التثنية | 49 باب ما جاء في التنزيل منصوبا على المضاف إليه | 50 | 51 باب ما جاء في التنزيل من المضاعف وقد أبدلت من لامه حرف لين | 52 باب ما جاء في التنزيل من حذف واو العطف | 53 باب ما جاء في التنزيل من الحروف التي أقيم بعضها مقام بعض | 54 باب ما جاء في التنزيل من اسم الفاعل المضاف إلى المكنى | 55 باب ما جاء في التنزيل في جواب الأمر | 56 باب ما جاء في التنزيل من المضاف الذي اكتسى | 57 من شيء محذوف | 58 باب ما جاء في التنزيل معطوفا وليس المعطوف مغايرا للمعطوف عليه وإنما هو هو أو بعضه | 59 باب ما جاء في التنزيل من التاء في أول المضارع فيمكن حمله على الخطاب أو على الغائبة | 60 باب ما جاء في التنزيل من واو الحال تدخل على الجملة من الفعل والفاعل | 61 باب ما جاء في التنزيل من حدف هو من الصلة | 62 باب ما جاء في التنزيل من إجراء غير اللازم مجرى اللازم وإجراء اللازم مجرى غير اللازم | 63 باب ما جاء في التنزيل من الحروف المحذوفة تشبيها بالحركات | 64 باب ما جاء في التنزيل أجرى فيه الوصل مجرى الوقف | 65 باب ما جاء في التنزيل من بناء النسب | 66 باب ما جاء في التنزيل أضمر فيه المصدر لدلالة الفعل عليه | 67 باب ما جاء في التنزيل ما يكون على وزن مفعل بفتح العين ويراد به المصدر ويوهمك أنه مكان | 68 باب ما جاء في التنزيل من حذف إحدى التاءين في أول المضارع | 69 باب ما جاء في التنزيل حمل فيه الاسم على الموضع دون اللفظ | 70 باب ما جاء في التنزيل حمل فيه ما بعد إلا على ما قبله | 71 باب ما جاء في التنزيل وقد حذف منه ياء النسب | 72 باب ما جاء في التنزيل وقد أبدل المستثنى من المستثنى منه | 73 باب ما جاء في التنزيل وأنت تظنه فعلت الضرب في معنى ضربته | 74 باب ما جاء في التنزيل مما يتخرج | 75 باب ما جاء في التنزيل من القلب والإبدال | 76 باب ما جاء في التنزيل من إذا الزمانية | 77 باب ما جاء في التنزيل من أحوال النون عند الحروف | 78 باب ما جاء في التنزيل وقد وصف المضاف بالمبهم | 79 باب ما جاء في التنزيل وذكر الفعل وكنى عن مصدره | 80 باب ما جاء في التنزيل عبر عن غير العقلاء بلفظ العقلاء | 81 باب ما جاء في التنزيل وظاهره يخالف ما في كتاب سيبويه وربما يشكل على البزل الحذاق فيغفلون عنه | 82 باب ما جاء في التنزيل من اختلافهم في لفظة ما من أي قسمة هي | 83 باب ما جاء في التنزيل من تفنن الخطاب والانتقال من الغيبة إلى الخطاب ومن الخطاب إلى الغيبة ومن الغيبة إلى المتكلم | 84 نوع آخر إضمار قبل الذكر | 85 باب ما جاء في التنزيل حمل فيه الفعل على موضع الفاء في جواب الشرط فجزم | 86 واستعمل ما هو فرع | 87 باب ما جاء في التنزيل من القراءة التي رواها سيبويه | 88 مسألة قوله تعالى: " وإن يأتوكم أسارى تفادوهم " | 89 باب ما جاء في التنزيل من ألفاظ استعملت استعمال القسم وأجيبت بجواب