→ (التاسع والثلاثون) ما جاء في التنزيل نصباً على المدح ورفعاً عليه | إعراب القرآن للسيوطي
المتمم الأربعين المحذوف خبره |
الحادي والأربعون ما جاء في التنزيل من إن المكسورة المخففة من إن ← |
المتمم الأربعين المحذوف خبره
فمن ذلك قوله تعالى: شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن والتقدير: فيما يتلى عليكم شهر رمضان.
ويكون قوله: الذي أنزل فيه القرآن نعتاً.
وقيل: بل هو الخبر.
وقيل: بل الخبر قوله: فمن شهد منكم الشهر أي: فمن شهده منكم.
وجاز دخول الفاء لكون المبتدأ موصوفاً بالموصول والصفة جزء من الموصوف وكان المبتدأ هو الموصول.
ومثله قوله: قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم.
لما وصف اسم إن بالموصول أدخل الفاء في الخبر كما دخل في قوله: إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم.
وكما قال: إن الذين يكفرون بآيات الله ثم قال: فبشرهم بعذاب أليم لأن المبتدأ الموصول والنكرة الموصوفة يدخل الفاء في خبرهما.
وقال الأخفش: بل الفاء في قوله: فإنه ملاقيكم زائدة فعلى قياس قوله هنا تكون زائدة.
ويجوز أن يكون قوله الذي تفرون خبر إن كأنه قال: الموت هو الذي تفرون منه نحو القتل أو الحرب ويكون الفاء في فإنه ملاقيكم للعطف.
ومن ذلك أيضاً واللذان يأتيانها منكم أي: فيما يتلى عليكم.
ويجوز أن يقال: وإنما رفع قوله واللذان ولم ينصبه.
وقال في الكتاب: اللذين يأتيانها فاضربهما لأن الاختيار النصب لأن الذي في الكتاب يراد بهما معينان والفاء زائدة فهو بمنزلة: زيداً فاضرب.
وفي الآية لا يراد بهما معينان بل كل من أتى بالفاحشة داخل تحتها.
فقوله: فآذوهما في موضع الخبر والفاء للجزاء في الآية وفي المسألة الفاء زائدة.
وقال: الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما.
وقال: والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما أي: فيما يتلى عليكم.
فأما قوله: مثل الجنة التي وعد المتقون فهو على القياس المتقدم أي: فيما يتلى عليكم.
وقال أبو إسحاق التقدير صفة الجنة التي وعد المتقون وليس بصحيح لأن اللغة لا تساعد عليه ولأن موضوعه التشابه ولا معنى للوصفية في شيء من تصاريفه وكيف يصح.
ومن جهة المعنى أيضاً: إنه لو قال قائل: صفة الجنة فيها أنهار لكان كلاماً غير مستقيم لأن الأنهار في الجنة لا في صفتها وأيضاً فقد أنث ضمير المثل حملاً على الصفة وهذا أيضاً بعيد.
وقول الفراء أيضاً من أن الخبر جعل عن المضاف إليه وهو الجنة دون المضاف الذي هم مثل فباطل أيضاً لأنا لم نر اسماً يبدأ به ولم يخبر عنه البتة وكذا من قال: المثل يقحم أي: يلغى لأن الاسم لا يكون زائداً إنما يزاد الحرف فكذلك قول الزجاج لأنه إن أراد بالمثل الصفة فقوله: صفة الجنة جنة فاسد لأن الجنة ليست بالصفة والزيادة شيء يقوله الكوفيون في: مثل واسم ويعلم ويكاد ويقول: هذه الأربعة تأتي في الكلام زيادة ونحن لا نقول بذلك.
وأما قوله: الذي خلقني إن جعلته مبتدأ فقوله: فهو يهدين خبره وما بعده معطوف على الذي والتقدير: هو يطعمني ويسقيني إلى قوله: وبالصالحين محذوف الخبر أي: فهو يهديني كما تقول: زيد قائم وبكر وخالد.
ومن ذلك قوله تعالى: أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس أي: البر والتقوى أولى فحذف الخبر.
وأما قوله: " وقالت اليهود عزير ابن الله " فيمن لم ينون فيجوز أن يكون عزيز مبتدأ وابن صفة والخبر مضمر.
أي: قالت اليهود عزير ابن الله معبودهم.
ويجوز أن يكون حذف التنوين لالتقاء الساكنين ويكون ابن خبراً.
