العصور الوسطى أو القرون الوسطى (Middle Ages) هي التسمية التي إصطلح علي إطلاقها علي الفترة الوسطي الناشئة من تقسيم تاريخ أوروبا الي ثلاثة أقسام (عصور) هي:
تتراوح العصور الوسطى من نهاية الإمبراطورية الرومانية الغربية حوالي القرن الخامس حتي قيام الدول الملكية وبداية الكشوفات الجغرافية الأوروبية وعودة النزعه الإنسانية وحركة الإصلاح الديني البروتوستانتي بداية من عام 1517. هذة الأحداث هي التي أدت إلي دخول أوروبا في مرحلة بداية الحداثة التي تلتها مرحله الثوره الصناعية.
فهرس |
يشار إلى هذه الفترة المبكرة بأنها العصور المظلمة، كانت القرون الأولى من العصور الوسطى، خاصة من القرن الخامس إلى أواخر القرن العاشر الميلاديين أقرب إلى أن تكون مظلمة، حيث أصيبت حضارة غربي أوروبا بالانحطاط، ولم يتبق من حضارة الرومان القدامى سوى مابقي في قلة قليلة من مدارس الأديرة والكاتدرائيات والبلاط والقصور الملكية. أما العلوم التي نقلت عن اليونانيين فقد اندثرت تقريبًا. وكان الذين تلقوا علماً فئة قليلة من الناس، كما ضاع الكثير من المهارات الفنية والتقنية القديمة، وأمسى العلماء في جهلهم، يتقبلون الحكايات الشعبية والشائعات على أنها حقيقة.
وفي مقابل الظلام الدامس الذي خيم على غرب أوروبا، كانت الحياة أكثر إشراقًا في جهات أخرى من العالم، فقد كان المسلمون في الأندلس في نفس الوقت يعيشون ثراء حضاريًا وثقافيًا وارتقوا في كل المجالات العلمية كالطب والهندسة والبصريات والرياضيات والفلك إلخ. ثم إن هذه العلوم والمعارف انتقلت من أسبانيا إلى الغرب فيما بعد وامتد نور العلم العربي الإسلامي من الصين شرقًا حتى حدود أوروبا غربًا، كما حافظت الإمبراطورية البيزنطية على ملامح كثيرة من حياة الإغريق والرومان.
وفي بداية القرن الحادي عشر الميلادي، بدأت الحياة الإقتصادية والسياسية تنتعش في أوروبا، وقد أدى الإنتعاش إلى تطور ثقافي هائل خلال القرن الثاني عشر الميلادي.
كان الإقطاع هو النظام السائد، حيث كان الأمير الإقطاعي هو السيد المطاع يمتلك القلعة والأرض والمزارع والمراعي والناس الذين يعيشون على أرضه كذلك، ولذلك كان يسهل سوقهم إلى المعارك إذا مادعت الحاجة إلى توفير الجند.
كانت الأرض التي يمتلكها الإقطاعي تسمي الدومين وكانت تقسم الدومين جزء للفلاحين وجزء خاص بالإقطاعي حيث أن السيد الإقطاعي سواء كان نبيلا أو رجل دين فإنة يوزع أراضي على الفلاحين مقابل حراثتهم ورعايتهم للجزء الخاص بالإقطاعي نفسه وكانت الأجزاء الموزعة علي الفلاحين متناثرة وذلك للحفاظ على العدل في توزيع الأرض بين خصبة وفقيرة.
وكان الإقطاعي يفرض ضرائب على الفلاحين ورسم الولاية tallage وهي أمقت شئ لدي الفلاحين حيث أنها كانت في بدأ الأمر ضرائب تفرض على الفلاح رمزا لتبعيته للسيد الإقطاعي ثم أصبحت بعد ذلك تفرض على الأرض نفسها بصرف النظر عن الفلاح الذي يعمل بها وكان للسيد الإقطاعي حق فرض هذه الرسوم متي شاء وأيضا دون السماح بتقدير رسمي لتلك الرسوم، وأيضا كان هناك الأجور rents وتتضمن جميع ما على الفلاح من حقوق لتتصل بالأرض اتصالا مباشرا فإذا انتقل الفلاح الي قطعة أرض أخري ظلت تلك الأجور على الأرض مفروضة على الفلاح الجديد الذي يعمل عليها. وكانت تلك الأجور تقدر نسبيا فمثلا هناك قطعة أرض تؤخد أجورها غلال وأخرى تؤخد أجورها أموال وأخرى يقوم الفلاح بخدمة الإقطاعي والعمل في أرضه. وكان المجتمع الإقطاعي مجتمعا طبقيا في الدرجة الأولى اختفت فية الطبقة البورجوازية (الوسطى).
