→ باب النهي عن البدع ومحدثات الأمور | رياض الصالحين باب من سن سنة حسنة أو سيئة المؤلف: يحيى النووي |
باب الدلالة على خير والدعاء إلى هدى أو ضلالة ← |
باب من سن سنة حسنة أو سيئة
قال اللَّه تعالى (الفرقان 24): {والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين، واجعلنا للمتقين إماماً}.
وقال تعالى (الأنبياء 73): {وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا}.
171 - وعن أبي عمرو، جرير بن عبد اللَّه رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ قال: كنا في صدر النهار عند رَسُول اللَّهِ ﷺ فجاءه قوم عراة مجتابي النمار أو العباء متقلدي السيوف، عامتهم من مضر بل كلـهم من مضر، فتمعر وجه رَسُول اللَّهِ ﷺ لما رأى بهم من الفاقة، فدخل ثم خرج فأمر بلالاً فأذن وأقام فصلى ثم خطب فقال: {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة} إلى آخر الآية {إن اللَّه كان عليكم رقيباً} (النساء 1) والآية التي في آخر الحشر {يا أيها الذين آمنوا اتقوا اللَّه، ولتنظر نفس ما قدمت لغد} تصدق رجل من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع بره، من صاع تمره حتى قال: (ولو بشق تمرة) فجاء رجل من الأنصار بصرة كادت كفه تعجز عنها بل قد عجزت، ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب حتى رأيت وجه رَسُول اللَّهِ ﷺ يتهلل كأنه مذهبة. فقال رَسُول اللَّهِ ﷺ : (من سن في الإسلام سنة حسنة فلـه أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
قولـه (مجتابي النمار) هو بالجيم وبعد الألف باء موحدة.
(النمار) جمع نمرة وهي كساء من صوف مخطط.
ومعنى (مجتابيها): لابسيها قد خرقوها في رؤوسهم.
والجوب: القطع، ومنه قول اللَّه تعالى (الفجر 9): {وثمود الذين جابوا الصخر بالواد} : أي نحتوه وقطعوه.
وقولـه (تمعر) هو بالعين المهملة: أي تغير.
وقولـه (رأيت كومين) بفتح الكاف وضمها، أي: صبرتين.
وقولـه (كأنه مذهبة) هو بالذال المعجمة وفتح الـهاء والباء الموحدة.
قالـه القاضي عياض وغيره.
وصحفه بعضهم فقال: (مدهنة) بدال مهملة وضم الـهاء وبالنون، وكذا ضبطه الحميدي، والصحيح المشهور هو الأول.
والمراد به على الوجهين: الصفاء والاستنارة.
172 - وعن ابن مسعود رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ أن النبي ﷺ قال: (ليس من نفس تقتل ظلماً إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها لأنه كان أول من سن القتل) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.