السلطة هي قدرة شخص معين أو منظمة على فرض أنماط سلوكية لدى شخص ما. تعتبر السلطة أحد أسس المجتمع البشري وهي مناقضة لمبدأ التعاون. إن تبني أنماط العمل نتيجة فرض السلطة يُسمى الانصياع، والسلطة كمصطلح يشمل غالبية حالات القيادة.
تُطبق السلطة استنادا إلى قوة اجتماعية معينة. قد تكون هذه القوة حقيقية (كالتهديد بالتسبب بأذى جسماني) أو وهمية (كانصياع المؤمنين لطريق غورو). تتحدد القوة من خلال الاستخدام المحتمل للعقوبة: عملية تمس بالشخص الذي لا ينصاع إلى السلطة أو يهددها، بغية ضمان وجود قوة اجتماعية.
قد تطبق السلطة بشكل مباشر استنادا إلى وجود قوة فعلية (كالتهديد بالحبس)، ما يسمى "الإكراه" أيضا، وقد تنبع من الشرعية التي يمنحها الخاضع للسلطة لأصحابها (مثل: الاعتراف بمرجعيات النبلاء). وغالبا ما نجد هذين النوعين من المرجعيات متداخلين.
هناك مرجعيات قليلة فقط تعتمد على القوة الجسدية بينما يطبق الكثير من المرجعيات بفضل وجود جهاز تنظيمي يقوم على الصلاحيات. هكذا تكون قدرة تطبيق سلطة ما مرتبطة بكونها موجودة أصلا.
مثال: صلاحية حاكم الدولة تنبع من أن شرطة ما ستعاقب الأفراد الذين لا ينصاعون لمرجعيته. ينصاع أفراد الشرطة للحاكم وقوانينه لأنهم هم أنفسهم خاضعون لتهديد الشرطة. إذا قرر جميع رجال الدولة التمرد على سلطة الحاكم فستُسلب منه السلطة والصلاحية غير أن مجرد وجود الصلاحية بشكل جزئي يتيح لها أن تصبح كاملة.
هناك ثمة صياغات نظرية وحقيقية للبنى الاجتماعية، جزئية أو كاملة، لا تقوم على الصلاحية.
البنية الأولى هي بنية التنافس. وفيه لا يتيح ميزان القوى ممارسة الصلاحية. هذه البنية تضع الفرضيات الأساسية للصلاحية، أي أن الإنسان يسعى بطبيعته إلى تحقيق القوة، ولكن يبقى هناك واقع لا يمكن فيه ممارسة الصلاحية ممارسة فعلية بسبب الخصم المتبادل.
تقوم هذه البنية على فكرة التعاون - الفكرة القائلة إن بني البشر لا يمتلكون القدرة على امتلاك الصلاحية طويلة الأمد، وإن بني البشر يستخدمون القوة المتاحة لهم بشكل قصير الأمد فقط.
إحدى وجهات النظر التي تعمل في هذه البنية هي الليبرالية الحديثة، ولا سيما وجهة نظر الميثاق الاجتماعي. تقول وجهة النظر هذه إن هدف كل نظام اجتماعي هو موازنة القوى المختلفة بغية الحيلولة دون خلق نظام صلاحية ثابت، إذ إن كل صلاحية هي محدودة بقوة مضادة.
تشتمل وجهة النظر هذه على وجهين: فمن جهة هناك تنافس مفتوح بين الأفراد على دفع مصلحتهم الأنانية، ومن جهة اخرى هناك تعاون منظم بينهم، تكون قواهم فيه متوازنة إذ إن السيطرة على المؤسسة المشتركة مقسمة بالتساوي. في مجال العلوم السياسية تُفسر وجهة النظر هذه بتقييد صلاحية النظام السياسي وجعله خاضعا لسلطة الجمهور الذي يمارس في الواقع صلاحية على نفسه بشكل غير مباشر. أبر تعبير للشكل الأخير هو الانتخابات.
هناك تعبير آخر للإشكالية في وجهة النظر هذه هو أنه نشأت طوال الوقت تنظيمات تشترك فيها كتل اجتماعية تمثل "الأغلبية" و"الأقلية". فكل فرد يتطلع إلى دفع مصلحته وخلق ائتلاف يخدم هذا الهدف. هذا الوضع يثير اشكالية لأنه نابع مباشرة من التعاون، ولكن الطريقة الليبرالية تخلق في الواقع صلاحية الأغلبية على الأقلية. ولتجنب هذه الحالة تتحدد في بعض الأحيان حدود الميثاق الاجتماعي ويخلق توازن معين بين قدرة الأغلبية على الصلاحية والمنافسة المفتوحة بين الأفراد.
هناك إشكالية أخرى في وجهة النظر هذه وهي ان قرارات المنظمات المشتركة تتطلب وجود نظام هرمي طويل، وهكذا تنشأ في كثير من الأحيان حالات تتولد فيها القوة داخل النظام، مما يتجسد من خلال خلق صلاحية عادية يكون وزن الليبرالية فيها قليلا.
كما إن الكثير من البنى في المجتمع الليبرالي تهدف إلى خلق موجّه للتنافس، من خلال تحديد صلاحية الأغلبية ومن خلال تحديد القوة النسبية للفائزين في التنافس (كالحد من الهيمنة والاحتكار مثلا).
هناك وجهة نظر تعمل بهذا الشكل وهي الفوضى الفظة الشبيهة بوجهة النظر الليبرالية من حيث نظرتها للصلاحية، ولكنها تلغي فكرة الميثاق الاجتماعي الذي يهدف إلى إتاحتها. وجهة النظر هذه هي تطرف في وجهة النظر الليبرالية من حيث أنها تلغي أي تعاون منظم لوقت طويل.
تضع وجهة النظر الفوضوية الفظة الواقع المثالي باعتباره واقعا بلا صلاحية أبدا، سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة، وتدع مجمل العمل البشري كتنافس وجودي بين أفراد ظروف التنافس بينهم متشابهة بينهم جميعا طوال عملية التنافس.
البنية الثانية هي بنية التعاون القائلة إن المجموع ينظر إلى مصلحة الآخر بالشكل النابع من مصلحته هو. التعاون هو بنية اجتماعية تلغي الصلاحية من خلال إلغاء أسس الصلاحية، أي إلغاء الحالة التي يوجد فيها صراع قوى بين الأفراد.
الديمقراطية هي طريقة تعاونية ترى انه يمكن تطبيق بنى اجتماعية مشتركة لا تقوم على صراع القوى. في مثل هذه الحالة لا تنبع السيطرة على البنى الاجتماعية من الحاجة إلى توازن بين القوى المختلفة بل من دمجها من اجل خدمة المصلحة العامة.
الديمقراطية تحول الصلاحية إلى قرار بالتوافق إذ إن الأفراد يرون في منظومة العلاقات بينهم منظومة تقوم على المساواة.
الإشكالية الأساسية في الديمقراطية هي أنها تتطلب فهما لا يقوم على القوة، ولكنها قد تفهم، في منظار القوة، كصلاحية بكل معنى الكلمة. وهناك إشكالية اخرى وهي ان الديمقراطية تخلق، على غرار الليبرالية، نظاما مؤسساتيا واسعا لتطبيق قراراتها، وهو قد يؤدي إلى كسب الصلاحية داخله وخلق رموز سرية للصلاحية.