سورة العصر
ولهذا عقبها بسورة العصر المشتملة على أن الإنسان في خُسر بيان لخسارة تجارة الدنيا وربح تجارة الآخرة ولهذا عقبها بسورة الهمزة المتوعد فيها من جمع مالاً وعدّده يحسب أن ماله أخلده فانظر إلى تلاحم هذه السور الأربع وحست اتساقها ظهر لي في وجه اتصالها بعد الفكرة: أنه تعالى لما ذكر حال الهمزة اللمزة الذي جمع مالاً وعدده وتعزز بماله وتقوى عقب ذلك بذكر قصة أصحاب الفيل الذين كانوا أشد منهم قوة وأكثر أموالاً وعتوا وقد جعل كيدهم في تضليل وأهلكهم بأصغر الطير وأضعفه وجعلهم كعصف مأكول ولم يغن عنهم مالهم ولا عزهم ولا شوكتهم ولا فيلهم شيئاً فمن كان قصارى تعزُّزه وتقوِّيه بالمال وهَمز الناس بلسانه أقرب إلى الهلاك وأدنى إلى الذلة والمهانة سورة قريش هي شديدة الاتصال بما قبلها لتعلق الجار والمجرور في أولها بالفعل في آخر تلك ولهذا كانتا في مصحف أبي سورة واحدة.