التعذيب مصطلح عام يستعمل لوصف اي عملية تنزل آلاما جسدية او نفسية بإنسان ما وبصورة متعمدة و منظمة كوسيلة لإستخراج معلومات او الحصول على إعتراف او لغرض التخويف والترعيب او كشكل من اشكال العقوبة او وسيلة للسيطرة على مجموعة معينة تشكل خطرا على السلطة المركزية ، ويستعمل التعذيب في بعض الحالات لأغراض فرض مجموعة من القيم و المعتقدات التي يعتبرها الجهة المعذبة قيم أخلاقية . يعتبر التعذيب بكافة أنواعه منافيا للمبادئ العامة لحقوق الإنسان التي تم الإعلان عنها في 10 ديسمبر 1948 وتم التوقيع عليها من قبل العديد من الدول في معاهدة جنيف الثالثة الصادرة في 12 أغسطس 1949 المتعلقة بمعاملة اسرى الحرب و معاهدة جنيف الرابعة (1949) المتعلقة بحماية المدنيين اثناء الحرب. في عام 1987 تم تشكيل لجنة مراقبة و منع التعذيب التابعة للامم المتحدة والتي تظم في عضويتها 141 دولة وبالرغم من توقيع العديد من الدول على هذه الإتفاقيات إلا ان توقعات منظمة العفو الدولية تشير إلى معظم الدول الموقعة لا تلتزم بتطبيق البنود الواردة في المعاهدات المذكورة.
هناك جدل حول استعمال كلمة "تعذيب" فيتم في بعض الأحيان استعمال تعبير "سوء المعاملة" او "التعسف" او "التجاوزات" او "وسائل قريبة من التعذيب" وخاصة من قبل الجهات التي قامت بعمليات التعذيب حيث يعتقد البعض ان لكلمة "التعذيب" مدلول محدد يشير إلى شخص يحاول عبر كل الوسائل "انتزاع معلومات". من جهة أخرى فإن تعريف كلمة التعذيب كما ورد في المادة الأولى من اتفاقية مناهضة التعذيب هو "الألم أو العذاب لأي سبب من الأسباب يقوم على التمييز أيا كان نوعه، أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص آخر يتصرف بصفته الرسمية" [1] ويرى البعض إن توفر غرض محدد من إلحاق الأذى هو الفيصل في التمييز بين التعذيب و المعاملة القاسية أو اللاإنسانية إذ لابد من توفر الغرض المحدد في التعذيب [2] .
فهرس |
في العصور القديمة كان التعذيب يستعمل عادة كوسيلة لإختبار مزاعم او تهمة معينة يتعلق بكسر عرف او مبدأ ديني وكانت الفكرة الرئيسية تكمن في كشف ما إعتقده القائمون بالتعذيب بإن شخصا ما قد يكون مسكونا بالشيطان او اي قوة اخرى لاتتماشى مع العقيدة الدينية السائدة في تلك المجتمع وهناك وسيلتين موثقتين حول استعمال التعذيب لهذا الغرض وهما [3]:
في اليونان القديمة كان العبيد فقط يتعرضون للتعذيب لغرض معرفة الحقيقة وكان استعمال هذا الإسلوب محضورا على الأحرار وبالإضافة إلى هذا كان هناك قانون يحظر استعمال التعذيب مع العبيد لغرض استخراج معلومات منهم عن أسيادهم [4]. ويظهر تعذيب العبيد و المستضعفين جليا في بداية ظهور الإسلام في شبه الجزيرة العربية حيث تم تعذيب بعض المسلمين على يد اهل مكة ومنهم بلال بن رباح على يد أمية ابن خلف و عمار بن ياسر على يد ابو جهل [5].
في القرون الوسطى و بالتحديد في القرن 13 تم استعمال التعذيب مع المهرطقين من قبل الكنيسة الكاثوليكية وبعد تشكيل محاكم التفتيش اصدر البابا إينوسينت الرابع في عام 1252 مرسوما بإستعمال التعذيب ضد المتهمين بالهرطقة لإستحصال المعلومات منهم [6]. كانت إحدى الوسائل المشهورة في التعذيب أثناء هذه الفترة عبارة عن تعليق المتهم بواسطة حبل مربوط بالسقف في اوضاع غير مريحة كانت تؤدي إلى خلع مفاصل الجسم حتى قبل الشروع في عملية التعذيب [7].
