→ السادس عشر وحذف الهمزة في الكلام حسن جائز إذا كان هناك ما يدل عليه | إعراب القرآن للسيوطي
السابع عشر ما جاء في التنزيل من اجتماع الهمزتين |
الثامن عشر ما جاء في التنزيل من لفظ مَنْ ومَا والَّذي وكُلُّ وأحَدٍ وغير ذلك ← |
السابع عشر ما جاء في التنزيل من اجتماع الهمزتين
وذلك يكون على وجوه في الكلام وينبغي أن نعلمك أصلاً قبل ذلك فإن اجتماعهما يبتني على ذلك الأصل وهو: أن تعرف أن الهمزة المتحركة وقبلها ألف متحرك تكون على تسعة أوجه: أحدهما: أن تكون مفتوحة مضموما ما قبلها نحو: جُؤَن.
والثاني: أن تكون مفتوحه مكسوراً ما قبلها نحو: مئر: بوزن معر وهذه ليس فيها إلا أن تقلب واوا في حال الضم وياء في حال الكسر نحو جون ومير بواو وياء خالصين ولا يجوز فيها بين بَيْنَ.
وذلك أن الهمزة المفتوحة إذا جعلتها بين بَيْنَ قربتها من الألف والألف لا تقع بعد الضمة والكسرة بوجه ما وهو مما تشهد الضرورة به فكذلك لا يقع ما بعدهما ما يقارب الألف كما أن الألف لما لم يمكن الابتداء به لم يكن جعل الهمزتين بين بينً في الابتداء وإذا امتنع والضرب الثالث: أن تكون الهمزة مفتوحة ما قبلها فهذه تخفيفها أن تجعل بين بَيْنَ نحو: سال وقرا زيد وذلك أن الألف من شأنها أن تقع بعد الفتحة وكذلك يقع المقرب منها بعدها وقد عرفتك أن هذا التخفيف مما ينكشف سره بالمشافهة.
والضرب الرابع: أن تكون الهمزة مكسورة مفتوحاً ما قبلها نحو: سئم.
فهذه تجعل بين بَيْنَ فأنت لأجل أنها مكسورة تقربها بالتخفيف من الياء الساكنة والياء الساكنة تسلم بعد الفتحة فما ظنك بالمقارب لها.
والضرب الخامس: أن تكون الهمزة مضمومة مفتوحا ما قبلها نحو: لؤم فهذه أيضاً تجعل بين بَيْنَ لأجل أنك تقربها من الواو الساكنة والواو الساكنة تقر بعد الفتحة فكذلك ما يقاربها.
والضرب السادس: أن تكون الهمزة مضمومة قبلها ضمة نحو: هذا عبد أختك و شقَّ أبلم.
فهذه أحرى بأن تجعل بين بَيْنَ لأجل أنك تقربها من الواو الساكنة وشأنها أن تقع بعد الضمة فكذا ما يقرب منها.
والضرب السابع: أن تكون الهمزة مكسورة مكسوراً ما قبلها نحو: من عند إبلك.
تجعلها بين بَيْنَ لأجل أنك تقربها من الياء الساكنة وحقها أن تقع بعد الكسرة وكذلك القريب منها.
والضرب الثامن: أن تكون الهمزة مضمومة مكسوراً ما قبلها نحو: هذا قارئ يا فتى مثل قارع وهذا فيه خلاف فمذهب الخليل وصاحب الكتاب جعلها بين بَيْنَ ومذهب أبي الحسن القلب إلى الياء.
والتاسع: أن تكون مكسورة قبلها ضمة نحو: سئل وهذه مثل الثامن في قلب إلا أن أبا الحسن يقلبه واو للضمة قبلها كما يقلبها ياء للكسرة قبلها في قاريء.
فأما ما حكاه محمد بن السري في كتابه في القراءات عن أبي الحسن من أنه قال: من زعم أن الهمزة المضمومة لا تمنع الكسرة إذا خففت دخل عليه أن يقول: هذا قاريء و هؤلاء قارئون و يستهزئون.