ويجوز أن يكون لم يصرف عزير ومثله: يدعو لمن ضره أقرب من نفعه فيمن جعل يدعو بمعنى يقول.
وقد تقدم ذلك في المبتدأ ومثله ما أكرهتنا عليه من السحر ولم يقل محطوط عنا وقد تقدم.
ومثله قوله: " إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله " والتقدير: إن الذين آمنوا والذين هادوا إلى قوله: فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون والصابئون كذلك فالتقدير في والصابئون أي والصائبون كذلك فحذف الخبر وفصل بين اسم إن بمبتدأ مؤخر تقديراً وقال: ومن يك أمسى بالمدينة رحله فإني وقياراً بها لغريب أي: إني لغريب وإن قياراً كذلك.
وقال الله تعالى: (أن الله بريء من المشركين ورسوله) أي: رسوله بريء فحذف الخبر.
وقيل: بل هو عطف على الضمير في بريء هو ورسوله.
وعند سيبويه: هو محمول على موضع إن كقوله: إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون فيمن فتح.
ومن ذلك قوله تعالى: (أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ومن قبله كتاب موسى إماماً ورحمة) ولم يذكر الخبر والتقدير: كمن كان على ضلالة.
وقال: (أفمن زين له سوء عمله فرآه حسناً) أي: كمن لم يزين له ذلك.
وقال: (أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت) والتقدير: كمن لا يقام عليه.
فحذف الخبر في هذه الآي.
وقد أظهر في قوله أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله.
وأما قوله: (أمن هو قانت آناء الليل) فيمن خفف فيكون أي: يكون من هذا الباب على تقدير: أمن هو قانت آناء الليل كالجاحد والكافر.
وزعم الفارسي أن التقدير: أمن هو قانت آناء الليل كمن جعل لله أنداداً.
ثم قال: واستضعفه أبو الحسن دون الاستفهام لا يستدل عليه بما قبله وإنما يستدل عليه بما بعده.
فقيل: إن ذلك على تقديرك دون تقديرنا فما تقول في قوله: أفمن شرح الله صدره للإسلام وقوله: أفمن يتقي بوجهه أليس الخبران محذوفين وقوله: أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار.
قلت: أيها الفارسي جواباً: إن سيبويه قال: إن الخبر محذوف يعني خبر قوله أفمن حق عليه ولم تكن لتذب عن أبي الحسن: أن التقدير: أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ بل قدرت حذف الخبر.
وزعم أحمد بن يحيى أن من قدر: أمن (هو قانت آناء الليل) فهو كالأول.
وزعم الفارسي أن هذا ليس موضع النداء بل موضع تسوية ألا تراه قال من بعد: (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) وجواب الفارسي تحت قول أحمد هو كالأول يعني أنه قال - عز من قائل: قل تمتع بكفرك قليلاً إنك من أصحاب النار يامن هو قانت آناء الليل أبشر إنك من أصحاب الجنة فحذف في الثاني لذكره أولاً.
فأما من شدد فقال: أمن هو قانت فالتقدير: الكافر الجاحد خير أمن هو قانت كقوله: أم زاغت عنهم الأبصار والتقدير: أمفقودون هم أم زاغت عنهم الأبصار ومن ذلك قوله: (وما من إله إلا الله) قوله إلا الله بدل من موضع الجار والمجرور والخبر مضمر والتقدير: ما من إله في الوجود إلا الله كقوله: لا إله إلا الله فليس الرفع محمولاً على الوصف للمجرور لأن الأكثر في الاستثناء والبدل دون الوصف.
وأما قوله تعالى: (الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين) ف الذين يلمزون مبتدأ وخبره: سخر الله منهم.
ومن نصب زيداً مررت به كان الذين منصوباً عنده ولا يكون فيسخرون خبره لأن لمزهم للمطوعين لا يجب عنه سخريتهم بهم كما أن الإنفاق يجب عنه الأجر في قوله: الذين ينفقون أموالهم إلى قوله: فلهم أجرهم وإذا لم يجب عنه كان فيسخرون عطفاً على يلمزون أو على يجدون وموضع والذين لا يجدون جر تابع ل المؤمنين أو نصب تابع ل المطوعين والظرف أعني في الصدقات يتعلق ب يلمزون دون المطوعين للفصل بين الصلة والموصول أي: يعينون في إخراج الصدقات لقلتها ومنه قوله: فروح وريحان ومنه قوله: فنزل من حميم أي: فله نزل من