الرئيسيةبحث

صورة العدو

صورة العدو هى تمثيل للعدو ويمكن تعريفها بأنها صورة مشتركة بين أعضاء جماعة معينة تجاه العدو تتسم بنزع الطابع الإنسانى عن هذا الآخر، ونوع من التنميط القائم على الاختزال والتضخيم والتحيز والتعميم، وعادة ما تشتق من مزيج من أفعال وتصرفات هذا العدو و إدراكات المتلقى، وهو ما يضفى خليطاً من الدقة في بعض الجوانب والتحيز في جوانب أخرى على مثل هذه الصور. صورة العدو لا تقوم فقط على وجود مشاعر الكراهية بل تتعداها إلى شعور بالتهديد أو احتمال التعرض لاعتداء أو عنف وتقوم صورة العدو على وجود جماعة ذات هوية تهددها جماعة أخرى خارجة عنها فصورة العدو مختلفة عن العداء أو العنف بين أفراد الجماعة ويوجد عادة نزعة لتحقيق الانسجام بين صفات العدو الجسدية وصفاته النفسية بحيث لا يمكن فصلهما عن بعضها. وبالتالي يكون ما هو طبيعي وما هو أخلاقي عنصرين متآلفين لا يقبلان الانفصال. وبالتالي يكون بمقدور الفرد محاربة عدوه بطريقة أوضح عن العدو العقيدي فقط المماثل طبيعياً لا سيما العدو العقيدي من داخل الجماعة.

يمكن إعتبار صناعة صورة العدو جزءا من علم النفس السياسي نظرا للدور الذي يلعبه صياغة هذه الصورة من قبل أجهزة الاعلام والاستخبارات في تماسك الجماعات ضد التحدي الخارجي ودورها في تفكك الدعم لهذا العدو وتاريخيا كانت لصناعة صورة العدو دور بارز وخاصة في الحروب وكانت الصورة التي صاغها قوات دول الحلفاء للنازية دور بارز في تماسك الجبهة الداخلية اثناء الحرب العالمية الثانية‏ ذلك الجبهة التي سرعان ما إنقسمت بعد الحرب وبدأت صياغات جديدة لتصوير العدو الشيوعي مقابل العدو الرأسمالي. وفي الشرق الأوسط وفي خضم الحرب الباردة وصلت صناعة صورة العدو إلى مرتبة الحرفية فصورة إسرائيل كانت عبارة عن خنجر او إسفين في قلب الوطن العربي وصورة العرب كانت عبارة عن تهديد إسلامي يلقي مساندة من الاتحاد السوفيتي,‏ ويهدف الي إبادة إسرائيل والشعب اليهودي . بعد احداث 11 سبتمبر 2001 تم تصوير القائمين بالمهمة كعدو اسلامي العقيدة‏,‏ شرقي الملامح يجمع بين التعصب والتخلف والدموية‏ وتم تصوير جورج دبليو بوش و الحرب على الإرهاب كحملة صليبية يستهدف القضاء علي الاسلام والمسلمين‏ [1].

فهرس

نموذج صورة العدو

يمثل العدو نموذجاً خاصاً "للآخر" فكل عدو هو "آخر" لكن ليس كل "آخر" هو عدو ويرتبط بذات السياق مصطلح "صورة أو صور العدو" الأكثر تعلقاً بدراسات الحرب والصراع أو الدعاية الدولية. ويشير مصطلح " صورة العدو" إلى الصور المشتركة والنمطية والغير إنسانية عادة للجماعات الخارجية. أن مفهوم "العدو" يمثل خطوة أبعد في تعريف الهوية فصورة العدو" توفر ملامح الخصم أو العدو العسكري من منظور أشخاص أو الدعاية العسكرية. " والآخر" يساعد في تعريف الهوية بتحديد ما يتم استبعاده كآخر" وفي المقابل فإن " العدو" يوضح جوهر الصراع بين الجماعة/ الفرد والآخرين الأعداء، أي يتجاوز تحديد من هو العدو و ماهيته وطبيعته إلى تحديد سبب كونه عدواً. حيث تحقق صورة الآخر الحاجة البشرية إلى الكشف عن الهوية عبر الاحتكاك بالآخر وهى حاجة قديمة ومتشعبة التعبير، لكن ما يجمعها هو سلبيتها وتطرفها إزاء سلوك الجماعات الخارجية. [2].