قال: يعني أبا الحسن وليس هذا من الكلام من خفف من العرب إنما يقولون يستهزئون فخطأ في النقل ألا تراه يلزم الخليل وسيبويه أن يقولا هذا في المتصل قالا ذلك في المنفصل نحو من عند أخيك ونسمعهما يقولان: إنه قول العرب هذا مما لا يظن.
وأبو الحسن قد فصل بين المتصل والمنفصل في: وغلام نحو إبلك فقلب المتصل واوا والمنفصل ياء.
هذا الذي حكاه عنه غلط في النقل وإنما دخل عليه أن يقول: هذا قارو بالواو كما حكيناه.
فكذلك رواه أبو عبد الله اليزيدي عنه ثم حكاه عن أبي الحسن من قولهم: إنما يقولون فإن حمله على التحقيق لم يجز على أن الكلام ليس فيه إنما الكلام على التخفيف أم على جعلها بين بين.
فإن حمله على أنه جعلها بين بين فقد أثبت إذن ما أنكره وما لم يقله أحد من أهل التخفيف عنه وهذا خطأ عليه فاحش في النقل.
وأما ما ذكره محمد بن يزيد في هذه المسألة في كتابه المترجم بالشرح من قوله: والأخفش لا يقول إلا كما يقول النحويون: هذا عند ئِبِلك.
ولكن يخالف في يستهزئون.
فهذا الإطلاق يوهم أنه لا يفصل بين المتصل والمنفصل وقد فصل أبو الحسن بين أكمؤك و " عند نحوبك ".
فينبغي إذا كان كذلك ألا نرسل الحكاية عنه حتى يعتد ويفصل بين المتصل والمنفصل كما فصل هو.
وأما الهمزة المفتوحة التي بعدها همزة مضمومة من كلمة واحدة فقد جاء في التنزيل في أربعة مواضع: في آل عمران: " أَ أُنبئكم ".
وفي ص: " أَ أُنزل ".
والرابع في الزحرف: " أَ أُشهدوا ".
والهمزة المفتوحة التي بعدها مكسورة من كلمة: أولها من الأنعام: " أَ إنكم لتشهدون ".
والثانية في النمل: " أ إنكم لتأتون ".
والثالثة في الشعراء: " أ إنَّ لنا لأجراً ".
والرابعة في التوبة: " أئمة الكفر ".
والخامسة في يوسف: " أإنك لأنت يوسف ".
والسادسة في مريم: " أإذا ما مت ".
والسابعة في الشعراء: " أإن لنا ".
والثامنة والتاسعة في القصص: " أئمة " فيهما.
والعاشرة في السجدة: " أئمة ".
والحادية عشر في يس: " أإن ذكرتم ".
والثانية عشر في الصافات: " أإنا لتاركوا ".
والثالثة عشر فيها: " أإنك لمن المصدقين ".
والخامسة عشر في السجدة: " أإنكم لتكفرون ".
والسادسة عشر: في الواقعة: " أإنَّا لمغرمون ".
والسابعة عشر في النمل: " أإنكم ".
والثامنة عشر في ق " أإذا متنا وكنا ".
والتاسع عشر في الأنبياء: " أئمة ".
وخمسة في النمل: " أإله ".
فذلك أربعة وعشرون.
فهذه همزتان اجتمعتا مفتوح بعدها مكسور وفي مدها وتليين الثانية اختلاف إلا التي في الشعراء فإنه لم يقرأ هناك على الخبر أحد كما قرأ في الأعراف وقد يرد غير ذلك مع استفهام بعده: فأولها في سورة الرعد: " أإذا " " أإنا ".
وفي بني إسرائيل: اثنان.
وفي المؤمنين: واحد.
وفي السجدة: واحد.
وفي العنكبوت: " أإنكم لتأتون الفاحشة أإنكم ".
وفي الصافات: موضعان.
وفي الواقعة: وفي سورة النازعات.
فهذه أحد عشر موضعاً وعشرون كلمة.
وأما المفتوحتان: ففي إحدى وثلاثين موضعاً أولها: في البقرة: " أأنذرتهم ".