وظهر البارون وهو من صغار طبقة النبلاء وهو ذلك النبيل الذي منح أرضا من اللورد (الإقطاعي) مقابل خدمات عسكرية فهو يقسم بالطاعة للورد الإقطاعي والظهور معه ضد أعدائه من المقاطعات الأخرى. وعاشوا حياة مرفهه يقضون أوقاتهم في المغامرات وصيد الوحوش وسماع الأغاني والأناشيد والحروب والنزال وكان مسكن البارون عبارة عن قلعة تحمية هو وأتباعة من أخطار الخصوم وكان البارون من الممكن أن يخضع لأكثر من قسم مقابل حصوله على قطع أرض من أكثر من لورد، ومن مساوئ ذلك أنه عند تضارب المصالح بين اللوردات يتحير البارون لأي صف يقف ولأي شخصية ينحاز.
وكانت أيضا طبقة العبيد (الفلاحين) وهم أصحاب الحق المهضوم والطبقة الكادحة في المجتمع والعبد هو ذلك الفلاح الذي يقوم الإقطاعي باستغلاله كيفا شاء فلا يستطيع الحراك من بيته إلا بإذن من الإقطاعي ولم يكن مخول له أن يزوج أحد أبناءة إلا بعلم اللورد وكان التدخل في حياته مباشرا وغير مباشرا من فرض ضرائب عليه وخضوعه بالإضطهاد لمراعاة وفلاحة أرض اللورد، وكان يعيش الفلاحين في بيوت صغيرة لايسمو عن كونه كوخا حقيرا وكان يأكل الخبز الأسمر والفول ولحم الخنزير.
وأما عن نظام الإقطاع في العصر الوسيط فهو نظام سياسي أكثر من كونه نظام اجتماعي ففي لفترة مابين القرنين الحادي عشر والثاني عشر ازدهر النظام الاقطاعي ككونه نظام سياسي مسيطر وأصبح الدومين وحدة سياسية في حد ذاتها وخاصة بعدما اختفت الحكومة الكارولنجية وحلت محلها نظام الوحدات المحلية وكانت فيها السلطة للأقوياء (الاقطاعين) وبالتالي أصبح من يمتلك أرضا أكبر ذو سيادة أكبر.
ترجع عمارة القرون الوسطى إلى المنشآت التي بنيت في أوروبا خلال الفترة التاريخية التي امتدت بين القرنين الخامس والسادس عشر الميلاديين، وتشمل عمارة القرون الوسطى في آسيا وإفريقيا وأوروبا العمارة الإسلامية، بما فيها العمارة الأموية والعباسية والعمارة في الدويلات الإسلامية بعد ذلك (انظر: العمارة الإسلامية). وبالنسبة للنصرانية فقد تمركزت الحياة الروحية والفكرية في القرون الوسطى في أوروبا حول الكنيسة لذا صمم المعماريون الكنائس والأديرة والمباني الدينية الأخرى، كما صمموا القلاع والحصون والمنشآت الأخرى غير الدينية. وطور معماريو القرون الوسطى عددًا من الطرز، حيث غلب الطراز البيزنطي في أوروبا الشرقية. أما في أوروبا الغربية فكانت الطرز الرائدة هي الكارولنجي والرومانسك والقوطي. وقد سبقت هذه الأنواع الأربعة العمارة النصرانية المبكرة التي ازدهرت في الفترة بين القرنين الرابع والسادس الميلاديين.
العمارة النصرانية المبكرة. تطور أثناء القرون الأولى للنصرانية عدد من الثقافات والطرز المعمارية الإقليمية في أوروبا والشرق الأوسط، ولكن معظم المعماريين النصارى الأوائل اقتبسوا كثيرًا من الرومان، واستخدموا العَقْد والقبو المعماري، واتخذوا تصميم القاعات الرومانية الكبيرة، التي كانت تُستخدم للإجتماعات العامة، كقاعدة لتصميم النوع الرئيسي من الكنائس، أي البازيليقا.