يذكر إدوارد سعيد أن أزمة الهوية وهى إحدى أكثر العلاقات تجسيداً للآخر في العصر الراهن لا تظهر إلا في المجتمعات التى تدخل في ديناميكية الحداثة. وتعنى الأزمة هنا مجرد بدء الجهد المؤلف أو المفرح في تحديد الذات، وهى لم تبدأ إلا بالحداثة أو باكتشاف الغرب [3]. وترى الأستاذة في علم الاجتماع السياسي دلال البرزى أن هذه الوظيفة للآخر تظهر لدى طرفى العلاقة رغم عدم التكافؤ أى لدى الغالب والمغلوب لكن الفرق يكمن في كون الغالب هو المبادر والقادر على طرحها، جاعلاً من هذه الوظيفة لدى المغلوب "أزمة" تدوم بدوام غلبته. مصطلح " الآخر" قد يوظف فقط لتعريف الهوية وبنائها، بينما مصطلح "العدو" يستخدم لتوجيه اللوم إلى الأحداث السيئة في الحياة. فالعدو ينشا فقط لدى الاعتقاد بوجود اختلافات جوهرية "بيننا" و "بينهم" مع ربط هذه الاختلافات بتمييز مواز بين الخير (نحن) والشر (هم)، وهو ما يؤدي عادة إلى نزع الطابع الإنساني عن الآخر العدو، وبالتالي سيادة النمط العدائي العنيف في التعامل مع الآخر في هذه الحالة [4].

يرى فيلهو هارلي أن فكرة العدو تنبع نفسياً من قيام الجماعة بتحديد شرها بنسبته إلى "أنتم" أو "الآخرين" ومن ثم يصبح أنتم "الآخر" هم العدو [5] ومن ثم الناحية الاجتماعية فإن العدو نتاج مشترك يتشكل اجتماعياً منا جميعاً معاً، فالعدو عادة ليس ظاهرة فردية ينجزها شخص واحد بمفرده. ثقافياً، تتشكل الذات والآخر في إطار التقاليد المتداولة عبر المواريث من جيل إلى آخر، وهي بطبيعتها لا تعبر عن حقيقة مطلقة أو موضوعية ويري جيمس أهو إمكانية تلمس مصدر العدو في الأفكار الدينية ويميز في هذا الإطار بين فئتين :

وظائف صورة العدو

إستعمل جوزيف غوبلز فكرة كبش الفداء فقد روّجت الدعاية السياسية للرايخ ثالث ضد اليهود لضعف الاقتصاد الألماني واثارتهم للقلاقل السياسية
إستعمل جوزيف غوبلز فكرة كبش الفداء فقد روّجت الدعاية السياسية للرايخ ثالث ضد اليهود لضعف الاقتصاد الألماني واثارتهم للقلاقل السياسية

ربط العدو بالتهديد الدائم وهو ما يؤدي إلى تضخيم صورة العدو لأنه لا وجود لعدو إلا وكان قوياً. ويفسر ذلك جزئياً تصدر مايسمى "الإرهاب العربي" قائمة المخاوف المواجهة للمجتمعات المتحضرة، وكذلك التصعيد من خطر بلدان كالعراق، سوريا، ليبيا وغيره على الأمن العالمي. وكذلك تحول قضية الهجرة العربية إلى الخطر الرئيسي المهدد للسلم المدني والتوازنات الاقتصادية والاجتماعية والهوية في بعض البلدان الأوربية. ولا ينفي ذلك وجود تفاعل متبادل بين تمثل الذات للآخر وواقع هذا الآخر . فصورة الأخر منها كانت فعالية السلبية إلا أن لها في الواقع بعض الأسس المحسوسة. إن عملية نزع الطابع الإنسانى عن العدو Dehumanization هي وسيلة لإضفاء الشرعية على استخدام العنف ضد الآخر، وتقليل الشعور بالذنب المصاحب لمثل هذا العنف [12].

مستويات عملية نزع الطابع الإنسانى

يمكن التمييز بين عدة مستويات لنزع الطابع الإنسانى مع مراعاة إمكانية التداخل فيما بينها :

احد الأمثلة على تصوير الآخر بحيث يبدون جميعاً متشابهين كوجوه مقنعة أو عديمة التعبير أو يصعب التفرقة بينها
احد الأمثلة على تصوير الآخر بحيث يبدون جميعاً متشابهين كوجوه مقنعة أو عديمة التعبير أو يصعب التفرقة بينها

أنواع صور العدو

تتعدد أنواع العدو بحسب الصفات والسمات التي يتمتع بها هذا العدو أو التي يتم إضفاؤها عليه عبر عمليات الإدراك، وبحسب طبيعة التهديد الذي يمثله هذا العدو، ويميز البعض في هذا الإطار بين العدو الرمزي ، والعدو الشريف أو الجدير ، والعدو الحاجز أو المانع ، وعدو الإله والعدو المهاجم أو المعتدي ، والعدو المستبد /الخائن، والعدو الخفي من الداخل أو ذلك على النحو التالي :

احد الأمثلة على استخدام فكرة الحرب المقدسة وعدو الإله في صياغة صورة العدو
احد الأمثلة على استخدام فكرة الحرب المقدسة وعدو الإله في صياغة صورة العدو