وفيها: " أأنتم أعلم ".
والثالثة في آل عمران: " أن يؤتى أحد " في قراءة ابن كثير.
والرابعة فيها: " أأسلمتم ".
والخامسة فيها: " أأقررتم ".
السادسة في المائدة: " أأنت قلت للناس ".
السابعة والثامنة والتاسعة: " أأمنتم " في الأعراف وطا والشعراء.
والعاشرة في هود: " أألد ".
الحادي عشر في يوسف: " أأرباب ".
الثالث عشر في الأنبياء: " أأنت فعلت ".
الرابع عشر في الفرقان: " أأنتم أضللتم عبادي"
والخامس عشر في النمل: " أأشكر ".
السادس عشر في يس: " أأنذرتهم ".
السابع عشر فيها: " أأتخذ ".
الثامن عشر في السجدة: " أأعجمي ".
التاسع عشر في الزخرف: " أآلهتنا ".
العشرون في الأحقاف: " أأذهبتم ".
الحادي والعشرون والثاني والثالث والرابع والعشرون في الواقعة: " أأنتم ".
الخامس والعشرون في المجادلة: " أأشفقتم ".
السادس والعشرون في الملك: " أأمنتم ".
السابع والعشرون في القلم: " أأن كان ذا مال وبنين ".
الثامن والعشرون في النازعات: " أأنتم أشد ".
التاسع والعشرون: " أألهاكم ".
الحادي والثلاثون: " آزر ".
وفي كل ذلك اختلاف بين القراء السبعة إلا في قوله: " آلذكرين " " وآزر ".
فإن السبعة اجتمعت على مد آ الذكرين في الموضعين وآزر على وزن أفعل.
وأما قوله: " آلله أذن لكم ".
وقوله: " آلله خير لكم.
وقوله: " آلان ".
فإنهم أجمعوا على مد هذه الأحرف ولم يحذفوا المد كي لا يشتبه الخبر بالاستفهام لو قيل الآن والله أعلم.
وأما التقاؤهما من الكلمتين مما جاء في التنزيل على ثلاثة أضرب فهما متفقتان على الفتح وهي في تسعة وعشرين موضعاً: أولها في النساء: " السفهاء أموالكم ".
وفيها: " أو جاء أحد منكم من الغائط " وهكذا في المائدة.
وفي الأنعام: " جاء أحدكم ".
وفي الأعراف: " جاء أجلهم ".
وفي الحجر: " جاء آل لوط " وفيها: " جاء أهل المدينة ".
وفي النحل: " جاء أجلهم ".
وفي الحج: " السماء أن تقع ".
وفي المؤمنين: " جاء أمرنا " وفيها: " جاء أحدهم الموت ".
وفي الفرقان: " من شاء أن يتخذ ".
وفي الأحزاب: " إن شاء أو يتوب عليهم ".
وفي الملائكة: " جاء أجلهم ".
وفي المؤمن: " جاء أمر الله ".
وفي الحديد مثله.
وفي المنافقين: " إذا جاء أجلها ".
وفي اقتربت الساعة: " جاء آل فرعون ".
وفي سورة محمد عليه السلام: " جاء أشراطها ".
وفي عبس: " شاء أنشره ".
الضرب الثاني: همزتان مكسورتان من كلمتين وهي في ثلاثة عشر موضعاً.
أولها في البقرة: " هؤلاء إن كنتم ".
وفي النساء: " من النساء إلاَّ " موضعان.
وفي يوسف: " بالسوء إلاَّ ".
وفي الأحزاب: " النساء إن اتقيتن ".
وفيها: " أبناء إخواتهن ".
وفيها: " للنبي إن أراد النبي ".
" لا تدخلوا بيوت النبي إلاَّ ".
على قول نافع عن قالون وأبي حاتم عن ابن كثير.
وفي النور: " البغاء إن أردن ".
وفي الشعراء: " من السماء إن كنت ".
وفي سبأ: " السماء إن في ذلك ".
وفيها: " أهؤلاء إياكم ".
وفي الزحرف: " في السماء إله ".