ويمكن اعتبار كنيسة القديس بطرس القديمة (بَدْءُ بنائها حوالي عام 330م) كأول وأهم بازيليقا نصرانية مبكرة، وهي تقع في نفس مكان كنيسة القديس بطرس الحالية في روما. ويدخل المصلون إلى كنيسة القديس بطرس القديمة من الجانب الشرقي، وللوصول إلى المدخل يمرون بفناء كبير مكشوف يطلق عليه الأتريوم أو البهو الروماني (فناء صحن الدار أو البهو)، ويمرون كذلك بالدهليز، ويفصل الفناء والدهليز المدينة الصاخبة عن الكنيسة الهادئة، ويشبه المسقط الأفقي شكل الحرف T، والجزء الرأسي للحرف هو الصحن الرئيسي، ويمتد ممران جانبيان على طول الصحن الرئيسي، ويشكل ذراعا الحرف T الجناح الرئيسي للكنيسة، وهناك فراغ نصف دائري يطلق عليه القوصرة، مفتوح من جهة مركز الجناح الرئيسي في الجانب الغربي للكنيسة، ويوجد في هذه القوصرة المغطّاة بنصف قبة مذبح الكنيسة الرئيسي، وفي معظم البازيليقات، تفصل الممرات والأروقة الفراغ الداخلي إلى صحن رئيسي وممرين جانبيين، ويستخدم في بناء معظم البازيليقات طوب عادي أو حجر أما من الداخل فإنها تزدان بالفسيفساء والتصوير الجصي (الفريسكو)، وتتكون الفسيفساء من قطع من الزجاج والرخام أو الحجر تُجمع معًا وتشكل صورة أو تصميمًا ما، والتصوير الجصي لوحات تنفَّذ على الجص الرطب.
العمارة البيزنطية. في عام 330 م، نقل الإمبراطور قسطنطين الأكبر عاصمة الإمبراطورية من روما إلى مدينة بيزنطة فيما يُعرف الآن بتركيا، وغيّر اسم بيزنطة إلى القسطنطينية. وفي عام 395 م، انقسمت الإمبراطورية الرومانية إلى شطرين: الإمبراطورية الرومانية الشرقية، والإمبراطورية الرومانية الغربية. وقد سقطت الإمبراطورية الرومانية الغربية في يد القبائل الجرمانية في القرن الخامس الميلادي، ولكنّ الإمبراطورية الرومانية الشرقية بقيت وعُرِفَت بالإمبراطورية البيزنطية.
وبحلول القرن السادس الميلادي، تطور طراز فريد من الفن البيزنطي. وكانت كاتدرائية أياصوفيا بقبتها الضخمة (532 ـ 537م) في القسطنطينية أروع إنجازات العمارة البيزنطية، وقد صممها أنثيميوس أوف تراليس وإسيدروس أوف ميليتوس. واستولى الأتراك على القسطنطينية عام 1453 م، وأعادوا تسميتها فيما بعد بإسطنبول، وحولوا أيضًا كاتدرائية أياصوفيا إلى جامع. وكان التغيير الوحيد الذي قاموا به في المظهر الخارجي للمبنى هو إضافة أربع مآذن، وكان لجامع أياصوفيا قبة مركزية ضخمة ترتكز على قاعدة مربعة، وقد صار هذا التكوين سمة عامة للعمارة البيزنطية، وتحمل القبة أربعة مثلثات كروية معكوسة مبنية بالطوب، وتسمى هذه الركائز المعلَّقات. ويستطيع المعماري بناء قبة أعرض وأعلى عما كان ممكنًا عندما كانت الجدران تحمل القبة، وفي داخل أياصوفيا ممرات معقودة بارتفاع طابقين تحيط بالصحن الرئيسي، وقد زُيِّن الداخل بزخارف جميلة من الفسيفساء، وتمثل الفسيفساء أهم الزخارف في معظم الكنائس البيزنطية.
وهناك أمثلة أخرى للعمارة البيزنطية تشمل بازيليقا القديس مارك (منتصف القرن الحادي عشر الميلادي) في مدينة البندقية بإيطاليا، وكنيسة القديس باسيل (1554ـ1560م) في موسكو.
العمارةالكارولنجية. سميت العمارة الكارولنجية على اسم شارلمان الذي كان ملكًا على الفرانكيين (الفرنجة) بين عامي 768 و 814 م. ومن عاصمته في موقع أخر حاليًا في ألمانيا الغربية، حكم شارلمان مساحات شاسعة شملت معظم أوروبا الغربية.
أراد شارلمان وعائلته إحياء الثقافة النصرانية المبكرة في روما، وادعى المعماريون الكارولنجيون أنهم نقلوا عمارة النصرانية المبكرة، ولكنهم غيروا في النماذج حتى تناسب احتياجاتهم، وكانت لهم إسهامات شهيرة فيما يخص تصميم الكنيسة والدير، فقد اتبع المعماريون المسقط الأفقي للبازيليقا ولكنهم أضافوا أماكن للصلاة وأضرحة مطورة وأبراجًا عالية وابتكروا أيضًا مدخلا يعرف بالعمل الغربي (وستويرك) ضم ردهة ومصلى وأبراجًا صغيرة تسمى التورتات. طوّر الرهبان الكارولنجيون مسقط الدير الذي ترتبط به الكنيسة والمكتبة والمطبخ ومرافق أخرى بممرات مغطاة.