آليات عملية العداء

احد الأمثلة على إظهار صورة ازدواج المعايير في الانتباه والاهتمام والتقييم
احد الأمثلة على إظهار صورة ازدواج المعايير في الانتباه والاهتمام والتقييم

يقصد بديناميكيات العداء مجموعة من الآليات والعوامل التى تسهم في تشويه عملية الإدراك لدى التعامل مع صور العدو، والتى قد تؤدى إلى تفسير التحركات السلمية أو الإيجابية لهذا العدو كتحركات عدائية، أو تصوير حالة الهجوم كدفاع أو العكس. وتزيد هذه العوامل من احتمالات تصعيد العداء ومن أهمها:

تصوير العدو بوصفه على درجة عالية من الاحتفاظ بأهداف سرية غير واضحة، وفى الآن ذاته وصفه مفتقدا القدرة على التنظيم
تصوير العدو بوصفه على درجة عالية من الاحتفاظ بأهداف سرية غير واضحة، وفى الآن ذاته وصفه مفتقدا القدرة على التنظيم

عوامل تغيير صورة العدو

تغير صورة غورباتشوف نتيجة ظهور فشل الخيارات العنيفة في التعامل مع العدو
تغير صورة غورباتشوف نتيجة ظهور فشل الخيارات العنيفة في التعامل مع العدو

رغم صعوبة تغيير صورة العدو إلا أن ذلك يمكن أن يحدث توافر عوامل ومحركات تدفع إلى ذلك. وهذا التغير قد ينظر إليه كعملية إيجابية تعكس إتجاهاً نحو تسوية النزاعات، ويطق على التغيير في هذه الحالة عملية "التعلم السياسي". ويقصد بالتعلم السياسي" Political Learning في هذا السياق " التغير في صور العدو على نحو يعزز احتمالات النجاح في إدارة الصراعات وتسويتها وحلها" [31]. وتشبه عملية التعلم هذه نمط التجربة والخطأ trial & error التي يؤدي الفشل فيها إلى إتخاذ خطوات جيدة وهكذا. وترتبط عملية " التعلم السياسي" بتوافر مجموعة من العوامل المعززة لتغيير صورة العدو من قبيل:

وتشير بعض الدراسات إلى نموذجي السادات وغورباتشوف وتغير صورة العدو لدى كل منهما حيث يرجع ذلك إلى العاملين الأخيرين (في القائمة الرباعية السابقة) كما يشار إلى أن حدوث تغيرات طفيفة لدى كل منهما في صورة العدو دفعت إلى اتخاذ خطوات محدودة تتفق مع هذا التغير في الصورة، ثم استقبال التغذية الإسترجاعية واتخاذ خطوات أكبر وهكذا [33].

استراتيجيات تغيير صورة العدو

هذه الاستراتيجية (كما يتضح من طبيعتها) قد يتم تبنيها من قبل قيادات الجماعة أو بعض أعضائها، وقد تتبناها الجماعة الأخرى (العدو) أو قيادة الجماعة الأخرى. كما قد تقوم هذه الاستراتيحيات على خطوات متبادلة بين الجماعة والعدو ويمكن في هذا السياق تناول الاستراتيجيات التالية لتغيير صورة العدو:

وتتم ممارسة هذه العملية في إطار التسميم السياسي عبر آليتين متكاملتين هما : أداة التضليل القائمة على التوظيف المخالف للواقع والسئ للقيم السياسية والدينية ، أداة للترويض : التي تجعل تلك القيم "والمواقف الجديدة" ليست مستغربة إنما هي مطلوبة ومتسقة مع الإطار أو النظم القائمة بصرف النظر عن طبيعتها الواقعية. وهكذا يعد التسميم السياسي إحدى العمليات أو المقدمات المنطقية التي يع اد من خلالها تشكيل الإطار الذي ينطلق منه الرأي العام في مجتمع معين، بحيث يتم تشكيل ذلك الراي العام تجاه القضايا التي تواجهه وتجاه الأعداء والخصوم بشكل يتناسب مع القيم الجديدة التي تم غرسها وتسريبها إلى الوعي أو العقل الجماعيين أو ذاكرة النخبة المثقفة أو القائدة فيه (لمزيد من التفاصيل ، انظر مقال د.حامد عبد الماجد ،التسميم السياسي و محو الذاكرة ،إسلام أون لاين ) [36].

المصادر

[37]

[38]

[39]

[40]

[41]

[42]

[43]

[44]

[45]

[46]

[47]

[48]

[49]

[50]

[51]

[52]

[53]

[54]

[55]

[56]

[57]

[58]

[59]

[60]

[61]

[62]

[63]

[64]

[65]

[66]

[67]

[68]

[69]

[70]

[71]

[72]