المعلومات أدناه (عدا تلك عن إسرائيل و فلسطين) مستندة على تقارير منظمة مراقبة حقوق الإنسان (منظمة هيومن رايتس ووتش) التي بدأت نشاطها في عام 1978 بإنشاء قسم أوروبا وآسيا الوسطى أما اليوم فقد أصبحت تضم كذلك أقساماً تغطي أفريقيا وأمريكا الجنوبية ، أمريكا الشمالية وآسيا والشرق الأوسط وتجري المنظمة تحقيقات منتظمة بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في نحو سبعين بلداً في مختلف أنحاء العالم [8] . مقر المنظمة الرئيسي تقع في نيويورك وهناك إنتقادات موجهة إلى المنظمة بكونها وحسب إعتقاد البعض خاضعة لهيمنة الولايات المتحدة ووزارة الخارجية الأمريكية [9]. إستناد المقالة على هذه المعلوات لاتعني على الإطلاق قناعة الموسوعة بحيادية او صحة المعلومات الوارد فيه وانما تم إستخدامه كمصدر موثق.
تقرير منظمة مراقبة حقوق الإنسان | ||
---|---|---|
الدولة | العلم |
نبذة |
مصر | كان التعذيب في الماضي يُستخدم ضد المعارضين السياسيين ولكن السنوات الأخيرة شهدت تفشي التعذيب في أقسام الشرطة العادية أيضاً، حيث يعاني منه أشخاص يجدون أنفسهم في الحجز للاشتباه فيهم أو لصلتهم بتحقيقات جنائية. ومن المعلوم أو المشتبه فيه أن التعذيب وسوء المعاملة قد تسببا في وفاة ما لا يقل عن 17 شخصاً أثناء الاحتجاز خلال عامي 2002 و2003 [10] | |
إيران | صار التعذيب وسوء المعاملة في الحجز يُستخدمان بوجه خاص ضد المحتجزين الذين سُجنوا لتعبيرهم عن آرائهم السياسية بصورة سلمية. وكثيراً ما يقبل القضاة الاعترافات المنتزعة بالإكراه فيما يمثل انتهاكاً للقانون الدولي والدستور الإيراني. واستُخدم الحبس الانفرادي لفترات مطولة في زنازين صغيرة في الأقبية عادة بهدف تحطيم إرادة المحتجزين وإكراههم على الإدلاء باعترافات وتقديم معلومات بخصوص زملائهم. الجدير بالذكر أن رئيس القضاء أصدر توجيها داخليا يحظر التعذيب والمعاملة اللاإنسانية للمعتقلين، إلا أنه لم يوضع موضع التنفيذ [11]. | |
العراق | في الأغلبية الساحقة من القضايا التي راقبتها المنظمة بعد غزو العراق 2003 أُلقي القبض على المتهمين دون مذكرات اعتقال قضائية ومثلوا أمام المحاكم الجنائية دون أن يُتاح لهم قبلها الاتصال بمحام. وكان كثير منهم قد احتُجزوا لأسابيع أو لأشهر على ذمة القضايا قبل المحاكمة، وتعرضوا للتعذيب أو سوء المعاملة لانتزاع اعترافات منهم. كما كشفت التحقيقات عن سوء معاملة القوات الأمريكية للمحتجزين و استعمالها للتعذيب و الذي ظهر بشكل جلي في سجن أبو غريب [12] | |
السعودية | ما زال الاحتجاز التعسفي، وتعرض المحتجزين لسوء المعاملة والتعذيب، والقيود المفروضة على حرية الانتقال، وغياب المحاسبة على المستوى الرسمي، من الأمور التي تبعث على القلق الشديد [13]. | |
سوريا | في سبتمبر 2002 رحلت الولايات المتحدة قسراً إلى سوريا ماهر عرار الذي يحمل الجنسيتين السورية والكندية وزعم بعد الإفراج عنه أنه تعرض للتعذيب مراراً باستخدام الكابلات وأسلاك الكهرباء على أيدي المحققين السوريين. في تطور إيجابي أفرجت الحكومة في عام 2004 عما يزيد على مائة من السجناء السياسيين الذين لبثوا أمداً طويلاً وراء القضبان و على الرغم من ذلك فإنه لا يزال لسوريا سجل حافل بحالات الاعتقال التعسفي، والتعذيب المنهجي، واحتجاز المشتبه بهم لفترات مطولة، والمحاكمات الشديدة الجور. [14]. | |
