سمعت بعض العارفين يقول: لما شرح الله سبحانه أمر الإلهية في سورة فعالم الأمر كله خيرات محضة بريئة عن الشرور والآفات أما عالم الخلق فهو الأجسام الكثيفة والجثمانيات فلا جرم قال في المطلع: "قُل أَعوذُ برَبِ الفَلق مِن شَرِ ما خَلق" ثم الأجسام إما أبدية وكلها خيرات محضة لأنها بريئة عن الاختلافات والفطور على ما قال: "ما ترى في خَلقِ الرحمن مِن تفاوت فارجِع البصر هل ترى مِن فطور" وإما عنصرية وهي إما جمادات فهي خالية عن جميع القوى النفسانية فالظالمات فيها خالصة والأنوار عنها زائلة وهو المراد من قوله: "ومِن شَرِ غاسقٍ إِذا وقب" وإما نبات والقوة العادلة هي التي تزيد في الطول والعمق معاً فهذه القوة النباتية كأنها تنفث في العقدة وإما حيوان وهو محل القوى التي تمنع الروح الإنسانية عن الانصباب إلى عالم الغيب والاشتغال بقدس جلال الله وهو المراد بقوله: "ومِن شَرِ حاسدٍ إِذا حسد" ثم إنه لم يبق من السفليات بعد هذه المرتبة سوى النفس الإنسانية وهي المستفيدة فلا يكون مستفاداً منها فلا جرم قطع هذه السورة.
أسرار ترتيب القرآن/سورة الفلق
سورة الفلق