عمارة الرومانِسك. بدأت هذه العمارة أواخر القرن التاسع الميلادي، وحققت أعظم إنجازاتها في القرنين الحادي عشر والثاني عشر الميلاديين. وأكثر مباني الرومانسك أهمية هي الكنائس التي صُمِّمت في إيطاليا أولاً، ثم في فرنسا وألمانيا وأسبانيا وإنجلترا أخيرًا.
وابتكر العلماء في القرن التاسع عشر الميلادي مصطلح الرومانسك الذي يعني: مِثْل الرومان. ويعتقد هؤلاء العلماء أن عمارة الرومانسك هي أساسًا انعكاس للتصميمات الرومانية، ومع ذلك فإن عمارة الرومانسك هي في الواقع مزيج من العمارة الرومانية والبيزنطية وأنواع أخرى. وتختلف كنائس الرومانسك نوعًا ما من بلد لآخر، ولكن معظم الكنائس تشترك في ملامح معينة، فكنيسة الرومانسك النموذجية لها جدران سميكة وأعمدة مبنية متقاربة وعقود ضخمة مقوسة، ويرتفع برج من السقف عند النقطة التي يتقاطع فيها الجناح الرئيسي مع الصحن الرئيسي للكنيسة، وتحمل البرج أربع ركائز تسمى الدعامات، وهناك عقود محمولة على أعمدة تفصل الصحن الرئيسي عن الممرين الجانبيين، وقد بُنيت شرفة داخلية تطل على الممر الجانبي المعقود تسمَّى ترايفوريم (رواق ثلاثي العقود)، ويعلو الشرفة إضاءة علوية من خلال صف من النوافذ في داخل عقود.
وخلال فترة الرومانسك، جاء كثير من الناس إلى هذه الكنائس للزيارة، وكانت مجموعات من الزوار تسافر مخترقة أوروبا وفلسطين لزيارة الكنائس التي كانت تحتوي على رفات وممتلكات بعض القديسين. وكانت الكنائس المهمة ضخمة جدًا تستطيع أن تستوعب أعدادًا كبيرة، ومثال ذلك كنيسة سانت سرنين (حوالي 1080 - 1120 م) في تولوز بفرنسا، تضم هذه الكنيسة جناحين على جانبي الصحن الرئيسي، وتفتح على الممر الدائري المحيط بالقوصرة مصليات صغيرة، ويسمح هذا المسقط للزوار بالتحرك خلال المبنى على طول الممرات دون إزعاج للمراسم التي تقام عند المذبح الرئيسي (انظر: فن العمارة الرومانسكي).
العمارة القوطية. ازدهرت في غربي أوروبا في الفترة الممتدة بين منتصف القرن الثاني عشر والقرن الخامس عشر الميلاديين. وكلمة قوطي أصلها مصطلح اشتُقَّ من كلمة تعني الرَفْض، واستخدمها الفنانون والكتاب في القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين، الذين أرادوا إحياء العمارة الكلاسيكة لقدماء الإغريق والرومان في أوروبا. وقد اقترن الطراز القوطي بالقوط وبالشعوب الجرمانية التي دمرت كثيرًا من الفن الكلاسيكي في القرن الخامس الميلادي، وعارض كثير من الفنانين والكتاب التصاميم القوطية المعقدة وغير المنتظمة التي اختلفت كثيرًا عن النمط الكلاسيكي المتناسق. وقد مكن نظام تشييد جديد المعماريين القوط من تصميم كنائس بجدران رقيقة ودعامات أخف من تلك التي كانت في كنائس الرومانسك، وكثير من الدعامات مكونة من مجموعات من الأعمدة بارتفاع عدة طوابق، وقد مد المعماريون القوطيون الدعامات إلى السقف، ثم قوّسوا كل عمود في شكل أضلاع مثل المظلة المفتوحة، وسدوا الفراغات بين الأضلاع بالحجر، وكانت تلك الأقبية المضلعة ضمن أهم الخصائص التي تميزت بها العمارة القوطية. وهناك مظهر آخر للطراز القوطي هو العقود المدبَّبة والإستعاضة عن أجزاء كبيرة من الجدران بنوافذ ذات زجاج ملون، وكان لمعظم الكنائس دعامات طائرة، وهي دعامات على هيئة عقود بشكل متعامد من الطوب أو الحجر تبُنى على الجدران الخارجية. نحت المثَّالون أشكال القديسين وأبطال النصرانية على أعمدة مداخل الكنيسة. وقد اعتقد النصارى في القرون الوسطى بأن هؤلاء القديسين والأبطال سكنوا مبنى الكنيسة ودعَّموه (انظر: الكاتدرائية؛ تشارتر؛ كاتدرائية نوتردام).