تونس | يفتقر القضاء التونسي للاستقلال؛ وكثيراً ما يتجاهل القضاة ادعاءات التعذيب والمخالفات الإجرائية ويقبل الاعترافات المنتزعة بالإكراه كدليل وحيد أو أساسي لإدانة المتهمين. حيث استمر ورود أنباء موثوق بها تفيد باستخدام التعذيب وسوء المعاملة للحصول على إفادات من الأشخاص المشتبه بهم في الحجز. كما يتعرض السجناء المحكوم عليهم لسوء المعاملة بصورة متعمدة. و تعتبر سياسة إيداع بعض السجناء السياسيين رهن الحبس الانفرادي الصارم لفترات مطولة من بين البنود الأشد قسوة الباقية من النظام العقابي القاسي الذي كان معمولاً به في التسعينيات حيث تعتبر هذه السياسة انتهكا للقانون التونسي فضلاً عن المعايير الدولية للعقوبات، ويمكن في بعض الحالات اعتبارها شكلا من أشكال التعذيب [15]. | |
الجزائر | في عام 2004، أدخلت الجزائر تعديلاً على قانون العقوبات بحيث صار يجرّم التعذيب. كما سعت في الوقت نفسه إلى توقيع مذكرة تفاهم مع المملكة المتحدة و التي تقدم بموجبها الجزائر ضمانات دبلوماسية بعدم إساءة معاملة الأشخاص الذين تبعدهم المملكة المتحدة إليها. لكن المنظمة تعتبر توقيع الحكومة الجزائرية لمذكرة تفاهمٍ من هذا النوع، بأنه بالواقع اعتراف ضمني من قبل الحكومة بأن قيامها بتعديل القوانين الوطنية ومصادقتها على الاتفاقيات الدولية لا يمثلان ضمانةً كافية لعدم ممارستها التعذيب [16]. | |
البحرين | في 2004 قامت "اللجنة الوطنية البحرينية للشهداء وضحايا التعذيب" بتوزيع عريضة قدمتها للملك حمد بن عيسى آل خليفة، قيل إنها تحمل 33000 توقيع، وتطلب منه إلغاء المرسوم 56، وتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في ادعاءات التعذيب على يد مسؤولي الأمن. و بحسب المنظمة فإن هذا المرسوم يضفي حصانة فعلية على المسؤولين الحكوميين الحاليين والسابقين الذين زُعم تورطهم في التعذيب وغيره من الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان، مما يحول دون التحقيق معهم أو تقديمهم للمحاكم [17]. | |
الأردن | تحدث عددٌ من الأردنيين إلى منظمة مراقبة حقوق الإنسان عن التعذيب الذي تعرضوا له، أو كانوا شهوداًَ عليه، على يد مديرية المخابرات العامة. وبموجب القانون الأردني، تستطيع قوات الأمن احتجاز من يشتبه بارتكابهم جرائم واقعة ضمن اختصاص محكمة أمن الدولة، وذلك لسبعة أيام من دون توجيه تهمة لهم ومن غير السماح للمحتجز بالاتصال بمحاميه. وفي جميع الحالات التي حققت فيها هيومن رايتس ووتش تقريباً، كان التعذيب يحدث في هذه الأيام السبعة الأولى من الاحتجاز [18] | |
الكويت | من القضايا الرئيسية الباعثة على القلق التمييز ضد المرأة في التصويت، والزواج، والجنسية؛ وحالات "المختفين" الذين لم يُستَدل على مصيرهم بعد؛ والمحاكمات الجائرة والاعتقال التعسفي؛ والعدد الكبير من الجرائم التي يُعاقَب عليها بالإعدام؛ والانتهاكات التي يتعرض لها المعتقلون؛ وشتى ضروب الانتهاكات التي يقاسيها "البدون"؛ والقيود التي تكبل حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات والانتماء إليها[19]. | |
ليبيا | القمع الداخلي لا يزال شديداً؛ والقانون الليبي يحظر الأحزاب السياسية والجمعيات ووسائل الإعلام المستقلة؛ ولا يزال التعذيب متفشياً، والمئات من السجناء السياسيين يقبعون وراء القضبان [20]. | |
عُمان | ذكر الناشط والكاتب عبد الله الريامي ما وصفه بالاستخدام المفرط للقوة من قبل الشرطة العمانية ضد ما وصفه الشهود لمنظمة هيومن رايتس ووتش بأنه مظاهرة سلمية تحتج على إصدار الأحكام بحق العباديين (المذهب العبادي) [21]. | |
