→ (الحادي والسبعون) باب ما جاء في التنزيل وقد حذف منه ياء النسب | إعراب القرآن للسيوطي
الثاني والسبعون باب ما جاء في التنزيل وقد أبدل المستثنى من المستثنى منه |
الثالث والسبعون باب ما جاء في التنزيل وأنت تظنه فعلت الضرب في معنى ضربته ← |
الثاني والسبعون باب ما جاء في التنزيل وقد أبدل المستثنى من المستثنى منه
فمن ذلك قوله تعالى: " ما فعلوه إلا قليلٌ منهم " رفعوا " قليلا " بالبدل من الواو في " فعلوه " إلا ابن عامر.
ومن ذلك قوله: " ولا يلتفت منكم أحدٌ إلا امرأتك ".
رفعه ابن كثير وأبو عمرو على البدل من ومن ذلك قوله: " ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم " رفعوا " أنفسهم " عن آخرهم على البدل من " شهداء ".
ومنه قوله: " ومن يغفر الذنوب إلا الله " ف " من " مبتدأ استفهام بمعنى النفي وفي " يغفر " ضمير يعود إلى " من " وقوله " إلا الله " رفع بدل من الضمير في " يغفر " وكأنه قال: ما أحد يغفر الذنوب إلا الله.
فثبت أن نظر شارحكم الجليل في هذا الباب ساقط حيث قال: " من " مبتدأ وقوله " إلا الله " خبره.
ومثله: " ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ".
رفع بدل من الضمير في " يرغب ".
فالاختيار في هذه الأشياء إذا كان بعد النفي أن يكون بدلا مما قبله عند سيبويه وغيره.
وقال قوم: إذا لم يجز في الاستثناء لفظ الإيجاب لم يجز البدل فيقولون: ما أتاني إلا زيد على البدل لأنه يجوز: أتاني القوم إلا زيدا ولا يقولون: ما أتاني أحد إلا زيد لأنه لا يجوز: أتاني أحد.
قال أبو سعيد: ولأنه قد أحاط العلم: إنا إذا قلنا: ما أتاني أحد فقد دخل فيه القوم وغيرهم فإنما ذكر بعض ما اشتمل عليه أحدهما يستثنى بعضه.
وقد احتج عليهم سيبويه ببعض ما ذكرناه بأن قال: كان ينبغي إن قال ذلك أن يقول: ما أتاني أحد إلا وقد قال ذاك إلا زيدا والصواب في ذلك نصب زيد و ما أتاني أحد إلا قد قال ذاك إلا زيدا لأنك لما قلت: ما أتاني أحد إلا قد قال ذاك صار الكلام موجبا لما استثنى من المنفي فكأنه قال: كلهم قالوا ذاك فاستثنى زيدا من شيء موجب في الحكم فنصب وإنما ذكر هذا لأنه ألزم القائل بما ذكر من جواز: ما أتاني أحد إلا زيد ومنع: ما أتاني القوم إلا زيد فإن قال: إن كان يوجب النصب لأن الذي قيل إلا جمع فقد قال الله تعالى: " ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم " بعد الجمع وإن كان جواز الرفع والبدل لأن الذي قبل إلا واحد فينبغي أن يجيزوا الرفع في قولهم: ما أتاني إلا أحد إلا قد قال ذاك إلا زيد فالواجب فيه النصب وإنما ألجأهم سيبويه إلا أن يقولوا: الذي يوجب البدل أن يكون ما قبل إلا نفيا فقط جمعا كان أو واحدا.
قال أبو علي: الوجه في قولهم ما أتاني أحد إلا زيد الرفع وهو الأكثر الأشيع في الاستعمال والأقيس فقوته من جهة القياس أن معنى: ما أتاني أحد إلا زيدا وما أتاني إلا زيد واحد فكما اتفقوا على: ما أتاني إلا زيد إلا الرفع وكان: ما أتاني أحد إلا زيد بمنزلته وبمعناه اختاروا الرفع مع ذكر أحد وأجروا ذلك على: يذر ويدع في أن يذر لما كان في معنى يدع ومما يقوى ذلك أنهم يقولون: ما جاءني إلا امرأة فيذكرون حملاً على المعنى ولا يؤنثون ذلك فيما زعم أبو الحسن إلا في الشعر قال: ترى البحر والآجال يأتى عروضها فما بقيت إلا الضلوع الجراشع فكما أجروه على المعنى في هذا الوضع فلم يلحقوا الفعل علامة التأنيث كذلك أجروه عليه في نحو: ما جاءني أحد إلا زيد فرفعوا الاسم الواقع بعد حرف الاستثناء وأما من نصب فقال: ما جاءني أحد إلا زيدا فإنه جعل النفي بمنزلة الإيجاب من حيث اجتمعا في أن كل واحدٍ منهما كلام تام.