وفي هود: " ومن وراء إسحق ".
وفي ص: " هؤلاء إلا صيحة ".
وفي بني إسرائيل: " هؤلاء إلا رب السموات ".
وفي السجدة: " من السماء إلى الأرض ".
وأما المضمومتان من كلمتين ففي موضع واحد: " أولياء أولئك ".
فهذا في المتفقين.
وأما المختلفان ففي التنزيل على خمسة أضرب مضمومة دخلت على مفتوحة مثل: " السفهاء ألا ".
والثاني: ضدها مفتوحة على مضمومة نحو: " جاء أمة " ولا ثاني له.
الثالث: مكسورة دخلت على مفتوحة مثل: " وعاء أخيه ".
الرابع: ضدها: " شهداء إذ حضر ".
الخامس: مضمومة دخلت على مكسورة مثل: " نشاء إنك " ولا ضد لها.
والضرب الأول: " السفهاء ألا " " النبي أن يستنكحها " " يشاء ألم تر " " سوء أعمالهم " " البغضاء أبداً " " لو نشاء أصبناهم " " تشاء أنت ولينا " " الملأ أفتوني " " الملأ أيكم ".
وأيضاً: " الملأ أفتوني في رؤياي " " جزاء أعداء الله ".
الضرب الثاني: " جاء أمة " لا ثاني له.
الثالث: " من الشهداء أن تضل " " وعاء أخيه " موضعان " السوء أفلم يكونوا " " هؤلاء آلهة " " من الماء أو مما رزقكم الله " " السماء أن يخسف " " السماء أن يرسل " " السماء أو ائتنا " " أبناء أخواتهن " " الفحشاء أتقولون ".
والضرب الرابع: " شهداء إذ حضر " " البغضاء إلى " موضعان " شهداء إذ وصاكم الله " " شركاء إن يتبعون " " الفحشاء إنه " إن شاء إن الله " " أولياء إنا اعتدنا " " الدعاء إذا " ثلاثة مواضع " وجاء إخوة يوسف " زكريا إذ نادى " وفي الأنبياء مثله " نبأ إبراهيم " " حتى تفئِ إلى أمر الله ".
الضرب الخامس: " يشاء إلى صراط " " يشاء إذا قضى " " الشهداء إذا ما دعوا " " نشاء إنك " " وما مسنى السوء إن " " السيء إلا بأهله " " يا زكريا إنا " " نشاء إلى أجل مسمى " " لما يشاء إنه " " الملأ إنُّي ألقى " " النبي إنا أرسلناك " " من يشاء إلى صراط " في يونس.
وفي النور: " من يشاء إلى " موضعان وفي الملائكة: " العلماء إن الله " " الفقراء إلى الله ".
" النبي إذا جاءك المؤمنات " " النبي إذا طلقتم النساء ".
في حم عسق: " من يشاء إناثاً ".
وفيها: " ما يشاء إنه بعباده ".
فذلك اثنان وستون موضعاً.
هذه الهمزات المختلفة روت القراء عن أبي عمرو تليين الثانية وتحقيق الأولى.
وروى سيبويه عنه تليين الأولى وتحقيق الثانية نحو: يا زكريا زكريا.
وأما الهمزتان إذا التقتا وكانت كل واحدة منهما من كلمة فإن أهل التخفيف يخففون إحداهما ويستثقلون تحقيقهما لما ذكرت لك كما استثقل أهل الحجاز تخفيف الواحدة فليس في كلامهم أن تلتقي همزتان فتحققا ومن كلامهم تخفيف الأولى وتحقيق الثانية سمعنا ذلك من العرب.
وحدثني هارون القاريء أنه سمع العرب يقولون وهو قوله: " فقد جاء اشراطها " و " يا زكريا إنا نبشرك " وهو قول أبي عمرو وأنشد الشاعر: كل غراء إذا ما برزت ترهب العين عليها والحسد انتهى كلامه.
وكان المقصود من إدخال هذا الباب الإشارة بهذا الخلاف بين سيبويه والقراء في روايتهم عن أبي عمرو وكل حسن جائز فصيح.