قطر | يتعرض المهاجرون، ومن بينهم أعداد كبيرة من النساء اللائي يعملن خادمات في المنازل، للتخويف والعنف على أيدي أرباب العمل والمشرفين والكفلاء وأفراد الشرطة والأمن. وخوفاً من العنف أو التهديد به، يحجم العاملون في كثير من الأحيان عن المطالبة بأجورهم المستحقة، أو الاحتجاج على سوء ظروفهم، أو التماس سبل الإنصاف والتعويض القانوني عما حاق بهم من الانتهاكات [22]. | |
الإمارات العربية المتحدة | قالت هيومن رايتس ووتش في 29 مارس 2006 أن على حكومة دولة الإمارات القيام بخطواتٍ عاجلة لإنهاء الممارسات التعسفية بحق العمال والتي أدت إلى إطلاق شرارة الاضطرابات الأخيرة في صفوف العمال الوافدين في دبي [23]. | |
فلسطين | يستخدم التعذيب في معظم المرافق الأمنية تقريبا. إذ بالرغم من تعداد هذه الأجهزة تبعا لاختلاف مسؤلياتها ألا أن رؤساءها اجمعوا على ضرورة استخدام التعذيب كوسيلة للتعامل مع شتى أنواع المخالفات التي ليس بالضرورة لها علاقة بمهمة ذلك الجهاز الأمني [24]. | |
اسرائيل | اصدرت المحكمة العليا اليهودية قراراً في 6 سبتمبر 1999 يحرم عدداً من أساليب التعذيب، ولكن من دون أن يحرم التعذيب كلياً بل ان قرار المحكمة يسمح للكنيست بسن قوانين تمنح مسؤولي الاستخبارات صلاحية ممارسة هذه الاساليب. وقد اعتبرت المحكمة ان «المصاعب الامنية التي تواجهها إسرائيل» شديدة بما يكفي لمنح الأجهزة الاستخباراتية صلاحية اللجوء إلى التعذيب. حيث يحظى افراد الجيش والشرطة الإسرائيلية بدعم غير مشروط من النظام القضائي مما يعزز من شعورهم بالحصانة في ما يتعلق بما يتبعون من ممارسات في السجون. فقد تبين للجنة العامة المناهضة للتعذيب في إسرائيل ان المدعي العام الإسرائيلي قد صادق على كل حالات التعذيب، على اعتبار انها ضرورة امنية. كما رفضت المحكمة العليا جملة وتفصيلاً ما مجموعه 124 التماساً قدمتها اللجنة المناهضة للتعذيب ضد حرمان الأسرى من تلقي مساندة قضائية. بالإضافة إلى العديد من الشهادات الحية التي قدمها سجناء فلسطينيون سابقون عن تلذّذ السجانين اليهود بما يقومون به من تعذيب لأسراهم ومع ذلك فحكومة اليهود تواصل إنكار ممارسة التعذيب في سجونها و تدعي بأنها تتبع اعلى المعايير الاخلاقية [25] |
في 20 سبتمبر 1996 قامت وزارة الدفاع الأمريكية برفع السرية عن 7 مجلدات منهجية كانت تدرس في مؤسسة العالم الغربي الأمنية Western Hemisphere Institute for Security Cooperation من 1987 إلى 1991 [26]، يوجد في المجلدات المذكورة تفاصيل دقيقة عن استعمال اساليب "عنيفة" لغرض الإستجواب و إنتزاع المعلومات [27] [28] ، ومن الجدير بالذكر إن مؤسسة العالم الغربي الأمنية الواقعة في ولاية جورجيا يعتبر من قبل البعض مدرسة للإغتيالات . في السنوات الأخيرة طفى على السطح مصطلح جديد و خطير الا وهو التعذيب بالإنابة Torture by proxy والتي هي عبارة عن إرسال متهمين غير محاكمين حسب القوانين الأمريكية إلى دول اخرى لغرض الإستجواب وتلك الدول الأخرى ليست ملتزمة باتفاقية مناهضة التعذيب [29]، إستنادا على تصريح من السياسي السويسري والعضو في البرلمان السويسري ديك مارتي Dick Marty في يناير 2006 فإن قرابة 100 شخص قد تم إختطافهم على الأراضي الأوروبية من قبل وكالة المخابرات الأمريكية وتم نقلهم إلى دول اخرى لغرض إستجوابهم عن طريق التعذيب [30] ومن الدول التي تم نقل المختطفين اليها: مصر ، الأردن ، المغرب ، أوزبكستان ، سوريا [31] [32] [33].
