أقول: لما كان في مطلع الحديد ذكر صفاته الجليلة ومنها: الظاهر والباطن وقال: "يعلمُ ما يلجُ في الأَرضِ وما يخرجُ منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أينما كُنتُم" افتتح هذه بذكر أنه سمع قوله المجادلة التي شكت إليه ﷺ ولهذا قالت عائشة رضي الله وذكر بعد ذلك قوله: "أَلم تر أَن اللَهَ يعلمُ ما في السموات وما في الأَرض ما يكون من نجوى ثلاثة إِلا هو رابعهم" وهو تفصيل لقوله: "وهوَ معكُم أَينما كنتُم" وبذلك تعرف الحكمة في الفصل بها بين الحديد والحشر مع تآخيهما في الافتتاح ب "سبح" سورة الحشر آخر سورة المجادلة نزل فيمن قتل أقرباؤه من الصحابة يوم بدر وأول الحشر نازل في غزوة بني النضير وهي عقبها وذلك نوع من المناسبة والربط وفي آخر تلك: "كتب اللَه لأَغلبن أَنا ورسُلي" وفي أول هذه: "فأَتاهم اللَهُ مِن حيثُ لم يحتسبوا وقذفَ في قلوبهم الرعب" وفي آخر تلك ذكر من حاد اللَه ورسوله وفي أَول هذه ذكر من شاق اللَه ورسوله.
أسرار ترتيب القرآن/سورة المجادلة
سورة المجادلة