على الصعيد الداخلي هناك بعض الحوادث الموثقة حول قيام الشرطة الأمريكية بتعذيب الموقوفين ومنها قيام افراد في شرطة نيويورك بتعذيب والإعتداء الجنسي على ابنير لوويما المهاجر من هايتي في 1997 [34] ، وقيام افراد في شرطة شيكاغو بالتعذيب عن طريق الصعقات الكهربائية في الثمانينيات [35].
بعد احداث 11 سبتمبر 2001 و الحرب على الإرهاب و عملية غزو العراق 2003 طفى إلى السطح تقارير متعددة عن استعمال وكالة المخابرات الأمريكية التعذيب بصورة روتينية وكان أول التقارير مانشرته صحيفة واشنطن بوست في 26 ديسمبر 2002 عن استعمال وسيلة الغمس داخل حوض مائي لحد الأختناق و إزالة كل المؤثرات الحسية للمسجون بوضع عصابة على العين وصم الأذنين في سجن أبو غريب و معتقل جوانتانامو [36] [37] ووصل فضيحة سجن أبو غريب إلى الأهتمام العالمي في 28 ابريل 2004 عندما قدم البرنامج الأمريكي الأخباري 60 دقيقة من على شبكة CBS تقريرا مفصلا عن التعذيب في سجن أبو غريب [38] وفي رد رسمي من الولايات المتحدة دافع رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات الأمريكية اللواء ريتشارد مايرز، عن القواعد التي وضعها الجيش الأمريكي لاستجواب المعتقلين، واصفا إياها بأنها "ملائمة"، ورافضا في الوقت ذاته ما قيل عنها بأنها خرقت اتفاقية معاهدة جنيف للتعامل مع الأسرى [39]. للإطلاع على ملف فضيحة سجن أبو غريب يمكنك قراءة هذا الرابط [40].
في السابق كان هناك إعتقاد شائع بان الشخص القائم بالتعذيب لابد ان يتحلى بصفات عدائية او عنيفة في شخصيته ولكن وبعد الحرب العالمية الثانية جرت العديد من الدراسات الأكاديمية لتحليل ظاهرة الطاعة العمياء لأوامر قد تعتبر لا أخلاقية ففي الستينيات قام العالم النفسي ستانلي ملغرام (1933 - 1984) بإجراء تجربته المشهورة في جامعة يايل و المعروفة باختبار ملغرام [41] في محاولة منه لتفسير ظاهرة التنفيذ الأعمى لعمليات الهولوكوست من قبل الجنود العاديين وبعد ملغرام وفي عام 1971 قام عالم النفس الأمريكي فيليب زمباردو (مواليد صقلية 1933) [42] بإجراء اختبار سجن ستانفورد وإستنتج زمباردو ان الأشخاص العاديين وبمختلف المستويات الاجتماعية و الثقافية معرضون للإنصياع و الطاعة العمياء عندما يتعرضون لنظام أيديولوجي يحظى بدعم اجتماعي ومؤسساتي وقال بان الوضع أو الواقع هو الذي سبب سلوك الأفراد أكثر من أي شيء موروث في شخصياتهم [43].
هناك إحتمالات أخرى واردة في علم النفس لتفسير تحول إنسان بسيط إلى جلاد ومنها [44]:
بالرغم من وجود الجانبين الجسدي والنفسي للتعذيب إلا ان الآثار النفسية تعتبر أكثر اهمية لكونها تبقى مع الشخص لفترة طويلة وتكون لها على الأغلب بصمات مزمنة في العديد من مجالات الحياة [45]. إستنادا إلى أحد الكتب المنهجية لوكالة المخابرات الأمريكية فان عملية التعذيب يؤدي إلى تقهقر الأنسان إلى مراحل بدائية على عدة مستويات منها عدم قدرته على إنتاج اعمال إبداعية عالية المستوى وعدم القدرة على التعامل مع القضايا والمواقف المعقدة او القدرة على مواجهة الأزمات و المواقف المحبطة وعوائق عديدة في تواصل علاقات الشخص مع المحيطين به نتيجة لعامل الشعور بالعار و الخضوع وفقدان الشعور بأهمية الذات وعدم القدرة على تغيير الواقع والخضوع للمتغيرات وإنعدام الأمل بمستقبل مشرق وفقدان الكبرياء وعزة النفس نتيجة لبعض اساليب التعذيب [46].
هناك الكثير من التجارب التي تمت في القرن العشرين على الحيوانات بالإضافة إلى الإنسان وادت إلى نتائج مفادها ان جرعة معينة من الألم الجسدي و النفسي قد يؤثر بصورة ايجابية على قدرات الفرد العقلية و الجسدية لتحفيزه الأدرينالين ولكن هذه الجرعة اذا إستمرت فإن الشخص يدخل إلى منطقة ضبابية من الإدراك ويعرضه إلى قبول اية فكرة حتى إذا كانت منافية للمنطق او مبادئ الشخص وهذه الفترة يستعمل عادة في مايسمى بعملية غسل الدماغ [47] وفي بعض الأحيان يظهر الشخص المتعرض لعملية التعذيب تعاطفا مع جلاده ويعرف هذه الظاهرة النفسية المعقدة Stockholm syndrome بمتلازمة ستوكهولم [48] وفي بعض الأحيان ولفقدان شعور الشخص الذي تعرض للتعذيب بوجوده ككينونة فإنه يلجأ إلى تعذيب نفسه او إلحاق الأذى الجسدي بنفسه كمحاولة لإثبات انه لازال موجودا [49].
من الأثار النفسية الشائعة للتعذيب بعد إنقضاء فترة التعذيب هي الأرق و القلق وإنعدام القدرة على التركيز والكوابيس او ومضات من التذكر الدقيق لتفاصيل التعذيب بالصوت و الصورة وقد يتطور الأمر إلى صعوبات في الذاكرة والقدرة الجنسية والعلاقات الاجتماعية والخوف او الرهاب و الوسوسة والهلوسة والكآبة [50]. من أشهر الأمراض النفسية التي قد يكون الشخص المتعرض للتعذيب عرضة لها هو post-traumatic stress disorder مرض توتر مابعد الصدمة [51] .
هناك 4 معاهدات تمت صياغتها في جنيف ، ثاني أكبر مدن سويسرا وحددت المقاييس العالية للقوانين الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان ، هذه الإتفاقيات عبارة عن منظومة كاملة من الأدوات القانونية الواقية التي تعالج سبل خوض الحروب وحماية الأفراد وهي تحمي بالأخص الأشخاص الذين لا يشاركون في القتال كالمدنيين وأفراد الوحدات الطبية والدينية وعمال الإغاثة والأشخاص الذين أصبحوا عاجزين عن القتال كالجرحى والمرضى والجنود الغرقى وأسرى الحرب [56]. :
هناك قانونين متعلقين بحماية أرواح الأفراد وصحتهم وكرامتهم، وهما القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان تهدف كلا المجموعتين من القوانين إلى حماية الحياة الإنسانية وحظر التعذيب أو المعاملة القاسية وكفالة الحقوق الأساسية للأشخاص الخاضعين لإجراءات قضائية جنائية، كما تضم كل منهما أحكاماً تكفل حماية النساء والأطفال وأخرى تعالج جوانب من الحق في الغذاء والصحة [61].
يتسائل العديد حول جدوى التوقيع على هذه الإتفاقيات و المعاهدات و معارضي هذه الاتفاقيات ينتقصون من قيمتها وينكرون جدواها استنادا على قدم عهدها وعدم ارتباطها بما يحدث بالفعل في ميادين الحروب من تجاهل تام لاية قواعد وعدم احترام لأية معاهدات. ويستند التيار المقتنع بعدم جدوى هذه المعاهدات بعدة امثلة منها الاسلوب الذي اتبعه الجنود الصرب بقيامهم بتنفيذ مجزرة ضد المدنيين المنحدرين من اصل الباني في حملتهم ضد المقاتلين من عناصر جيش تحرير كوسوفو و المذابح التي وقعت في رواندا او تلك الحروب التي تلتها في افريقيا او معسكرات الاعتقال المرعبة في أبو غريب و جوانتانامو [62] .